Suzi Fadel Nassif: "تُظهر اللوحة جوهر الأمّ في حياة الفرد وتشير إلى أنّ الأمهات هنّ أعظم هدية من بين كلّ الهدايا التي تقدّمها الحياة"

التصوير: Maximilian Gower
بالنسبة إلى Suzi Fadel Nassif، تخبر كلّ لوحة حكاية أشخاص وأزمان، وتصوّر ولادة فصل جديد لا مثيل له. إنّها فنانة لبنانيّة معاصرة مقيمة في دبي، تتّسم أعمالها بلمسة من السرياليّة التي تفضّلها ببساطة لأنّها فنّ نشأ في الوقت الحاضر، وإنّما بمزيج مثالي من الخيال والأفكار والأحلام والواقع. وهي ترى أنّ الفنّ نتيجة سحريّة لمشاعرها وعواطفها وخبراتها ومعتقداتها. حيث لديها إيمان راسخ بأنّ "الفنّ لغة الروح". إنّه نتيجة جماعيّة لما تستوعبه عن وعي وعن غير وعي على أساس يوميّ وباستخدام حواسها كلّها. كذلك، فإنّها تستلهم من "برامج الواقع الخاصّة بنا" التي نختبرها في حياتنا اليوميّة، إن تمثّل ذلك في قراءتها المقالات أو مشاهدتها الأفلام أو استماعها إلى الخطابات أو المحادثات الاعتياجيّة مع الآخرين أو حتى مع نفسها. وباعتبارها فنّانة، أحياناً ما تصوّر ذلك على شكل وجه أو شخصيّة أو باستخدام لون معيّن لإنشاء قطعة سرياليّة بناءً على هذا الواقع! إنّه تمثيل مرئي يتجلّى بالنسبة إليها على شكل تنوير ثم يظهر لاحقاً في لوحاتها؛ إنّه ببساطة بمثابة اعتراف! دعينا نكتشف قصة العمل الفني الجميل الذي جسّدته لهذا التعاون.

ولادة جديدة أيضاً لهويّتك كامرأة 

"كيف يشعر المرء بعد اختبار إحدى العجائب؟ إنّه يحسّ بالسحر، أليس كذلك؟ نعم، إنّ الحمل سحري وعجائبي ومحبط، وعند التفكير في ذلك، يتّضح أنّه الوصف المثالي لتلك الكلمة العظيمة: الأمومة". تخبرنا الفنّانة اللبنانيّة قبل أن تضيف: "الأمومة ليست فترة تمتدّ على تسعة أشهر؛ بل إنّها مسيرة تدوم مدى الحياة. وقد حصلت تجربتي الشخصيّة في سنّ مبكرة، حيث أوشكت على تجاوز سنّ الطفولة وعلى أن أصبح أمّاً. لكنّك لا تختبرين ولادة طفل فحسب، بل ولادة جديدة أيضاً لهويّتك كامرأة، وليس كفتاة. حيث أنّ الإنجاب والولادة يجعلاننا ندرك جوهر الخلق. وعلى حدّ قول أوشو، جسّدت اللحظة التي حملت فيها طفلي للمرّة الأولى، اللحظة التي ولدت فيها من جديد. إذ لم تكن الأمّ موجودة مِن قبل، بل كانت المرأة التي فيّ موجودة لكن الأم فلا، والأم شخص جديد تماماً". وتجد Suzi أنّ الأمومة تولّد المشاعر العميقة، حتى أنّها شعور فطريّ يغيّر الحياة ويُعيد تحديد الهدف منها.

رسالة حياة وحب
في عمل Fadel Nassif Suzi الفنّي، نرى امرأة جميلة ترتدي ثمرة رمان حمراء. لماذا الرّمان؟ تشرح لنا: "في الكثير من الأساطير، وخصوصاً اليونانيّة منها، تعتبر هذه الفاكهة رمزاً للخصوبة والحياة الأبدية والبعث، وقد ارتبطت بعبادة ثلاث آلهة رئيسة، ألا وهنّ: هيرا زوجة زيوس؛ وأفروديت إلهة الحب؛ وديميتر إلهة الزراعة وانبعاث الطبيعة". ويتوسّط اللوحة رسم قلب ذهبي كبير يحمل القلب الفعلي للأمّ المرتبط بالجنين، ممّا يمثّل جوهر العمل حيث يتجلّى الاتّحاد. وحيث تقول الأم لطفلها: أنت قلبي وروحي وكياني كله! وتوضح الفنّانة: "إنّ قلب الأم هو تحفة الله المقدّسة. لذا رسمت رمز اللانهاية حول عنقها كرمزٍ إلى الحب اللامتناهي غير المشروط، وفي توحيد لرحلاتهما عبر الحياة معاً! كما يمثّل القلب القدرة على التسامح، والحب الذي يرشدهما للمضي قدماً بهدف مواصلة التعلّم من بعضهما البعض والتشبّث بالتجارب المشتركة، الجيدة منها والسيئة ". هذا وتم تصوير المرأة في اللوحة على أنّها القوة التي تصمد أمام مصاعب هذه المسيرة. وتضيف Suzi: "هي التي تحمل حياة صغارها في عينيها بحب مطلق مبني على التضحية. وتحتضن القلب من كلا الجانبَين من الأسفل يدان كبيرتان ويحميه جناحان مجرّدان من الأعلى، لأن الأمّ هي ملاك الله على الأرض". 

العناق العاطفي وإبراز الخصوبة

ويحمل التأثير الكلي للوحة الضوء والظلام والمشاعر العميقة والقوة التي لا مثيل لها ورسالة حياة وحب لا يمكن مقارنتهما بأيّ شيء آخر. وتعلن Suzi Fadel Nassif : "هذه الفكرة هي التي ترتقي بعالمنا وتسمح له بالدوران والوجود". وتوضح أنّ هذه اللوحة تجسّد مفهومين أساسيين هما العناق العاطفي وإبراز الخصوبة. فتقول لنا: " يحمل العمل الفنّي رسالة واضحة ومهمة لمشاهديه. إذ يصوّر روحين بقلب واحد، ألا وهما الأم والطفل. ويكمن حب الأم اللامحدود لطفلها في لون الخلفيّة الذي يصوّر ظلام حياتهما وسطوعها. أمّا الأيدي الخشنة القويّة فترمز إلى التضحية والحماية والعناق. ويمكن رؤية التعبير العميق عن المشاعر على وجهها بدمعة ذهبيّة تمثل سخاء الربيع والحضور الدافئ للحب وإلهة الجمال والخصوبة والفرح والعذاب. وبذلك، تُظهر اللوحة تماماً جوهر الأم في حياة الفرد وتشير إلى أنّ الأمهات هنّ أعظم هدية من بين كلّ الهدايا التي تقدّمها الحياة".
وفي حال تتساءلين كيف أسهم اختيار الألوان في تفسير رؤيتها؟ فتردّ بلآتي: "تصوّر الزخارف السميكة والثقيلة على القماش الرحلة الصعبة للأم منذ الثانية التي تحمل فيها حتى الولادة الجديدة. وبالمقابل، تحيي الأشكال والألوان الغامضة مباهج هذه الرحلة السحريّة. وتنتقل رسائل العمل الفنّي في لوحة ألوان تتحدّث وتتفاعل بشكل مباشر مع التفسيرات العاطفيّة للمشاهدين للتباينات المرئيّة. ونلاحظ أنّ الأحمر هو اللون السائد الذي يؤكد على الحب والألم والتفاني الأبدي، وكذلك فإنّ الذهبي لون النجاح والإنجازات والانتصارات والاستنارة؛ أي "الألوهيّة"! وتعكس الأشكال المعينة تطوّر الروح ونموها، في رمز للتغيير والتبلور". وتختم: " تتجسّد رؤيتي لهذه اللوحة من خلال الطفل والابنة والأم الموجودين في داخلي، فقد وحّدوا قواهم مع الفنّانة التي أنا عليها لتصوير مفهوم الأمومة المقدّس".

اقرئي أيضاً: Zena Assi: يستكشف هذا العمل الموضوعات المتداخلة للأمومة والخطر، والموت والصمود، والأمل والقلق

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث