التصوير: Nadezhda Golovachevskaya
انطلقت حياتها المهنيّة في أواخر العام 2009 حين بدأت العمل مع مصمّمين عالميّين على ثلاثة فنادق في وسط المدينة. وكانت شيخة السليطي في حينها متخرّجة حديثاً، فشكّل ذلك بالنسبة إليها تجربة تعليمية جديدة تضمّنت الكثير من الاجتماعات في أوقات متأخّرة والمراجعات لمواد العمل واجتماعات التنسيق مع المقاولين وزيارات التفتيش في المواقع، جعلت منها المصمّمة التي أضحت عليها اليوم! وتعمل المصمّمة القطريّة منذ أكثر من عقد من الزمن لدى شركة "مشيرب العقارية" وتشغل حاليّاً منصب مديرة التصميم الداخلي. ومهما كانت مسيرتها شاقّة إلّا أنّها ستبقى ممتنة لها مدى الحياة. فلنتعمّق في هذه السطور في عالم المصمّمة الرائدة ونتعرّف أكثر على آرائها المتعلّقة بساحة التصميم الداخلي في المنطقة ومواضيع أخرى ذات صلة.
اقرئي أيضاً: Nahla Biyari: لا تتكلّمي سلباً مع نفسك وتتفاجئي حينما يقوم أطفالك بالمثل
كيف يساهم التصميم الداخلي برأيك في زيادة الإيجابيّة في حياة الإنسان؟ وهل أثّرت برأيك جائحة كورونا على قواعد التصميم؟
يحيط التصميم الداخلي بنا في كلّ مكان. فكلّ مبنى ندخل إليه تمّ تصميمه إلى حدّ ما. ويشمل التصميم الداخلي الجيّد عوامل كثيرة تساهم في جعله ناجحاً، على غرار فهم الغرض من استخدام المكان المزعم تصميمه ومعرفة من سيستخدمه ثمّ تطوير تصميم يناسب الشخص الذي سيستخدم ذلك المكان. كما أنّ التخطيط المكاني الجيّد واختيار المواد والمواصفات وتنفيذ التصميم، كلّها عوامل مهمّة يجب أخذها بعين الاعتبار. وعلى الصعيد الشخصي، لقد ساعدتني جائحة كورونا لآخذ بعض الوقت وأصبح أكثر إبداعاً. لقد صمّمت بعض قطع الأثاث والإنارة ونفذّت بعضاً منها. فنحن نعتبر الوقت أمراً مسلماً به، وكان هناك فائض من الوقت، بخاصةٍ مع بداية انتشار الوباء، استغلّيته للاستناد على شغفي وصنع الجمال من رحم المعاناة التي واجهناها جميعنا. لكن لسوء الحظ، لا تقع كلّ الأمور تحت سيطرتنا، وحصل تأخّر كبير في الكثير من المشاريع. إنّما كلّ ما يمكننا فعله في هذه الحالات هو بذل أفضل ما بوسعنا والمضي قدماً.
عندما تعملين على تصميم معيّن، ما هي القواعد والعادات الشخصيّة التي تأخذينها بالاعتبار؟
إنّ أوّل ما آخذه بعين الاعتبار عندما أعمل على مشروع ما، هو الموقع الجغرافي وهندسة المكان. فأهم شيء هو أن يساهم أسلوب التصميم الداخلي في تعزيز الهندسة المعمارية وليس أن يطغى عليها. ويُعتبَر توجّه المبنى، وكيفية دخول الضوء الطبيعي إليه وكيفية استغلال ذلك لصالحك، من العوامل المهمّة التي يجب أخذها في الحسبان. لكن في نهاية المطاف، سيكون للمواد المستخدمة وللوحة الألوان التأثير الأكبر. وعادةً ما أستوحي من قطعة فنّيّة أو قطعة أثاث مميّزة وأعمل على اختيار الأثاث والمواد التي ستُبرزها.
أين تجدين نفسك تميلين أكثر؟ هل إلى التصميم الحديث أو إلى التقليدي؟ وكيف برأيك يمكنهما التماهي سويّةً عند الحاجة؟
أنا من أشدّ المعجبين بالتصميم المعاصر ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى أنّه أسلوب التصميم الذي رسم تجربتي. فمع التصميم المعاصر، يمكن دائماً مزج بعض اللمسات المتنوعة أو الكلاسيكيّة لتعكس الجوّ الذي يجب خلقه. وهذا ما أحبّه في الأسلوب المعاصر، ألا وهو أنّه يمكن أن ينجح وحده، لكنّه ينجح أيضاً مع مزج أنواع أخرى من التصاميم.
كيف تقيّمين تطوّر ساحة التصميم والفنّ في الخليج العربي وفي قطر خصوصاً؟ وكيف يؤدّي هذا التطوّر برأيك إلى تقريب المجتمعات من بعضها البعض؟
تتأثر ساحة التصميم الداخلي في المنطقة على نحو كبير بالثقافة، وبالتالي تتمتّع بخصوصيّة كبيرة. وفي قطر على وجه التحديد، تشهد ساحة التصميم الداخلي ازدهاراً هائلاً ولحسن الحظ أنّها باتت تحدّد نمط الكثير من المعالم المعماريّة الجديدة كما المساحات الداخليّة. وما يمنحها هذه الخصوصيّة هو أنّنا نعيش عصر نهضة، بحيث تقوم طبيعتنا بتحديد أسلوب التصميم الداخلي وهو مستوحى منها، وتُنفّذ المباني التقليدية وأنماط النقش بطريقة معاصرة عبر اعتماد أشكال فاخرة وتكنولوجيا حديثة. ويجذب هذا الأسلوب الشباب والكبار والزائرين الأجانب على حدّ سواء بفعل أنّ هذه التجربة المبتكَرة فريدة من نوعها في المنطقة. إنّها لفترة شيّقة للغاية بالنسبة إلى المصمّمين والمبدعين الناشئين.
في ظلّ كلّ التغييرات التي تحدث في جميع أنحاء العالم، ما التّحديات الجديدة التي تواجه المرأة وما هي برأيك أفضل طريقة للتغلّب عليها؟
من خلال تجربتي الشخصيّة، شكّل العمل في مواقع البناء والمشاركة في زيارات التفتيش في المصانع جزءاً ضرورياً من تطوّري المهني. لكنّه لسوء الحظ في مجتمعنا يثير ذلك الامتعاض في بعض الأحيان أو لا يتم التشجيع على فعله في أحيان أخرى. وأعتقد أنّه من الضروري فهم طريقة تنفيذ التفاصيل في موقع البناء لأنّ ذلك حتماً يساعدنا على التحسّن كمصمّمين. ولحسن حظّي أنّ عائلتي لطالما كانت تدعم ما أقوم به.
كيف تساهمين على المستوى الشخصي في دعم مجتمعك وتمكين نسائه ونشر رسالة أمل في هذه الأوقات العصيبة؟
أنا محظوظة لأنّني أعمل في بيئة تدعم المواهب المحليّة والإقليميّة. ومع إعلاننا مؤخراً عن "حيّ الدوحة للتصميم" في "مشيرب قلب الدوحة"، نعمل باستمرار على تعزيز المبادرات التي يمكنها أن تُشرك المصمّمين في المجتمع. فأحد المشاريع التي تم الإعلان عنها مؤخراً هو التعاون الذي أقمناه مع قسم تصميم الأزياء في جامعة "فرجينيا كومنولث" في قطر، حيث تمّ استخدام عدّة واجهات لعرض مجموعة الأزياء التي صمّمتها دفعة الطلّاب المتخرجين، وعادةً ما كان يتم ذلك خلال عرض الأزياء السنوي الذي كانوا ينظمونه وجرى إلغاؤه منذ انتشار جائحة كورونا. وما يميّز هذا المشروع هو أنّه أفسح المجال أمام التعاون بين مصمّمي غرافيك ومصمّمين داخليّين وطلّاب في تصميم الأزياء لابتداع واجهات عرض باهرة. وسنطلق إن شاء الله مبادرات مماثلة لدعم مجموعة المصمّمين المحليّين والإقليميّين والترويج لها.
بمَ تنصحين المرأة القطريّة والخليجيّة عموماً، بناءً على تجربتك الشخصيّة، لعدم التردّد في تحقيق أحلامها؟
نصيحتي لكلّ امرأة عربيّة هي أن تسعى وراء تحقيق أحلامها وأن تجد دوماً سبلاً لتجاوزالعقبات التي قد تقف في طريقها. وبالنسبة إلي، تمثّل المهندسة الراحلة زها حديد أحد مصادر إلهامي، وجميعنا نعلم كيف صنعت اسماً لها في مجال يهيمن عليه الذكور. فدائماً ما يأتي العمل الشاقّ بثماره.
اقرئي أيضاً: Lena Al Khereji: الصحّة هي التناغم التامّ بين العقل والجسد والروح