قوة الوعي الذاتي مع رولا عاشور

Rola Ashour: "أؤمن بقوة الوعي الذاتي، والمرونة، والتواصل في تحويل حياة الأفراد"

لطالما كانت رولا عاشور مهتمّة بسلوك الإنسان، خاصةً أنّها نشأت في بلدان مختلفة في ظلّ ثقافات ووجهات نظر متنوّعة. وقد أثارت مراقبة كيفية تعامل الناس مع حياتهم، وعلاقاتهم، وتحدياتهم فضولها حول العوامل التي تشكّلنا كأفراد. ومع مرور الوقت، أدركت أنّ الشخص كلّما كان أكثر اتزانًا على الصعيد العاطفي، والعقلي، وحتى الروحي، كلّما حقق نتائج أفضل في حياته. هذا الفهم عمّق اهتمامها بالصحة النفسية وتأثيرها الشديد على قدرة الإنسان على الازدهار. رافقينا في هذه المقابلة حيث نتعرّف إلى رولا عاشور الأخصائيّة والمعالجة النفسيّة المؤسِّسَة المشاركة لمركزACT وهو المركز الأوّل للعلاج النفسي في المملكة العربية السعودية!

  1. هلاّ شاركتنا المزيد عن نفسك وعن الأسباب وراء اهتمامك بالصحة النفسيّة؟

لطالما كنت مهتمة بسلوك الإنسان، خاصةً بعدما نشأت في العديد من البلدان المختلفة وتعرضت لثقافات ووجهات نظر متنوعة. مراقبة كيفية تعامل الناس مع حياتهم، وعلاقاتهم، وتحدياتهم، أثارت فضولي حول العوامل التي تشكّلنا كأفراد.

ومع مرور الوقت، أدركت أن الشخص كلما كان أكثر اتزانًا—عاطفيًا، وعقليًا، وحتى روحيًا— كلما تحققت لديه نتائج أفضل في حياته. هذا الفهم عمّق اهتمامي بالصحة النفسية وتأثيرها الشديد على قدرة الإنسان على الازدهار.

جذبني هذا المجال لأنني أؤمن بقوة الوعي الذاتي، والمرونة، والتواصل في تحويل حياة الأفراد. مساعدة الناس على فهم أنفسهم، وبناء علاقات صحية، وإيجاد توازنهم الداخلي، دائمًا ما شعرت بأنه عمل ذو معنى بالنسبة لي. شعور رائع أن تكون جزءًا من رحلة شخص نحو الشفاء والنمو، مع العلم أن التغييرات الصغيرة يمكن أن تقود إلى مستقبل أفضل وأكثر استقرارًا.

  1. ما هي الخدمات التي تقدّمونها في مركز ACT وهو أوّل مركز للعلاج النفسي في المملكة العربية السعودية وكيف تساهمون في مساندة المجتمع وتمكينه من خلال خدماتكم؟

في مركز "أكت"، نقدم خدمات شاملة تستهدف جميع الأعمار والخلفيات، مع التزامنا المستمر بالتميز وتطوير جودة خدماتنا. نحن فخورون بكوننا أول مركز نفسي في المملكة، ونعمل على أن نكون في طليعة الابتكار والرعاية النفسية. تشمل خدماتنا مجموعة متنوعة من الجوانب العلاجية التي تلبي احتياجات الأفراد والعائلات، منها العلاج النفسي الفردي للبالغين والمراهقين والأطفال باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية، إلى جانب العلاج النفسي الجنسي، والاستشارات النفسية والعلاجية للأزواج والمقبلين على الزواج والأسر. كما نقدم خدمات التقييم النفسي والتقييمات العصبية النمائية، بالإضافة إلى مجموعات الدعم والعلاج لاضطرابات الأكل. نسعى لتعزيز الإبداع والتعبير من خلال العلاج بالفن، ونوفر جلسات وورش تدريبية للآباء وورش عمل لتطوير الذات، وبرامج العافية النفسية المصممة خصيصًا للشركات، وبرامج تدريبية للمعلمين وأخصائيين التعليم. وفي إطار دعم النمو والتطور، نقدم علاج النطق واللغة لجميع الأعمار باللغات الإنجليزية والعربية والأردية، إلى جانب خدمات التدخل المبكر للأطفال وأنواع أخرى من العلاجات المخصصة. رؤيتنا هي تقديم أفضل رعاية نفسية تساعد مجتمعاتنا على الازدهار.

نحن نفتخر بأن أولويتنا الأولى هي مساعدة عملائنا ودعمهم في رحلتهم نحو الشفاء والنمو. نؤمن بأهمية توفير بيئة آمنة يشعر فيها الجميع بالتقدير والرعاية. ونظرًا لتفهمنا للتحديات المالية التي قد تواجه بعض العملاء، فإننا نسعى جاهدين لجعل خدماتنا متاحة للجميع، حيث نقدم خصومات وخدمات مجانية للعملاء الذين هم في حاجة ماسة إلى الدعم.

  1. هل هناك من مشاريع أو مبادرات معيّنة في المركز ترغبين بمشاركتنا المزيد عنها؟

في السنوات القادمة، لدينا خطط مهمة لتوسيع نطاق وتأثير مركزنا. أحد أهدافنا الرئيسية هو فتح فروع إضافية في مدن مختلفة في المملكة العربية السعودية، مما يتيح للمزيد من الأفراد الوصول إلى خدماتنا في مناطق متعددة.

بالإضافة إلى ذلك، نحن متحمسون لاستقدام فريق DBT MENA إلى المملكة لتقديم أول تدريب مهني في العلاج الجدلي السلوكي (DBT) للمتخصصين في السعودية. ستكون هذه خطوة هامة نحو تجهيز المتخصصين المحليين بالمهارات اللازمة لدعم الأفراد الذين يواجهون تحديات عاطفية وسلوكية.

مبادرة أخرى نعمل عليها هي إنشاء مأوى للنساء، من خلال تقديم مساحة آمنة لدعم ورعاية النساء في حاجة إلى المساعدة. فنحن ملتزمون بإحداث فارق إيجابي في حياة النساء المحتاجات.

كما أننا نعمل على تطوير تطبيقات موبايل مبتكرة في مجال الصحة النفسية، مما يسهل على الأفراد الوصول إلى الأدوات والدعم العلاجي أينما كانوا. علاوة على ذلك، نهدف إلى تأسيس مركزنا كأحد المراكز المعترف بها للتدريب في مجال الصحة النفسية، من خلال تقديم برامج تعليمية لتمكين المحترفين في هذا المجال.

وأخيرًا، نحن نعمل على توسيع خدماتنا عبر الإنترنت، بهدف توفير الدعم النفسي عبر المنصات الرقمية. سيتيح لنا ذلك الوصول إلى المزيد من الأفراد، بغض النظر عن موقعهم، وتوفير الموارد النفسية التي يحتاجون إليها. تعكس هذه الخطط التزامنا العميق بجعل خدمات الصحة النفسية أكثر وصولًا وشمولية وفعالية للجميع.

  1. ما هو تصوّرك الشخصي لكون الشخص يتمتّع بصحة عقليّة سليمة؟ وما هي الحدود بين أن يكون الشخص بحاجة لجلسات علاجيّة حواريّة أو الاستعانة بعلاجات من خلال تناول الأدوية؟

الصحة العقلية السليمة تتعدى مجرد غياب اضطرابات أو أمراض نفسية، بعكس ما يظنه معظم الناس. الصحة العقلية السليمة تعني إدراك كيفية التعامل مع الضغوطات اليومية بشكل صحي وسليم، بدون أن يؤثر بشكل مفرط على المهام اليومية ول علاقات الشخصية. تعني أيضاً الوعي بالذات وفهم وتسمية المشاعر، وفهم السلوكيات والأفكار. تعني أيضاً القدرة على بناء علاقات مبنية على الإحترام والتفاهم والحدود الشخصية. تعني أيضاً القدرة على اتخاذ القرارات في الأوان الصحيح وتقبل وتحمل النتائج. الصحة العقلية السليمة لا تعني غياب المشاكل، بل تكمن في الطريقة الصحية في التعامل معها ومواجهتها.

موضوع الحدود بين الحاجة إلى الجلسات العلاجية الحوارية أو اللجوء إلى العلاج الدوائي يعتمد على عدة عوامل تحدد من قبل أخصائي نفسي أو طبيب نفسي. أولاً، تكون الجلسات العلاجية الحوارية مناسبة للتحديات المتعلقة بالتفكير، المشاعر، أو السلوكيات، مثل الاكتئاب الخفيف أو المتوسط، القلق، أو مشاكل العلاقات. الهدف من الجلسات هو زيادة الوعي بالنفس وتوفير فهم أعمق لها، مع تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع التحديات.

أما العلاج الدوائي، فينصح به عندما تكون الأعراض شديدة أو تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الشخص وقدرته على أداء مهامه اليومية. مثل حالات الاكتئاب الحاد، القلق الشديد، أو اضطراب ما بعد الصدمة. كما يُنصح به في الحالات النفسية التي تتطلب استقرارًا كيميائيًا في الدماغ، مثل اضطراب ثنائي القطب أو الفصام.

في كثير من الحالات، يكون الجمع بين الجلسات العلاجية الحوارية والعلاج الدوائي هو الخيار الأمثل، خاصة إذا كانت الأدوية تساعد في تقليل الأعراض الحادة، مما يمكّن الشخص من الاستفادة بشكل أفضل من الجلسات العلاجية. في النهاية، يعتمد القرار على احتياجات الفرد وأعراضه، مع مراعاة حالته الصحية العامة وتوصيات المتخصصين.

  1. ما هي برأيك الطرق الأفضل للأسر لمواجهة المواقف الصعبة الخارجة عن سيطرتها؟

في رأيي، أفضل الطرق التي يمكن أن تساعد الأسر في لمواجهة المواقف الصعبة التي تكون خارجة عن سيطرتها هي أولاً، تقديم الدعم العاطفي داخل الأسرة. من المهم أن يشعر أفراد الأسرة بأنهم مدعومون من بعضهم البعض، من خلال الاستماع الجيد والمواساة، الذي بالتالي يساعد في تخفيف التوتر والقلق وثقل المشكلة.

ثانيًا، طلب المساعدة من المتخصصين في حال كانت الأسرة بحاجة إلى دعم إضافي. من الضروري اللجوء إلى المعالجين النفسيين أو المستشارين الذين يمكنهم تقديم الإرشاد والمساعدة في التعامل مع الأزمات.

أخيرًا، معرفة الحقوق واستخدام الخطوط الساخنة في المملكة مثل رقم مركز بلاغات العنف الأسري ١٩١٩ الذي يتلقى بلاغات العنف والإيذاء داخل نطاق الأسرة ورقم الطوارئ ٩١١. من المهم أن تكون الأسر على دراية بالحقوق التي توفرها الدولة في حالات الطوارئ أو الأزمات كما يجب أن يكون لدى الأسرة معرفة بكيفية التعامل مع حالات الإساءة وكذلك التعرف على الحقوق القانونية والخطوط الساخنة في المملكة.

  1. الحديث السلبي مع الشريك أو مع الأطفال، والتوتر، والمقارنة بالغير وغيرها من العادات يمكن أن تؤثر على الصحة النفسيّة في الأسر، هل يمكنك ذكر بعض الأفعال اليومية الصغيرة في التربية التي يمكن للأب والأمّ اتخاذها لجعل البيئة العائلية مكان أكثر أماناً للأطفال؟

بالتأكيد، يمكن للأب والأم اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة لجعل البيئة العائلية أكثر أمانًا للأطفال وتعزيز صحتهم النفسية. أولًا، من المهم تعزيز التواصل الإيجابي مع الأطفال، بحيث يشعرون أنهم مسموعون ومفهومون. كما يجب تجنب المقارنات مع الآخرين، والتركيز على تعزيز نقاط القوة لدى الأطفال. تقليل التوتر داخل الأسرة أمر أساسي أيضًا، من خلال تقنيات مثل التنفس العميق أو الأنشطة المريحة. علاوة على ذلك، ينبغي للأب والأم تجنب الحديث السلبي عن بعضهما البعض أمام الأطفال، لأن ذلك قد يخلق شعورًا بعدم الأمان لديهم. وأخيرًا، قضاء وقت ممتع مع الأطفال، مثل الألعاب العائلية أو النزهات، يعزز الروابط الأسرية ويجعل البيئة أكثر أمانًا وداعمة للنمو النفسي للأطفال.

بين تلك الإجراءات نذكر:

الدعم العاطفي:

          •         تقديم عناق دافئ

          •         قول “أنا أحبك” بشكل متكرر

          •         الاستماع بدون إصدار أحكام

          •         مدح مجهودهم

          •         تشجيع أحلامهم

التفاعلات اليومية:

          •         الابتسام لهم بحب

          •         قراءة قصة قبل النوم

          •         سؤالهم عن يومهم

          •         إعداد وجبتهم المفضلة

          •         كتابة ملاحظة صغيرة للتشجيع

بناء التواصل:

          •         قضاء 10 دقائق من الوقت الخاص بدون انقطاع

          •         اللعب معاً

          •         التنزه معاً

          •         تعليمهم شيئًا جديدًا

          •         الضحك معاً

تعليم المسؤولية:

          •         إشراكهم في الأعمال المنزلية البسيطة

          •         تعليمهم كيفية توفير المال

          •         إرشادهم في حل مشكلة

          •         ساعدتهم في تحديد هدف صغير

تعزيز الثقة بالنفس:

          •         الاحتفال بإنجازاتهم الكبيرة والصغيرة

          •         تشجيعهم على المحاولة مرة أخرى بعد الفشل

          •         طلب رأيهم في الأمور البسيطة

          •         دعم هواياتهم

          •         السماح لهم باتخاذ قرارات صغير

إقرئي أيضاً: 5 خطوات لتثبيت مشاعرك مع الدكتورة صالحة أفريدي

العلامات: الصحة النفسية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث