البروفيسور فادي ميرزا: "المرأة الواعية بصحتها هي امرأة تمكن نفسها بنفسها"

الإرهاق المستمر، فترة ما قبل انقطاع الطمث، مشاكل الخصوبة، اضطرابات الهرمونات، والاحتياج المتزايد للمكمّلات الغذائية… ما هو تأثير نمط حياتنا والبيئة المحيطة على صحتنا؟ ما الذي يمكننا فعله لنكون أكثر وعياً بأنفسنا وبتأثير أفعالنا وبيئتنا على كياننا؟ هل أنت مدركة لنفسك وكيانك؟ ما مدى معرفتك بمفهوم الصحة والعناية بها؟ وكيف تعرفين أنك تعتنين بصحتك بالشكل الأمثل؟ في هذا العصر السريع، نصبح إمّا أقل وعياً أو مهووسين بصحّتنا الجسديّة والنفسيّة، فما هو السرّ لتحقيق التوازن بين الاثنين؟

في ما يلي، نناقش مع البروفيسور فادي ميرزا، الحاصل على شهادة American Board in Obstetrics and Gynecology & Maternal Fetal Medicine، ورئيس قسم أمراض النساء والتوليد وصحّة المرأة في "دبي الصحية" هذه الأسئلة. البروفيسور ميرزا متخصّص في الحمل والصحة الإنجابية لدى السيدات، ويتعامل مع مجموعة واسعة من الإجراءات الطبية، بما في ذلك فحص السرطان والمشاكل المرتبطة بالحمل، كما يهتمّ بمشاكل الأم والجنين الصحيّة قبل الحمل وأثناءه وبعده بفترة وجيزة.

  1.  كيف تصف المرأة الواعية بصحّتها؟ وماذا يمكن أن تفعل المرأة للعناية بنفسها من دون أن تصبح مهووسة بفكرة المرض؟

المرأة الواعية بصحّتها هي امرأة تمكّن نفسها بنفسها. فهي تجعل من صحّتها أولويّة من خلال اتّخاذ قرارات حكيمة ومدروسة في جميع جوانب حياتها المختلفة مثل التغذية، الرياضة، والمكمّلات الغذائية. ومن المهمّ التأكيد على أنّ التوازن هو المفتاح عندما يتعلّق الأمر بمثل هذه الخيارات. حيث يُعد الاعتدال في الطعام والتمارين الرياضية والمكملات النهج الأمثل، لأنّ الإفراط في أيّ من هذه الأمور أو التقصير فيها قد يؤدي إلى نتائج سلبية. وفي الواقع، قد يلحق الهوس بالنظام الغذائي أو التمارين الرياضية ضرراً بالصحة أكثر ممّا قد يحقق فائدة.

  1. من خلال تجربتك وخبرتك، ما هي أكثر المشاكل الصحية شيوعًا التي تواجهها النساء في السنوات القليلة الماضية؟ وهل هناك فعلاً طريقة للوقاية منها؟

شهدت السنوات الأخيرة انخفاضًا في معدلات الخصوبة على مستوى العالم، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا في تخصصنا. كما أصبحت مشاكل الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب أكثر شيوعاً، بخاصّة خلال فترة الجائحة وما بعدها.

  1.  بينما ينتشر الخوف من السرطان في مجتمعاتنا، وإلى جانب الفحوصات الدورية والاختبارات الطبية، كيف يمكن للنساء (غير المعرّضات أصلاً لخطر الإصابة بالسرطان بسبب عوامل وراثية) الحدّ من التأثيرات السلبية للتلوث البيئي والتوتر على صحتهنّ؟

للحدّ من التأثيرات السلبية للتلوث البيئي والتوتر، يمكن للنساء اتّباع مجموعة من الاستراتيجيات. يُعتبر تناول الطعام الصحي واختيار المنتجات العضوية من الركائز الأساسية، كما يُعدّ الحذر من السموم المعروفة وتجنّبها خطوة حيوية للحفاظ على الصحة. ومن ناحية أخرى، لا يمكن المبالغة في التشديد على أهميّة إدارة التوتر من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والنوم الكافي، وتعزيز العلاقات الصحية، وغيرها من التقنيات الأخرى. وسيساهم اتّباع هذه الممارسات في تعزيز قدرة المرأة على الصمود في مواجهة الضغوطات البيئية والعاطفية.

  1. النساء معتادات على مفهوم انقطاع الطمث، ولكن يبقى مفهوم "ما قبل انقطاع الطمث" غير معروف للكثير منّا. ما الذي نحتاج إلى معرفته حول هذا المفهوم؟ وهل هناك عوامل تجعل علاماته تظهر في وقت مبكر؟

من المهمّ التأكيد على أنّ فترة ما قبل انقطاع الطمث، التي تبدأ غالبًا في الأربعينات، هي حالة طبيعية وفيسيولوجية تشكّل مرحلة انتقالية بين مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وانقطاع الطمث الكامل، والذي يحدث بعد مرور 12 شهرًا متتاليًا من دون دورة شهرية. وكما هو متوقّع، فإنّ هذه الفترة تتميّز بظهور أعراض غير مألوفة لدى المرأة، مثل عدم انتظام الدورة الشهرية، الهبات الحرارية، التعرّق الليلي، تقلبات المزاج، واضطرابات في النوم، وهذه الأعراض تكون ناتجة عن التقلبات في مستويات الهرمونات.

  1.  ما هي العلامات المبكرة التي تجعل المرأة تدرك اختلال التوازن الهرموني؟ وهل لديك بعض النصائح في هذا الصدد؟

تختلف العلامات المبكرة لاختلال التوازن الهرموني من امرأة لأخرى. وأكثر العلامات شيوعًا هي عدم انتظام الدورة الشهرية، ولكن هذا الاختلال قد يظهر أيضًا من خلال تقلّبات المزاج، تغيّرات جلدية، الشعور بالإرهاق، أو تغيّر غير مبرّر في الوزن. من المهمّ جدًا أن تكون المرأة متنبّهة لهذه العلامات وأن تبادر بالتحدث إلى مقدّم الرعاية الصحية. فمن خلال الوعي المبكر بهذه الإشارات واتخاذ خطوات استباقية، تستطيع المرأة التعامل بفعالية أكبر مع اختلالات الهرمونات والحفاظ على صحتها العامّة بشكل أفضل.

  1. لماذا تشعر نساء جيلنا الحالي بالإرهاق وتواجه مشاكل نسائية أكثر مقارنة بجدّاتنا، رغم أنّ نمط حياتهنّ كان أكثر مشقة من الناحية الجسدية؟

هذا سؤال جيّد وملاحظة دقيقة قد تكون بالفعل صحيحة. يمكن تفسير هذا الأمر بعوامل عدّة رئيسة. أولاً، التغيرات في نمط الحياة لها تأثير كبير؛ فأصبحت الكثير من وظائفنا وأنشطتنا اليومية الحديثة أقلّ تطلبًا من الناحية البدنيّة مقارنة بما كانت عليه في وقت جدّاتنا، ممّا أدّى إلى تراجع عام في مستوى النشاط البدني. تعتبر التكنولوجيا أيضاً سلاحاً ذو حدين، حيث أنّ زيادة وقت استخدام الشاشة يسهم في تقليل النشاط الجسدي وتعطيل نمط النوم، ممّا يؤدي إلى الشعور المتزايد بالإرهاق.

علاوة على ذلك، الحياة الحديثة غالبًا ما تتسمّ بزيادة مستويات التوتر، سواء من ناحية الضغوط المالية أو الاجتماعية أو المهنية. ولا يمكننا إغفال دور النظام الغذائي الحديث، الذي يعتمد بشكل كبير على الأطعمة المصنّعة، وهو ما قد يؤدّي إلى اختلالات غذائية ونقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية.

وأخيراً، العوامل البيئية لها دور كبير أيضاً، مع التعرّض المتزايد للملوّثات والسموم البيئية.

  1.  تتساءل الكثير من النساء إذا ما كنّ بحاجة إلى البدء في تناول المكمّلات الغذائية في سن معينة، ما رأيك في هذا الموضوع؟

نصيحتي الشخصية هي تخصيص المكمّلات الغذائية وفقًا للاحتياجات الفردية، حيث "لا يوجد حلّ واحد يناسب الجميع". يختلف قرار بدء تناول المكمّلات الغذائية بين النساء بشكل كبير، ويتوقف غالبًا على الاحتياجات الصحيّة الشخصيّة، العادات الغذائية، والمراحل الحياتية. على سبيل المثال، في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وبعدها، ينبغي أن تكون مكمّلات الكالسيوم والفيتامين د لصحّة العظام من الأولويّات، بينما يجب أن تُعتبر مكمّلات الحديد الخيار الرئيس للمرأة التي تعاني من دورات شهرية غزيرة.

إقرئي أيضاً: الحواس الخمس: الاستفادة الكاملة منها وتطويرها ودورها في التجارب المستقبلية

العلامات: الصحة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث