مدير Swarovski يكشف ركائز نجاحها ومشاريعها في الشرق الأوسط

مع تخطّي علامة سواروفسكي Swarovski لحود الإبداع ووصولها إلى مختلف أقطاب العالم، كان لا بدّ لنا من لقاء مديرها التنفيذيّ ورئيس المجلس التنفيذيّ Robert Buchbauer الذي كشف لنا عن خطط العلامة المستقبليّة وذكرياتها معها وكيفيّة محاكاة التكنولوجيا والعولمة.

أخبرنا عن ذكرياتك الأولى. العائلة موجودة بطبيعة الحال، لكن اختيار المهنة يعود إليك. فما الذي دفعك إلى القيام بهذا الاختيار بخلاف عائلتك؟

في الحقيقة، اختبرتُ أوّل اتصال لي مع الكريستال في خلال طفولتي، حين اصطحبتني جدّتي إلى المستودع يوم الأحد وفتحتُ صندوقاً خشبيّاً كبيراً مليئاً بالكريستالات وبمواد أخرى أرادت إعادة تدويرها. وأذكر أنني كنت بصحبة أولاد عمّي وسمحت جدّتي لكلّ منّا بتناول حفنة ووضعها في جيبه، وبالفعل لعبنا بها كثيراً. لذا أعتبر أوّل اتصال لي مع الكريستال مثل العثور على كنز.

غير أنّ لسان الحال أنّني لم أخطط قطّ إلى بدء العمل داخل الشركة. وصادف أنّني كنت أتقدّم إلى وظيفة جديدة خارج الشركة، في الوقت الذي كان فيه أحد أعمامي عضواً في المجلس التنفيذي السابق ويبحث عن منصب جديد خارج الشركة. وحينها، أخبره والدي أنّني أبحث عن وظيفة وإذ به يخبرني بأنّهم يحاولون العثور على مواهب شابّة. وشاءت الصدف أن أقدّم على تلك الوظيفة وعُيّنت بالفعل.

وبكلّ صراحةً، لم أندم على هذه الخطوة لأنّ الانطباع الأول الذي انتابني في طفولتي عن التألق عاودني في ذلك الوقت، لا بل بات جزءًا من حياتي العاطفيّة لأنّني سرعان ما اكتشفت أنّه جوهر ما نقوم به. ولا أنكر وجود التكنولوجيا التي تحافظ Swarovski عليها بشكل كبير، غير أنّ التأثير الفعلي يكمن في البريق والمنتج والنور والسطوع والذكاء الذي يحرّك العاطفة في الذات، وليس في نفس المستهلكة فحسب إنّما في نفسنا أيضاً، وهذا لأمر جميل بحق. ولربّما هذا هو العنصر الثابت الذي يبقى ويدوم. فصحيح أنّ التكنولوجيا تتطور، وتتطور معها استراتيجيات التسويق والتوزيع والإنتاج، إلّا أنّ النتيجة النهائيّة لا تزال واحدة وهي تلك الكريستالات المتألّقة التي لا تضاهى.

انضممت إلى الدار في العام 2002، أليس كذلك؟

في الواقع، انضممت إليها في وقت أبكر بقليل وأشغر هذا المنصب منذ العام 2001.

ما الذي تعتبره أكثر تغيير جذري قمت به؟

امتدّت قصّة التغيير الخاصّة بي على مدى ثلاث سنوات. ففي بداية مسيرتي المهنيّة في الشركة، كنت مسؤولاً عن التسويق ثم تولّيت مسؤوليّة التسويق لقسم التجارة بالتجزئة وأيضاً لموقعنا الأوّل على الإنترنت. وفي العام 2001، تولّيت المسؤوليّة الكاملة بشأن الزبائن، في الأوّل من سبتمبر من العام 2001 وبعد أحد عشر يوماً بالتحديد، طرأت أحداث 11 سبتمبر. ولا عجب في أنّنا مررنا بوقت عصيب حينها ولم تكن الأعمال التي توليّتها في حالٍ ممتازة. فصحيح أنّ وضعنا كان على ما يرام، إلّا أنّنا لم نشهد نموّاً، بل كانت الأرباح آخذة في التدهور. لذا انتهزت الفرصة وارتأيت أن نقيم برنامج تكلفة ونحاول إعادة الشركة إلى سابق عهدها. واستمرّينا على هذا المنوال لمدّة عامين أعدنا الشركة في خلالها إلى وضعها المربح، ثم راحت الأرباح تتزايد وشهدنا تحوّلات جذريّة. وحين توليّت هذه المسؤوليّة، كان جمهورنا يتألّف بأغلبه من محبّي الجمع ومن عشّاق التماثيل الصغيرة ولم تكن Swarovski معروفة جداً في العالم، لا سيّما كعلامة تجاريّة بل كانت أقرب منها إلى الشركة. ولم يلجأ إلينا سوى قلّة قليلة من الخبراء وبعض عشّاق الكريستال والتماثيل الصغيرة. حتّى أنّنا لم نوّزع منتجنا بأنفسنا، فبطبيعة الحال كانت آفاقنا محدودة جدّاً. لذا عزّزنا ​مجوهراتنا وقسم التجزئة الذي كان متواضعاً وغير مربح.

من هنا، باتت هاتان ركيزتان أساسيّتان لنجاحنا ولا تزال كذلك منذ سنوات عدّة. وشرعنا في بناء شبكتنا الخاصة، عبر المتاجر ذات العلامة التجاريّة الواحدة، وطوّرنا علامتنا التجاريّة، وأنشأنا قسم تسويق وقسم علاقات عامّة احترافيَين، وبدأنا بالفعل في تسويق علامتنا للمستهلكين، الأمر الذي لم يكن موجوداً في ذلك الوقت. كذلك، بنينا متاجر التجزئة في أكثر مراكز التسوّق شهرةً في العالم، ممّا عزّز علامتنا التجاريّة أكثر. وبهذه الطريقة، لم نتحوّل إلى علامة تجاريّة للمجوهرات فحسب، بل إلى أبرز دور صياغة مجوهرات، فضلاً عن تقديمنا نمط حياة كامل يدور حول إبداعات الكريستال أيضاً. لذلك، نحن اليوم قادرين على الحفاظ على تفرّدنا لأنّ منافسينا تطوّروا بالفعل وازداد العمل المتوجّب علينا، حتّى أنّه ثمة آخرون يحاولون نسخ منتجاتنا، لا سيّما في قسم التجزئة. ونراهم ينمون فعلاً إلى حد ما، إلّا أنّهم سرعان ما يتراجعوا لعدم تغنّيهم بالتفرّد، ما يفسّر بقاءهم ضمن فئة واحدة فحسب. أمّا نحن، فنغتني بالكثير من الفئات، لا بل نتغذّى عليها بمرور الوقت، وأتحدّث بثقة عن الأمر لأنني اطّلعت على الأرقام وهي أكثر من رائعة. فبالفعل، بذلنا الكثير من الجهد في مجموعاتنا الجديدة وفي تحديث علامتنا التجاريّة، وبتنا نجذب جمهوراً كبيراً اليوم، أمّا مشكلتنا الوحيدة فهي نفاد منتجاتنا وهذه لمسألة لطيفة.

نظراً إلى أنّه ثمة عائلة وراء هذه العلامة التجاريّة، هل فكّرت أسرة Swarovski يوماً بأن تندمج مع فريق أكبر؟

يمثّل الجيل الذي نراه اليوم الجيل الخامس، وبات لدينا 80 مساهماً. وبالطبع النقاش دائم حول كيفيّة الاستمرار في تطوير العلامة التجاريّة. والواقع أيضاً أنّه وفقاً لعقودنا، نملك الحقّ كمساهمين بتنفيذ هذا الأمر إذا ما صوّتت الأغلبيّة بالإيجاب. لكن حتّى الآن، لم نتمكّن من الحصول على أصوات الأغلبيّة، لذا ما زلنا ملتزمين بالنموذج الحالي. ممّا يعني أنّه يمكننا تحقيق نمو طويل الأجل، والتحلّي بتفكير موجّه أكثر نحو الاستراتيجيّة وريادة الأعمال. غير أنّ هذا الأمر يتطلّب الانضباط المالي المطلق مع الوصول المحدود إلى سوق رؤوس الأموال، بالإضافة إلى وجود سياسة ماليّة حكيمة جداً وعدم توجّب أيّ ديون. ومن البديهي أن هذا أمر طموح لكن لا بدّ منه، فإذا فقدنا السيطرة الماليّة نفقد معها السيطرة الاستراتيجيّة، وبالتالي نحتاج إلى جهد إضافي من قبل المساهمين لاتّخاذ الخطوات اللازمة حينها. وهذا الأمر ليس بالضروريّ حتى الآن، لأنّنا لطالما كنّا قادرين على تمويل جميع استثماراتنا وابتكاراتنا ونموّنا بأنفسنا، منذ العام 1976، أي حتّى في أصعب الأوقات. ففي بداية السبعينات، كنّا شبه مفلسين تقريباً، فنظراً إلى دورات الموضة في ذلك الوقت، لم يكن ثمة نشاط تجاري للمستهلكين ولم نمتلك هذا الكمّ من الطلبات ولم يحبّ أحد أحجار الكريستال ولا التماثيل الصغيرة. كذلك في تلك الحقبة، أرادت حكومة النمسا الاستيلاء على علامتنا التجاريّة لأنهم هدفوا إلى بناء صناعات حكوميّة محض. لكنّنا صممّنا التمثال الصغير الأوّل على شكل فأر حينها، ومعه بدأنا نشهد تدفّقات نقديّة إيجابيّة، فأتى ذاك التصميم في الوقت المناسب وأنقذ الدار.

بعد أن بات كلّ شيء رقميّاً، كيف تنجحون في فكّ هذا الرمز الرقمي؟

هذا لأمر مذهل بالفعل إلّا أنّه مشوّق أيضاً. وأفكّر فيه كثيراً، إذ لدينا 3 آلاف متجر ونحرص على النجاح في بناء الجيل التالي من البيع بالتجزئة، لأنّ البيع بالتجزئة خارج الإنترنت سيبقى حتّى انقضاء الدهر وإلّا لجلس الجميع في المنزل وطلبوا البيتزا عبر الإنترنت. من هنا، يبدو جلياً أنّ الناس يرغبون في الخروج بالفعل، لذا علينا تقديم ما يجذبهم ويشوّقهم، وعلينا منحهم تجربة تسوّق مميّزة توفّر لهم الناحية العمليّة إلى جانب كلّ هذه التقنيات الجديدة. من هنا أطلقنا متجرين جديدين، الأوّل في شارع أكسفورد في المملكة المتّحدة والثاني في موقع رائع في الصين. وأغنينا هذين المتجرين بالتكنولوجيا والأجهزة الرقميّة الجديدة مع الواقع المعزز عبر محطة جديدة لتغليف الهدايا نسمّيها زاوية التألق، وهي أداة بيع جديدة لمستشاري المبيعات حيث يمكن للزبونة الانغماس في اختبار جميع مجموعات المجوهرات. فضلاً عن الكثير من العناصر الجديدة التي تبرز الواقع المعزّز حيث يمكن وضع المجوهرات في سلّة، ثم أخذها من قسم المحاسبة في المتجر أو إرسالها مباشرةً إلى المنزل أو إلى المستلم. كذلك، يمكن لأيّ شخص اختيار تغليف الهدايا إذا ما رغب في لفّ هديّته. ولدينا أيضاً أداة لتغذية وسائل التواصل الاجتماعي، في حين يوجد قسم لالتقاط الصور ونشرها على إنستجرام فوراً. وثمّة شاشة كبيرة خلف قسم التألّق تستعرض المحتويات التي ينشئها المستخدمون بشكل مباشر. وبالإضافة إلى هذا كلّه، لدينا معارض مؤقّتة تحتوي على قطع ملفتة وتحف فنيّة مصنوعة من كريستالات Swarovski، ممّا يشجّع المستهلكين على زيادة المشاركة على إنستجرام.

أخبرنا أكثر عن هذه العمليّة

إنّنا نلجأ إلى التجربة في المقام الأوّل. إذ نختبر كلّ الموجود، ثم نختار العناصر الفضلى. بالإضافة إلى أنّ عمليّة البيع الجديدة خاصّتنا تستخدم الحاسوب اللوحي للعرض التقديمي، وهذه الطريقة أفضل بكثير. إذ إنّ بعض المتسوّقات يردنَ نهجاً بطيئاً والبعض الآخر يريد المرور على العرض التقديمي سريعاً. لذلك، اخترنا أفضل الأجهزة ودمجناها في متجرنا الجديد بتطوير من مهندسنا المعماري. باختصار، سنملك هذا العام متاجر تجريبيّة مستمدّة من تلك المتاجر الأربعة الأخرى بمظهر جديد. أمّا في النصف الثاني من العام، في سبتمبر أو نوفمبر، فسنفتح 3 أو 4 متاجر مماثلة. ثم في العام المقبل، يبقى لدينا عدد قليل من الاختبارات التي علينا تجربتها.

مع كل تلك التقنيّات القديمة والتكنولوجيات الجديدة المستخدمة في الخارج، ما هي المشاريع في الشرق الأوسط؟

نعتبر الشرق الأوسط سوق غاية في الأهميّة لنا، إذ إنّها جذابة جدّاً ومؤاتية تماماً. ونعمل حاليّاً مع شركاء هناك، لذا لا يقتصر التوزيع في المنطقة على Swarovski فحسب. كذلك، نريد إعادة بناء شبكة البيع بالتجزئة وفقاً لهذه التجربة الجديدة المتطوّرة والتكنولوجيا والتسوّق إلى جانب شركائنا في الشرق الأوسط، لا سيّما الذين يشاركونا في افتتاح أحد متاجرنا في المنطقة.

اقرئي أيضاً: ماذا كشفت المديرة الإبداعيّة لدى Swarovski عن مجموعة ربيع وصيف 2019؟

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث