L'atelier Nawbar: لا تستطيع المحن والصراعات إلّا أن تعزّز إرادتنا في تحسين منتجاتنا وتصاميمنا.

وعلى بعد أقلّ من دقائق من وسط المدينة تقع منطقة الصيفي حيث منزل ومشغل الشقيقتين ديما وتانيا نوبر اللتين تمثّلان الجيل الرابع من أسرة مصمّمي المجوهرات. حيث تتولّى تانيا قسمَي المحاسبة والماليّة، بينما تهتمّ ديما بمراقبة الجودة وخدمات الزبائن فتيدران سويّةً ورشة العمل التي افتُتحت في العام 2011 في منطقة الصيفي في لبنان كامتداد لإرث عائلتهما العريق في صناعة المجوهرات. وكما الحال في مختلف أنحاء هذه المنطقة تضرّرت منازلهما ومشغل ومكتب L’Atelier Nawbar بالكامل. في ما يلي نعود بالذاكرة إلى هذا اليوم المشؤوم مع ديما نوبر لتخبرنا عن كيفيّة تعاطيها وأختها تانيا مع الحدث.

"كانت جنازة جدتي في ذلك الصباح. وكنت قد عدت بعدها إلى منزلي في الصيفي وارتديت ملابس مريحة، ثمّ جلست على أريكتي في منزلي الجديد وكانت الساعة 6:02 تماماً. وإذ بدأ المبنى يهتزّ بعنف بعد بضع دقائق، وفي غضون 30 ثانية تحوّل منزلي بأكمله إلى حال من الفوضى العارمة"، تخبرنا نوبر.هكذا في غمضة عين تبدّل كلّ شيء. وتكمل: " تخلّصنا من الغبار الذي غطّانا وركضنا خارجاً لنرى أنفسنا أمام مشهد تملؤه الأنقاض والزجاج والجيران مجموعين في سحابة سرياليّة. وارتفعت أصوات صرخات الهلع والنجدة. ومنع بحر الزجاج في منطقة الصيفي جميع السيارات من الخروج." وحينها شعرت المصمّمة بالامتنان لأنّها لم تعاني شيئاً سوى الحطام الذي غطّاها. إنّما ارتبكت وسرعان ما بدأت تردها أخبار أصدقائها المصابين. فالتقطت جوازسفرها وحملته بالقرب منها وشقّت طريقها إلى منزل والديها خارج بيروت، مع أختها تانيا التي مرّت بتجربة مماثلة مع طفليها وزوجها بينما كانوا في منزلهم في منطقة الصنائع.

لا بدّ للحياة أن تستمرّ

"تماماً مثل اللاجئين، جلسنا بصمت على كنبات مجاورة بينما انهمرت دموع السعادة على وجنتَي والديّ لأنّنا لا نزال على قيد الحياة. عشنا صدمة كبيرة وشهدنا دماراً شاملاً وعمّ الصمت وفارق النوم الجفون. أمّا الأضرار الماديّة، فبدت ثانويّة جداً مع كلّ ما يحصل من حولنا. حيث لا يزال أصدقاؤنا المقرّبون يعانون في أسرّة المستشفيات حتى اليوم"، تروي نوبر. وأمام هول الأضرار البشريّة تؤكّد:"وبصراحة، بالكاد أستطيع أن أتحدّث عن الزجاج المحطّم لدينا ومساحات عملنا المدمرّة، غير أنّنا ممتنّون. وقمنا تقريباً بإعادة جمع متجرنا وتنظيف المكتب، وصحيح أنّه سيستغرقنا بعض الوقت حتى نعاود العمل فيه بكامل طاقته لكنّنا سنصل إلى تلك المرحلة. أمّا منازلنا فلا تبدو آمنة جداً في الوقت الحالي، لذلك نحن نقيم في الجبال."

الأمل يتربّص في مكان ما في الأفق

وعن خيارالصمود الذي كُتب على اللبنانيّين اللجوء له تقول: "ليس أمامنا أيّ خيار باستثناء أن نكون صامدين بالفعل، إنّها بمثابة لعنة تُحتّم علينا أن نلملم جراحنا ونستكمل المشاريع السابقة. حتى أنّني أشعر بأنّ هذا المستوى من الصمود لا يُعدّ طبيعيّاً، لا بل إنّه أشبه بفقدان الحسّ. واليوم، أظنّ أنّه من السابق لأوانه التفكير في الإيمان وكلمات التشجيع. إذ لدينا أشخاص لنطعمهم، والوظائف التي نقدّمها في الوقت الحالي تمثل حافزاً للاستمرار. نحن نتردّد ما بين الغضب والحزن، غير أنّ الأمل يتربّص في مكان ما في الأفق ومن طبيعتنا أن نكون إيجابيين، غيرأنّ تفاؤلنا بات على مسافة بعيدة الآن."

فكيف يمكن للقرّاء والقارئات المساعدة؟ تجيبنا نوبر: "يمكن للناس المساعدة من خلال إعادة تقييم الأمور المهمّة، لأنّ حياة البشر غاية في الأهميّة ولا ينبغي أن تنحصر في جشع المال والسلطة دائماً، فهذه الأشياء لا تجلب السعادة. إنّنا كائنات صغيرة على الخريطة، إلّا أنّ شعبنا النابض بالحياة يستحقّ فرصة للعيش والازدهار. إنّنا سعداء لحصولنا على المساعدة كما هو مطلوب، لكنّنا لسنا متسوّلين على الإطلاق، لا بل نحن أقوياء وأذكياء ونعمل بكدّ. لذا ساعدونا لنقف مجدداً وشاهدونا نزدهر". وتختم بالتوجّه للقرّاء والقارئات: "شخصيّاً، أحبّ أن أكون لبنانيّة على الرغم من أنّ ذلك يأتي بخيبات أمل مستمرّة، إنّما ما زلنا فخورين وبارعين في ما نقوم به. ولا تستطيع المحن والصراعات إلّا أن تعزّز إرادتنا في تحسين منتجاتنا وتصاميمنا، وتزيد من رغبتنا في مساعدة من حولنا ومواصلة نشرالحبّ. بالمختصر، إنّنا نحب أعمالنا وكلّ ما نطلبه هو أن تواصلوا الإيمان بنا."

اقرئي أيضاً: Amine Jreissati: أعطيتُ كلّ ما لديّ وحاولت القيام بالمستحيل لهذا البلد لأنّني أؤمن به

العلامات: L'Atelier Nawbar

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث