Amine Jreissati: أعطيتُ كلّ ما لديّ وحاولت القيام بالمستحيل لهذا البلد لأنّني أؤمن به

في تاريخ 4 أغسطس، تلقّى قطاع التصميم ضربة موجعة. ونستهلّ جولتنا من شارع مار مخايل الذي يضُجّ بالحياة والفنّ والإيجابيّة. فنكاد لا نعرف معالمه... وهنا نجد مشغل المنسّق ومصمّم الأزياء والمدير الفنّي أمين جريصاتي صاحب علامة Boyfriend The Brand ومنزله تحوّلا إلى حطام... ونسترجع معه في ما يلي الأحداث التي مرّ بها منذ لحظة الإنفجار وكيفيّة تعامله معها.

"عند الساعة السادسة والدقيقة أرسلت لي صديقتي صورة لتقول لي أنّ هناك حريقاً في المرفأ وتسألني إذا كنت أعلم بأمره وتطمئنّ عنّي. فتركت المشغل وصعدت إلى منزلي الموجود في المبنى عينه لأتفقّد الأمر"، يتذكّر جريصاتي. هي لحظات ترك فيها شارعاً جميلاً ينبض بالسلام والفرح بدون أن يعلم أنّه سيتحوّل بعد دقائق معدودة إلى دمار شامل. ويُكمل: "فتحت باب الشرفة لتهوئة المنزل فسمعت صوتاً كصوت طلقات الرصاص أو الألعاب الناريّة. وفيما كنت أغلق النافذة سمعت الإنفجارالأوّل، شغّلت التلفاز وجلست على الكنبة لأرى ما الذي يحصل. وعندها، انفجركلّ شيء..." حتّى أنّ الكنبة التي كان جريصاتي يجلس عليها انقسمت إلى نصفين، فوقع أرضاً ليتحطّم باب الشرفة على رأسه. ويقول: "في غضون لحظات كان شريط حياتي يمرّ أمام عينيّ، وعندما فتحتهما مجدّداً حمدتُ الله أننّي نجوت وأخذت كلبي وركضت خارج المنزل لأكتشف مشهداً مرعباً وسط الجرحى والحطام على وقع الصراخ." ويتساءل: :"هل يمكن تصوّر أنّ كلّ هذا قد يحصل في دقيقتين؟" فرأى جريصاتي واجهة المبنى الذي يقطن فيه بأكملها مدمرّة ومعها مشغله ومنزله و80% من تصاميمه الموجودة في الداخل. ففي غضون لحظات اختفى بيته ومشغله وسيّارته، إلّا أنّه يشعر بالإمتنان أنّه على قيد الحياة. فيقول: "الماديّات تُعوّض ومشكورة هي حملات الدعم، إنّما خسارة أشخاص عزيزين على قلبنا أو قطعة من جسدنا، أمر لا يعوّض ".

الشعب يعطيني الأمل

الأيّام الأولى بعد الإنفجار كانت الأصعب عليه فيخبرنا:"خلال اليومين الأوّلين بين الأوجاع الجسديّة والنفسيّة والتفكير بأنّني خسرت كلّ شيء، كنت أبكي حتّى في الحلم. ولكن في اليوم الثالث، نزلت إلى الشارع ورأيت المتطوّعين الذين أتوا لمساعدة الأهالي المنكوبين، فتشجّعت وبدأت بالمساعدة والتنظيف وتوزيع الطعام." ومن المؤكّد أنّه عند عودته لمنزل والدته ليلاً كان يشعربالتعب ويعيش الأحداث من جديد، إلّا أنّ الخروج ومساعدة الآخرين بات علاجاً بالنسبة إليه.

وفيما يشير إلى الأضرارالمعنويّة الكبيرة والغضب الذي يعتريه، يؤكّد المصمّم أنّ رؤيته لكيفيّة وقوف الشعب اللبناني جنباً إلى جنب يواسي بعضه في هذه المحنة ويمدّه بالقوّة. "الشعب هو الذي يعطيني الأمل... ولكن لدينا الحقّ بعيش حياة طبيعيّة وليس فقط النجاة من الموت". لم يفكّرجريصاتي يوماً في ترك لبنان، فبيروت هي كلّ شيء بالنسبة إليه أيّ مصدر إلهامه وانتمائه وعائلته. فيقول: "عندما تُخرجين بيروت منّي أشعر بالفراغ... أعطيت كلّ ما لديّ وحاولت القيام بالمسحيل لهذا البلد لأنّني أؤمن به، فنحن لا نستحقّ ما حصل لنا". ويضيف: "لا أعلم كم من الوقت نحتاج كي ينهض بلدنا من جديد. نعم، لديّ أمل ولكن إلى متى ستبقى الحال على هذا المنوال؟". لكنّه سرعان ما يؤكّد لجميع القرّاء والقارئات: "نحن باقون، وسنعود... الدعم المعنوي الذي نحصل عليه قيّم جدّاً، ومثلما كنتم تدعموننا في السابق، عليكم الإيمان بنا اليوم أيضاً أكثر من أيّ وقت مضى لنعود أقوى!".

اقرئي أيضاً: Salwa Chalhoub: نحن محطّمون وبحاجة إلى الوقت للتعافي إلّا أنّنا سنعيد بناء بيروت

العلامات: Amine Jreissati

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث