ونحن نُصفّف شعرنا بطريقة فيها "عفوية محسوبة"، ونرتدي البلوزات الحريرية، السويترز بلون الكريما، الأزرار اللامعة الناعمة، الأقراط اللؤلؤية التي تبدو وكأننا "ورثناها من الجدة الراقية في موناكو"... من الصعب إنكار الحقيقة: نحن، شئنا أم أبينا، ما زلنا نعيش تحت ظلّ الأميرة ديانا. ظل أنيق، إنساني، وجريء. لا أحد منّا مستعدّ تمامًا للاعتراف بأن أيقونة توفيت منذ أكثر من 25 سنة، ما زالت تُعلّمنا كيف نرتدي ملابسنا. لكن الحقيقة؟ ديانا تسبقنا... حتى الآن.
نعم، ديانا هي الأصل. الـblue striped shirts؟ كانت ترتديها. التنانير الميدي البسيطة؟ كانت ترتديها. الحذاء المسطح الكلاسيكي؟ توقيعها. حتى طريقة تصفيف الشعر التي تبدو "مرتّبة بلا مجهود"؟ اخترعتها قبل أن تُصبح عنوان أيّ moodboard على Pinterest تحت وسم #OldMoneyAesthetic.
والآن، فجأة، كل خزانتنا أصبحت تُشبه خزانتها: ألوان حيادية، خطوط ناعمة، ملابس تبدو غالية حتى لو لم تكن كذلك (وغالبًا... هي كذلك). نحن لا نحاول أن نبدو أغنياء، نحن نحاول أن نبدو وُلدنا كذلك، وكأننا نشرب الشاي في الريف البريطاني بعد جولة على ظهر حصان اسمه Edward.
أحب أن أُسميه "تأثير ديانا المؤجّل". لأننا الآن، وبعد سنوات من محاولات تفكيك معادلات الـ"cool"، بدأنا نفهم لماذا كانت هذه المرأة متقدّمة زمنيًا عن جيلها. لم تكن فقط "أنيقة"، بل كانت ترتدي ما يُعبّر عن حالتها، مزاجها، وحتى غضبها، وتفعل ذلك بطريقة لا تزال تبدو حديثة أكثر من نصف ما نراه على منصات عروض 2025.
لكن لماذا ديانا؟ لماذا تستمر بالهيمنة على الذوق العام، بعد أكثر من ربع قرن على رحيلها؟ لأن ديانا لم تكن فقط أنيقة. كانت ذكيّة في استخدام الأناقة. كانت ترتدي الحزن، القوة، التمرد، والمزاج... كلّها بلغة الملابس.
هي المرأة التي ارتدت "فستان الانتقام" وكأنها تقول للعالم: "أنا انتهيت من البكاء، الآن دوري أُبهر."
هي التي خرجت من بوابة القصر مرتدية سويتر وجينز... وكأنها تقول: "أنا ما زلت ملكية، حتى بدون التاج."
هذه هي الموضة الحقيقية. أن تسبق وقتك، وأن تعيش في اللاوعي الجمعي للناس لعقود، دون أن تكون على غلاف مجلة كل أسبوع.
واليوم؟ نرى تأثيرها في كل مكان. من القصّات التي تقدّمها Dior بأسلوب أنيق ومحتشم، إلى حقيبة Lady Dior التي تحولت من مجرد إكسسوار إلى قطعة تاريخية قابلة للتوريث. نراها في عودة القميص الأبيض المقلّم، في بدلة التويد، في الأوشحة الحريرية، وفي فكرة أن الأناقة لا تعني أن تري كل شيء، بل أن تترك القليل للخيال... بابتسامة جانبية، ونظرة من خلف نظارة سوداء ضخمة.
حتى على منصات TikTok التي لا علاقة لها بالبلاط الملكي، نشاهد جيلًا جديدًا يعيد اختراع "ستايل ديانا" وكأنه كنز اكتُشف حديثًا. ليس لأنهم يعرفونها، بل لأنهم، دون وعي، يُدركون أنها كانت تعرف شيئًا لم نعرفه نحن إلا بعد سنوات: أن الأناقة لا ترتبط بالزمن، بل بالشخصية.
دعونا نُواجه الحقيقة: لا أحد "يخترع" شيئًا في الموضة بعد الآن. نحن فقط نُعيد صياغة، نُجمّل، ونُضيف فلتر على أفكار سبق أن ارتدتها ديانا ,أحيانًا بشكل حرفي لدرجة تشعرك أن المصمم جلس يشاهد أرشيف Getty Images قبل رسم الـMoodboard.
لكن ما هو السر؟ لماذا تستمر ديانا في التأثير بينما تغيّرت كل معايير الموضة؟ الإجابة بسيطة: هي كانت تلبس بشجاعة، لا بخوف. في زمن كانت فيه الملكية تعني الكبت، كانت ديانا ترتدي ما يُعبر عنها، سواء كانت غاضبة، حزينة، أو حتى ساخطة. من الفساتين السوداء القصيرة، إلى اللحظات اليومية التي جعلت من الـoff-duty look فنًا قائماً بذاته.
ثم هناك العامل العاطفي. ديانا لم تكن فقط أنيقة، كانت حقيقية. وعام 2025 هو عام "الحقيقي". نحن سئمنا من البريق المزيف، من الإطلالات التي صُمّمت فقط للـlikes. نحن نبحث عن تلك اللحظة التي نشعر فيها بشيء. وديانا؟ كانت تمشي في الشارع وتجعلك تشعر أن كل خطوة لها شيء لتقوله.
حتى في الماركات، يمكننا أن نلاحظ مدى تأثيرها. قطعها الأيقونية تعود واحدة تلو الأخرى. Dior تحتفل دائمًا بـLady Dior. المجوهرات اللامعة ذات الطابع الكلاسيكي عادت للواجهة. وحتى الأحذية المنخفضة بكعب kitten تتصدّر القوائم من جديد.
ديانا، ببساطة، لم تكن fashion icon فقط. كانت امرأة تفهم القوة التي تحملها قطعة ملابس واحدة. والآن، نحن نحاول تقليد تلك القوة، سواء بقصد أو بلا وعي.
هل أنا، شخصيًا، تأثرت بها؟ يكفي أن ألقي نظرة على خزاني لأرى أن الإجابة واضحة: سويتر كشمير رمادي؟ موجود. قميص أبيض مقلّم؟ طبعًا. تنورة ميدي؟ نعم. نظارات سوداء كبيرة؟ أساسية. هل أضع صورة لديانا في Moodboard كل موسم؟ لستُ مضطرة للاعتراف بذلك رسميًا، لكن... نعم.
في 2025، تأثير ديانا ليس مجرد موضة، بل مرآة لذوق يريد أن يشعر، لا فقط أن يَظهر.
والجميل؟ أنها، حتى اليوم، تظلّ الأكثر أناقة بيننا.
اقرئي ايضاً: كعب الباليرينا: الأحذية التي راقَصَت أحلام الطفولة ودخلت خزانتنا أخيرًا