نور أبو عيسى :إنه لشرف كبير أن أكون جزءًا من هذا المجتمع الراعي والنابض بالحياة

كونها تعيش وتعمل كفنّانة في الدوحة منذ العام 2012، شهدت نور أبو عيسى تحوّلاً ملحوظاً في المشهد الفني. وهي تعتبر أنّ هذه التغييرات مذهلة بالفعل حيث لعب الانفتاح على العالم الخارجي والمشاركة المتبادلة للفنّ والأفكار القطرية دورًا محوريًا في هذا التطوّر. وفي ما يلي نسألها عن تصوّرها للمشهد الفني في هذا البلد!

"تتمحور الحياة في قطر حول المجتمع بشكل كبير، وعلى وجه التحديد حول الحياة العائليّة. يمكنك أن تشعري بوجود رابط قوي بين الناس باجتماعهم وتعلمهم معاً كمجتمع واحد"، بهذه العبارات تصف نور أبو عيسى المجتمع القطري. وتتابع: "من خلال عروض الأفلام ومعارض المتاحف والأنشطة المستقلة والمناظرات والمحادثات والمحاضرات، يعَدّ السعي لاكتساب المعرفة جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية". وتضيف: "من وجهة نظري الشخصية كأمّ وكفنّانة، أودّ أن أدعو إلى التريث والى إيلاء الاهتمام الكامل لما يدور حولنا. ففي كثير من الأحيان، ننغمس في روتين الحياة وننسى أن نتوقف للحظة ونفكر في المكان الذي نحن فيه وفي ما يجلب لنا السعادة الحقيقية في الحياة. نحن نجد أنفسنا في لحظة تحول محورية، ومن المهمّ أن ندعو إلى التباطؤ الجماعي والتحوّل المدروس نحو التأمل والنقد العميق للعالم الذي خلقناه. ومن خلال التجريد الهندسي، آمل أن أنقل فكرة أنه في ظل تعقيد عالمنا، هناك جمال متأصل يظهر عندما نأخذ الوقت الكافي لنرى ونستمع ونتأمل بعمق".

وينبع حبّ نور للهندسة الإسلامية من الإحساس المذهل بالصفاء عند الدخول إلى مسجد جميل. وتخبرنا: "لطالما استُخدمت الهندسة الإسلاميّة كعنصر زخرفي في العمارة التقليدية، وهي تشكل جزءاً كبيراً من سبب إحساسنا بهذا الشعور بالسكينة عند دخول المسجد. لقد أردت أن أجد طريقة لجلب هذا الشعور بالسلام الداخلي إلى حياتنا اليومية، وإلى أكثر الأماكن خصوصية: منازلنا". وتتابع: "ومن خلال التلاعب بالمقياس واللون والشكل وحتى الوظيفة، قمت بتجربة طرق مختلفة لجلب الشكل التقليدي للفنّ إلى الساحة المعاصرة. وتتنوّع ممارستي الفنية بشكل كبير، من الرسم والنحت إلى الأعمال الورقية، وحتى الأعمال الفنية المصنوعة من السيراميك أو الخشب أو الحجر. وأودّ القول إنّ التجريد الهندسي لا يعرف حدوداً، واحتمالاته لا حصر لها: لديه نقطة بداية واحدة ولا نهاية له تلوح في الأفق".

قفزة هائلة إلى الأمام

وعن نظرتها بما يتعلّق بالمشهد الفنّي القطري في السنوات القليلة الماضية، تؤكّد: "لقد أصبحت قطر مركزًا نابضًا بالتعبير الفني إقليميًا وعالميًا، بخاصةً مع مبادرات متاحف قطر التي قدّمت مساهمات كبيرة في هذا السياق، وبالتحديد فيما يتعلّق بالفنّ العربي. وقد أحدث المتحف العربي للفنّ الحديث تأثيرًا مذهلاً في توثيق الفن وعرضه في منطقتنا، وهذا بالتحديد ما كنّا نفتقر إليه في السابق. ومن منظور الفنّ المحلي، لعبت متاحف قطر أيضًا دوراً رائدا ًفي عرض أعمال الفنّانين الشباب والمحترفين خارج حدود الوطن، في معرض جماعي كبير للفنّ القطري قائم الآن في متحف Yuz في شنغهاي. تمثل هذه الرحلة قفزة هائلة إلى الأمام، ومن المشجع أن نرى المجتمع الفنّي يزدهر. إن الزخم واضح، وهناك شعور بالترقب لتطورات أكثر إثارة في المستقبل، حيث أن مشهد المعارض المحلية يتقدّم أيضًا".

إقرئي أيضاً: تعرفي معنا الى الدكتورة بثينة حسن الأنصاري

وفي الوقت الحالي، تعمل نور على سلسلة من القصائص الورقية التي تحمل اسم "Dreamscapes". هذه السلسلة عبارة عن استكشاف شخصي حيث تتصوّر وتسعى بطريقة ما إلى إظهار الأمل في مستقبل أكثر إشراقًا - وتحوّل عالمي نحو السلام. وتقول: "إنّ ما يجعل هذه السلسلة مميزة بشكل خاص هو جوهرها المتمثّل في التفاؤل والإيمان بأنّ الفنّ لديه القدرة على إلهامنا نحو التغيير الإيجابيّ. ففي عالم مليء بالتحديات، تعتبر Dreamscapes بمثابة سرد بصري للحلم الجماعي الذي يتوق الى مستقبل أكثر انسجامًا وسلامًا. ولا يجسّد هذا العمل الفنّي تعبيري الإبداعي فحسب، بل يرسم تطلّعاتي إلى عالم يصبح فيه الفنّ حافزاً للتفاهم والتعاطف والرؤية المشتركة للأمل".

وتختتم برسالة إلى قطر وشعبها: "أودّ أن أعرب عن خالص امتناني لدولة قطر ولشعبها الرائع. إنه لشرف كبير أن أكون جزءًا من هذا المجتمع الراعي والنابض بالحياة. وأتطلّع إلى مواصلة هذه الرحلة المشتركة نحو النموّ معاً، والمساهمة في النسيج الثقافي القطري، وأن أكون جزءاً من مستقبلها المشوّق".

إقرئي أيضاً: دولة قطر مزيج من الحداثة والتقاليد المستمدّة من ثقافتنا العربية

العلامات: قطر

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث