كيفية التعاطف مع الذات مع زينب سلبي

تحفل مسيرة زينب سلبي بالتحدّيات والصعوبات، ولكن بالثمار أيضاً. هي ثمار خيّرة في حياة مئات آلاف النساء حول العالم اللواتي استطعنَ من خلال مؤسّسة منظّمة Women for Women International الإنسانيّة المضي قدماً بحياتهنّ وكسب مهارات جديدة. في ما يلي تشاركنا كيفية نجاحها في تخطّي أزمة شديدة أسّست بعدها Daughters for Earth!

"تغيّرت حياتي يوم اعتقدت أنّني ألفظ أنفاسي الأخيرة. حدث ذلك في وقت مثاليّ في حياتي المهنية والشخصية. في التاسعة والأربعين من عمري، ظننتُ أنّني اكتشفت كلّ ما في الحياة. لكن كان هذا قبل ذاك اليوم الذي استيقظت فيه وأنا أشعر بألم شديد قادني إلى الطبيب وسيارة الإسعاف وغرفة الطوارئ، وصولاً إلى غرفة العمليّات في النهاية، وكلّ ذلك في غضون ساعات. وفي لحظة من اللحظات خلال هذه التجربة الفوضوية والمخيفة، اعتقدت أنّني سأموت. كنت أعاني وأجد صعوبة في التنفّس، وظننتُ فعلاً أنّها ستكون أنفاسي الأخيرة.

إقرئي أيضاً: Zainab Salbi: كلّ امرأة تُضيء شمعة لامرأة أخرى كي تستمرّ. فإياكِ أن تُطفئي شمعتك يوماً!

بصفتي ناشطة إنسانية، كنت دائماً أقيس نجاحي بعدد النساء اللواتي ساعدتهنّ. في تلك المرحلة من حياتي، كنت قد أسست منظّمة Women for Women International، واستطعت الوصول إلى نصف مليون امرأة في مناطق النزاع وساعدتهنّ لاستعادة حياتهنّ بعد الدمار الذي خلّفته الحروب، كما وزّعت عليهنّ 150 مليون دولار كمساعدات وقروض صغيرة. وقد ألّفت أيضاً عدداً من الكتب وقدّمت بعض البرامج التلفزيونية، بما فيها برنامج "نداء" باللغة العربية الذي ركّز على الاحتفاء بحكمة المرأة وشجاعتها. وكامرأة، كنت أقيس سعادتي أيضاً من خلال الملابس التي أرتديها والإجازات التي أقضيها وشكل شعري. لكن عندما واجهتُ الموت، كان السؤال الذي طرحته في تلك اللحظة بين قلبي ونفسي ببساطة: "هل عشتُ حياتي بلطف مع نفسي؟".

وفي الحقيقة، لم أكن أعرف معنى اللطف تجاه الذات. فاعتقدت أنّه يتعلّق بالحصول على جلسات تدليك أو تقليم أظافر بين الحين والآخر. واستغرقني الأمر عاماً ونصف من المرض الشديد حتى أجد الإجابة أخيراً. في تلك الفترة، لم أستطع العمل، وبالكاد استطعت الكلام أو الكتابة، ولم أتحمّل سماع أي صوت باستثناء هدوء الطبيعة. وهذا ما دفعني إلى الابتعاد عن المدينة والعيش وسط الأشجار والبحيرات والحيوانات البرية حيث أصبحت الطبيعة أفضل صديق لي. وفي تلك الفترة اكتشفت معنى اللطف الحقيقي.

إقرئي أيضاً: Yes I did مع Nayla Alkhaja

وكلّما قضيت المزيد من الوقت في الطبيعة، سواء في البستنة أو المشي أو مجرد التأمل، كلّما تعلّمت كيف أكون ممتنّة لكرم الأرض الكبير. فقد ساعدتني الطبيعة على رؤية جمال الحياة نفسها وعلى التواصل مع قلبي ومع الله بطرق محبّة، ممّا ملأ قلبي بالفرح لأي سبب وبدون أي سبب، وهذا ما جعلني أشعر بالامتنان الكبير لأصغر الأمور في الحياة.

وعندما استعدتُ عافيتي أخيراً، تعهّدت ببذل كلّ ما في وسعي لأشكر الأرض على كرمها. أنا لست خبيرة في التغيّر المناخي، ولكنني تعلّمت من العلماء أنّنا بحاجة إلى حماية ما يعادل 50% من الطبيعة في العالم والتحول إلى الزراعة التجديديّة والطاقة المتجدّدة، فهذه هي الطريقة الأكثر فعالية للحدّ من تغيّر المناخ.

وبعد سنتين من مواجهتي الموت، أنشأت منظّمة Daughters for Earth التي تقدّم الدعم المالي للمبادرات التي تقودها النساء لحماية الطبيعة وإصلاحها، وللاحتفال بعملهنّ من خلال الروايات المصوّرة وتقديم النصائح لكلّ امرأة لتطبيقها في حياتها اليوميّة. وخلال عامين فقط من تأسيس المنظّمة، قدّمنا الدعم المالي لـ103 مبادرات تقودها نساء في 42 دولة. وأنا أفعل ذلك مع فريق رائع من النساء فيما أستمرّ في العيش في الطبيعة والتعامل بلطف مع نفسي ومع الآخرين. ومنذ بضعة أشهر فقط، تم اختياري ضمن قائمة Time 100 كواحدة من القادة المؤثّرين لعملي مع النساء في جميع أنحاء العالم.

لم أظنّ أنّني سأعيش ولم أكن واثقة ممّا إذا كنت سأتمكّن من تحقيق وعدي للأرض ولنفسي قبل بضع سنوات عندما كنت مريضة. لكن اليوم، أنا أكتب لك لأخبرك أنني فعلت ذلك بالفعل. وأنا لا أفي بوعدي بالامتنان للأرض فحسب، بل أفعل ذلك بينما أتعامل بلطف مع نفسي ومع الآخرين من حولي." 

إقرئي أيضاً: الدكتورة المهندسة سعاد الشامسي: " إذا أنا استطعت فأيّ امراة تستطيع "

العلامات: Zainab Salbi

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث