أفكار تزيين لعيد الفطر

الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh

هل اخترت الأطباق التي ستقدّمينها لمائدة عيد الفطر؟ وماذا عن تصميم مائدتك؟ هل من صيحة معيّنة تريدين اعتمادها أم تفضّلين التصميم التقليديّ؟ وهل فكّرت في تنسيق الورود التي ستزيّنين بها جمعتك العائليّة؟ وماذا عن إتيكيت العيد؟ هل اطّلعت على التغيّرات التي تشهدها؟  

يشكّل عيد الفطر في كلّ سنة مناسبة تجتمع فيها العائلات بفرح وانسجام لتتوّج شهر رمضان المبارك وهو شهر الصوم والعبادة. فلكلّ منّا ذكريات عدّة مع هذا العيد سواء ضمن العائلة الصغيرة أو مع الأقارب والجيران والأصدقاء المقرّبين. فمن تزيين المنزل بالورود والأضواء إلى شراء الهدايا وتغليفها وتحضير المأكولات والحلويات الشهيّة وتصميم المائدة، ثمّ الاجتماع حولها مع العزيزين على قلبنا وبعدها زيارة الأقارب ومعايدتهم، عادات كثيرة جمعتنا ولا تزل في هذه المناسبة السعيدة. ومهما اختلفت هذه العادات يبقى جوهرها واحداً حيث يترفّع الناس عن خلافاتهم ويتجدّدون بالعطاء ويتسلّحون بالمحبّة ومساعدة المحتاجين والزكاة ويتزيّنون بالفرح. وفيما تفشّت جائحة كورونا العام الماضي أثّرت بشدّة على هذه العادات الجميلة حيث حرمتنا من لقاءاتنا البهيّة وأبعدت المحبّين بعضهم عن بعض. ولكنّنا اعتدنا دوماً على المضي قدماً والتطلّع إلى المستقبل بإيجابيّة وتفاؤل، لذلك بالرغم من تأثير هذه الجائحة على عاداتنا إلّا أنّها قرّبت قلوبنا وأفكارنا أكثر مهما بعدت المسافة بيننا. وبينما نتذكّر كيف كانت جدّاتنا ووالداتنا تتحضّرن لاستقبال العيد كونهنّ لطالما زدنَ من بهجته من خلال أسالبيهنّ المميّزة ورونقهنّ الخاصّ في الاحتفال ومتابعة أدقّ التفاصيل التي تساعد على جعل هذا العيد مناسبة سعيدة، نتساءل عمّا تغيّر بين الأمس واليوم وكيف تطوّرت مختلف أوجه التحضير للعيد لمواكبة التغيّرات العالميّة والاجتماعيّة على صعيد تحضير المأكولات وتصميم المائدة وتزيين الورود وإتيكيت العيد. لذلك وللإجابة على هذه التساؤلات ناقشنا التغيّرات الحاصلة في كلّ من هذه الوجوه مع اختصاصيّات في كلّ منها. فانضمّي إلينا في هذا التحقيق للاطّلاع عليها وعلى الأسباب الكامنة وراءها كما الصيّحات الأخيرة المعتمدة.

Lama Jammal Houssami: يجب أن تشمل مائدة العيد أطباقاً تجتمع العائلة حولها بينما يستمتع الأطفال بتناولها أيضاً

التصوير: Maximilian Gower 

هي شغوفة بالطهي وتروق لها ممارسته منذ سنّ السادسة. وقد استمرّت هذه الهواية مع Lama Jammal Houssami بعد انتقالها إلى دبي في العام 2011 فيما اعتادت استضافة الناس إلى مائدتها. إنّما حين بات لديها ثلاثة أطفال بأعمار متقاربة، راحت تبحث عن طريقة تسهّل عليها الطهي. وما لبثت أن باتت تشارك شغفها هذا مع الآخرين من خلال تأسيس Mamalu Kitchen وتنظيم الصفوف التعليميّة بشأن إعداد الطعام والوصفات التقليديّة بلمسة عصريّة وحفظه في بادئ الأمر لمدبّرات المنزل. وبعدها تبلورت الأمور لتشمل صفوف الأطفال والمراهقين والأمّهات لتعليمهم جميعاً كيفيّة الطهي بطريقة واقعيّة وعمليّة في عصرنا هذا! فلنبدأ جولتنا ونناقش معها التغيّرات التي طرأت على أطباق العيد ونكتشف المائدة المميّزة والأطباق الغنيّة التي حضّرتها لنا.  

في طفولتها اعتادت لمى تناول أطباق الأرز والدجاج وورق العنب في العيد، إنّما تشير إلى أنّه يمكن في عصرنا هذا استبدال هذه المأكولات مثلاً بطبق معكرونة لينغويني مع ثمار البحر، نظراً إلى أنّه لا يصار عموماً إلى تناول السوشي أو الطعام الآسيوي أو التايلاندي أثناء الصيام. وعلى الصعيد الشخصيّ، تختار أن تتناول الأسماك والمأكولات البحريّة في العيد. ولكن في نهاية المطاف، يتوقّف الأمرعلى تفضيلات كلّ عائلة لجهة اختار اللحوم والدجاج والمأكولات البحريّة. وفي حال تريدين إعداد مائدة تقليديّة بلمسة عصريّة في العيد، فيمكنك اختيار طبق الأرز مع الدجاج تماماً كالذي حضّرته لمى في هذه الجلسة على سبيل المثال. حيث أرادت للأطباق التي حضّرتها أن تتناسب وجميع ثقافات دبي. لذا أعدّت طبقين بالإضافة إلى حلوى المعمول. ويعتبر الطبق الأوّل خليطاً ما بين المجبوس والبرياني بالدجاج مع الكثير من البهارات، لكن يمكن تحضيره بدون الفلفل الحارّ، ليتلاءم مع ما يحبّه الأطفال. وتعلّل اختيارها لهذا الطبق بهذه العبارات: " اخترته لأنّه طبق مناسب جداً للعيد من حيث كميّته الوافرة التي تليق بالتجمّعات العائليّة. هذا وعمدت إلى استخدام فراخ الدجاج الصغيرة لأنّها بديل أكثر جاذبيّة من قطع الدجاج الكبيرة، كما يمكن استبدالها بالجمبري أيضاً لمحبّي المأكولات البحريّة." وعلى الرغم من أنّ تناول الأرز ليس ضروريّاً على مائدة الفطر الخليجيّة غير أنّه عنصر من شأنه أن يرافق الكثير من أطباق العيد، لا سيّما وأنّ تحضيره سهل ويتيح كميّة كافية للأسرة كما أنّه يروق للأطفال بحسب الطاهية الماهرة. أمّا الطبق الثاني الذي حضّرته فهو حراق أصبعو الذي يمثّل خياراً نباتيّاً معدّاً من العدس.

السرّ يكمن في التحلّي بالطابع العملي
تختلف الأطباق التي اعتادت جدّاتنا وأمهاتنا تحضيرها وتلك التي نعدّها اليوم في الشهر الفضيل والعيد خصوصاً. وتؤكّد الطاهية الماهرة: "إنّنا اليوم نهتمّ بمصدر المنتجات التي نحصل عليها ولا ننظر إلى المتاح فحسب. هذا فضلاً عن أنّنا نميل إلى الابتعاد عن الطعام المقليّ، ممّا يعلّل سبب استخدامي زيت جوز الهند في أطباقي بدون اللجوء إلى القلي كثيراً. ومن الناحية الجماليّة أيضاً، بتنا نولي مزيداً من الاهتمام لطريقة تقديم طعامنا ممّا يفسّر اعتمادي الدجاج الصغير الأكثر رقيّاً في التقديم. وفي السياق نفسه، أضفنا نجوماً إلى طبق حراق أصبعو وزيّنا طبق المعمول ببتلات الورد، إذ إنّ هذه اللمسات الصغيرة تضفي الحداثة على الأطباق التقليديّة مع الحفاظ على جوهرها الأصيل". لكنّها تردف: "غير أنّ المعمول يبقى طبق الحلوى الذي لا بدّ من وجوده على مائدة العيد دائماً، لذا أوصي حتماً بالوصفة التقليديّة لتحضيرها، وأعتبر هذه من العادات التي لن أغيّرها يوماً".
تطوّرات عدّة طرأت على مائدة العيد في السنوات الأخيرة. ويكمن السرّ بالنسبة إلى لمى في التحلّي بالطابع العملي. وتقول: "لا شكّ في أنّ الزمن تغيّر وطرأت الكثير من التحوّلات على عالم الطعام. حيث أنّ طريقة أكلنا اتّسمت في السابق بمزيدٍ من الفخامة مقارنةً بعصرنا الحالي. هذا وأتيحت لنا الكثير من خيارات الطعام في الماضي، بينما اكتسبت أطباق اليوم مزيداً من البساطة مع المحافظة على الشهيّة واللّذة". وتشير إلى أنّ أسلوب مائدتنا اليوم بدأ يشبه النمط الأوروبي حيث يتمّ مثلاً تحضير 3 أطباق لـ10 أشخاص، الأمر الذي اعتبر فيما مضى غريباً عن الثقافة العربيّة التي تشتهر بإكثار الأصناف المعدّة. وتضيف: "وبالمقابل، بات الكثيرون نباتيّين، لذا أصبح من الضروري إضافة خيار نباتيّ إلى مائدتنا اليوم. وبالفعل، ثمّة أطباق عربيّة نباتيّة مذهلة مثل المجدّرة وكبّة العدس وكبّة اليقطين وطبق حراق أصبعو الذي أعدّدته في هذه الجلسة كي تلائم أطباق الأطفال والكبار والنباتيّين على حدّ سواء".
المأكولات التي تبدو صعبة التحضير غير أنّها بسيطة في الواقع
كيف ترتبط هذه التغيّرات التي طرأت على المائدة بالتغيّرات الحاصلة في المجتمع؟ تجيبنا مؤسّسةMamalu Kitchen : "ثمّة الكثير من الضغوطات على النساء اليوم. إذ يتعيّن على المرأة العصريّة أن تعمل وتعتني بأسرتها، كما يجب أن تتحلّى بالسرعة والعمليّة. ونظراً إلى أنّ المحافظة على الرّفاه وحبّ الذات وممارسة التأمّل تمثّل أموراً أساسيّة بالنسبة إلى النساء اليوم، لذا من الحتميّ لهنّ طهي الأطباق العمليّة والأكثر عصريّة". وتتابع: "إنّني أتحدّث عن المأكولات التي تبدو صعبة التحضير وملفتة للأنظار بيد أنّها في الواقع بسيطة وسهلة مثل تلك التي أعددانها في هذه الجلسة".
وبالتالي يمكن أن تستجيب مائدة العيد لقواعد الحداثة بينما تحافظ على التقاليد وتوقظ الذكريات. غير أنّه ليس من قواعد معيّنة لا بدّ من الالتزام بها لذلك. فتختم الطاهية الماهرة: "بالإجمال، يجب أن تشمل مائدة العيد أطباقاً تجتمع العائلة حولها لمشاركتها، بينما يستمتع الأطفال بتناولها أيضاً."

وبعد أن اطّلعنا على التطوّرات الحاصلة على مائدة العيد، لننتقل الآن لاكتشاف التغيّرات التي طرأت على تصميم هذه المائدة. 

Dana Halabi: لا بدّ لمائدة العيد من أن تواكب صيحات الحداثة مع المحافظة في الوقت عينه على الطابع الذي يحيي فينا ذكريات الزمن الجميل

تهوى دانة الحلبي صاحبة منصّة Opaline المقيمة بين الرياض وسان باولو تنسيق المائدة. فبعد دراستها إدارة الأعمال في دمشق وتخرّجها عام 2012، بدأت بتنسيق الحفلات الصغيرة كأعياد الميلاد والحفلات التي تسبق استقبال المولود الجديد. ثمّ حدّدت مجالها أكثر في الاختصاص الذي وجدت فيه شغفها الفعلي وهو تنسيق المائدة. فالتحقت بورش عمل في هذا الإطار في البرازيل قبل أن تحصل أيضاً على شهادة في تنسيق الأعراس في دبي عام 2020. في ما يلي نناقش معها التغيّرات التي طرأت على تصميم المائدة الرمضانيّة بشكل عام ومائدة العيد بشكل خاص عبر السنين.
"في ما مضى كنّا نقوم بالاحتفال والتزيين لقدوم الشهرالفضيل وبعده العيد بطريقة متواضعة نوعاً ما، إلاّ أنّ التطوّر الذي ترافق مع ازدياد الإكسسوارات والمنتجات في الأسواق ووجود وسائل التواصل الإجتماعي، كلّها عوامل قدّمت لنا الكثير من الأفكار لنضيفها فيما ننسّق المائدة"، بهذه العبارات تسطّر دانة الحلبي تأثير التطوّر الاجتماعي على تنسيق مائدة العيد. قبل أن تكمل: "في الماضي كانت جدّاتنا وأمّهاتنا يولينَ اهتماماً لنوعية الطعام وأصنافه أكثر من تنسيق المائدة، بحيث كنّ يكتفينَ بوضع غطاء مائدة أنيق مع أطباق وأكواب بحواف ذهبيّة وأواني ذهبية أو فضيّة ". كما تشير إلى أنّ بعضهنّ كنّ يصفنَ الشموع والورود، فيما تتعدّد اليوم أشكال مفارش الموائد وأنواعها وإكسسواراتها ويتمّ إدخال عناصر ديكورجديدة واتّباع أفكار حديثة لكلّ مناسبة. 

رابطٌ مشترك بين الأساليب المختلفة
فيما نتأمّل التصميم الجميل الذي حضّرته لتحقيقنا هذا، نسأل خبيرة تنسيق المائدة عن صيحات هذا العام والألوان والإكسسوارات المعتمدة لإعداد مائدة العيد. فتجيبنا: "استخدام الخط العربي والأحجار الكريمة والزخارف الإسلاميّة واللون الذهبي أو الوردي الذهبي وألوان النحاس، جميعها تعكس أجواء رمضان والعيد وهي ألوان كلاسيكيّة مناسبة تقريباً لكلّ الأوقات". ولكنّها تشير إلى أنّه بالرغم من الصيحات الجديدة و الخيارات الكثيرة في تنسيق المائدة إلّا أنّه يوجد دائماً رابطاً مشتركاً بين الأساليب المختلفة وبخاصّة إذا تمّ اتّباع تصاميم وألوان كلاسيكيّة تتماشى مع كلّ وقت، كذلك يمكن إدخال عناصر جديدة في التنسيق لمواكبة الصيحات الجديدة."
وتختم دانة بالقول: "من المؤكّد أنّه يجب أن تواكب مائدة العيد صيحات الحداثة، لكن في الوقت عينه يجب عدم المبالغة للمحافظة على الطابع الذي يعكس أجواء رمضان والعيد ويُحيي فينا ذكريات الزمن الجميل". 

ومن تنسيق المائدة، لننتقل إلى تصميم وتنسيق الورود التي لطالما شكّلت بالنسبة إلينا آداة ليس لتزيين ما حولنا فحسب إنّما أيضاً لبعث الإيجابيّة والنقاء في محيطنا.
Farah Tajeddin: تتمثّل صيحة الزهور لهذا العيد في تنسيقات غنيّة بالألوان النابضة بالحياة

لطالما كانت فرح تاج الدين شغوفة بالفنّ وتنسيق المائدة والزهور، وقد قرّرت مؤخّراً تجسيد شغفها هذا من خلال إطلاق مفهوم جديد نابض بالألوان والحياة في المملكة العربيّة السعوديّة تحت عنوان The First Supper. وهو عبارة عن تجربة طعام فنيّة تمتزج فيها الفنون والأزياء والديكور مع الطعام في بعد إبداعي يتيح ملاذاً من الواقع. وفضلاً عن مشروعها الخاص هذا، تتولّى فرح أيضاً الإدارة الإبداعيّة لمتجر Mi Concept المفاهيمي للمجوهرات الراقية الذي تمّ إطلاقه مؤخراً في الرياض حيث عملت مع المؤسِّسة لبناء العلامة التجاريّة وإحيائها معاً! وفي ما يلي نتحدّث معها عن تطوّر تصاميم الزهور المعتمدة في العيد وصيحة هذا العام. 

"أجد أنّ التطوّر الحاصل في تنسيقات الزهور الخاصّة برمضان والعيد جدير بالثناء، إذ باتت التصاميم تنأى عن المفاهيم الاعتياديّة وتراعي الاستدامة أكثر وتُقدَّم في أوانٍ جميلة"، تؤكّد لنا فرح تاج الدين فيما سألناها عن رأيها في التطوّر الذي شهدته تنسيقات زهور العيد مشيرةً إلى التطوّر السريع الذي تشهده المملكة العربيّة السعوديّة والذي ينعكس كذلك في مجال تنسيق الزهور.

كلّ شخص يريد التعبير عن شخصيّته من خلال الأزهار
ومن وجهة نظر المديرة الإبداعيّة، ما هي الاختلافات الرئيسة بين تنسيقات الزهور التي اعتادت جدّاتنا ثمّ أمهاتنا أن تطلبها وتلك التي نرغب في الحصول عليها اليوم؟ تجيبنا بالاستناد إلى تجربتها الشخصية: "عادةً ما تختار جدّاتنا التنسيقات البسيطة، لدرجة أنّنا عند النظر إلى الباقات الخاصة بهنّ، يخيّل إلينا أنهنّ قطفن الزهور من حديقتهنّ ووضعنها في أوانيهنّ العتيقة. حتى أنّني لا أتذكّر رؤيّة أيّ تنسيقات زهور بخلاف الورود أو الخزامى على طاولات القهوة لدى جدتيّ!". وتتابع: "بينما اليوم، أشعر بأنّ الناس أصبحوا أكثر جرأة لجهة مزج الأنواع المختلفة من الزهور، وأمسى كلّ شخص يريد التعبير عن شخصيّته من خلال الأزهار، ولهذا السبب تظهر صيحات جديدة تتفادى الخيارات القديمة والمعهودة! فعلى سبيل المثال، لم أفكّر مطلقاً في أنّني سأرى زهور بروطيا منسّقة مع الأقحوان في تصميم واحد، غير أنّ هذا التنوّع يروق لي كثيراً!"
ويمثّل التصميم الذي عملت عليه فرح لهذا التحقيق مزاجها الحالي، لذا فإنّه يشعّ بالدفء والحبّ والألوان! وتخبرنا: "لا عجب في أنّني أحبّ مزج الفواكه مع الزهور فأنا امرأة مرحة وعفويّة، وكلّ ما فعلته أنّني دخلت إلى محل الزهور واخترت تلك التي اجتذبتني! وبرأيي ما من شيء يضاهي مثاليّة باقة الورود غير مثاليّة‎!"

العامل المشترك يتمثّل في الاستدامة
أمّا عن صيحات تنسيقات العيد وألوانها لهذا العام، فتؤكّد: "يبدو أنّ صيحة الزهور لهذا العيد تتمثّل في تنسيقات غنيّة بالألوان النابضة بالحياة. أعني بكلامي التصاميم التي تتحلّى بالتنوّع وتنتعش بالحيويّة، حيث تتّخذ شكل تشكيلات مرحة تضفي الإشراق على أيّ مساحة! لذا فهي صيحة تتّسم بالبهجة التي تتناسب تماماً مع بداية فصل الصيف! لذا فلندع الزهور تتبسم في وجهنا لتمنحنا القليل من السعادة في أيّامنا المشحونة!" تعتقد فرح أنّ الصيحات سريعة التبلور في مجال تنسيق الزهور لكنّها تشير إلى أنّ العامل المشترك يتمثّل في الاستدامة التي يعتمدها مصمّمو الأزهار أكثر فأكثر والتي ستستمرّ في السنوات القادمة. وتفسّر ذلك بالقول: "إذ يستخدم بائعو الزهور اليوم عبوات واسفنجات بديلة صديقة للبيئة، وبذلك فإنّهم لا يراعون الاستدامة في لوازمهم فحسب، وإنّما في الزهور أيضاً. كما تحافظ الزهور المجفّفة على رواجها حيث يتمّ دمجها مع تلك الطازجة أو مزجها في التنسيقات المجفّفة بالكامل". وتضيف: "هذا ويعدّ تجفيف الزهور من الطرق الرائعة الأخرى التي تسمح بتقليص هدر الزهور والتكاليف بالنسبة إلى المنسّقين".
وتختم: "أعتقد أنّه من شأن التنسيق أن يتّسم باللمسة العصريّة وفقاً لخيارات الزهور، ويمكن عكس الطابع الانتقالي ما بين التقليدي والحديث عن طريق وضع التصميم في سلّة منسوجة أو حتّى في إناء من الطين! وشخصيّاً، أحبّ تنسيقات رمضان العصريّة لأنّها أصيلة وحديثة في آنٍ معاً!"

وبعد أن اكتشفنا آخر الصيحات في تنسيق الورود، فلنختتم تحقيقنا مع إتيكيت عيد الفطر!

Hasna Aloufi و Saria Abdeen: تختلف ظواهر استقبال العيد فى الممكلة العربيّة السعوديّة عن أيّ بلد آخر

لطالما كان الشغف هو المحرّك الأساسي لكل خطوة خطّتها حسناء العوفي وسارية عابدين، الأمر الذي كان بمثابة الحافز والدافع الأوّل لخلق مسيرة خاصّة هدفها الأوّل والأخير هو ربط الثقافات بالطريقة المثلى التي تفصل بين العادات والتقاليد وإتيكيت المجتمع والفرد وتعزيز القيم والسلوكيات الصحيحة بين المجتمعات المختلفة. وهكذا ولدت مجموعة "سَمْت" وهي شركة سعوديّة مبتكرة لتقديم الاستشارات والتدريبات في الإتيكيت والبروتوكول. وفي ما يلي نتطرّق إلى التغيّرات والتطوّر الذي طرأ على إتيكيت العيد في الخليج العربي ولا سيّما المملكة العربيّة السعوديّة ومواضيع أخرى ذات صلة مع حسناء العوفي المؤسِّسة والمديرة التنفيذيّة لمجموعة "سَمْت" وسارية عابدين الشريكة المؤسِّسة ومديرة العمليّات للمجموعة.

"عند الحديث عن العادات والتقاليد في المناسبات الرسمية والدينية في الخليج العربي ولا سيّما المملكة العربية السعودية، فإننا نتحدّث عن احتفاء جماعي لا يستثني كبيرًا أو صغيرًا، ولا يختص بمستوى اجتماعي محدّد، إنمّا هو حالة من البهجة تشبه غيمة تمتدّ في سماء المملكة محمّلة بالفرح والخير"، تخبرنا حسناء العوفي وسارية عابدين، وتكملان: "إذ ما أن يقترب حلول شهر رمضان المبارك، حتّى نرى الناس يتهافتون إلى الأسواق التجاريّة للتحضير لاستقبال ضيفهم الكريم، وهنا تعمّ التهاني في أرجاء الأرض. ولا يزال الأهالي يحتفون بحلول شهر رمضان المبارك كما في سابق عهدهم، فيظهر الزيّ الرمضاني والجلابيات المطرزة بألوانها البهية وزينة رمضان التي تكتسي بها البيوت، هكذا حتّى انقضاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر السعيد، إذ تعمّ أجواء العيد والاحتفالات وتعلو الابتسامة أوجه الأطفال والكبار أيضاً".
 
تحافظ الشعوب العربيّة على موروثاتها
فما هي التغيّرات والتطوّرات التي طرأت على إتيكيت العيد والمعايدات عبر السنين؟ تجيبنا المؤسسة والمديرة التنفيذيّة لمجموعة "سَمْت" والشريكة المؤسسة ومديرة العمليّات للمجموعة: "العيد في مجمله عبارة عن فرحة لا يمكن تجاوزها، إذ تحافظ الشعوب العربية على موروثاتها في التعبير عن البهجة في استقبال العيد وتتوارثها عبر الأجيال، ويختفي بعضها في أماكن أخرى أو يندثر بعضها الآخر كليّاً، ولكن في النهاية تندرج جميعها تحت إتيكيت العيد وعاداته وتقاليده. إذ في صباح العيد، يتجمّع الناس لصلاة العيد، التي تجمع الأهالي في أحيائهم الخاصة، ويقومون بعدها بتهنئة بعضهم بعضاً في مصلى العيد، بترديد بعض العبارات المتعارف عليها مثل "كلّ عام وأنتم بخير"، "عساكم من عواده"، و"تقبّل الله طاعتكم" وغيرها". وتضيف الرائدتان السعوديتان: "وسابقاً كان سكّان الحيّ الواحد يخصّصون مساحة من الحيّ لإقامة احتفاليّة العيد وتزيينها وتخصيص ألعاب الأطفال، ومن هنا تصل فرحة العيد للجميع من دون استثناء. وتردفان: "أمّا عن ضيافة العيد فهي غالباً ما تكون شوكولاته تقدّم مع القهوة والعصائر، وتوزّع عيديّات من النقود على الأطفال ويحرص الأهالي على أن تكون العيدية من النقود الورقيّة الجديدة، وكواحدة من مظاهر العيد المتعارف عليها في السعودية ”غيبوبة العيد“ وهي فترة النوم التي ينامها الجميع بعد صلاة الظهر في أوّل أيّام العيد". أمّا في وقتنا الحاضر وبعد أن أصبحت التقنية جزءاً أساسياً في حياتنا، فقد أصبح البعض يلجأ إلى التهنئة عبر الهاتف الجوّال من خلال الاتّصال والرسائل النصيّة.
فكيف يرتبط هذا التطوّر بالتغيّرات في التقاليد أو الثقافة في المجتمع السعودي؟ تؤكّد لنا الخبيرتان أنّ مظاهر استقبال العيد تختلف في الممكلة العربية السعودية عن أيّ بلد آخر. وتفسّران: "حيث تبدأ مظاهراستقبال العيد قبل حلوله، وتبدأ الأسر بشراء حاجاتها من الألبسة والمأكولات، وتُعدّ الحلويات الخاصّة بالعيد في بعض المناطق، وتفوح من البيوت رائحة العود والبخور وتوزّع العيديّات على الأطفال والفقراء والمساكين. وفي وقتنا الحاضر لا زال المجتمع السعودي يحافظ على عاداته المتوارثة، وقد ارتبطت المعايدة بزيارة الأهل في أوّل أيّام العيد. أمّا معايدة الأصدقاء والمعارف فتكون بالاتّصال والزيارات بعد مضي اليوم الأوّل".

بين التقاليد والحداثة
كيف تستطيع قواعد الإتيكيت الأستجابة لقواعد الحداثة التي فرضها العصر وفي الوقت عينه احترام التقاليد وإيقاظ الذكريات؟ تؤكّد حسناء العوفي وسارية عابدين: "في مجتمعاتنا العربيّة ولا سيّما في مجتمعنا السعودي، عندما يكون الحديث عن العيد والمناسبات الدينيّة، فإننا نتحدث عن عادات وتقاليد وثقافة تناقلتها الأجيال كموروث ثمين. وإن قصدنا الإتيكيت في هذه المناسبات، فإنّ تلك العادات هي السلوك المتّبع، وهي التي حافظت على صورتها من قديم الزمان. أمّا عن الحداثة، فإنّها في طبيعة الحال إن وَجدت مكاناً لها، فأوجدته في الهدايا وفي اختيارها ومناسبتها وطريقة تقديمها واستقبالها".
وبسبب الظروف الحاليّة التي فرضتها جائحة كورونا، تشير الخبيرتان إلى ضرورة أخذ التباعد الاجتماعي بعين الاعتبار، لأنّه الوسيلة الوقائية الأفضل ليكون الجميع بخير. وتقولان: "فمن الأفضل أن تكون التهنئة والمعايدة من خلال التواصل عن بعد، لا سيّما مع وجود وسائل متنوّعة لإيصال المعايدات سواء كانت مادية أو تقنية مثل الاتّصال المرئي والاتّصال الصوتي، ولا يفضّل التواصل بالرسائل وجمع الآخرين في رسالة واحدة. وإن كان لا بدّ من الرسالة، فمن الأفضل أن تكون مخصّصة للشخص عينه".
وتختمان: "تتعدّد مظاهر الاحتفال بالعيد وتختلف من وقت إلى آخر ومن مكان إلى آخر متأثّرة بتطوّر الحياة، فنجدها في الماضي مختلفة بشكل كبير عمّا هي في الوقت الحالي ولكن الشيء الوحيد الذي ليس فيه اختلاف هو الفرحة بمجيء العيد، لا سيّما عن كونه مناسبة دينية اجتمع بها المسلمون كافة بعيداً عن عرقهم أو موطنهم. فارتباط العيد بالتهنئة والتبريكات والاحتفالات هو نقطة مشتركة تجمع بين المسلمين ببهجة وفرحة لا مثيل لهما أبداً".

اقرئي أيضاً: افكار لعيد الفطر 2021

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث