افكار لعيد الفطر 2021

الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh 
هل اخترت الأطباق التي ستقدّمينها لمائدة عيد الفطر؟ وماذا عن تصميم مائدتك؟ هل من صيحة معيّنة تريدين اعتمادها أم تفضّلين التصميم التقليديّ؟ وهل فكّرت في تنسيق الورود التي ستزيّنين بها جمعتك العائليّة؟ وماذا عن إتيكيت العيد؟ هل اطّلعت على التغيّرات التي تشهدها؟  

يشكّل عيد الفطر في كلّ سنة مناسبة تجتمع فيها العائلات بفرح وانسجام لتتوّج شهر رمضان المبارك وهو شهر الصوم والعبادة. فلكلّ منّا ذكريات عدّة مع هذا العيد سواء ضمن العائلة الصغيرة أو مع الأقارب والجيران والأصدقاء المقرّبين. فمن تزيين المنزل بالورود والأضواء إلى شراء الهدايا وتغليفها وتحضير المأكولات والحلويات الشهيّة وتصميم المائدة، ثمّ الاجتماع حولها مع العزيزين على قلبنا وبعدها زيارة الأقارب ومعايدتهم، عادات كثيرة جمعتنا ولا تزل في هذه المناسبة السعيدة. ومهما اختلفت هذه العادات يبقى جوهرها واحداً حيث يترفّع الناس عن خلافاتهم ويتجدّدون بالعطاء ويتسلّحون بالمحبّة ومساعدة المحتاجين والزكاة ويتزيّنون بالفرح. وفيما تفشّت جائحة كورونا العام الماضي أثّرت بشدّة على هذه العادات الجميلة حيث حرمتنا من لقاءاتنا البهيّة وأبعدت المحبّين بعضهم عن بعض. ولكنّنا اعتدنا دوماً على المضي قدماً والتطلّع إلى المستقبل بإيجابيّة وتفاؤل، لذلك بالرغم من تأثير هذه الجائحة على عاداتنا إلّا أنّها قرّبت قلوبنا وأفكارنا أكثر مهما بعدت المسافة بيننا. وبينما نتذكّر كيف كانت جدّاتنا ووالداتنا تتحضّرن لاستقبال العيد كونهنّ لطالما زدنَ من بهجته من خلال أسالبيهنّ المميّزة ورونقهنّ الخاصّ في الاحتفال ومتابعة أدقّ التفاصيل التي تساعد على جعل هذا العيد مناسبة سعيدة، نتساءل عمّا تغيّر بين الأمس واليوم وكيف تطوّرت مختلف أوجه التحضير للعيد لمواكبة التغيّرات العالميّة والاجتماعيّة على صعيد تحضير المأكولات وتصميم المائدة وتزيين الورود وإتيكيت العيد. لذلك وللإجابة على هذه التساؤلات ناقشنا التغيّرات الحاصلة في كلّ من هذه الوجوه مع أخصّائيّين في كلّ منها. فانضمّي إلينا في هذا التحقيق للاطّلاع عليها وعلى الأسباب الكامنة وراءها كما الصيّحات الأخيرة المعتمدة.

Sahar Parham Al Awadhi: يمكننا تعلّم الأساسيّات من جدودنا ووضع لمستنا الخاصّة عليها أو تحديثها عبر مكوّنات جديدة  

​التصوير: Maximilian Gower 
متسلّحةً بشغفٍ كبير بصنع الحلويات، غيّرت سحر برهام العوضي مسار حياتها فانتقلت من العمل في مجال الاتّصال والتسويق إلى صناعة الحلويات حتّى أضحت شيف الحلويات الإماراتيّة الأولى والوحيدة في المنطقة. واليوم، بعد 7 سنوات على حسم خيارها، تشعر بالسعادة لما ارتأته حينها فهي وجدت نفسها ومكانها في هذا العالم. وفي ما يلي نناقش معها التغيّرات والتطوّرات التي مرّت بها الأطباق الرمضانيّة عموماً ومائدة العيد خصوصاً كما ونتعرّف على الطبق الذي حضّرته خصيصاً لعددنا هذا.  
بما أنّها مسؤولة عن تحضير الحلويات الجديدة والفاخرة في مجال عملها، ارتأت سحر أن تحضّر طبقاً مختلفاً لنا في هذا التحقيق على سبيل التغيير. من هنا، أعدّت طبقاً تقليديّاً يسمّى بلاليط، مصنوع من الشعيريّة المحلّاة وماء الورد والزعفران والهيل، كما أنّه يقدّم مع عجة البيض التي تحبّها شخصيّاً مملحّة جيّداً. وتؤكّد الشيف الشغوفة مستندةً على ذكرياتها الخاصّة: "بصراحة، أعتقد أنّ هذا الطبق الإماراتي المفضّل لديّ وأيضاً أكثر أطباق العيد التي أحبّها، لأنّ لديّ الكثير من الذكريات السعيدة حيث نجلس حول طاولة الطعام مع جميع أفراد الأسرة، ومهما كنّا متعبين، دائماً ما نستيقظ لتناول فطور العيد معاً".

الحفاظ على التقاليد القديمة بالتزامن مع خلق عادات جديدة 
وفيما تشير إلى التطوّرات الهائلة التي شهدتها مائدة رمضان والعيد لا سيّما مع ازدياد رواج وسائل التواصل الاجتماعي التي سهّلت مشاركة الوصفات من خلال الصور ومقاطع الفيديو والمدوّنات وما إلى ذلك، تؤكّد لنا الشيف الإماراتيّة: "يروق لي أنّ محبّي الطعام استفادوا من هذا الوضع ليطلقوا العنان لمزيدٍ من الابتكارات في المطبخ، كما وأحبّ أن يشارك الناس إبداعهم، إن وثّقوه من خلال الوصفات أو ما أعدّوه في المنزل مع الجيران، إذ إنّ هذه الممارسة تصبّ في جوهر العطاء والمشاركة والكرم في رمضان، لا سيّما وتندرج ضمن أجواء الاحتفال معاً في العيد".‎ وتعتقد سحر أنّ هذا التطوّر في مجال الطعام يسمح لنا بالحفاظ على التقاليد القديمة بالتزامن مع خلق عادات جديدة مع عائلتنا وأصدقائنا. وتقول: "بينما تتغيّر حياتنا عن تلك التي عاشتها الأجيال السابقة، من المهمّ أن نحرص على ممارسة التقاليد التي تتلاءم وأساليب حياتنا الراهنة أيضاً، ليتطلّع الناس إلى شهر رمضان والعيد في كلّ الأزمان".

توظيف أحاسيسنا وذاتنا في كّل ما نفعله 
وقد سألنا سحر أيضاً عن الاختلافات الرئيسة بين الحلويات التي اعتادت جدّاتنا وأمّهاتنا تحضيرها وتلك التي نعدّها اليوم في العيد. وأجابتنا على الشكل التالي: "تعتبر الحلويات التي تعدّها الأجيال القديمة تقليديّة إذ تتّبع الوصفات المأخوذة من أمهّات الجيل القديم باستخدام المكوّنات المتاحة لهم حينها. أمّا اليوم فباتت توفّر لنا الكثير من المكوّنات المختلفة، بحيث يمكننا تعلّم الأساسيّات من جدودنا ووضع لمستنا الخاصّة عليها أو ربّما تحديثها عبر مكوّنات جديدة".
كما يمكن لمائدة العيد برأي سحر أن تستجيب لقواعد الحداثة بالتزامن مع احترام التقاليد وإيقاظ الذكريات، فهي تختم بالقول: "أجد أنّه من المهمّ أن نوظّف أحاسيسنا وذاتنا في كّل ما نفعله بينما نتقدّم ونتطوّر. وأعتقد أنّ هذا الأمر يحدث جرّاء تراكم التقاليد والتجارب التي نخوضها ونعيشها فيما نكبر".

وبعد أن اطّلعنا من سحر على التطوّرات الحاصلة على مائدة العيد، لننتقل الآن لاكتشاف التغيّرات التي طرأت على تصميم هذه المائدة. 

اقرئي أيضاً: ما الجامع بين عادات عيد الفطر المختلفة حول العالم؟

Maya Toubia: في الماضي كانت الألوان المستخدمة في تنسيق المائدة داكنة أمّا اليوم فأصبح التصميم أكثر عصريّة والتدّرجات أكثر تنوّعاً 

عندما تخطّطين لتزيين مائدة إفطارك، ما هي أوّل صورة تتبادر إلى ذهنك؟ هل هي صورة الأواني الذهبيّة والصحون البيضاء؟ هل تستذكرين التصميم الذي كانت جدّتك ووالدتك تتّبعانه؟ تغيّرات عدّة طرأت على تصميم مائدة العيد وأساليب جديدة باتت بمتناولنا لنُلبس مائدتنا حلّة فريدة ونضفي عليها هالة من الجاذبيّة. وفي ما يلي نناقش مع مايا طوبيا اللبنانيّة الرائدة في تنسيق المائدة والزهور وحفلات الزفاف، التغيّرات التي طرأت على تصميم المائدة الرمضانيّة بشكل عام ومائدة العيد بشكل خاصّ عبر السنين. 

​"فيما مضى، كان التركيز الأكبر يصبّ على أصناف الطعام المعدودة للعيد من دون إيلاء أهميّة كبيرة للتزيين وتصميم المائدة"، تؤكّد لنا خبيرة تزيين المائدة، قبل أن تتابع: "جدّاتنا اهتتمن أكثر بماهيّة أطباق العيد، وأمّهاتنا أولَين أهميّة للأواني المستخدمة للتقديم. أمّا اليوم فأصبح هناك الكثير من الإكسسورات المستخدمة لتزيين المائدة كالفوانيس والأواني الزجاجيّة والأضواء والشموع وفوط المائدة على سبيل المثال لا الحصر. كما أنّ هناك إكسسوارات أيضاً لتزيين مختلف زوايا المنزل خلال فترة العيد، وهذا الأمر يرسّخ روح العيد فيه ويعطي رونقاً جميلاً".  

التفنّن في أدوات المائدة 
وفيما سألنا مايا عن الصيحات المعتمدة لهذا العام في تزيين المائدة، تخبرنا: "ما من لون أو صيحة معيّنة حيث أنّ شهر رمضان المبارك وعيد الفطر لطالما تميّزا بالألوان لاسيّما اللون الذهبي الطاغي". فما هو الفرق إذاً بين التصاميم السابقة والحاليّة؟ تجيبنا: "فيما مضى كانت الألوان المستخدمة تلك الداكنة مثل البوردو والزيتي مع وجود اللون الذهبي الحاضر دوماً في الأواني ذات الزخرفات الكبيرة. أمّا اليوم فأصبح التصميم أكثر عصريّة وأقلّ كلاسيكيّة مع ألوان أكثر تنوّعاً تتأثّر بالأسلوب الأوروبي بحيث نجد كذلك تدرّجات الباستيل وليس تلك الداكنة فحسب." وتؤكّد خبيرة تصميم المائدة أنّ تصميم المائدة يتطوّر ويتبدّل بشكل سريع مؤخّراً في مختلف المناسبات. وتشير على وجه الخصوص إلى التفنّن في أدوات المائدة فأصبحت اليوم موجودة بأشكال وتدرّجات ألوان مختلفة من الذهبي إلى الذهبي الوردي والأزرق مع الذهبي والأسود. 

أهميّة اجتماع الأحبّاء حول الطعام
أمّا بالنسبة إلى التصميم الذي أعدّته لتحقيقنا هذا، فقد استوحته من مجموعة صحون رمضانيّة جديدة من Silsal فيها ألوان داكنة مثل الأزرق الغامق مختلطة مع البنفسجي. ومن خلالها استطاعت إنهاء التصميم الذي قامت به مع استخدام ورود Premium Tulips باللونين الأزرق والبنفسجي. كذلك استعملت مزهريّات صغيرة ليبقى الورد موجوداً حتّى بعدما إضافة الطعام إلى المائدة. وتفسّر خيارها هذا على الشكل التالي: "في العادة عندما يكون تصميم الزهور الموضوعة في وسط الطاولة كبير، يكون الطعام على شكل بوفيه.

​إلّا أنّه من المعروف أهميّة اجتماع الأحبّاء حول الطعام على المائدة الرمضانيّة، لذلك يجب أن يُقدّم الطعام إلى المائدة. وقد أخذت ذلك بعين الإعتبار من خلال استخدام الأواني والشموع التي لا تحتاج مساحة كبيرة من جهة والتي يمكن أن يتغيّر مكانها بسهولة من جهة أخرى". ولأنّ الإكسسوارات الصغيرة دائماً ما تلعب دوراً جذّاباً، وضعت مايا هلالاً ذهبيّاً فيه حبّة تمر مقدّمة بشكل مميّز. وتختم المصمّمة اللبنانيّة بالتأكيد على ضرورة الحفاظ على روح التقاليد المعتمدة في العيد كتقديم الطعام إلى المائدة والبدء بتناول الحساء واستخدام الإكسسوارات الرمضانيّة الكلاسيكيّة".

ومن تصميم المائدة لننتقل الآن إلى تنسيق الورود وتزيينها في العيد! 
Natalia Shustova - Goshá: تقضي الصيحة المستجدّة بإضافة الفاكهة إلى الزهور ومزجهما معاً للحصول على تنسيق غنيّ جدّاً بالألوان 

التصوير: Maximilian Gower 
تضطّلع Natalia Shustova بالكثير من الأدوار، فهي محاميّة وسيّدة أعمال وشغوفة بالموضة أيضاً. ومن وقت ليس ببعيد اكتشفت شغفاً جديداً لديها في تنسيق الورود، وكان ذلك عقب وفاة والدها في العام المنصرم. حيث أرسل إليها Goshá زهوراً متميّزة لم يسبق أن رأت لها مثيلاً. وبعدها بفترة اجتمعا معاً وأطلقا سويّاً أوّل بوتيك زهور لهما يتميّز بمفهوم محدّد يقضي بإعداد تنسيقات من الزهور تلمس قلوب الأشخاص التي تُهدى لهم. فيبتكران بالتالي تصميماً مخصّصاً للشخص الذي سيحصل على باقة الورود بطريقة تترجم الرسالة التي يودّ أن يوصلها من يهديه إيّاها لخلق لحظة تفاعل جميلة توقظ السرور في النفوس. وفي ما يلي نتحدّث إلى Natalia Shustova مؤسّسة متجر Goshá وإلى مديره الإبداعي Goshá حول تطوّر تصاميم الزهور المعتمدة في العيد والصيحة الرائجة هذا العام.  

فيما نتأمّل التصميم الرائع الذي حضّره Natalia وGoshá سويّاً لهذا التحقيق في الأستديو الخاصّ بهما، تخبرنا رائدة الأعمال عنه بهذه العبارات: "أردنا إعداد تصميم لعيد الفطر يصوّر ثقافة هذه البلاد وكرمها، لذا مزجنا الزهور مع الفاكهة الرمضانيّة. ونظراً إلى أنّ معظم النباتات مستوردة إلى دبي، عمدنا إلى دمج الرمّان والعنب والبلح في التصميم لأنّ مصدرها محليّ". وتكمل: "حينما طرحنا مجموعتنا الرمضانيّة في Goshá، سعينا إلى أن تتجاوز تصاميمنا الزهور وترتبط بالمنزل والأسرة ولمّ الشمل أيضاً. من هنا، ارتأينا ابتكار قطع تطلق العنان للتفاعلات وليس الإعجاب فحسب. فأنت لا تحاولين لفت الأنظار بل تعكسين من خلال هذا التنسيق الجمال لأحبّائك الذين يمكنهم تأمّله وتناول قطع منه أيضاً." وبذلك تشير مؤسّسة العلامة أنّ الصيحة المستجدّة تقضي بإضافة الفاكهة إلى الزهور ومزجهما للحصول على تنسيق غنيّ جدّاً بالألوان. وتقول:"بينما أصبحت المنازل ذات ألوان حياديّة، أمست تنسيقات الزهور ملوّنة أكثر".

تحوّل في سلوك الناس
وفيما أشارت إلى زيادة تعلّق الناس بالطبيعة بعد انتشار الوباء، تؤكّد Natalia أنّه بالرغم من افتقار الإمارات إلى مشاتل الزهور المحليّة، إلّا أنّ قاعدة عشّاق الزهور واسعة جدّاً فيها. وتقول: "واليوم، بات باستطاعتنا الحصول على المزيد من الزهور المستوردة وبالتالي فإنّ التنسيقات لا تتوقّف على ما هو متاح فحسب بل نستورد أزهارنا المميّزة من 40 دولة". كذلك أضافت أنّ العملاء المحليّين منفتحون على التغيير. وتقول:"لقد شهدت التحوّل في سلوك الناس وتبدّل طرقهم للفت إعجاب الآخرين. ففي الماضي، تمسّكت الغالبية بالأذواق والخيارات الكلاسيكيّة مثل الزنبق، بينما بات زبائننا المحليّون يتحلّون بمزيدٍ من الشجاعة في اختياراتهم اليوم. وتفصيلاً، نرى أنّهم يريدون خرق ما اعتادوا رؤيته في منازلهم، لذا فإنّهم مستعدّون للأفكار الجديدة ولاستكشاف فنّ تنسيق الزهور ويبحثون عن تنسيقات استثنائيّة مثل تلك التي حضّرناها لهذا التحقيق حيث تنصهر عناصر الطبيعة معاً".
كلّ تصميم يمثّل ابتكاراً بحدّ ذاته
كيف يتمّ العمل على هذه التصاميم الاستثنائيّة؟ وهل من مراحل معيّنة لإنجازها؟ تؤكّد لنا Natalia: "إنّنا نشرع في التنسيق بدون وضع أيّ مبدأ في الاعتبار، بل تتبلور الفكرة تلقائيّاً عند العمل على التشكيلة. إنّما لا بدّ للتصميم من أن يبعث الراحة والاسترخاء في نفوس الناس دائماً، كما يجب أن يبدو بارزاً بالإجمال". وتضيف على ذلك مشيرة إلى التنسيق الذي حضّراه لهذا التحقيق: " في هذا التصميم، تجسّد زهور الأوركيد قطعاً فنيّة بحدّ ذاتها. غير أنّنا لا نراها عندما ننظر إلى التصميم بأكمله، لكن عندما نجلس ونستغرق وقتاً لتأمّله، فحينها سنبدأ بملاحظة التفاصيل الكثيرة والبسيطة حتّى نشعر بالاستجمام". وتكمل: "والحقيقة أنّ كلّ تصميم يمثّل ابتكاراً بحدّ ذاته، إذ لا نعيد ترتيب أيّ تنسيق قطّ. وصحيح أنّه يمكن للزبون استقاء الإلهام من عمل سابق قمنا به ولكنّ التصميم المطلوب لن يشبه مصدر الوحي على الإطلاق. لأنّ هدفنا يتمحور حول تصميم الزهور والتعبير الفنّي، ممّا يعلّل لماذا لا يمكننا تكرار التنسيق نفسه تماماً. وتشرح لنا: "نحن نطرح على الزبون أسئلة بسيطة حول الشخص الذي سيتلقّى الزهور ثمّ نعمل على ابتكار تصميم له، وهكذا نحكي قصّة كلّ شخصيّة من خلال تنسيقات الزهور. كذلك، يمدّنا الشِعر بالكثير من الإلهام، فحين ترين تشكيلاتنا تدركين أنّها قد تكون مستلهمة من بيت شِعر ألّفه أحد الشعراء العرب، فتشعرين أنّها تنبض بالحياة. وتختم بالقول: "وبفضل كلّ ذلك، لا تموت باقاتنا في المزهريّة، بل تتلاشى تدريجيّاً بطريقه جميلة، فتنتزعين بعضها رويداً رويداً فيما تعيش الزهور الأخرى أشهر طويلة".

وبعد أن اكتشفنا آخر الصيحات في تنسيق الورود، فلنختتم تحقيقنا مع إتيكيت عيد الفطر!

Dina El Selmy: تختلف إتيكيت اللقاءات الرمضانيّة وتجمّعات عيد الفطر العائليّة بين الماضي واليوم بشكل ملحوظ

مهما تغيّرت عاداتنا وتبدّلت أساليبنا إلاّ انّ التقيّد بالإتيكيت يبقى ضرورة. وفي ما يلي نناقش مع دينا السلمي أخصائيّة الإتيكيت والبرتوكول المصريّة ومؤسسة منصّة Urban Etiquette وUrban Business Institute التغيّرات والتطوّر الذي طرأ على إتيكيت العيد والمعايدات عبر السنين والأساليب الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا. 

"تعَدّ الإتيكيت طريقة رائعة لإظهار الاحترام والتقدير واللطف لمن حولنا"، بهذه الكلمات تشرح لنا الأخصّائيّة الهدف من الإتيكيت قبل أن تؤكّد أنّ المجتمع يتطوّر ويتغيّر بسرعة كبيرة، وعلينا التغيّر معه أيضاً مشيرةً إلى التبدّلات التي طرأت على إتيكيت العيد والمعايدات. وتقول: "أعتقد أنّ هذه التغيّرات قد أضافت لنا وسهّلت الكثير علينا وقرّبتنا من عائلاتنا وأصدقائنا. وتخبرنا: " أضافت التكنولوجيا وسائل عدّة للمعايدات كالمحادثات الافتراضيّه. فأصبح بإمكان كلّ فرد من العائله أينما وجد حتّى لو تعذّر عليه السفر أو الذهاب إلى عائلته أن يشاركها هذه اللحظات السعيده ويرى أفرادها ويعايدهم". إلّا أنّها تضيف: "لكن ذلك مع الحفاظ على الأصول وأهمّها أنّ الصغير يعيّد الكبير. ويجب الاتّصال هاتفيّاً بدلاً من إرسال المعايدات للأقارب عبرالرسائل والتطبيقات، وتجنّب بعث رسائل المعايدة بشكل عشوائي دون تخصيص للشخص. ففي هذه الحالة يجب أن تكون الرسالة شخصيّة ويُذكر فيها اسم الشخص حيث توجّهين إليه تحيّة خاصّة وتسألين عنه، وإلّا فقدت المعايدة معناها وغالباً ما يتجاهلها الطرف الآخر". 
التكنولوجيا سيف ذو حدّين
وتشير السلمي إلى إمكانيّة تبادل الهدايا والعيديّة عبر البريد أو مواقع التسوق على الإنترنت لإظهار مدى الحبّ والتقدير لشخص معيّن. كما أنّها تسلّط الضوء على أنّ التكنولوجيا يمكن أن تكون سيف ذو حدّين. وتقول: "استخدام التكنولوجيا قد يكون رائعاً في التواصل مع الآخرين في حالة عدم إمكانيّتنا زيارتهم أو أخذ صورة للذكرى معهم إنّما قد يشكّل أيضاً عائقاً كبيراً للتواصل في حالة تواجَدنا مع الأهل والأقارب وانشغلنا بهواتفنا معظم الوقت". وتحدّثنا عن أهميّة إتيكيت المعايدات أثناء الزيارات، مشيرةً إلى أنّه يجب الاتّصال مسبقاً قبل الزيارة مهما كانت درجة القرابة بالشخص وأَخذ موعد من المضيف ومنحه الحريّة في تحديد اليوم والتوقيت المناسبين، فربّما تكون له خطط أخرى كالتنزّه أو لديه زوّار في هذا الموعد. وتشدّد أنّ الجائحة قد أرست قواعد جديدة حيث أصبحت المصافحة والقبلة على الخد معلّقة لأجل غير مسمّى بسبب إرشادات التباعد الاجتماعي التي تهدف إلى الحفاظ على سلامة الناس، حيث يمكن الترحيب بالآخر من دون تلامس أبداً.

الميل إلى البساطة والعملانيّة
تختلف إتيكيت اللقاءات الرمضانيّة وتجمّعات عيد الفطر العائليّة بين الماضي واليوم بشكل ملحوظ. وبالتالي تشاركنا السلمي بعضاً من هذه الأوجه: "خلال زيارتنا للمعايدة، أصبحت إتيكيت الهدايا غير متكلّفة وتميل إلي البساطة والعملانيّة مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على البيئة التي نعيش فيها بحيث يمكننا مثلاً تحضير العصائر أو المقبّلات في المنزل بالتنسيق مع المضيف وجلبها كهديّة. أو مثلاً إهداء بطاقة تبرّع للمؤسّسات الخيريّة تحمل اسم صاحب الدعوة بدلاً من جلب الحلويات التي قد تهدر". وتضيف: "كذلك يكون موعد الزيارة في رمضان قبل الإفطار بعشر دقائق وليس بمدّة كبيرة كما في السابق حفاظاً على راحة أصحاب المنزل والمغادرة بعد الإفطار بساعة على الأكثر لإعطائهم فرصه للقيام بصلاة التراويح. وفي الأعياد، تكون الزيارة واللقاءات في اليوم الأوّل للمقرّبين جدّاً وبعيداً عن وقت الغداء في حال لم تكن الدعوة تشمل الغداء". وتشير إلى أنّه على المضيف دعوة الضيوف قبل فترة لا تقلّ عن ٥ أيّام وأخذ رأيهم في حال كانوا يرغبون بأطباق معنيّة أو نباتيّة مثلا، فضلاً عن خلق جوّ يليق بالترحيب بهم ويعكس الطابع الرمضاني والأعياد. كذلك لا بدّ من تنويع أصناف المائدة إنّما بكميّات معقوله وليست كثيرة، كما تؤكّد أنّ الكثير من الناس يفضّلون اللقاءات بالخارج في المطاعم سواء في السحور أو الأفطار للاستمتاع بالأجواء الرمضانيّة والأعياد.
تؤكّد خبيرة الإتيكيت والبروتوكول أنّه علينا الاستفاده من التطوّر بشكل إيجابي. ليكون إضافة غنيّة إلى تقاليدنا وثقافتنا. وتختم: "الحياه مليئة بالأحداث بصورة يوميّة ونمط الحياة أصبح سريعاً جداً، فالتكيّف مع الأوضاع الطارئه أو التطوّر أمر ضروري في شتّى مجالات الحياة".

اقرئي أيضاً: قوّة الفتيات على الصمود فيما يتكبّدن وطأة الأزمات

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث