هكذا ساعدنا الطّبيعة من حيْث لا ندري!

وما أكثر المشاكل البيئيّة التي يعاني منها العالم! وبيْن الحلول المطروحة وصعوبة تنفيذها ومتابعتها أحياناً، لم تنفكّ التّداعيات تتفاقَم في الآونة الأخيرة ومعاناة الطبيعة من حوْلنا تزداد. ففيما كانت الطبيعة الأمّ في الفترة الماضية تصرخ لنا باستمرار: "لقد كنت دائماً بجانبكم وغمرتكم بخيراتي، من فضلكم ساعدوني على المضي قدماً معكم لتأمين مستقبل مستدام للأجيال القادمة"، نجد أنفسنا اليوم مجبَرين على إعطائها فرصة أو وقت مستقطع كي تُطبّب ذاتها جرّاء أعمالنا! فما يحصل في هذه الأثناء عالميّاً منذ تفشّي فيروس كورونا والأزمة العالمية التي نتجت عن ذلك وبدء الحجر المنزليّ، ليس إلاّ دليل على مدى تأثير تحرّكاتنا وأفعالنا اليوميّة على حالة الطّبيعة.

Image Courtesy:Lasse Bak Mejlvang & Mads Eneqvist - Copenhagen 

فهل تعلمين أنّه منذ عزل النّاس في منازلهم وتوقّف الملاحة الجويّة والنقل العام والمصانع في الصين والكثير من الدول الأوروبيّة سُجِّلَ تراجع في مستوى تلوّث الهواء وانخفاض في ثاني أكسيد النيتروجين NO2 وفي أوّل أوكسيد الكربون CO وعموم الغازات التي تزيد من نسبة الإحتباس الحراري؟ وفي هذا السياق أكّدت الوكالة الأوروبية للبيئة إلى أنّ آخر الأرقام والبيانات تشيرإلى تدنّي كبير في نسب تركّز الملوّثات الجوية، وخصوصاً ال NO2 جرّاء التدابير الرامية إلى الحدّ من انتقال هذا الفيروس. وقد أدّى ذلك بطبيعة الحال إلى تحسّن جودة الهواء!

فعلى سبيل المثال بينما انخفضت مثلاً نسبة ال NO2 بما يعدل 35% في الصين و24% في ميلانو و41 % في مدريد مقارنةً بأرقام السنة الماضية ، الصوَر المنشورة من حول العالم تظهر انخفاض نسبة التلوّث منذ عزل النّاس في منازلهم. ففي السابق كنّا نرى ازدحاماً للسيارات وللنّاس في الطرقات فيما الهواء يضجّ بالملوّثات من حولهم، أمّا اليوم، فنحن لا نُبصِر أشخاصاً في الطرقات، إنّما نرى طبيعة نظيفة وهواءً نقيّاً.

Image Courtesy: Lasse Bak Mejlvang & Mads Eneqvist - Copenhagen 

وحتّى لو لم تساهم هذه التغييرات الإيجابية بتقديم حلول لمشكلة التغيرالمناخي عموماً إلاّ أنّها تبرهن كيف يمكننا كأشخاص عند اعتماد الحلول البيئية المستدامة المناسبة مساعدة الطبيعة على معالجة نفسها. وتُنذِر بأهميّة العودة إلى الجذور والوقوف إلى جانب الطبيعة في محنَتِها علّ أفعالنا تصبح فعلاً لخيرالبشريّة وتقدّمها.

فبيْنما نتخيّل كيف ستكون حياتنا بعد هذه الأزمة، يجب أن تكون علاقتنا بالطبيعة من أهمّ المقوّمات التي سنأخذها في عيْن الإعتبار. فنحن لا يمكننا الحديث عن أيّ تقدّم للبشريّة فيما حالة الطّبيعة تتراجع. ودور كلّ واحد منّا أيّاً كان موقعه مهمّ في المرحلة القادمة لمساعدة الطبيعة وحمايتها!

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث