جولة خاصّة في جدّة

هل تعلمين أنّ المملكة العربيّة تختزن في ربوعها مئات الجواهر السياحيّة؟ ومن المعروف أنّ مناخ المملكة متنوّع بحيث تتميّز كلّ منطقة فيها بطقس فريد على مدار العام، بحسب طبيعتها الجبليّة أو البحريّة أو الصحراويّة. كما أنّها تحوي تنوّعاً طبيعيّاً كبيراً من الرمال المتحرّكة في الربع الخالي مروراً بالجبال الخضراء في الطائف وجبال الهدا والشفا وصولاً إلى مياه البحر الأحمر النقيّة. بالإضافة إلى هذا التنوّع الطبيعي، تتميّز المملكة بوجهات تاريخيّة نادرة وتراث محليّ وخمسة مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وتشتهر بتنوّعها الحضاريّ وثقافتها وعاداتها.

وقد اخترنا في هذا الشهر الفضيل أن نسلك السواحل الشرقيّة للبحر الأحمر للوصول إلى منطقة جدّة التاريخيّة المميّزة والمعروفة بكونها بوّابة عبور العالم إلى مكّة المكرّمة وبكونها أكبر ميناء بحريّ على البحر الأحمر! حيث تتميّز جدّة بانفتاحها على العالم وازدهارها وتعدّد ثقافاتها وطابعها المعماريّ التقليديّ الخاصّ. كما تندرج هذه المدينة على قائمة مواقع التراث العالميّ لمنظّمة اليونسكو. ومنذ مئات السنين، كانت تُستخدم كميناء يصل مكّة المكرّمة بالعالم عبر المحيط الهندي. وبينما يتميّز البحر الأحمر بأنواع عدّة من الأسماك والمخلوقات البحريّة والشعاب المرجانيّة، يعتبر من المواقع الأفضل لاستكشاف أعماق المحيط. وفي ما يلي، سنأخذك في جولة إلى أبرز المواقع في جدّة التي ستأسر قلبك وتولّد فيك الدهشة والإعجاب وتجعلك تتساءلين لمَ لم تزوريها من قبل مع المصمّمتين السعوديّتين Nora Al Shaikh وNouf Al Muhaidib .

اقرئي أيضاً: محرّرات ماري كلير... مسافرات بمفردهنّ

Nora Al Shaikh: "جدّة غير" وهناك سبب وجيه لذلك!

ولدت نوره آل الشيخ وترعرعت في الرياض وتحديداً في نجد وهي منطقة صحراويّة مصقولة بالثقافة البدويّة. وعندما انتقلت إلى جدّة بعد فترة من زواجها، أتيحت لها الفرصة لتجربة ثقافة الحجاز التي يشكّلها البحر والجبال. وفي العام 2017 افتتحت صالة العرض الخاصّة بها في جدّة وكانت لحظة فخر كبيرة بالنسبة إليها أن ترسي جذوراً لها في هذه المدينة التي تعتبرها اليوم وطنها. حيث كانت ترغب في إنشاء مساحة دافئة وحميمة يمكن للزبونات التسوّق من خلالها ورؤية مشغلها الخاصّ عبر جدار زجاجيّ شفّاف. وفي ما يلي تشاركنا مصمّمة الأزياء الرائدة تجربتها الفريدة مع جدّة ودليلها الخاصّ لزيارتها.

"غالباً ما يُقال إنّ "جدّة غير" وهناك سبب وجيه لذلك. فثمّة ما يميّز هذه المدينة المطلّة على البحر الأحمر ويجعلها فريدة. ليس تاريخها متعدّد المستويات هو السبب فقط، بل أيضاً لأنّها بمثابة تذكير بمدى ثراء وتنوّع مناطق المملكة العربيّة السعوديّة الثلاثة عشرة التي تتميّز كلّها بثقافاتها وتقاليدها ولهجاتها وأشكالها الفنيّة المميّزة"، بهذه الكلمات تبدأ نوره بوصف مدينة جدّة. وتكمل: " الانفتاح على العالم متأصّل في هويّة مدينة جدّة وهو ما يجعلها فريدة من نوعها."
الأماكن التاريخيّة والسياحيّة المفضّلة:
 نقطة البداية لأيّ زيارة إلى جدّة هي البلد أيّ الحيّ التاريخيّ القديم في المدينة الذي تمّ إدراجه ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو: بمجرّد دخولك عبر البوابة الرئيسة، باب المدينة، ستعودين بالزمن إلى الماضي. يمتدّ البلد على مساحة ميل واحد، وهو موطن لأكثر من 650 مبنى شاهقاً مصنوعاً من الحجر المرجانيّ ويعود بعضها إلى أكثر من 400 عام. تحبّ مصمّمة الأزياء التجوّل في الأزقّة المتعرّجة في صباح هادئ حيث يمكن شمّ رائحة البخور من أحد المداخل المفتوحة، أو إلقاء نظرة على رجال مسنّين يلعبون الدومينو أثناء احتساء القهوة مع الهيل. ثمّ تحدّد بعض المنازل المرمّمة التي تستحقّ الزيارة في البلد مثل:

بيت جمجوم الذي يبلغ عمره حوالى 120 عاماً، وهو المقرّ الرئيس لبرنامج الحيّ التاريخيّ في جدّة. هناك أيضاً بيت سلوم، وهو منزل كبير أصبح متحفاً يبرز فيه الأثاث الأصليّ وصور عائليّة قديمة، بالإضافة أيضاً إلى باعشن ومنحوتاته الجبسية المزخرفة التي تعود إلى خمسينات القرن التاسع عشر. أمّا المنزل الأكبر فهو بيت النصيف، فقد تمّ بناؤه عام 1881، وكان بمثابة المقرّ الموقّت للملك عبد العزيز بن سعود عام 1925. ومن السطح يمكن التمتّع بأفضل المناظر لمدينة جدّة عند غروب الشمس، ويمكن الوصول إليه من خلال سلالم صغيرة بُنيت في الأساس للجِمال التي كانت تنقل المؤن إلى المطبخ في الطابق العلوي. 

المواقع الثقافيّة المفضّلة:
 من بين المتاحف المفضّلة لديّ في منطقة البغدادية الغربية هو المتحف الذي أسّسته صفية بن زقر وهي رائدة في مجال الفنّ المعاصر في المملكة: صفية كانت أوّل امرأة سعوديّة تدرس الفنّ رسميّاً، وقد بدأت في القاهرة ثمّ انتقلت إلى لندن لاحقاً حيث حصلت على شهادة من جامعة Central St. Martins عام 1965. وفي العام 2000 افتتحت متحفها الذي يحمل اسمها، دارة صفية بن زقر. داخل هذا المتحف، لا تتضمّن صالات العرض لوحاتها الفنيّة فحسب، بل مجموعة استثنائيّة من الأزياء الحجازية التقليديّة أيضاً. وأنا كمصمّمة، أجدها مصدر إلهام مذهلاً، إذ أنّها تمثّل قروناً من اللقاءات بين الثقافات بتأثيراتها المشرقيّة والعثمانيّة. عندما أقامت صفية بن زقر معرضها الأوّل عام 1968 في مدرسة للبنات، لم يكن هناك أيّ معارض فنيّة في المملكة العربية السعودية آنذاك. أمّا اليوم، فهناك عدد من المعارض في جدّة مثل أثر وحافظ، التي تنشر اسم الفنّانين المحليّين في المعارض الدوليّة. وتعود صِلات المدينة بعالم الفنّ المعاصر إلى سبعينات القرن الماضي عندما أسّس رئيس البلديّة الدكتور محمد فارسي، متحفاً للنحت في الهواء الطلق على طول كورنيش جدّة. وملأ المتحف بأعمال تمّ تكليفها لفنّانين مشهورين في القرن العشرين مثل Alexander Calder وJoan Miró وHenry Moore. وبالنسبة إلى سكّان جدّة، أصبح الكورنيش مكاناً مناسباً للنزهات العائليّة والجولات المسائيّة بعد العشاء.

تجربة التسوّق المفضلة:
 في السنوات الأخيرة، أصبحت جدّة مكان لقاء المواهب التصميميّة الناشئة وتجارب التسوّق الفريدة. يقع Ayat’Studio في البلد على ممرّ تصطفّ على جانبيه نبات الجهنمية، وقد تمّ افتتاحه عام 2020. تعمل المصمّمة والفنّانة آيات ضاحي في ورشتها الصغيرة، حيث تصنع المجوهرات العصرية المستوحاة من الهندسة التقليديّة التي تبرز في الحيّ. هي خرّيجة كلّية Savannah للفنون والتصميم، وتقدّم أيضاً ورش عمل لصنع المجوهرات والفخار.

 ومن أجل التسوّق الشامل في مكان واحد، أنصح بـ Homegrown Market الذي افتتح عام 2014. درست مؤسّسة هذا المتجر الشامل تمارا أبو خضرة في Central Saint Martins وكلّية لندن للأزياء، قبل العمل لدى Luxcartel في نيويورك
وLiberty London. بعد فترة من عودتها إلى جدّة، أسّست تمارا أوّل متجر متعدّد العلامات التجاريّة في المدينة ولا يزال ناجحاً حتّى اليوم. إذ يقدّم مجموعة من العلامات السعودية والإقليميّة الناشئة بالإضافة إلى تصاميم الديكور الداخليّ والمأكولات ومستحضرات الجمال المحليّة.

وجهات الطعام المفضّلة:
 بفضل مزيج الثقافات في الحجاز تظهر في المنطقة تقاليد طهي راقية ذات تأثيرات عالميّة. ففي المطاعم التي تمّ افتتاحها منذ عقود، ليس من الغريب إيجاد يخنة الفول المصريّة وفطائر المارتباك الإندونيسيّة وخبز التميس الأفغاني في قائمة الطعام نفسها. لكن مشهد الطهي في جدّة يتغيّر أيضاً مع جيل جديد من الطاهيات اللواتي يقدّمنَ قوائم طعام مبتكرة سواء في المطاعم أو المراكز الموقّتة أو عربات الطعام المتنقلة. ومن بين الأماكن المفضّلة لديّ مطعمSocial Kitchen لبسمة الخريجي، وهي طاهية سعوديّة ألمانيّة تخصّصت في التسويق قبل التخصّص بالطهي في المملكة المتّحدة. وبفضل الأنابيب المكشوفة والجدران المصنوعة من القرميد الأحمر، لن يبدو المطعم غريباً في بروكلين أو برلين. وأزور مراراً هذا المطعم من أجل أطباق الطاهية الصحّية والمصنوعة من مكوّنات عالية الجودة، مثل طبق لحم العجل Veal Limone وحلوى Pain Perdu.

تجربة الجمال والسبا المفضّلة:
 بالنسبة إليّ، الجمال يبدأ من الداخل، لهذا السبب أبدأ يومي دائماً بممارسة التمارين الرياضيّة فيCore Wellness Club، وهو مركز صحّي ولياقة بدنية مصمّم بشكل جميل ويضمّ صالة رياضة عالميّة وسبا، واستوديو حركة واعية يقدّم دروساً جماعيّة. وأنصحك بالساونا بالأشعة تحت الحمراء والعلاجات بالتبريد، ولا تنسَي التوقّف عند ركن العصير بعد التمارين.

ما يجب أن توضّبيه في الحقيبة عند زيارة جدّة:
هناك طابع أكثر استرخاءً في أسلوب إطلالات الناس هنا وذلك بسبب قرب جدّة من البحر الأحمر. وكمصمّمة، من الملهم أن أرى كيف تنسّق النساء عباءاتهنّ هنا. فيملنَ عادةً إلى اختيار العباءات بالألوان أو الطبعات الفاتحة، ويرتدينها مثل السترات الطويلة الفضفاضة مع الجينز والأحذية الرياضيّة. ومن بين تصاميمي الأكثر مبيعاً هذا الموسم، تبرز عباءة مصنوعة من مزيج الكتان الفاخر، ومزدانة بحبال سوداء ومذهّبة مصنوعة يدوياً مستوحاة من العقال، أي غطاء الرأس التقليديّ للرجال في شبه الجزيرة العربية.

Nouf Al Muhaidib: جدّة هي التوازن المثالي بين حيويّة الحياة في المدينة وهدوء الشاطئ والبحر 

نوف المهيدب هي المصمّمة وراء Postcard From Home علامة شموع معطّرة ومبتكرة حيث تشكّل كلّ شمعة تكريماً وتحيّة خاصّة لكلّ واحدة من مدن المملكة العربيّة السعوديّة من خلال تمثيلها برائحة ترتبط بالثقافة المميّزة لكلّ وجهة، فتذكّر الناس بالديار أينما كانوا بمجرّد إشعال الشمعة. تعيش عائلة نوف في جدّة لكنّها في الأساس من الرياض/الخبر، لذا اعتادت زيارة المدينتين كثيراً في صغرها. وخلال نشأتها، كانت أفضل ذكرياتها تتمثّل في معرفة أنّها ستقضي نهاية الأسبوع على الشاطئ في جدّة! وفي ما يلي تشاركنا نوف دليلها الخاصّ لزيارة هذه المدينة.

"المملكة العربيّة السعودية غنيّة بالثقافة وفيها الكثير من الوجهات التي تقدّم تشكيلة متنوّعة من الأنشطة للأشهر الباردة وتلك الأكثر دفئاً في السنة، بدءاً من الشواطئ والجبال ووصولاً إلى الأطعمة والمنتجات المحليّة وسكّانها والمناطق الثلاثة عشرة المختلفة لاستكشافها"، بهذه العبارات تصف نوف الكنوز السياحيّة للمملكة قبل الانتقال تحديداً إلى جدّة وتقول: "جدّة، أو كما يحبّ المحليّوون تسميتها "عروس البحر"، هي موطني". وتؤكّد قائلة: "إنّها التوازن المثالي بين حيويّة الحياة في المدينة وهدوء الشاطئ والبحر. هي غنيّة بالثقافة وكرم الضيافة، ونادراً ما تجد مواطناً محليّاً لا يبتسم. جدّة هي المكان الذي أكون سعيدة فيه، ولا يوجد مكان مثل الديار". 
وتشرح المصمّمة أنّ جدة تتمتّع بالكثير من الميزات التي تجعلها تبرز كواحدة من أجمل الوجهات في المملكة. وتقول: "أوّلاً وقبل كلّ شيء، هي أقرب مدينة إلى مكّة المكرّمة، وهذه أعظم نعمة. تُعرف المنطقة أيضاً بشواطئها والبحر الأحمر الهادئ. وأخيراً وليس آخراً بناسها. فإنّ مودّتهم وترحيبهم الرائع يملأ المدينة بهذا الدفء والحبّ".
تحبّ نوف الذهاب إلى الشاطئ في جدّة. وقد حصلت مؤخّراً على رخصة الغوص وتستمتع كثيراً باستكشاف البحر الأحمر. كما قامت في بعض المرّات بركوب الدراجة على الكورنيش الجميل. وتنصح بتجربة أي أنشطة متعلّقة بالمياه مثل التجديف بالكاياك والغطس والرياضات المائية.

المواقع الثقافيّة المفضّلة:
 معرض أثر- شارع التحليّة، الذي افتتح عام 2009، ويعرض الفنون المحليّة والعامّة.
 سوق السمك المركزي - طريق الكورنيش: وهي تجربة فريدة للغاية مع أكشاك أسماك كثيرة تبيع أفضل الأسماك في العالم برأيي. وبعد التجوّل واختيار أسماكك، يمكنك أيضاً تنظيفها وطهيها في أحد المطاعم هناك.
 البلد وهي المدينة القديمة في جدّة : أنشئت كميناء رئيس وبوابة لمكّة المكرّمة للحجّاج الواصلين من البحر. تتوفّر الجولات حيث يمكنك الاستمتاع بهندسة المباني والسوق وحتّى الذهاب إلى بعض المنازل هناك لتناول القهوة.

الأماكن السياحيّة المفضّلة:
 نافورة الملك فهد وهي أعلى نافورة في العالم: أنصحك باحتساء فنجان قهوة في متنزّه Hyatt للاستمتاع بأفضل منظر.
 " حيّ جميل" وهو معرض فنّي يعرض أعمال الفنّانين والمجتمعات الإبداعيّة. كما يوفّر منصّات تعليميّة مجتمعيّة وورش عمل ودور سينما.
 الكورنيش، الواجهة البحرية: إنّه مكان رائع للتنزّه بجانب البحر، وبخاصّة خلال فصل الشتاء أو أثناء غروب الشمس. ويقصده الجميع للمشي أو ركوب الدراجات، كما تتوفّر المقاهي والمطاعم هناك أيضاً.

تجربة التسوّق المفضلة:
 Homegrown Market للمصمّمين المحليّين
 الأسواق المحليّة كما في البلد
  مول "أنا غير" للمزيد من ابتكارات أشهر مصمّمي العباءات المحليّين
 متاجر مميّزة مثل Set وRuf

المطاعم المفضّلة:
 مطعم Twina فأنا أحبّ المأكولات البحريّة! ولا سيّما الهامور.
 مطعم Al Nakheel
 أيّ مطعم من مجموعة مطاعم Leylaty!

تجربة الجمال والسبا المفضّلة:
 Park Hyatt - جدّة
Oriana Spa - جدّة

ما يجب أن توضّبيه في الحقيبة عند زيارة جدّة:
 كاميرا لتصوير الفيديو
 حذاء مريح
 شمعة من Postcard From Home طبعاً!  

اقرئي أيضاً: رحلة إلى Hamptons مع Michael Fausto

العلامات: جدة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث