​​At Home مع Fadela Mecheri

التصوير: Jacques Burga
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh

تخصّصت في مجالَي الأعمال التجاريّة والحقوق، إنّما لم تجد نفسها في أيّ منهما. وعندما أنشأت Fadela Mecheri مدوّنتها الإلكترونيّة الخاصّة منذ ثمانية أعوام، كانت حينذاك مساعدة في شؤون التسويق لدى شركة إعلاميّة. وقد لاحظت الشابّة الفرنسيّة الطموحة، التي تنحدر من جذور جزائريّة أنّ عدداً كبيراً من مؤثّرات الموضة الفرنسيّات اللّواتي كانت تتابعهنَّ، خصوصاً في مدينتها ليون، متشابهات. فأرادت أن تقدّم شيئاً مختلفاً، لنراها اليوم تبني إمبراطوريّتها الخاصّة وتتربّع على عرش مواقع التواصل الاجتماعيّ. لذا، زرنا منزلها في باريس حيث لفتتنا بصمتها الخاصّة التي تشبهها وتتناسب تماماً مع ذوقها وأسلوبها. فتعرّفي معنا في هذه المقابلة على الميزات الأساسيّة التي جعلت منزلها يبدو باريسيّاً بامتياز وكيف أظهرت لمستها الخاصّة في زواياه.

أنشأت مدوّنتك الإلكترونيّة منذ ثمانية أعوام، فكيف تطوّر محتواها في خلال هذه الفترة وكيف تنظرين إليها اليوم؟ 
في البداية، كنت أتحدّث عن كلّ ما يتبادر إلى ذهني وكأنّني أتحدّث مع صديقة لي، من دون أن أعي أنّني بذلك أتوجّه إلى المئات من الأشخاص الغرباء. وبعدها، عندما بدأ يتكاثر عدد القرّاء وظهرت للمرّة الأولى مع الصحافة وعلى شاشات التلفزة، تطورّت جودة الصور التي بدأت ألتقطها بالكاميرا وراح المحتوى يأخذ منحى احترافيّاً ومهنيّاً، ووقّعت عقداً مع أوّل زبون لي. وعلى الرغم من أنّني كنت أتعامل دوماً مع العلامات التجاريّة التي تتماشى وأسلوبي، أصبحت منشوارتي أقلّ عفويّةً. لذلك، أعمد اليوم إلى تقديم محتوى يتّصف بالطبيعيّة من جديد. فما عدت أرغم نفسي على مشاركة أيّ منشور إذا لم يكن لديّ ما أقوله أو أعبّر عنه. كذلك، لم أعد أتردّد في التكلّم علناً عن قضايا كثيرة كالظلم والعنصريّة والكراهيّة والتمييز ضدّ الإسلام والمسائل البيئيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ الخاصّة بي. 

 هلّا أخبرتِنا عن القصّة وراء إنشاء صفحتك على إنستجرام بصفة مجهولة ومن دون التعريف عن نفسك من خلال نشر صور لك؟ 
في ذلك الوقت، لم أرد أن يصبح هذا الموضوع حديث زملائي عندما يجتمعون لاحتساء فنجان قهوة. إلّا أنّني أخطأت الظنّ تماماً لأنّهم كانوا الداعم الأوّل لي. ولاحظت فارقاً كبيراً عندما أظهرت وجهي. وأظّن أنّ الناس تعرّفوا إليّ عن كثب وتفاعلوا معي عندما نشرت صورتي وهذا ما أدىّ إلى نجاح صفحتي.

كيف نجحتِ في بناء إمبراطوريّتك والتربّع على عرش مواقع التواصل الاجتماعيّ؟ وما هي الرسالة الأساسيّة التي توجّهنيها لمتابعاتك لتمكينهنَّ؟
 لطالما كنت على طبيعتي ولم أحاول أبداً أن أصبح شخصاً آخر لأنجح. وأظنّ أنّ كلّ من يتابعني يدرك ذلك تماماً. فكلّما كان المرء على طبيعته نجح في إنشاء مجتمع متين من حوله. فالرسالة التي أوّد أن أشاركها معهنَّ هي أن يشعرنَ بالفخر حيال أنفسهنَّ وألّا يحاولنَ أن يقارنَّ أنفسهنَّ بغيرهنَّ. ومع العلم أنّ ذلك صعب اليوم في ظلّ غزوة مواقع التواصل، إلّا أنّني أريد أن أذكّرهنَّ بأنّ ما ينشره الناس على صفحاتهم الخاصّة ما هو سوى نسخة غير واقعيّة لحياتهم التي يحلمون أن يعيشونها. لكلّ منّا نجاحاته وإخفاقاته إنّما ما من أحد سيتحدّث عن مشاكله على منصّات التواصل. والأهمّ هو أن تتعاملي بطيبة لاسيّما مع الأخريات. 

لديك حسابات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعيّ، ممّا يُظهر شغفك بالتواصل مع الناس، فكيف تترجمين هذا الشغف بعيداً عن الإنترنت؟ 
إنّني الشخص نفسه في الحياة الحقيقيّة، فلطاما كنت شخصاً اجتماعيّاً يحبّ التواصل مع الناس وكنت أفعل ذلك بسهولة. فلا أتردّد في التقرّب من الغرباء والتحدّث إليهم سواء التقيتهم في السهرات أو على متن الحافلة أو في الشارع. إذ لست خجولة أبداً، إنّما تريني أتصرّف براحة تامّة في العلن. فغالباً ما يُقال لي أنّني أتّفق مع الجميع وأنّهم يشعرون بالراحة عندما أتواجد معهم لأنّني سرعان ما أُشعرهم بالراحة أيضاً. 

ما هي القواعد التي تفرضينها لدى التعاون مع العلامات التجاريّة؟ 
يراودني شعور كبير بالفخر كلّما أتعاون مع علامات تجاريّة تشبهني، ولا أندم على أيّ منها. وعندما بدأت أتلقّى عروضاً لشراكات عمل مدفوعة، كان لديّ عمل ثابت بدوام كامل. لذا، لم أكن أقبل أيّ اقتراح لأجل المال. وتساءلت دوماً: "في العادة، هل كنت سأدخل إلى هذا المتجر؟ وفي حال لم تكن لديّ مدوّنتي أو صفحتي الخاصّة ولم يُعرض عليّ المال، هل كنت سأتقدّم إلى هذه العلامة من تلقاء نفسي؟" فإذا كان الجواب "كلّا"، كنت أرفض العرض تلقائيّاً. أمّا اليوم ومع الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها ما عدت بحاجة إلى طرح كلّ هذه الأسئلة على نفسي، لأنّني أعلم فوراً ما إذا كنت سأقبل العرض أم سأرفضه. فضلاً عن ذلك، الأمر الآخر الذي يتغيّر في هذه المعادلة هو ما إذا كانت العلامات والمنتجات والخدمات تتناسب مع قيمي وعالمي من الناحية الأخلاقيّة والبيئيّة. وأعي تماماً أنّ نمط استهلاكاتنا لا بدّ من أن يتبدّل وأحاول رويداً رويداً أن أتّجه نحو ذلك. 

كيف ترين مستقبل إنستجرام؟ وماذا تفعلين في حال لم تعد هذه المنصّة موجودة؟ 
إنّه سؤال غالباً ما أطرحه على نفسي. لست سيّدة حسابي على إنستجرام، لكنّني أتحكّم تماماً بمدوّنتي التي وضعتها جانباً في الوقت الحالي إنّما أنوي إطلاقها من جديد مع أفكار جديدة. كذلك، أريد أن أختبر منصّات أخرى كـTik Tok مثلاً. فإنّني أراقب جيّداً ما يجري من حولي لأتمكّن من ابتكار محتوى مختلف. إنّه سؤال مثير للاهتمام يذكّرني بإنّه لا يجب أن نكتفي بما حقّقناه ونسعى دوماً إلى تطوير أنفسنا.

بصفتك محبّة للموضة وأساليب الحياة، من هي أيقونتك في عالم الموضة، ومن هي المرأة التي تعتبرينها مثالك الأعلى وتلهمك في حياتك اليوميّة؟ 
أحبّ فيكتوريا بيكهام كثيراً ويعجبني أسلوبها الذي تطوّر في خلال السنوات العشر الماضيّة. فأرى أنّ الأمر يتطلّب منها شخصيّة قويّة بما فيه الكفاية لتأسيس عائلة تتألّف من 4 أولاد وللنجاح في مسيرتها المهنيّة كونها سيّدة أعمال. 

ما هي التّحديات التي تواجهينها، وماذا عن الإيجابيّات والسلبيّات الناتجة عن مشاركة مشاريعك وحياتك اليوميّة على مدوّنتك وحساباتك على منصّات التواصل الاجتماعيّ؟
بنيت جداراً فاصلاً متيناً بين حياتي "العلنيّة" وحياتي الشخصيّة. فأنشر لحظات أعيشها في حياتي اليوميّة إنّما لا أتكلّم قطّ عن حياتي الشخصيّة كالعائلة وغيرها، وهذا تماماً ما يشعرني بالطمأنينة اليوم. لأنّه كلّما نشرنا هذه الأمور للعلن بتنا عرضة للآراء والانتقادات على مواقع التواصل. وأنا محظوظة لكوني محاطة بأشخاص طيّبين يقدمّون لي الدعم والنصائح. 

هلّا أخبرتنا قليلاً عن جذورك وكيف رسمت مرحلة الطفولة والمراهقة ملامح شخصيّتك وحددّت أهدافك؟ 
ولدت في الجزائر وترعرت وكبرت في فرنسا إنّما دائماً ما يخالجني الشعور بأنّني جزائريّة بقدر ما أنا فرنسيّة. ولطالما حرص والداي على أخذنا أنا وإخوتي وأخواتي إلى الجزائز في كلّ سنة لقضاء عطلة الصيف ورؤية أفراد عائلتنا، فكنّا نشعر بأنّنا في وطننا الأمّ. ولطالما حرصت والدتي على التكلّم معنا باللغة العربيّة واللهجة الجزائريّة تحديداً في المنزل، الأمر الذي جعلني أتقن لغتي اليوم. وحتّى لو كان التاريخ يربط ما بين فرنسا والجزائر، فإنّ الثقافتين مختلفتان تماماً وأجد أنّ هذه الثقافة المزدوجة تغنيني فعلاً. ممّا يجعلني أشعر بالراحة في أيّ موقف وُضعت فيه وفي أيّ بلد تواجدت. وربّما لهذا السبب بالتحديد، لا أجد صعوبة في التقدّم إلى الغير والتحدّث معه. إنّ أهلي ناس بسيطون وأنا مدركة تماماً أنّه لديّ الفرصة لأختبر تجارب رائعة وأقدّر كلّ لحظة أعيشها من دون أن أنسى جذوري أبداً. فلديّ مشاريع كثيرة أريد البدء بها وما زالت غير ملموسة، إنّما أعي جيّداً أنّني لن أتباهى بنفسي يوماً. 

كيف عبرّت عن شغفك بالموضة في ديكور منزلك؟ 
تجدين الألوان التي غالباً ما أرتديها منتشرةً في أرجاء منزلي كافّة. إذ يتماشى أسلوب منزلي تماماً مع أسلوب الملابس الذي أعتمده، فحاولت أن أنشئ بيئة تشبهني. وبطبيعتي، أحبّ المكوث في المنزل لذا لا بدّ من أن أشعر بالراحة في مكاني الخاصّ. 

 رأينا الكثير من النباتات الخضراء في أرجاء منزلك. فبرأيك، ما هي الآثار النفسيّة التي تنبعث في داخلنا عندما نحيط أنفسنا بالمساحات الخضراء؟  
ترعرت في القرية في منزل تحيط به حديقة خضراء، لذا عندما انتقلت إلى ليون وبعدها إلى باريس، كان ذلك بمثابة تغيير كبير بالنسبة إليّ. لذلك، حاولت أن أحيط نفسي قليلاً بالنباتات الخضراء التي لا تعمل على تنقية الهواء فحسب إنّما تبعث فينا شعوراً بالراحة والطمأنينة، إذ نشعر فوراً بمزاج جيّد. 

لاحظنا أنّ ألوان منزلك تتراوح ما بين البنيّ والأبيض والألوان الحياديّة. فلمَ اخترت هذه التدرّجات، وكيف يعبّر ذلك عن شخصيّتك؟ 
إنّها الألوان المفضّلة لديّ وهي تلك التي تجدينها أيضاً في خزانة ملابسي بالإضافة إلى اللون الأسود بالطبع، لكنّني تجنّبت استخدامه في منزلي نظراً لأنّني أحبّ القطع المضيئة. كذلك، ثمّة نوافذ في شقّتي تجعلني أرى النور وضوء النهار، الأمر الذي يشعرني بمزاج جيّد. لذلك، تلاحظين تواجد اللون الأبيض بوفرة في أرجاء البيت. أمّا الأرضيّة الخشبيّة، فجعلتني أختار الألوان الترابيّة والحياديّة للمحافظة على التدرّجات الطبيعيّة. 

هلّا شاركتنا ذكرى ذات صلة ما زالت مطبوعة في ذهنك أثناء تصميم منزلك؟ 
لديّ الكثير من قطع الأثاث الكلاسيكيّة. فتتميّز شقّتي بطابعها القديم، وأحبّ فكرة تواجد القطع العتيقة فيها. إذ أمضيت ساعات طويلة على مواقع إعادة بيع القطع الكلاسيكيّة لأختارها. فالخزانة التي في غرفة نومي مثلاً عمرها 70 عاماً، وأتذكّر أنّني قطعت مسافة 400 كم للحصول عليها من سيّدة مسنّة. 

 ما هي الميزة الأساسيّة التي تجعل هذا البيت باريسيّاً بامتياز وكيف تظهر لمستكِ الخاصّة فيه؟ 

إنّها شقّة ذات هندسة هوسمانيّة، فيها مدافئ وأسقف مضلّعة وأرضيّات خشبيّة. ممّا يدّل أنّها تتّسم بالطابع الباريسيّ بامتياز. وبما أنّ المنزل جميل جدّاً كما هو، لم أرغب في إضافة الكثير إليه حتّى لا أشوّه معالمه. لذلك، اخترت البساطة والمنحنى الطبيعيّ، وهذه الصفات بالذات هي أكثر ما يعرّف عنّي.  

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث