لنحتفي مع Maison Tarazi بـ161 عاماً من الابتكار الأصيل!

لنعد قليلاً في الزمن إلى الوراء وتحديداً إلى عام 1862، السنة التي أسّس فيها Dimitri Tarazi شركته العائليّة Maison Tarazi في بيروت قبل أن يفتتح لاحقاً فروعاً أخرى في القدس ودمشق والقاهرة والإسكندريّة. كانت العلامة التجاريّة في ذلك الوقت مختصّة بالتصاميم الشرقيّة من القطع الأثرية إلى الأثاث والإضاءة. وبعد بضع سنوات، قرابة العام 1890، بدأ وأبنائه الستة في ابتكار تصاميم ديكور داخليّ شرقيّ بأبواب مزخرفة وزجاج ملوّن وألواح الأسقف والجدران بأساليب مختلفة. أمّا في العام 1926، قرّر George Dimitri Tarazi متابعة أعمال العائلة بمساعدة زوجته Alexandra وأبنائهما. فذهب اثنان منهم وهما Alfred وEmile، إلى المغرب للعمل في متجرخالهم للتحف. وبعدها في العام 1931، افتتحا أوّل متجر لهم في الرباط، ثم متجراً آخر في دمشق عام 1936 وفي بيروت عام 1946. تعاون Alfred وEmile وأبناؤهما حتى العام 1987. وبعد ذلك، واصل Michel Emile Tarazi أعمال العائلة في العام 1988 ثمّ بدأ بالتعاون مع الجيل الخامس بقيادة Camille وCharles وCarole Tarazi. ومرّت سنوات من التاريخ والأصالة والتطوّر، حيث استمرّت الدار منذ ذلك الوقت في التقدّم دائماً لإعادة الابتكار وتقديم التصاميم الجميلة للعالم. وفي ما يلي نتتحدّث إلى Camille وCarole ووالدهما Michel Tarazi لمعرفة المزيد عن تاريخ وعراقة Maison Tarazi وعن مصدر الإلهام وراء أعمالهم والخدمات التي يقدّمونها وغيره.

Maison Tarazi في بيروت عام 1890

على مرّ السنين، تمتّع أبناء كلّ جيل من عائلة Tarazi بذوق مشترك، إنّما بنهج مختلف في العمل الإبداعيّ بمساعدة الحرفيّين المتعدّدين والوثائق حول الفنّ الشرقي والتصميم بالإضافة إلى الأسلوب والموضة الفعليّة. واليوم يكاد يجتمع الجانبين التجاريّ والإبداعيّ معاً.

Dimitri Tarazi في العام 1888

فتشرح لنا العائلة أكثر عن هذا التطوّر: "قبل العام 1975، اعتدنا أن يزورنا الزبائن من حول العالم إلى الشرق الأوسط وبيروت ودمشق والقدس والقاهرة والإسكندرية. وكانت Maison Tarazi تملك متاجر في هذه المدن حيث تبيع الزوار جميع أنواع القطع كالأثاث والتحف النحاسيّة إلخ…. وحتى بطاقات بريديّة بتوقيع أسلافنا Dimitri Tarazi & Fils والتي ما زالت حتى اليوم موجودة في بعض المدن الكبرى في أوروبا والولايات المتّحدة الأميركية... ومن بين زبائننا القدامى المشهورين، يمكن إيجاد بعض القطع التي اشتروها من متجرنا معروضة اليوم في متحف Harvard وغيره. لكن مع اندلاع الحرب في حقبتنا عام 1975 انهارت السياحة… وأصبح الوضع مأساوياً. لذا، قرّر الجيل الجديد من عائلة Tarazi استكشاف أوروبا للترويج لخبرتهم في تصميم الديكور الداخلي. لذا وبعد عمليّة ترويج قويّة نجحنا في إقناع الكثير من مصمّمي الديكور الداخلي بالبدء في الترويج لعملنا (1.1001 night) في الفيلات الخاصة والفنادق والمطاعم... وقد نجحنا بالفعل. أمّا في ما يتعلّق بالإبداع، فإنّ كلّ شخص من فريقنا يطرح الأفكار فيتم تنفيذها وتقديمها في معرضنا".

Maison Tarazi في دمشق عام 1936

ومّما لا شكّ فيه أنّ العمل في شركة عائلية مع تاريخ يعود إلى 161 عاماً يشكّل تحديّاً كبيراً من حيث الحفاظ على الاستمراريّة والإرث بالقيمة وجودة العمل والمواد نفسها التي تم تناقلها من الأب إلى الابن! وعن هذه المسألة، يؤكّدون لماري كلير العربيّة: "احتفظت العائلة بسحرها من خلال البطاقات البريديّة التي طبعتها في ألمانيا بين العامين 1902 و1918 . إذ تنقّلت هذه البطاقات البريديّة التي تمثل الشرق الأدنى الساحر، في جميع أنحاء أوروبا؛ فكانت ولا تزال تُعتبر شهادات من عصر مضى". وبعد عقود من الزمن، استطاع Camille Tarazi جمع المئات من بطاقات عائلته البريديّة المطبوعة والتي وجدها في أسواق متعدّدة للسلع المستعملة في أوروبا..

فندق Alcazar في لبنان عام 1959

لمس الناس في الصميم

كيف يظهر تراث الفنّ والديكور الشرقيّ في كل تصميم من تصاميم الدار؟ تؤكّد لنا العائلة بالقول: "في فنّنا وديكورنا الشرقيّ هناك حرص كبير على كلّ التفاصيل في النمط المعتمد. قد يكون نمط الأزهار أو نمطاً هندسياً أو كليهما معاً. ويجب أن يتمّ اعتماد النمط في كلّ جزء من لوحات الزخرفة (الجدار والسقف) وفي كلّ موقع من دون أن يتمّ قطعه. وتتمّ دراسة التصميم والتفاصيل قبل التنفيذ لتُطبَّق بعدها على القطعة". وليس لدى Maison Tarazi تخصّص واحد فقط، حيث تعمل الشركة العائلية بمواد مختلفة فيتضمّن عملها مثلاً الرسم على الأعمال الخشبية (السقف والألواح الجدارية والأثاث) والنقش على الخشب والنحاس والترصيع بعرق الصدف والمشربية وتطعيم الخشب (طاولة الزهر والأثاث وألواح الجدران) وتطعيم الرخام (الأرضيات والنوافير).

ويزداد اليوم تقدير الزبائن لأعمال الصدف أكثر فأكثر. فتشرح لنا العائلة: "لدينا نوعان من عرق الصدف: النوع الأوّل هو الذي نجده في الأنهار ويكون لونه أبيض إنّما غير لامع. والنوع الثاني هو الذي نجده في البحر ويكون أبيض لامع مع بعض الألوان... وهذا هو النوع الأكثر تقديراً كما أنّه أكثر تكلفة من الأوّل. وقد نجحنا في ابتكار عمل رائع لفندق Four Seasons في القاهرة لجناح رئاسي واحد فرصّعنا طاولات الزينة والسقف الرائع بعرق الصدف البحريّ المنحوت يدوياً وبتصميم هندسيّ. وقدّمنا أيضاً قطع أثاث مختلفة مرصّعة بعرق الصدف لفندق Four Seasons بيروت ودمشق والقاهرة والإسكندرية والبحرين، بالإضافة إلى فندق Sacher في فيينا. وما زال لدينا الكثير من الأفكار التي ندرسها ونرسمها على أمل أن ننفّذها قريباً". في الواقع، يمكن التعرّف بسهولة على التصاميم التي تحمل توقيع Maison Tarazi، فهي تؤثّر فينا وتلمس مشاعرنا. وهذا ما تهدف إليه العائلة: "هدفنا هو الوصول إلى مشاعر الناس. لذا فإن بصمتنا الخاصّة هي أنّ أعمالنا تلمس الشخص في الصميم وتجذب نظره".

الشغف والمثابرة والجودة والإبداع

منذ تأسيسها استطاعت دار Maison Tarazi أن تتخطّى الكثير من التحديّات الكبيرة، لذا سألنا الجيل الخامس من الشركة العائلية عن السرّ الذي جعلها تستمرّ! فقد واجه كلّ جيل من أبناء Maison Tarazi تحديّات مختلفة منذ العام 1862 خلال العهد العثمانيّ في الحرب العالميّة الأولى في بيروت والقدس، ثم احتراق المتجر في دمشق عام 1924. واستمرّت التحديّات خلال الحرب العالميّة الثانية في الرباط وبيروت، ثم طوال 15 عاماً في الحرب الأهلية في لبنان. وما زال الوضع صعباً اليوم منذ العام 2019 ثمّ مع انفجار 4 أغسطس 2020 حيث أنّ الوضع الاقتصادي حرج. كيف يتغلّبون إذاً على كلّ هذه المشاكل؟ يخبروننا: "بالصبر والإيمان والفلسفة نتغلّب على التحديات وبفضل تضامن فريقنا وإيمانه. فالشغف والمثابرة والجودة والإبداع والقبول بالتحديّات هي من المبادئ التي نحافظ عليها من جيل إلى آخر والتي ضمنت استمرار إرث Maison Tarazi."

وفي الواقع، تفتخر الدار بإنجازات كلّ جيل من خلال هذه المشاريع الرئيسة:

- عرش السلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول على يد Dimitri Tarazi وأبنائه عام 1900، مما أتاح الفرصة لدار Maison Tarazi أن تكون مورّد صاحب الجلالة السلطان العثماني بالإضافة إلى الكثير من القصور الملكيّة في أوروبا.

- عندما تمّ إعلان لبنان الكبير أمام البوابة الرئيسة لقصر الصنوبر في الأول من سبتمبر1920

- قصر الداعوق وقصر كرامي والأعمال الخشبية الشرقيّة من الزجاج المعشق والأبواب والأثاث في العامين 1925 و1926 على يد Gebran Dimitri Tarazi.

- الغرفة الشرقية في فندق Byblos Saint-Tropez بتوقيع Alfred وEmile Tarazi عام 1967

- ترميم قصر الصنوبر في بيروت على يد Michel Emile Tarazi عام 1998 بالتعاون مع Catherine Jameux وJean-Marc Pivot.

- فنادق Four Seasons في بيروت ودمشق والقاهرة والإسكندرية والبحرين بالتعاون مع Pierre-Yves Rochon وكذلك الأمر في فندق Grand Hotel du Lac في Vevey أو فندق Sacher في فيينا.

- زوج جميل من ثريات Alhambra من النحاس الصلب مع نسخة من موقد نار عثماني شبيه بقصر Topkapi لمنزل خاص في لندن بالتعاون مع Tarik Alireza.

- ترميم الباب النحاسي لقصر Sursock Cochrane بعد انفجار 4 أغسطس 2020 والذي تم إنشاؤه عام 1915 على يد الجيل الثاني من Maison Tarazi

- إعادة بناء النوافذ القديمة لمتحف Sursock مع ترميم الأبواب القديمة والألواح بعد انفجار 4 أغسطس 2020

- إعادة بناء الكشك الخاص بقصر Baz في دير القمر على يد Camille Michel Tarazi عام 2022

ومن بين المشاريع الأخيرة في 2022 نذكر: الديكور الداخلي لدار ضيافة Indira في بلدة الكفور في لبنان بالتعاون مع Carla Baz وتصيمي الديكور الداخلي لصالة عرض De Gournay في بيروت. حيث تعتزّ الدار بتاريخها العريق وتستخدم تقنيّاتها المكتسبة عبر السنين للتجديد والعمل بالتوازي على التصاميم المعاصرة والحديثة!

وتبقى ذكرى عزيزة على قلب العائلة وهي توقيع كتاب Camille بعنوان Vitrine de l’Orient في 20 أكتوبر 2015 الذي يتناول فيه رحلة الـ150 عاماً لدار Maison Tarazi بعد 20 عاماً من الأبحاث. خلال هذا الحدث الذي أقيم في مطعم Liza في بيروت، اجتمع كلّ أفراد العائلة وجميع الزبائن والمهندسين المصمّمين والحرفيّين والأصدقاء من كلّ الأجيال. فكان تكريماً لجميع الإنجازات التي حقّقتها دار Maison Tarazi خلال 150 عاماً من الثقة والتعاون والصداقة!

ممتنّون لأيّ تعليق يحصلون عليه من أيّ زبون

وفيما سألنا العائلة عن أي تعليق مميّز سمعوه من زبون ما طوال سنوات عملهم، أخبرونا: "نحن ممتنّون لأي تعليق نحصل عليه من أي زبون، حتى من جيل إلى جيل ولأي مشروع من مشاريعنا، صغيراً كان أو كبيراً". ويضيف Camille:"أحدهم هو زبون جدي من أبو ظبي. في العام 1985، نفّذت Maison Tarazi السقف والإضاءة والأثاث الشرقيّ لفيلا الزبون في أبو ظبي. وبعد مرور سنوات، جاء عام 2012 إلى بيروت وسأل عن جدّي Emile الذي توفي عام 1995. فالتقيت وأبي به في Four Seasons بيروت حيث اكتشف عملنا في ردهة الفندق والمطعم والمصاعد. وثق بنا ودعانا إلى دبي للعمل على السقف والإضاءة والأثاث الشرقيّ في الفيلا الجديدة الخاصّة به في دبي. إنه تقدير كبير لدارMaison Tarazi ."

أمّأ عن التعاون الذي قد يرغبون في التحدّث عنه، فيؤكّدون: "نحن نتعاون مع مصمّمي ديكور داخلي منذ سنوات ومنهم Pierre-Yves Rochon وJoseph Karam وJacques Grange وJacques Garcia وJean-Louis Mainguy وMichel Harmouch وRana Nasr Dammous وRabih Geha و Ammar Basheir وTala Fustok وغيرهم... بالإضافة إلى المصمّمين أمثال Thomas Trad وDavid & Nicolas وMarc Dibeh وMarc Baroud وWaldemar Faddoul وغيرهم، كما نتعامل مع الفنّانين أيضاً مثل Katya Trabulsy وRanda Mirza وغيرهما... ويكون كلّ تعاون غنيّاً بالأفكار والإلهام والتحدي والإبداع والخبرة والمرح."

وفي الختام نسأل العائلة عن نصيحتهم للأزواج من أجل اختيار أفضل تصميم لمنازلهم، فيقولون: "لا تخافوا من تحقيق أحلامكم وخيالكم لأنّ فريقنا ينفّذ كلّ الأعمال يدوياً. "

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث