ميسون زايد: ولدت لأكون نجمة وواقع أنّني فقدت الأكسجين عند الولادة لم يكن جزءاً من قدري هذا

منذ الخامسة من العمر، عرفت ميسون زايد أنّها تريد الظهور على شاشة التلفزيون. ثمّ درست هذه السيدة الأمريكيةّ ذات الأصول الفلسطينيّة المسرح في الكليّة وبعد التخرّج شرعت في تقديم تجارب الأداء. وعلى الرغم من رفضها باستمرار بسبب إصابتها بالشلل الدماغي الذي يؤدّي إلى حركة اهتزاز دائمة، إلّا أنّها وجدت في الكوميديا مكاناً تشعر بالانتماء إليه. وأدركت ذلك عقب التحاقها بإحدى صفوف الكوميديا في مدينة نيويورك في يناير من العام 2000. وبالفعل، لاقى عرضها الأوّل نجاحاً كبيراً وباتت ممثلة كوميديّة تنال راتباً مدفوعاً بحلول المرة الثالثة التي قدّمت فيها أداءها على خشبة المسرح. وبعد عشرين عاماً، لا زالت تحبّ الكوميديا وقد تحقّق حلمها الأساسي: إذ إنّها ممثلة دائمة في المسلسل التلفزيوني النهاري، General Hospital! تعرّفي إليها عن كثب في المقابلة التالية التي تطلعنا فيها على مسيرتها كممثلة وكوميديّة ومدافعة عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصّة واكتشفي فحوى المحتوى الكوميدي الذي تقدّمه!

في أيّ مرحلة تحديداً قرّرت أن تصبحي ممثلة وكوميديّة؟

شاهدت التلفاز كثيراً أثناء نشأتي، وأردت أن أكون في المسلسل التلفزيوني النهاري، General Hospital بشكل خاصّ. ولكنّني كنت أيضاً من المعجبين بالممثلة الكوميديّة Lucille Ball. وصحيح أنّني درست المسرح لكنّني لاقيت رفضاً متكرّراً في تجارب الأداء بسبب إصابتي بالشلل الدماغي. فالواقع أنّ هوليوود تتجنّب ذوي الإحتياجات الخاصّة وأنا لست باستثناء. وناهيك عن حالتي، فإنّني فلسطينيّة ومسلمة وامرأة ذات بشرة ملوّنة أيضاً، لذلك كان لديّ الكثير من العوامل التي لعبت ضدّي. إنّما وجدت مكاناً أنتمي إليه عندما بدأت في تقديم الكوميديا التي تعتبر مجالاً تمثيليّاً أكثر تنوّعاً.

أنت أميركيّة من أصل فلسطيني، كيف أثرت نشاتك على شخصيّتك وخياراتك؟

باعتباري فلسطينيّة، فهذا يعني أنّني ولدت مستضعفة منذ البداية. وأعتبر أنّني كنت محظوظة جدّاً لأنّ والديّ أرسلونا إلى فلسطين في كلّ عطلة صيفيّة. لذا فإنّ روح الدعابة العربيّة تشكّل جزءاً كبيراً من الكوميديا الخاصّة بي. وكذلك، إنّني أتحدّث اللغة العربيّة بطلاقة، ممّا يعني أنّه لديّ لغة أخرى لابتكار محتواي الكوميدي. وبصراحة، أحبّ الكوميديا باللغة العربيّة لأنّها تحتوي على كلمات مضحكة غير موجودة في اللغة الإنجليزيّة. وأعتقد أنّ هذا السبب الأساسي لكوني راوية قصص بدلاً من أن أكون مجرّد راوية نكات. ونظراً إلى عدم توفرّ التلفزيون أو الإنترنت لدينا في فلسطين، اعتدت أن أجلس مع قريباتي اللواتي سردن لنا القصص. ولا أعتقد أنهنّ أدركن كم هنّ مضحكات ومرِحات، لذا فإنّ الكثير من عروضي نابعة من التسكّع معهنّ. كذلك، فإنّ هويّتي الفلسطينيّة تعني أيضاً أنّني لم أملك أيّ خيار، فقد اعتبرت الكوميديا الخاصّة بي جدليّة لمجرد أنّني اعترفت بوجود الفلسطينيّين وبحقّنا في المساواة. إنّما سهّل هذا الأمر عليّ الدفاع عن الإحتياجات الخاصّة، إذ لم يكن لديّ أيّ خوف لجهة معالجة هذا الموضوع.

يُقال إنّ الضحك يُطيل العمر وإنّ السعادة هي الأمر الوحيد الذي يفيض عندما يُشارك. لمَ وقع اختيارك على الكوميديا كوسيلة للتعبير؟

الواقع أنّني لم أختر الكوميديا، بل إنّها كانت المكان الوحيد الذي قد يتقبّلني في أميركا، وبالتالي هي مَن اختارني.

نظراً إلى أنّك ولدت مصابة بالشلل الدماغي، كيف أثّرت هذه الحالة الصحيّة على خياراتك الحياتيّة والمهنيّة؟

لم تؤثّر الإصابة بالشلل الدماغي على اختياراتي المهنيّة على الإطلاق. إذ لطالما أردت أن أصبح فنّانة، ولم أدرك أبداً أنّ إعاقتي ستشكّل عقبة. وأعتبر أنّني ولدت لأكون نجمة وواقع أنّني فقدت الأكسجين عند الولادة لم يكن جزءاً من قدري هذا.

ما التّحديات الشخصيّة والعمليّة التي واجهتها في مسيرتك حتّى اليوم وكيف نجحت في تخطّيها؟

من الصعب أن تكوني فنانة، لأنّ الفنّ يكلّفك الكثير من المال لتحقيق النجاح. وإنّه لأمر محبط أيضاً التعامل مع التمييز المستمر سواء كان ذلك بسبب الجندر أو العرق أو القدرة. وتمثّل التّحدي الأكبر الآخر في الوثوق بالفنّانين الذين تعاونت معهم والذين تسبّبوا في ضرر كبير لأحد مشاريع أحلامي. إذ إنّني بعت برنامجاً تلفزيونيّاً باء بالفشل لأنّني لم أحرص على امتلاك كلمة الفصل في ما يمكن عرضه على الشاشة، وافترضت أنّ شركائي لن يسكتوني أبداً. لذلك، بات لديّ الآن محامٍ لكلّ شيء.

أنت لست صانعة محتوى كوميدي فحسب إنّما متحدّثة في مجال الدفاع عن حقوق ذوي الإحتياجات الخاصّة، من موقعك هذا، ما المواضيع الاجتماعيّة التي تسعين إلى وضعها تحت المجهر؟

لدي قضيّتان رئيستان، لأنّ هدفي في الحياة يقضي بإنهاء الممارسة المهنيّة للممثلين غير المعوّقين الذين يلعبون أدوار أشخاص معوّقين بشكل واضح على الشاشة. فإذا لا يستطيع المرء فهم أمر ما، لا يمكنه أن يجسّده‎ إذ لا يتمكّن المرء من ادّعاء أمر ليس عليه‎. تماماً مثل قضية العرق، لا يمكن لعب دور الإعاقة المرئية، بل إنّ ذلك يعتبر غير أصيل ومسيء. بعبارة أخرى، إذا لم يتمكّن شخص على الكرسي المتحرّك من لعب دور بيونسيه، فلا يمكن لبيونسيه أن تلعب دور شخص على الكرسي هذا. أمّا شغفي الآخر فهو النضال من أجل حقّ كلّ طفل في الحصول على تعليم مجاني بغضّ الطرف عن قدرته.

من موقعك كناشطة وكوميديّة، ما المواد الخاصّة المتعلّقة بالمرأة التي تشاركينها؟

أقمت مؤخراً مؤتمراً رقميّاً رائعاً تحت عنوان Palestine Rights أيّ حقوق فلسطين. وأوصي بمراجعة كلّ مؤلّفة في تلك القائمة. إذ على الجميع قراءة سلسلة Farah Rocks لـSusan Muaddi Darraj، وأيضاً كل ما سطّرته Suheir Hammad بقلمها. كذلك فإنّ Heam Abbas تُعتبر Meryl Streep العرب، لذا عليكنّ جميعاً التحقّق منها أيضاً.

هل ثمة قواعد شخصيّة تتبعينها قبل الغوص في أيّ موضوع؟

إنّ أولى قواعدي مفادها تجنّب الأذيّة. كما أعدُل عن الشتائم وخطاب الكراهية ولغة التمييز ضدّ المعوّقين. فما أريده هو أن أروي قصصي بطريقة يسهُل على أكبر جمهور الوصول إليها. وبالنسبة إليّ، لا بأس لبعض الناس بأن يغضبوا من المحتوى الذي أقدّمه، لكنّني أريد أن يحصل ذلك لأنّني أصبت الوتر الحسّاس لديهم، لا لأنّني تفوّهت بإهانة لهم.

كيف أثّر تفشّي وباء كورونا وفترة الإغلاق التي لحقته على نظرتك تجاه المواضيع التي تودّين التطرّق إليها؟

لقد غيّر كورونا كلّ شيء تماماً، وسأخبرك كيف حالما أدرك أنا ذلك.

كيف تتعاملين مع ردود فعل المتابعين التي من شأنها أن تكون إيجابيّة أحياناً وسلبيّة أحياناً أخرى؟

إنّني أقرأ وأستمع إلى كلّ الانتقادات، ثمّ أقرّر ما يجب الاحتفاظ به وما يجب التخلّص منه. إذا صرخت بك لكونك عنصريّة وشعرت بالسوء إثر ذلك، فهذا رائع. ولكن إذا لم أقصد إلحاق الضرر بك وجعلتك تبكين، فأنا أتعلّم من ذلك.

كيف تشجّعين النساء الموهوبات على الإنخراط أيضاً في هذا العالم؟

إنّ الكوميديا أكثر متعة ممّا تخيّلت وهي واحدة من آخر الأشكال الحقيقيّة لحرية التعبير في هذا العالم الافتراضي الذي نعيش فيه. إنّها مهنة رائعة لتجربتها، حتّى لو كان لديك وظيفة بدوام كامل. حيث أنّني امتلكت عملاً في أوّل عامين من مسيرتي الكوميديّة، لذا ليس لديك ما تخسرينه حقاً. اكتبي النكات كلّ يوم وجرّبي هذه المهنة، فأسوأ ما قد يحصل أنّهم لن يضحكوا وأنت ستمضين قدماً.

هل يمكنك أن تشاركينا أمنياتك للمرأة العربيّة مع بدء السنة الجديدة؟

اكتشفي مَن تريدين أن تكوني وكوني ذلك الشخص بالفعل. كلّ ما عليك فعله هو أن تحدّدي مَن أنت. واتّخذي خيارات يمكنك التعايش معها، لأنّ الأشخاص الذين يحاولون فرض اختياراتهم عليك قد يبتعدون بينما تظلّين أنت عالقة فيها لبقيّة حياتك. كوني بارزة وليكن صوتك مسموعاً، وعسى أن تتحقّق كلّ أحلامك إن شاء الله. وفي حال تحوّلت أحلامك إلى كابوس، فابحثي عن حلم آخر، هذا اسم كتابي Find Another Dream وعليكنّ جميعاً قراءته.

اقرئي أيضاً: سلام قطناني: الكوميديا هي ملح الحياة

العلامات: ميسون زايد

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث