سلام قطناني: الكوميديا هي ملح الحياة

التصوير: Ali Aljaff
هي من الأردن لكنّها عاشت أغلب حياتها في الإمارات. بدأت سلام قطناني مسيرتها المهنيّة في مجال الطيران في أبوظبي حيث أمضت عشر سنوات. إلّا أنّها في سنة 2016 اتّخذت مساراً مختلفاً عندما نصحها أصدقاؤها بنشر محتوى الفيديو الخاص بها على نطاق أوسع بعدما أعجبوا به واعتبروه مفيداً وممتعاً. وكانت البداية من انستغرام، وبعد سنة أكملت على يوتيوب أيضاً. وفي سنة 2018 استقالت من مجال الطيران وباشرت رحلتها الفعليّة في مجال صناعة المحتوى العلميّ. لتشارك محتواها العلمي مع لمسة من الخيال وحسّ من الفكاهة مع آلاف المتابعين بطريقة فريدة جدّاً. فتعرّفي معنا في ما يلي على قطناني المتحدّثة في مجال العلوم ومجال حقوق المرأة أحياناً وعلى كيفيّة انخراطها في مجالها ونجاحها فيه!  

لم وقع اختيارك على الكوميديا مع لمسة من الخيال كوسيلة للتعبير؟
أعتقد أنّ مجال التربية والتعليم مازال بدائيّاً في أغلب المجتمعات الإنسانيّة بالرغم من التطوّر الكبير الحاصل في اللغة وثقافة الشباب في السنوات العشرة الأخيرة.وهذا يعني أنّ طريقة تعليمنا للعلم هي التي تجعلنا نحبّه أو نشعر بأنّه مملّ. وبما أنّني أقرأ العلوم وأحبّ أن أزيد معرفتي بها، كنت أستغرب لم الناس لا ينجذبون إليها. وعندما بدأت مسيرتي على مواقع التواصل الإجتماعي، كنت طبيعيّة جدّاً وأتكلّم بلغة قريبة من الشباب وتفكيرهم وثقافة مزاحهم. فشعرت أنّ التفاعل مع المحتوى كان جميلاً جدّاً وقد ارتاح الناس لهذا النوع من التثقيف غير الرسمي. بحيث أنّ الرسميّة في التعاطي تضع حاجزاً بينك وبين المتلقّي فيشعر أنّه لا يعرف كيفيّة تشكيل رابط معك. 

كم تستثمرين من الوقت في تحضير المواد التي تتشاركينها مع المتابعين؟ 
بما أنّ العلوم هي شي أحبّه في حياتي الشخصيّة، لذا فهي مندمجة جدّاً فيها. حيث أقضي 10 ساعات في اليوم بالعمل من المنزل. إلّا أنّ هناك مواضيع كثيرة تحتاج إلى تراكم سنوات من المعرفة وكتب ونقاشات. لذلك فإنّ الوقت يُحدّد بحسب الموضوع. ولكن بشكل عام، فإنّ المواضيع العلميّة تحتاج لتعمّق وبحث لمدّة لا بأس بها.

تتّسم العلوم عادةً بالجديّة والكوميديا بالحسّ الفكاهي وأنت تجمعين بين الطرفين المتنافضين، لتشاركي محتواك العلمي مع آلاف المتابعين بطريقة فريدة جدّاً، فكيف تنجحين في ذلك؟ 
الكوميديا هي ملح الحياة، خصوصاً مع الإنترنت الذي جعل ثقافة البشر والشباب تشبه بعضها. لذا فيستطيعون أن يتكلّموا مع بعض في أيّ وقت. وبسبب الضغوطات الكثيرة ولدت ثقافة "الميمز". وأنا أشعر أنّها ثقافة مهمّة وإشارة مهمّة لتثبت أنّنا نواجه صعوبات كثيرة ونلجأ للسخرية للتخفيف عن أنفسنا. كما أنّني شخصياً أحبّ الفلسفة "الرواقية". حيث أعتبر أنّ الحياة لا تستطيع أن تهزم شخصاً لا يأخذها على محمل الجدّ. وإحساسي بالشباب وانتمائي لهم يجعلني أكون طبيعيّة جدّاً أثناء تصويرالفيديو. كما أنّني أحبّ إعطاء أمثلة قصصيّة لأنّها تشدّ المشاهد ولها تأثيرإيجابي على تثبيت المعلومة. وهذا النوع من الخداع يجعل الدماغ يتقبّل المعلومات أكثر، ثمّ إنّ الفكاهة صفة أعتبرها شخصيّاً مهمّة جدّاً للحالة البشرية.

أنت لست متحدّثة في مجال العلوم فحسب إنّما في مجال حقوق المرأة أيضا، من موقعك هذا ما هي المواضيع الإجتماعيّة الخاصّة المتعلّقة بالمرأة العربيّة التي تسعين إلى وضعها تحت المجهر بالإضافة إلى المواضيع العلميّة؟
لا أعتبر نفسي ناشطة في مجال الحقوق بشكل عام. فأحياناً أناقش قضايا تتعلّق بالمرأة حسب الحاجة لها، ودائماً ما أطرح الأمور من ناحية علميّة. وهذا ما أحبّه المتابعين وشعروا بأنّني أعطي وجهة نظر أخرى لتاريخنا الإنساني وطبيعتنا البشريّة، خاصّة أنّه أكثر من نصف متابعيني من الفتيات بالتالي أشعرأنّني أؤثّر على شريحة منهم. وبما أنّني شخصيّاً حرّة جدّاً، ليس لديّ قيود في حياتي. فأنا مرتاحة مع نفسي وأشعر أنّه من الجميل أن تستطيع الفتاة أن تكون مستقلّة وحرّة وفي الوقت عينه مرتاحة وتقوم ببناء حياة هادفة ذات معنى. 

هل تعتقدين أنّ غلاف الفكاهة يسمح لك بإيصال الرسائل التوعويّة الإجتماعيّة والعلميّة التي تريدينها بطريقة أنجح من وسائل أخرى؟
بشكل عام الفكاهة تكسر الجليد بين الناس. نحن كائنات اجتماعيّة جدّاً، لذا من المهمّ جدّاً لنا أن ننتمي للمجموعة ونتناغم معها. والفكاهة هي تعبير اجتماعي مهمّ لإيصال هذه الصورة المسالمة للأشخاص ليشعروا أنّه بمقدورهم أن يثقوا فينا وأنّنا لا نشكّل خطراً عليهم. وبما أنّ الفكاهة بشكل عام قصصيّة، والإنسان يحبّ القصص كثيراً بما أنّها سهلة الاستيعاب بالنسبة إليه أكثر من الأفكار الجامدة. فشعرت أنّها طريقة فعّالة وطبيعيّة ومريحة للجميع.

أنت شابّة فلسطينيّة تقطنين في الإمارات العربيّة منذ سنوات عدّة، فكيف ساهم الغنى الثقافي الموجود في دبي في تحديد خياراتك وكيفيّة تحقيقها؟  
حياتي في الإمارات علّمتني أشياء كثيرة. كما جعلتني أرى أموراً كان من المستحيل رؤيتها في أيّ مكان ثاني. وقد سنحت لي فرصاً كبيرة للانفتاح وتقبّل الثقافات المختلفة. وهذا ما يميّز دبي، فهي فتحت باباً جديداً للانفتاح في الشرق الأوسط، الأمر الذي نحتاج إليه. 

كيف أثّر تفشّي وباء كورونا وفترة الإغلاق التي لحقته على المحتوى الذي تقدّمينه؟ وهل تغيّرت نظرتك إلى المواد التي يجب أن تشاركينها مع المتابعين بعد هذه الفترة؟ 
وباء كورونا كان بمثابة كفّ على وجوهنا وكان بمثابة Wake-up Call للبشر ليفهموا أنّهم يأخذون الحياة على محمل الجدّ. كما ذكّرنا أنّ هذه الحضارة اللي وصلنا لها عبارة عن أفكار فحسب، حتّى أنّ مقومات الحياة الناجحة أفكار فحسب. وهذا ما كان مؤلماً بالنسبة إلى كثير من الناس. وأعتقد أنّنا كلّنا دخلنا في حالة نفسيّة غريبة. فقد أثبت لنا هذا الوباء أنّنا بحاجة لكثير من الوعي الفكري والعالمي تجاه مشاكلنا المشتركة والنظر للآخر بطريقة مختلفة لأنّه لنا مستقبل مشترك. لكنّنا لا نتّحد فكريّاً كما يجب. فشعرت أنّ المحتوى الذي أصنعه مهمّاً لأنّنا بحاجة لنتعرّف على أفكار كهذه.

عادة ما يُنظر إلى الرجل على أنّه لديه قدرة أكبر في مجال العلوم كما على إضحاك الجمهور. وأنت تقومين بنشر العلوم في إطار فكاهي، فما هو ردّك على هذا الأمر؟
اهتمام الرجل في العلوم أكثر من المرأة أمر يعود إلى برمجة وتأثير اجتماعي بحت وليس له أيّ علاقة في القدرات العقلية. وأعتقد أنّ سبباً كبيراً يرجع لدور المرأة الاجتماعي في مجتمعاتنا التي تضعها في قالب بعيد أكاديمياً عن هذه المجالات، ما يحدّ كثيراً من وجودها فيه. لكنّني مذ بدأت مسيرتي، تأكّدت أنّ الفتيات مثل الشبان لديهنّ اهتمام كبير بالعلوم خاصّة مع الانفتاح وتدفّق المعلومات الذي أكّد أنّ الصور النمطيّة التي كبرنا عليها كانت خاطئة. 

ما هي التّحديات الشخصيّة والعمليّة التي واجهتها في مسيرتك حتّى اليوم وكيف نجحت في تخطّيها؟ 
قلّة الاهتمام الدعائي والرعائي للمحتوى العملي يضعني بظروف صعبة. فأحاول بقدر استطاعتي أن أكمل في صناعة المحتوى مع الحفاظ على مصدر دخل والدفع لكلّ الأشخاص الذين يساعدونني في صناعة هذا المحتوى العلمي. وأتمنّى لو يزيد الاهتمام فيه أكثر ويزداد تقبّل الناس للأفكارالمختلفة عنهم ولا يتسرّعوا في إطلاق الأحكام. 

هل يمكنك أن تشاركينا أمنياتك للمرأة العربيّة مع بدء السنة الجديدة؟
أتمنّى لها الراحة النفسيّة والثقة الكافية لتتذكّر دوماً أنّها قادرة فعلياً أن تقوم بأيّ عمل تريديه وترغب به. أنا لست موهوبة ولا محظوظة، لكنّني مجتهدة جدّاً وأعمل على أيّ خطّة أريدها لفترة طويلة وبجهد حتّى أصل إليها. الحياة أحياناً لا تكون عادلة وتجعل أشخاصاً يتعبون أكثر من غيرهم. إنّما صدّقيني إنّك أقوى أكثر بكثير ممّا تعتقدين.

اقرئي أيضاُ: Alia Al Shamsi: تواجدت الثقافة في صميم تجربتي الحياتيّة ومثّل الحوار الجزء الأهمّ منها

العلامات: سلام قطناني

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث