سعادة سارة فلكناز: أنصح المرأة الخليجيّة باغتنام الفرصة ودخول عالم السياسة من دون خوف

التصوير: Maximilian Gower

الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh

التنسيق: Sarah Rasheed

لديها اهتمامات عدّة سواء بالأعمال والقيادة أو بالشركات الناشئة وريادة الأعمال وتمكين الشباب والنساء. فبعد تخرّجها في إدارة الأعمال والتمويل، عملت سعادة سارة فلكناز في مجال ريادة الأعمال. وانطلاقاً من خبرتها في شركة دبي القابضة وموانئ دبي العالمية، التي هدفت للمساهمة في تحريك العجلة الاقتصادية وتعزيز نهج العطاء والابتكار والطموح في المجتمع لخدمة الإمارات ودولتها الفتية، ما لبثت أن دخلت الحقل العام وترشّحت لانتخابات المجلس الوطني الاتّحادي عن إمارة دبي لإكمال هذا النهج وهذه المسيرة المهنيّة والعمليّة. فباتت بعد فوزها من أصغر الأعضاء المنتخبين في المجلس. وقد ترأسّت في شهر فبراير الماضي الوفد الرسمي لدولة الإمارات العربية المتّحدة في اجتماع الاتّحاد البرلماني الدولي الذي عقد في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك حيث كان التركيز على مضاعفة الجهود المبذولة لجعل التعليم أولويّة عالميّة لما له من تأثير إيجابي على تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي. واليوم تحمل سعادتها صوت الشباب وهمومهم وآمالهم وتنقلها إلى الحكومة للعمل على ابتكار حلول ناجحة لها. انضمّي إلينا في هذه المقابلة حيث نتحدّث مع سعادتها عن مسيرتها ونظرتها للشباب الإماراتي وكيفيّة تعزيز دور المرأة السياسي في المجتمع والكثير من المواضيع الأخرى المتّصلة بالتّحديات الراهنة.

ركّزت حملة سعادتك على الابتكار وتوطين الوظائف. لماذا اخترت هذه القضيّة؟ وما هي القضايا الأقرب إلى قلبك التي ستحملينها في مشاريعك وترغبين في الدفاع عنها؟

بعد البحث لمعرفة القضايا العالقة لدى الشباب في مجتمعنا، وجدنا أنّ هناك فجوة في قضية التوظيف، فعدد الخريجين في كل عام في تزايد، وفي المقابل ثمّة الكثير من الوظائف المتوفّرة التي لا يشغلها مواطنون، أي أنّ هناك فجوة بين العرض والطلب. لذلك كان الهدف الاهتمام بهذه القضية لإيجاد حلول مبتكرة لتحقيق التوفيق بين تلك التخصّصات ومتطلبات سوق العمل، من خلال توفير فرص العمل وفرص التدريب المناسبة للمواطنين في شركات ومؤسسات مختلفة في الدولة لتدريبهم وصقل مهاراتهم وقدراتهم بما يتلاءم مع تخصصاتهم ومن ثمّ توفير الوظائف الملائمة لهم.

وما من قضيّة قريبة أو بعيدة إلى قلبي، فالقضايا التي أودّ الاهتمام بها تكمن في التّحديات التي يواجهها الشباب والمجتمع لإيجاد أفكار مبتكرة تساهم في تقليصها والحدّ منها، ولذلك كان للابتكار نصيب من حملتي الإنتخابيّة من خلال إيجاد حلول غير تقليديّة تساهم في خدمة قضايا الوطن والمواطنين.

ما كان موقف عائلتك من دخولك عالم السياسة والحقل العام؟

كان لأسرتي وأصدقائي الفضل الأوّل لتشجيعي على الإقبال بكلّ ثقة لخوض تجربة الإنتخابات والمشاركة السياسيّة في المجتمع، وهم الداعم الحقيقي والكبير في قراري للانضمام لأسرة المجلس الوطني الاتّحادي. إذ منحوني كلّ الاهتمام ووفّروا لي البيئة الإيجابيّة والملائمة، ممّا ساهم بشكل كبير لتمكّني من الفوز في تحدّي الإنتخابات.

هل من رسالة توجّهينها للأشخاص الذين يحلمون بتغيير مسار حياتهم ولا يجرؤون على القيام بذلك؟

على من يريد النجاح وتغيير حياته ومستقبله إلى الأفضل أن يُخرج نفسه من صندوق التقليد، وأن يصقل قدراته ومواهبه بروح الإبداع والابتكار وأن يتسلّح بالعلم والمعرفة تماشياً مع تطلّعات دولتنا وتوجيهات قيادتنا الرشيدة نحو بناء مستقبل مختلف ومزدهر ومبدع وخلّاق.. لذلك يجب علينا أن نكون مثابرين ومؤهلين بشكل جيّد حتّى نستطيع تحقيق أحلامنا وطموحاتنا.

النجاح والريادة والقيادة

ماذا يعني أن يكون المرء قائداً؟ وما هي برأي سعادتك الصفات التي يجب أن يتمتّع بها الفرد ليصبح كذلك؟

القائد لابدّ من أن يكون قدوة يتمتّع بالحكمة والحنكة والإرادة والرؤية المختلفة، ولا بدّ من أن يتحلّى بالصبر والعلم والمعرفة ويمتلك الخبرة والقدرة على اتّخاذ القرار. ولابدّ من أن يكون صانع قرار وملهماً لغيره وفريق عمله، وأن يأخذ على عاتقه المسؤوليّة الكاملة لاتّخاذ أيّ قرار والقدرة على التفويض وتمكين الآخرين والاستمرار والمواصلة والمواظبة في الاجتهاد لكل ما يلزم لتحقيق الأفضل لمن معه. القائد يتمتّع بالكثير من الصفات ومن أهمّها أيضاً المصداقيّة والإنسانيّة والتواضع والتعاطف مع الغير في كلّ الظروف، إذ لا بدّ من أن يكون متلاحماً مع شعبه، فعلاقة الودّ والمحبّة بين القائد والشعب هي أساس النجاح لأيّ وطن وركيزة انطلاقته بكلّ قوة نحو المستقبل وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة في المجالات كافّة.

متى تبدأ الأحلام برأيك وكيف تصبح حقيقة؟ لقد حقّقت في عمر 33 الكثير ممّا يحلم به الشبّان والشابّات في خلال حياتهم، فما هي نصيحتك لهم بناءً على تجربتك الشخصيّة للسّعي وراء تحقيق أحلامهم؟

تبدأ الأحلام عندما نولد في أرض خصبة تخلق الفرص وتدعم وتساند من لديه طموح تماماً كأرض دولة الإمارات "أرض الأحلام والفرص والمستقبل المشرق لكلّ من لديه الطموح والأمل". ولله الحمد يشهد القاصي والدّاني أنّ دولتنا منحت ومازالت تمنح في كلّ وقت الفرص لكلّ من لديه الحلم والأمل والطموح بالنجاح وليس لأبنائها المواطنين فحسب، إنمّا لكلّ طموح من شعوب العالم. وما يقدّمه قادتنا الاستثنائيّون من مبادرات مستمرة هو خير دليل على ذلك.

وتصبح الأحلام حقيقة عندما نصحو كلّ يوم من أحلامنا ونجتهد ونثابر في اغتنام الفرص وتحقيقها. ونصيحتي لكلّ من يتحلّى بالأمل والطموح من تجربتي الشخصيّة بأن يسعى للتميّز في مجاله وأن يكون مبدعاً ومبتكراً، وهنا على أرض زايد الخير لن يحقّق أحلامه فحسب بل سيتجاوزها. وأقولها بكلّ ثقة لا يوجد هنا أي نقطة انتهاء للأحلام، فليس للتميّز والطموح والأحلام على أرض الإمارات أيّ حدود، وهناك الكثير من النماذج الناجحة التي تؤكّد على ذلك.

لدى سعادتك اهتمامات عدّة سواء بالأعمال والقيادة أو بالشركات الناشئة وريادة الأعمال وتمكين الشباب والنساء. اليوم بعد عضويّة "المجلس الوطني الاتّحادي" عن إمارة دبي، هل من طموحات وأحلام جديدة تستعدّين لتحقيقها؟

نحن في دولة قوية علّمتنا أنّ لا حدود للطموحات والأحلام. لذلك فأحلامي وطموحاتي لا تتوقّف واليوم لديّ أطمح لترسيخ جهودي مع إخواني وأخواتي في المجلس الوطني الاتّحادي لنجعل الفصل التشريعي السابع عشر للمجلس استثنائيّاً بكل المقاييس من خلال ترك بصمة واضحة تنعكس إيجاباً على الوطن والمواطن، وأن نعمل سويّاً مع الحكومة ونتعاون كفريق واحد لتحقيق التنمية المستدامة لدولتنا في كلّ القطاعات وتحقيق التفاعل الناجح والمثمر مع أبناء شعب الاتّحاد لخدمتهم والمساهمة في تلبية مطالبهم وتحقيق آمالهم وطموحاتهم.

النساء الإماراتيّات في خدمة المجتمع

تقوم الإمارات بجهود سبّاقة لتمكين المرأة في مجالات مختلفة. في المقابل، ما الذي يجب أن تفعله المرأة لتحظى بدور أكثر فعاليّة في المجتمع خصوصاً في ظلّ الظروف الحاليّة؟

على المرأة الإماراتيّة أن تتسلّح دائماً بالعلم والمعرفة وروح المسؤوليّة وتكون قادرة على العطاء في مختلف المجالات بصفتها شريكة فاعلة ومؤثرة جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل للمساهمة في دفع عجلة التنمية والبناء. كذلك، يجب عليها أن تكون على قدر الثقة الممنوحة لها من القيادة الرشيدة للدولة وأن تحقّق حلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيّب الله ثراه" مؤسّس دولة الاتّحاد وباني نهضتها، الذي منحها دعماً وتمكيناً لا محدودَين، فلا بدّ من أن نكون نحن نساء الإمارات على قدر الثقة التي مُنحت لنا. كذلك، لا بدّ من أن نستذكر هنا الدعم الاستثنائي الذي تقدّمه لنا سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتّحاد النسائي العام ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسريّة وثقتها الكبيرة بالمرأة الإماراتيّة. وأودّ التأكيد أنّ حكومتنا الرشيدة تعمل على تحقيق التوازن بين الجنسين في مختلف المجالات ولا تفرّق مطلقاً بين الرجل والمرأة.

 ما هي برأي سعادتك أهميّة مشاركة النساء في الحياة السياسيّة في الخليج العربي وكيف يمكن تشجيعهنّ على الانخراط أكثر فيها؟

عرفت دولة الإمارات قدرات وإمكانيّات المرأة الإماراتيّة، إذ خصّصت الحكومة نصف مقاعد المجلس الوطني الاتّحادي للمرأة. وأعلنت أيضاً تخصيص نصف مقاعد مجلس الوزراء للمرأة، وذلك إيماناً منها بقدراتها عموماً وقدرتها الفاعلة على المشاركة السياسيّة تحديداً. فنصيحتي للمرأة في منطقة الخليج العربي أن تغتنم الفرصة المتاحة لها وأن تدخل عالم السياسة والمشاركة السياسيّة دون خوف وأن تثق في قدراتها طالما تملك الموهبة والطموح، فالمرأة الخليجيّة والعربيّة قادرة على المشاركة والبناء وترك بصمة فارقة في شتّى القطاعات، لكن عليها أن تثق في نفسها.

الشباب الإماراتيّ الواعي والمدرك والذكي

تسعين إلى نشر الوعي عند الشباب الإماراتي في ما يتعلّق بخطر التأثّر بالماديّات وتغيير نظرتهم إلى كيفيّة عيش حياتهم واستثمارهم لمواردهم. هلاّ أخبرتنا أكثر عن نظرتك هذه التي تتماشى مع رؤية حكومة الإمارات؟

سيّدي صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، وأخاه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي "رعاه الله"، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، وإخوانهم أصحاب السموّ حكّام الإمارات، وآباؤنا الحكّام المؤسّسون قبلهم، هم قادتنا الذين ألهمونا وعلّمونا وغرسوا فينا حبّ الوطن والحفاظ عليه، وقد تعلّمنا ومازلنا نتعلّم منهم الكثير. وحرص قادتنا على توجيه الشباب والمجتمع بأكمله بعدم الإسراف في مختلف المناسبات والتّحلي بروح المسؤوليّة للحفاظ على ثرواتنا وثروات مجتمعنا وقد ظهر ذلك جليّاً من خلال تشجيع الأعراس الجماعيّة وتقديم الكثير من المبادرات التي تصبّ في صالح الوطن والمواطن، فضلاً عن دعم المشاريع الوطنيّة ومساعدة الشباب على عمل مشاريع صغيرة ومتوسطة وخلق بيئة أعمال ناجحة وبناء جيل واعي من الشباب القادر على تحمّل المسؤوليّة وخلق فرص عمل ذاتية وبناء الأسر المتماسكة. ونحن كأبناء وبنات الإمارات علينا أن نتبع هذا النهج، وأن يكون الإدّخار جزءاً مهمّاً في أسلوب حياتنا ومجتمعنا.

ما هي رؤيتك وأحلامك لمستقبل الشباب الإماراتيّ، وكيف تساعدينهم من خلال موقعك على تحقيق طموحاتهم؟

شبابنا في دولة الإمارات مدركون وأذكياء وطموحاتهم كبيرة ومساعيهم كثيرة. وأحلم بأنّ تتحقّق كل أمانيهم وأن يتمكّنوا من شغل المناصب التي يطمحون لها في قطاعات حيويّة مختلفة ومهمّة سواء في دولة الإمارات أو خارجها، وأن يمثّلوا وطنهم خير تمثيل، وأن يلمعوا ويبرزوا في مجالات مختلفة بما يساهم في رسم خريطة مستقبل دولة الإمارات سواء كان ذلك في عالم الفضاء أو الذكاء الاصطناعي أو الصحّة أو التعليم وغيرها الكثير.

ومن خلال عملي وخبرتي العمليّة والمهنيّة أتعهّد دائماً بتقديم سبل الدعم الممكنة وبعدم التقصير في المساعدة بكلّ ما أستطيع تقديمه سواء كان ذلك بالاستماع إليهم أو تقديم المشورة أو إيصال ما يواجههم من تحديات والبحث عن أفضل الحلول والابتكارات لمواجهتها، وهذا من واجبي وحقّ من حقوق وطني عليّ.

وسط انتشار وباء كورونا، تحديّات جديدة تعصُف بالشباب. برأيك ما هي هذه التّحديات التي فرضها الواقع الجديد؟ وهل ستتبنّينها في طروحاتك لإيجاد حلول مبتكرة؟

يواجه الشباب في العالم كلّه تحديّات في ظلّ انتشار وباء كورونا. ومع التنبّؤات بحدوث تحوّلات في الكثير من الوظائف التقليديّة وظهور مجالات ووظائف مهمّة وجديدة في الفترة المقبلة تتطلّب مهارات وقدرات جديدة، خصوصاً في ما يتعلّق بموضوع البحوث العلميّة في مجال صحّة الإنسان، سيكون على الشباب السعي لتسليح أنفسهم ومهاراتهم وقدراتهم بمعارف جديدة تتناسب مع ظروف المرحلة المقبلة والمستقبل الذي أصبح يخضع لمعايير مختلفة.

وقد تمكّنت دولة الإمارات من مواجهة تحديات أزمة كورونا بنجاح. واستطاعت قطاعاتها المختلفة أن تكون على قدر التّحدي. وظهرت تجارب ابتكارات الاتّصالات المرئيّة والرقميّة المختلفة التي ساهمت في استمرارالتواصل مع الآخرين، وخصوصاً في ما يتعلّق بتجربة العمل والدراسة عن بُعد، التي أكسبت الشباب والجميع مهارات كبيرة كان لها الأثر الإيجابي في موضوع الاستعداد والمرونة في التواصل والاتّصال وتحقيق الأعمال. وقد عكس ذلك قدرة ومدى جهوزيّة دولة الإمارات لمواجهة الظروف والتّحديات، حيث إنّ البنية التحتيّة واللوجستيّة الرقميّة القويّة في الدولة تؤكّد على ريادة الإمارات، وتعكس بكلّ ثقة ما تمّ تأسيسه منذ عقدين من الزمن وكان لذلك الفضل الكبير في استمرارية الحياة بأفضل طريقة ممكنة في ظل أصعب الظروف.

ونحن كأعضاء في المجلس الوطني الاتّحادي سنسعى لتبنّي كلّ الأطروحات المبتكرة التي تصُبّ في صالح الوطن والمواطن للاستمرار في مرحلة البناء والتطوير نحو مستقبل أفضل في مرحلة ما بعد كورونا.

اقرئي أيضاً: مناصفة بين المرأة والرجل في مجلس هيئة حقوق الإنسان السعودية الجديد

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث