سعادة الأستاذة نوره الشعبان: أنا مؤمنة بالمرأة السعوديّة وقدرتها على التغيير

بدأت حياتها المهنيّة كمعلمة ثمّ انتقلت إلى العمل في إدارة المشاريع ومركز البحوث والتطوير والتدريب في شركة Aramco البتروليّة في حين لم تكن النساء السعوديّات منخرطات في هذا المجال في المملكة. فأيقنت الأستاذة نوره الشعبان في وقت مبكر أنّ الموظفين الذين يبقون في الموقع عينه سيكرّرون ذاتهم. لذا قرّرت أن تكون مسيرتها مختلفة وتبحث فيها عن مهارات متعدّدة وتطوّرها وتأكّدت أنّ الاتّساع في الأفق متعة لا يتذوّقها إلّا من تنقّل من بيئة إلى أخرى وقارن بين تفاصيل الأنظمة التي عمل بها وأنماط الشخصيّات التي تعامل معها. وفي خلال هذه المرحلة، اكتشفت أنّها ليست موظفة بل قائدة تتمتّع برؤية وشغف وطموح، فأسّست مؤسّسة "مُلتقيات إبداع" الخاصّة بالتدريب. وبينما كانت تشعر أنّ ثمّة مكاناً على القمّة ينتظرها لأنّ النجاح ليس إنجازاً بقدر ما هو قدرة مستمرّة على الإنتاجيّة، انتقلت إلى الحقل العام في عام 2016 بعد تعيينها في مجلس الشورى السعودي ليرتفع سقف عطائها ولتخدم وطنها ومجتمعها. وقد كان لوالدها أثر كبير في حياتها، فهي تفخر بأنّه رجل يحترم فكر المرأة ويفتح لها أبواب الحياة لتبحث عن الفرص. آمن بقدراتها ونمّى لديها حسّ الريادة والاختلاف والتميّز والثبات على القيم والمبادئ وتغيير الذات أوّلاً والتجدّد في العطاء. وقد حصلت على جوائز عالميّة عدّة منها جائزة فوربس لروّاد الأعمال الأكثر إبداعاً في المملكة وجائزة منظّمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعيّة كأوّل وأصغر مدرّبة سعوديّة. تعرّفي معنا في هذه المقابلة على سعادة الأستاذة نوره الشعبان وعلى مسيرتها المكلّلة بالنجاحات ونظرتها لدور المرأة في المجتمع والسياسة والكثير من المواضيع الأخرى المتصّلة بالوضع الحالي.

خلال مسيرة سعادتك المهنيّة عملتِ على تدريب الآلاف من العرب حول العالم، من بينهم نساء كثيرات، وتعليمهم ومساعدتهم على تطوير الذات. فكيف تساهمين من خلال ذلك في تحقيق رؤية المملكة العربيّة السعوديّة للعام 2030؟

أنا مؤمنة بالمرأة السعودية وبقدرتها على التغيير لذا، عملتُ بكل تفانٍ لبناء جسور التواصل بينها وبين النساء في كل مكان أسافر إليه. وكنت أنقل صوت المرأة بالتبادل في كل مؤتمر أشارك فيه في دول العالم وأختار السيّدات المؤثّرات بفكرهنّ المُتّزن وإنجازهنّ المُثمر. وأدعوهنّ لوطني لينقلن لنا المعارف والخبرات المتنوّعة، كلّ سيدة بحسب تخصّصها، من خلال عقد كثير من ورش العمل والدورات التدريبيّة لنشر الوعي حول مفهوم الإيجابيّة وتبادل تجارب رائدة للمرأة السعوديّة في العمل النسائي القيادي الخيري والمجتمعي وأيضاً لخلق روح التنافس بين رائدات الأعمال في ظل المشاريع الصغيرة التي بدأت في تلك المرحلة وطـرح رؤى جديـدة لحـلّ قضايـا المـرأة السـعوديّة التـي تسـاهم بتأهيلهـا للمشـاركة فـي تنميـة المجتمـع وتعزيز هوية المرأة السعوديّة وتراثها من خلال الأنشطة والفعاليات التي أقمتها طوال السنوات الماضية .أمّا اليـوم، وبفضـل حكومتنـا ورؤيتها 2030 نالت المـرأة السـعوديّة الكثير مـن الامتيازات والفــرص التــي مكّنتهــا من مشاركة الرجل فــي التنميــة الحديثــة بالمملكة العربيّة السـعوديّة، فظهر تفوّقها وتميّزها في ميادين التربية والتعليم والصحّة والإعلام والثقافة والسياحة والاقتصاد وقطاعات المال والاستثمار ومؤسّسات تقديم الرعاية الاجتماعيّة والخدمات المختلفة وبـرز الكثيـر منهـن وكُرّمـنَ فـي المحافـل المحليّـة والإقليميـّة والدوليّة.

ما هي التّحديات التي واجهتها في مشوارك المهنيّ طوال سنين خبرتك؟

كل فكرة جديدة في أي مكان أو مجتمع تُقابل بالهجوم والمُقاومة ولكن بمجرد أن يحدث التغيير ويرون تأثيره على حياتك وتطوّرك تظهر رغبة جامحة في تقليدك. لذا كنت أقضي وقتاً جيّداً لأتعلّم مهارات الذكاء الاجتماعي وكنت أناضل باستمرار لتحسين ذاتي وإمكانيّاتي والاستفادة من أخطائي. ثمّة مثلٌ صيني يقول: "ليس النجاح ألّا تسقط ولكن النجاح هو إذا سقطت أن تقف وإذا وقفت أن تتقدّم وتنجح"، لأنّك عندما تستسلم أمام حالة واحدة من الفشل فأنت تتخلّى عن النجاح بإرادتك. بالالتزام والمسؤولية، وجدت أنني أُنتج في وقت قصير ما يحتاجه غيري في وقت طويل، كنت أكافئ نفسي على النجاح وأضع نصب عيني أنّ الأشياء الأساسية في حياتي ليست إلى أيّ مكان وصلت الآن؟ إنّما في أيّ اتجاه سأتقدّم! وما هي الأدوات اللازمة لهذه المرحلة؟ رأيتُ خلال سفري أنّ السفن غالباً ما تكون هادئة عند المرسى، لكنّني أيقنت أنّها لم تُصنع لذلك، فانطلقتُ حول العالم ولم أستسلم للمعوقات. فعشقت المغامرة وشغفي كان التعلّم الذي يساعدني أن أرتقي بنفسي وبمن معي وحولي، وحوّلت كلّ فشل يحدث جرّاء محاولاتي إلى نجاح، وتلك هي رحلة التّحدي في حياتي.

تقدّم السلطات السعوديّة اليوم دعماً كبيراً للنساء. لكن بالمقابل، كيف يمكن أن تعزّز النساء برأيك دورهنّ الناشط في المجتمع خصوصاً خلال الأزمات؟

أنا على يقين بأن 15% من الوظائف والمجالات الحالية إلى زوال وبأنّ 65% من طالبات الصفوف الإبتدائية سيُمارسن وظائف جديدة لم يتمّ ابتكارها بعد في مشاريع الوطن المستقبليّة بمشاركة المرأة أخيها الرجل صناعة مستقبل مشرق ومثمر. لذا، تحتاج المرأة وبكلّ صراحة أن تأخذ المبادرة والمشاركة في المضي قدماً بشجاعة كبيرة. عليها أن تحدّد المشاكل ثمّ تواجهها وتبادر بالعمل على تجاوزها، وتحقّق التقدم المتواصل لنفسها ولمنظمتها لتواكب هذا التسارع التنموي في بلادها باستمراريّة نضالها في بلورة شخصيّتها وصقل مهاراتها وتجديد إمكانيّتها في حلّ المشاكل والتكيّف مع الظروف الطارئة والمستجدّة، حيث تشمل الفرص التدريبيّة كيف تقودين التغيير وتكونين جزءاً منه لا ضحية له.

كإمرأة بحثت دائماً عن خَلق أثر جديد في أماكن لم يسلكها الآخرون، ما هي برأيك أهميّة مشاركة النساء في الحياة السياسيّة والخدمة العامّة في الخليج العربي وكيف يمكن تشجيعهنّ على الانخراط أكثر فيها؟

تمثّل المرأة نصف المجتمع لكن الحضارة البشرية عاشت فترات طويلة لا تعي حقيقة دورها ولا تمنحها حقوقها العادلة مقارنة بنصف المجتمع الآخر، ممّا أثر في مشاركتها في الحياة العامّة وإنتاجها الحضاري. وتتفاوت نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة من دولة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر بحسب منظومة القوانين والقيم والأفكار التي تحكم هذا المجتمع. وشهدت العقود الأخيرة زيادة واضحة في وتيرة دعوات تمكين المرأة وإفساح المجال أمام مشاركتها في الحياة العامّة كفاعل أساسيّ، وكانت لبلادي قفزات متتالية في هذا المجال.

فالعمل السياسيّ عمل مُمتع يحتاج إلى حكمة وحنكة ودبلوماسيّة وسلوك مُتّزن ورأي سديد واحترام رأي وقبول للآخر ومهارة عالية في تكوين الصداقات مختلفة التوجهات لبعض الأهداف. في المملكة نحن النساء نمثّل 20% من نسبة مشاركتنا في مجلس الشورى ونشارك مثل الرجل في جميع اللجان التخصّصية ولجان الصداقة البرلمانية ولنا دور فاعل في زيارتنا البرلمانيّة لدول العالم وزيارتهم لنا من خلال وفود دولية متعدّدة الأهداف.

من موقعك واهتمامك أن تكوني حلقة الوصل بين الشباب السعودي والجهات العالميّة. ما هي رؤيتك وأحلامك لمستقبل الشباب السعودي في ظلّ التّحديات الجديدة التي فرضها الواقع الجديد بعد جائحة كورونا؟ وعلى أيّ حلول مبتكرة تنصحينهم بالاعتماد لتخطّي تداعيات هذه الأزمة؟

يُمثل الشباب السعودي 70% من المجتمع وأطلق الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي قائد التحوّل والرؤية2030 العنان لأحلامه وجعلنا نحلم معه وهو يؤكّد للعالم بأن الشباب السعودي من الجنسين قادر على أن يحلم ويحقّق الحلم ليصبح حقيقة وواقع ملموس. ورَاهن بأنّ هؤلاء هم من يملك الدهاء والعزيمه والقوّة والإرادة وأنّهم سيقودون العالم. وقد تخطّينا الكثير من عوائق هذه الجائحة باستخدام التـقنيات لاستمرار أعمالنا ونشر التوعية في مجتمعنا. ولدينا الكثير من المشاريع العملاقة مثل نيوم والقِدية والعُلا وغيرها.

لذا أنصح كلّ مبادر أن يُناضل لتحسين نفسه باستمرار وأقول له لا تفكر بالأحلام التي تناسب قدراتك بل اصقل القدرات التي تناسب أحلامك. فالمقياس الحقيقي لنجاحك هو عدد المرّات التي استعدت فيها توازنك بعد محاولات الفشل. سيطر على أفكارك وآرائك إذا كنت ترغب أن تكون مسيطراً على حياتك. لا تدع الأفكار في حالة من الفوضى في رأسك. إعمل على تنظيمها وإزالة تلك السيئة منها وتفعيل الأفكار الإيجابيّة وتحرّر من الماضي فكثيـر من الناس يتعلّقون بالماضي وبالخسارة التي مرّوا بها فينشغلون عن رؤية الفُرص المتاحة. ثم رافق من يُقوي عزيمتك فمن ينشغل بهدم غيره لن يجد الوقت لبناء نفسه وأحط نفسك بالناس الإيجابيّين واقضِ معظم وقتك معهم وعمّق معرفتك فهناك مثل صيني يقول: "إذا مرّ عليك 3 أيّام ولم تقرأ كتاباً، أقفل فمك ولا تتحدّث"، وسيؤدي هذا إلى تعزيز ثـقتك بنفسك وزيادة نسبة الذكاء والإنتاجية لديك لتترك بصمة في مسيرة حياتك.

اقرئي أيضاً: كارما إكمكجي: "تحتاج النساء إلى مواصلة النضال للوصول إلى مناصب رفيعة المستوى"

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث