تارا خطّار: "يقضي كتاب الطبخ الخاص بي بترجمة أطباق جداّتنا الأصيلة في وصفات ملموسة!"

ما بين تارا خطّار وعالم الطهي، شغف عميق ولد معها منذ أن تعلّمت المشي والكلام! إذ لطالما أحبّت كلّ ما يتعلّق بالاستضافة والطبخ وإسعاد الناس من خلال الطعام. ثم قرّرت أنها تريد أن تصبح طاهية في عمر 13 سنة تقريباً، وبدا من الواضح جداً لها أنّها لا تريد القيام بأيّ شيء آخر! وبالفعل، درست فنّ الطهي في معهد Paul Bocuse الشهير وعملت مع الشيف البارز Joël Robuchon في باريس، وها إنّها اليوم تدرس للحصول على الماجستير في علوم الغذاء وتعمل في نيويورك حيث تقدّم خدمات الطعام للمناسبات والمشاهير. انضمّي إلينا في هذه المقابلة حيث تشاركنا مراحل من مسيرتها العالميّة في عالم الطهي، وتحدّثنا عن إطلاق كتاب الطبخ الخاص بها تحت عنوان "Liban" الصادرعن دار النشر الفرنسيّة Hachette، حيث تشارك 100 وصفة من المطبخ اللبنانيّ التقليدي!

التصوير: Tarek Moukaddem

  1. هلّا أخبرتنا عن اللحظة الأبرز من مشاركتك في برنامج الطهي التنافسي Top Chef بنسخته الفرنسيّة؟ وكيف غيّرت هذه التجربة حياتك؟

كانت مشاركتي في برنامج Top Chef تجربة سرياليّة بحق، كما مثّلت إنجازاً مهماً جداً. بحيث اعتدت وأصدقائي مشاهدة هذا البرنامج بتفاني حينما كنّا في مدرسة الطهي. كذلك، كنت المتسابقة الأولى والوحيدة اللبنانيّة والشرق أوسطيّة في المنافسة، ممّا جعلني أشعر بالفخر والتوتر الشديد في آنٍ معاً. إذ أردت تمثيل هذا الجزء من العالم حيث أعيش بالشكل الصحيح، وشعرت بضغط كبير إزاء ذلك. كما أنّني لم أشارك في أيّ مسابقة مطلقاً قبل Top Chef ولم أرَ نفسي يوماً كشخص تنافسيّ. إنّما أظهرت لي تلك المنافسة جانباً من نفسي لم أعرف بوجوده حينها، وجعلني ذلك أرغب في التنافس أكثر ممّا دفعني إلى المشاركة في مسابقات متعدّدة في الولايات المتحدة.

  1. هل يمكنك إطلاعنا أكثر على المفهوم الكامن وراء كتاب الطبخ الخاص بك "Liban"؟ كيف يحتفي بخصائص المطبخ اللبناني وكيف تظهر لمستك الشخصيّة فيه؟

هذا الكتاب هو إرث جدّتي، إذ إنّه يتحدّث عن منزلي وعن موطني الأصلي حيث ولدت وترعرعت، حتى غادرت للالتحاق بالمعهد في سنّ 18 عاماً. وتقضي فكرته بترجمة أطباق جداتنا الأصيلة التي يبدو من المستحيل إعادة إنشائها بسبب نقص القياسات المحدّدة وتقنيات الطبخ غير الاعتياديّة في وصفات ملموسة. وأهدف من خلال هذا الكتاب إلى ترجمة مفاهيم أمثال "رشة ملح" و"على النظر" إلى تعليمات يسهل فهمها ومن شأن الجميع العمل بها. شخصياً، أعتبر هذا الكتاب المشروع الأقرب إلى قلبي على الإطلاق، فهو يدخل منزل طفولتي، ويسمح لي بمشاركة أكثر الذكريات الشخصيّة التي أعتز بها، لا سيّما وأطباق طفولتي بدءًا من الإفطار البسيط وصولاً إلى أطباق الأعياد المعقّدة التي نتناولها مرّة في السنة في المناسبات الخاصة. كذلك، يأخذنا الكتاب في رحلة إلى جميع أنحاء الأراضي اللبنانيّة من خلال صور لبلدات ومدن مختلفة، وأعتقد حقاً أنّه يجسّد وطني لبنان ويمثّل جدة كلّ شخص منّا بلمستها الخاصة ووصفاتها اللذيذة. بالمختصر، يظهر هذا الكتاب كلّ ذلك من خلال الوصفات والصور ويجعل تلك الذكريات ملموسة بطريقة ما.

  1. بأيّ طرق يمكن للطاهي أن يبتكر أثناء طهي الوصفات التقليديّة؟

أعتقد أننا كبشر في تطوّروتغيّر دائم، إذ قد يظل جوهرنا وطبيعتنا على حالهما، إلّا أنّنا نغيّر التفاصيل الصغيرة في أنفسنا باستمرار. وكذلك، أفكر في الطعام بالطريقة نفسها تماماً. بحيث ألقي نظرة على الوصفة وأقوم بتكييفها مع أسلوب حياتنا الحالي، سواء أكان ذلك عبر تغيير أحد المكوّنات التي يصعب العثور عليها، أو تقصير وقت الطهي لأنّنا بتنا نقضي وقتاً أقل في المطبخ، أو دمج صيحة أو نكهة صادفتها وأحببتها. ففي نهاية المطاف، إنّ الطعام عالم حيّ ولا يجب أن يبقى على حاله إلى الأبد، بل لا بدّ له أن يتطوّر ويتكيّف معنا ومع رحلاتنا واكتشافاتنا وأسلوب حياتنا في كلّ مرّة يتغيّر فيها.

  1. كيف توفّقين بين مختلف تصوّرات الطعام والمأكولات المرتبطة بالثقافات من حول العالم؟ هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن فلسفتك في الطهي؟

الحقيقة أنّني أتكيّف مع زبائني. فالعيش في مدينة مثل نيويورك يفتح عينيك ويتيح لك التعرّف على مختلف المأكولات والثقافات كلّ يوم وهذا أمر ملهم جداً. كذلك فإنّني أحبّ التحدي وأجده محفزاً وممتعاً! لذا فإنّ التوفيق بين كلّ هذه الجوانب المختلفة هو أحد الأمور المفضّلة لديّ حول ما أفعله. وكلّما كان التحدي أكبر، وجدت الأمر أكثر متعة بالنسبة إليّ. أمّا فلسفتي فتتمثّل في أن أطهو من كّل قلبي وبحبّ دائماً، وأن أتذكّر أنّ الهدف هو إرضاء الزبون وإسعاده. لذلك، أفعل كلّ ما في وسعي لأجعل التجربة بأكملها ممتعة وغالباً ما تتجاوز الطعام، بحيث أستمتع أيضاً بالاهتمام بالإعداد أو المشروبات أو الزهور.

  1. أيّ مطبخ هو المفضّل لديك من حيث الطهي؟ وما المكوّن الأكثر صعوبة للعمل به برأيك؟

لا شكّ في أنّ المطبخ المفضّل لديّ هو اللبنانيّ. ثم يأتي المطبخ الآسيوي/الياباني في المركز الثاني لأنّني أحب النكهات التي فيه. أمّا من جهة المكوّنات، فأجد أنّ الأكثر صعوبة من بينها هي المنتجات الحيوانيّة الثانويّة مثل الأمعاء أو أيّ مكوّن من هذا النوع.

  1. ما النصيحة الأفضل التي تلقيتها من الطهاة الحائزين نجمة ميشلان الذين تدرّبت معهم؟

على الأرجح أنّ أفضل نصيحة نلتها تقضي بعدم الاستسلام أبداً، ومحاولة القيام بالمهمة نفسها مراراً إلى حدّ إتقانها. وصحيح أنّ هذا الأمر سيحطمك تقريباً ولكنّك ستصلين إلى هدفك في النهاية. والقواعد التي أعتمدها كلّ يوم هي الالتزام بالكمال والاحتراف والجمال والتميّز.

  1. هل يمكنك إخبارنا أكثر عن طبقك الخاصّ المميّز؟

في الواقع، ليس لديّ طبق مميّز. بل إنّني أطهو لأجعل الناس سعداء. لذلك يعتمد الأمر حقاً على وجبتهم المفضّلة وعلى ما يجلب لهم السعادة. وبما أنّ زبائني هم مصدر إلهامي، لذا فإنّ الوحي الذي أستقيه منهم في تغيّر دائم.

  1. هل لك أن تشاركينا ذكرى عزيزة على قلبك صقلت الطاهية التي أنتِ عليها اليوم؟

أتذكّرفي الثامنة من عمري أنّني قصدت حفلاً فاخراً مع عمتي أميرة التي اعتادت أن تصطحبني معها إلى المناسبات الرسميّة وراق لي ذلك. وفي تلك المرّة، أقيم الحفل في فيلا سرسق في بيروت على وجه التحديد، وأتذكّر أنّني وقفت بجانب طاولة البوفيه وأعجبت بالمظهر المثالي للطعام وبكيفيّة تزيين البوفيه بشكل جميل. وفي تلك اللحظة، قرّرت أنني أريد أن أعيش في هذا العالم إلى الأبد. وإذ انطلق حبي وشغفي بالطعام وأدوات المائدة والزهور والفعاليّات.

  1. يقولون إنّ الطهي يجعل المرء سعيداً. ومع ذلك، فإنّ الكثير من الناس يعانون من أجل النجاح في الطهي. هل يمكنك مشاركة بعض النصائح معهم حول كيفيّة التأقلم مع المطبخ وبناء علاقة وديّة معه؟

نصيحتي الأبرز لهم هي الاسترخاء والاستمتاع بالتجربة. اسمحوا لأنفسكم بتجربة النكهات وأنماط الطهي المختلفة وتابعوا الطهاة وشاهدوا برامج الطهي. وهكذا ستتعلمون الكثير بالفعل، كما سيساعدكم الاستماع إلى هذه البرامج أثناء الطهي أو القيام بأعمال المنزل. وشخصيّاً، أحبّ Ina Garten وJamie Oliver بشكل خاص وقد شاهدت الكثير من برامجهما أثناء نشأتي. وأعلم أنّ الأمر قد يكون صعباً في البداية ولكنّه يصبح أسهل كثيراً تباعاً.

  1.  بعد نشر كتابك، ما خططك وطموحاتك للعام 2021؟

أودّ الحصول على برنامج تلفزيوني خاص بي في نهاية المطاف، لأنّني أحبّ مشاركة شغفي مع الناس ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم في مطابخهم وفي المنزل. ويتمثّل حلمي في أن أنشئ يوماً ما علامة تجاريّة كاملة من المنتجات والخدمات التي تجعل الحياة اليوميّة أكثر فعاليّة. أمّا بالنسبة إلى الوقت الراهن، فلا بدّ لي من الاعتراف بأنّني سعيدة جداً بالشوط الذي قطعته في السنوات العشر الماضية، وأشعر بأنّه لا يزال لديّ الكثير لأفعله وأحلام كثيرة لم تتحقق بعد.

إقرئي أيضاً: Miram El Maoula: الوجهات السياحيّة السعوديّة تذهل الكثيرين وتستحق التكريم

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث