المهندسة سارة أكبر: "هذا العالم الجديد سيجلب فرصاً كبيرة للسيّدات المتمرّسات"

الإعداد: Dr. Carole Nakhle

يعدّ قطاع النفط والغاز أحد المحرّكات الكبرى للاقتصاد العالمي لا سيّما في منطقة الخليج إلاّ أنّ هذا القطاع الصناعي يتّسم بطابعه "الذكوري". وبغية استكتشاف المجال النسائي لقطاع النفط والغاز بشكل أفضل، أجرت ماري كلير العربيّة مقابلات مع شخصيّات محترفة لامعة من مختلف المهن في هذا القطاع بينهنّ الرئيسة التنفيذية لشركة أويلسيرف فرع الكويت Sara Akbar.

ما الذي جذبك للدخول في مجال النفط والغاز وإذا كان عليك اختيار مهنتك من جديد، هل ستقومين بالخيار عينه؟

لم أرَ نفسي يوماً خارج قطاع النفط والغاز. فمنذ ولادتي، كبرت بين المنشآت النفطيّة حيث كان يعمل والدي. وكانت هذه الحقول تبهرني وتشكّل البيئة الطبيعيّة بالنسبة إليّ. وعندما كبرت كان من البديهيّ بالنسبة إليّ دراسة الهندسة للعمل في الحقول النفطيّة حيث يتمّ إنتاج النفط. وبالرغم من كوني مهندسة كيميائيّة يتعيّن عليها العمل بالأحرى في المصافي حيث يصار إلى تكريرالنفط، إلاّ أنّني كنت مصرّة على العمل في الحقول. وعمليّاً لم يكن لوالداي أي تأثيرعلى خياري، إنّما شجّعانني خصوصاً والدتي التي لم تتوانَ يوماً عن الاهتمام بي أو بعائلتي بعد الزواج، حيث كان ذلك بمثابة نعمة ساعدتني على التوفيق بين متطلّبات العمل والعائلة.  

هلاّ شاركتنا لمحة عن مسيرتك المهنيّة منذ بدايتك؟

بدأت مسيرتي المهنيّة عام 1982 كمهندسة ميدانيّة في شركة نفط الكويت KOC، وبقيت فيها لمدّة 18 سنة، وأمضيت 10 منها في الحقل إلى أن أصبحت رئيسة قسم البترول فيها. ثمّ عملت في قسم التخطيط قبل أن أنتقل في العام 1999 إلى شركة KUFPEC وعملت كمديرة تخطيط وبعدها كمديرة لتطوير الأعمال. وفي العام 2005 أسّست شركة Kuwait Energy. واليوم أنا المديرة التنفيذيّة لشركةOILSERV في الكويت.

ما هي العقبات الرئيسة التي واجهتها خلال مسيرتك خصوصاً في ظلّ سيطرة الرجال على هذا القطاع؟ وكيف تغلبت عليها؟

بعد انتهائي من الدورة التدريبيّة في بداية مسيرتي المهنيّة، طلبت العمل في الحقول النفطيّة ولم توافق الإدارة بحجّة أنّني امرأة. إلاّ أنّني لم أتخلّى عن هدفي وشرعت في تحمّل مسؤوليّة عملي كاملةً. فتمّ تعييني في دائرة البترول وبعد شهر من ذلك، لم يرسلوني للحقل فقمت بمراجعة الإدارة من جديد. وفي النهاية، رضخوا للأمر الواقع، فحققت مرادي من خلال إصراري وعزمي وإرادتي. وقد عملت في كلّ حقول الكويت من الشمال إلى الجنوب. حيث قضيت 10 سنوات رائعة كمهندسة ميدانيّة. وخلال هذه السنوات قمت ببناء سمعتي كمهندسة بترول متقوّقة تتّسم بالمصداقيّة. كما طوّرت قدراتي الفنيّة ومعرفتي بالوضع الفني وأثبت قدرتي على أخذ إجراءات السلامة اللازمة وحلّ المشاكل والريادة والتعامل مع الظروف الطارئة من دون التأثّر بالضغوطات. فعندما ينوجد الشخص في بيئة يتمكّن منها فنيّاً ويعطي التعليمات التي تحقّق الهدف وتحافظ على سلامة المنشأة والعاملين فيها، يفرض احترامه على الجميع. ومن خلال خلق هذا النظام، كان الرجال الذين هم أكبر منّي سنّاً يستمعون لي وينفّذون رأساً ما أطلبه. كنت شغوفة بعملي وكرّست نفسي له لدرجة أنّه لم يؤثّر بي شيء.

هلاّ شاركتنا المكوّنان الرئيسيّانّ وراء نجاحك مهنيّاً وشخصيّاً؟

بطبيعتي أحبّ المخاطرة علماً أنّ النساء بطبيعتهنّ لا ينجذبن إلى القيام المجاذفات. ولكن يجب تدريبهنّ على تعلّم كيفيّة القيام بذلك، لأنّه من دونها ما من مكافأة. وثانياً، من المهم وضع أهداف واضحة منذ البداية لتحقيقها في إطار زمني معيّن وعدم التّخلي عنها وتحدّي العقبات لتحقيقها. فمثلاً أنا أردت أن أكون مهندسة ممتازة فعملت في الحقول للتعلّم من المصدر وكان عليّ تطوير شبكتي في الصناعة نفسها وأن أستثمر في ذلك. وما ساعدني أيضاً في بداياتي هو نظرتي خارج إطار صناعتي بناء على مبادرتي الشخصيّة والإطلاع على المجالت الأخرى ضمنها التكنولوجيا لأستثمرها في عملي.

ما هي نظرتك لمستقبل هذه الصناعة؟ هل ترين تعايشاً أم تعارضاً في الأفق بين النفط والطاقة الخضراء؟

الطاقة المتجدّدة تتعلّق بقسم من الإنتاج النفطي وليس بأكمله. فهي ستخصّص لإنتاج الكهرباء والنقل أي ستحلّ مكان حرق النفط والغاز لتوليد الطاقة والنقل. وهو الأمر الذي لطالما اعتبرته خطأ كبيراً، وهذا الانتقال سيحصل حتّى ولو بطريقة بطيئة. ولكن استخدامات النفط الأخرى في حياتنا اليوميّة لا يمكن الإستغناء عنها، فهناك الكثير من المواد الأساسيّة الناتجة عنه والتي لن ينضب استعمالها.  

ما هي النصيحة التي تقدّمينها اليوم للفتيات المتردّدات بدخول هذا المجال ويعتقدن أنّه من الأفضل التوجّه إلى قطاع الطاقة المتجدّدة؟

صحيح أنّ قطاع الطاقة المتجدّدة يشكّل جاذباً كبيراً اليوم، إنّما هذا لا يعني أنّ قطاع النفط والغاز سيموت. بل سيستمرّ لأنّه مبني على منتج قيّم إلاّ أنّ سعره سينخفض. وفي دول الخليج، هناك فرص جديدة على الأقلّ للعشرين سنة القادمة، حيث نتميّز في هذه البقعة من العالم بتكلفة إنتاج منخفضة. وفي الواقع، إنّ المنتجين بأسعارمنخفضة هم الذين سيستمرّون لسنين طويلة. كذلك ففي منطقتنا ما من خطر يحدق باليد العاملة في هذا المجال من حيث التأثر في ارتفاع الأسعار وانخفاضها. لذلك أشجّع العنصر الشاب وخصوصاً الأذكياء الذين يتمتّعوبن مواهب وقدرات علميّة على الإنخراط في هذا المجال.

ما الخطوات التي يمكن أن تنجزها الشركات لجذب العنصر الشاب وخصوصاً النساء بعد تفضيلهم مؤخراً قطاع التكنولوجيا؟

المشكلة هي أنّ المكافأة والتقدّم يحصلان بطريقة أسرع في قطاع التكنولوجيا وهذا ما يجذب العنصر الشاب. حيث أنّ السرعة تشكّل خاصّة من خصائص حياتهم. وعلى الشركات أن تقدّم بيئة أفضل لمكان العمل وتأمّن السلامة وتضيف الكثير من التكنولوجيا إلى طريقة العمل، ممّا سيجذب الشباب والشابّات. أمّا بالنسبة إلى النساء بشكل خاصّ، فكان لأزمة تفشّي الفيروس الأخيرة وقع إيجابي على حياتهنّ العمليّة. فهي سرّعت المستقبل وأعطت فرصة ذهبيّة للنساء للقيام بكافة المهام من المنزل، ما حقّق توازناً بين حياتهنّ الشخصيّة والعمليّة. ومن هذا المنطلق أعتقد أنّ هذا العالم الجديد سيجلب فرصاً كبيرة للسيّدات المتمرّسات اللواتي ستزداد مشاركتهنّ في هذا المجال.

اقرئي أيضاً: مشهد الطاقة الجديد

العلامات: Sara Akbar

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث