أعطوها حقوقها وخذوا ما يدهش العالم

الإعداد: Arzé Nakhlé

التصوير: Catalina Martin-Chico

لطالما كانت النساء السعوديّات رائدات ومنجزات وحالمات ومتخطيّات للحواجز، واليوم مع الخطوات الإصلاحيّة والإنمائيّة والاقتصاديّة التي تندرج ضمن الرؤية 2030 التي وضعها وليّ العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان، تكتسب المرأة السعوديّة مزيداً من الحقوق.

تجاوزت هذه المرأة الكثير من العقبات لكنّ الطريق أمامها لا يزال طويلاً. وهذا ما سنراه في هذا التقرير من قلب الرياض.

لم يسبق في تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة حدوث إصلاح اجتماعيّ واقتصاديّ مماثل، سواء من حيث النطاق أو الحجم. ومع إطلاق رؤية المملكة 2030 في أبريل 2016، وهي خطّة للإصلاح الاقتصاديّ والتنمية للنهوض باقتصاد المملكة وتحقيق التنمية في البلاد على أصعدة مختلفة، يجري العمل على تطويرالمجتمع وتمكين الشباب والنساء. وتشكّل المرأة عنصراً أساسيّاً في هذه المعادلة من حيث تداعياتها الإيجابيّة عليها من جهة ومشاركتها بها من جهة أخرى. ولا شكّ في أنّ تمكين المرأة السعوديّة عامل أساسيّ في رؤية 2030، إذ كانت لهذه الرؤية آثار إيجابيّة كثيرة عليها حتّى الآن.

اقرئي أيضاً: سعوديّات رائدات

وتحقّقت حديثاً إصلاحات عدّة تصبّ في مصلحة المرأة. فبعد مطالبتهنّ باكتساب هذا الحقّ لسنين كثيرة، عمّت الفرحة قلوب النساء السعوديّات في 24 يونيو الماضي بدخول قرار رفع الحظر عن قيادتهنّ السيّارات حيّز التنفيذ، ما ساعدهنّ على التحرّر من عبء الاستعانة بوسائل النقل العامّة أو بسائق خاصّ. وهذا القرار سيفسح المجال أمام النساء السعوديّات لمزيد من الاستقلاليّة وسيساعدهنّ على تنمية مشاريعهنّ الخاصّة وسيسهّل تحرّكاتهنّ وعملهنّ اليوميّ، وبالتالي سيزيد من انخراطهنّ في
الطبقة العاملة.

اقرئي أيضاً: السعوديّات يتولّين قيادة المستقبل

كذلك، كانت المملكة قد سمحت بعودة الحفلات الفنّيّة وافتتاح دور السينما ورفع الحظرعن دخول النساء الملاعب الرياضيّة، فضلاً عن سماح السلطات السعوديّة للسعوديات بتأسيس شركاتهنّ الخاصّة والاستفادة من الخدمات الحكوميّة من دون موافقة وليّ أمر. وبما أنّ النسبة الكبرى من النساء العاملات في السعوديّة يشغلن وظائف في التعليم الرسميّ، تزيد هذه الخطوة نسبة مشاركتهنّ في الحياة العامّة والعجلة الاقتصاديّة للمملكة. إلى جانب هذه الخطوات، كانت السلطات السعوديّة قد أتاحت أيضاً للنساء فرصة التسجيل للالتحاق بالجيش ليصبحن مجنّدات، وذلك للمرّة الأولى. وأتت هذه الخطوة بعد تلقّي المديريّة العامّة للجوازات السعوديّة آلاف الطلبات من النساء عقب إعلانها أنّها ستعيّن 140 امرأة في عديدها للمرّة الأولى. وتشكّل كلّ هذه الوظائف فرص عمل جديدة للمرأة السعوديّة وتعزّز مكانتها في المجتمع.

ومن الخطوات الإصلاحيّة المندرجة في رؤية المملكة 2030 سماح وزارة التعليم السعوديّة للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس الحكوميّة، مع البدء بتطبيق برنامج تربية بدنيّة خاصّ بمدارس الفتيات في صالات رياضيّة خاصّة ومع كفاءات نسائيّة مؤهّلة لتمرينهنّ. وتعدّ ممارسة الرياضة النسائيّة في السعودية من الأمور الأكثر إثارة للجدل، لذلك تُعدّ هذه الخطوة تحفيزاً للنساء يرمي إلى رفع نسبة ممارسي الرياضة في المجتمع. وفي هذا السياق الرياضيّ، نذكر أنّ Kore هي أوّل صالة ألعاب رياضيّة للنساء في الرياض وتتوافر فيها إمكانيّة رفع الأثقال. تأسّست هذه الصالة الكائنة في أوّل شارع التحلية بجانب المقاهي الفاخرة من قبل 5 نساء. وحظيت بإقبال شديد، ما أدّى إلى فتح صالة ثانية. وطوّرت النساء المشاركات فيها نفسهنّ بسرعة حتّى أصبحن مدرّبات ويسعين الآن إلى المشاركة في الألعاب الأولمبيّة.

اقرئي أيضاً: السعوديّات يصلن إلى العالمية

تُعتبر هذه الخطوات كلّها ثورة في العمل الثقافيّ والاجتماعيّ للمجتمع السعوديّ عموماً وللنساء خصوصاً. وفي ظلّ المطالبات الأخرى الكثيرة التي تسعى السعوديّات إلى تحقيقها تدريجيّاً، تسهّل هذه الخطوات حياة المرأة السعوديّة وتعطيها المزيد من الاستقلاليّة. فيمكن مثلاً أن تلتقي بجامعيّات يجلسن بشعرهنّ القصير ويستمتعن بأوقاتهنّ في مقهى عصريّ في منطقة
The Trendy Boulevard.

النساء السعوديّات متميّزات في مختلف المجالات

تمكين المرأة والاستثمار فيها يمكّن المجتمع ويجعله أفضل ويزيد من إمكانيّة تحقيق الرؤية 2030 وبالتالي من ازدهار المملكة. ففي المقابل، كلّ امرأة سعوديّة مدعوّة للمساهمة في تحقيق هذه الرؤية وجعل المملكة نموذجاً رائداً على كلّ الأصعدة. فالتغيّر الكبير يبدأ بتغييرات صغيرة إيجابيّة من الداخل يجريها كلّ شخص في المجتمع. كجميع نساء العالم، لا زالت المرأة السعوديّة تكافح لتبوّؤ مراكز معيّنة وتناضل لكسب حقّها بالمساواة. لكن ما يميّز المملكة هو تفهمّها أنّ كلّاً من الجنسين فريد وله حاجاته الخاصّة. كذلك، تتمتّع السعوديّة بكلّ المؤهّلات اللازمة للنجاح، فهي متعلّمة ومثقّفة وشغوفة ومثابرة. وتشهد المملكة على تميّز نسائها في مختلف المجالات، ما يجعل طاقاتهنّ المختلفة غنى يرتقي به المجتمع. فمن الأعمال مروراً بالعلوم ووصولاً إلى الفنون، تبادر المرأة السعوديّة إلى الإنخراط في مختلف المجالات التي لم تعد حكراً على الرجال فحسب.

اقرئي أيضاً: النساء البدويّات المنسيّات

وفي ما يلي امرأتان رائدتان من قلب الرياض على سبيل المثال لا الحصر.

الدكتورة ملاك عابد الثقفي طبيبة وعالمة وباحثة ورائدة أعمال. فبعد تخرّجها من كلّيّة الطبّ في جامعة الملك عبد العزيز، أكملت دراساتها وعملها في تخصّصات علم الأمراض السريريّة والتشريحيّة والعصبيّة والجينيّة الجزيئيّة في جامعات عريقة في الولايات المتّحدة الأميركيّة. وتشغل منصب رئيسة قسم بحوث الجينوم في مدينة الملك فهد الطبّيّة ومنصب أستاذة بحوث مساعدة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا. وهي اليوم واحدة من 147 طبيباً في مستشفى Brigham للنساء وواحدة من 14 طبيباً في معهد Dana-Farber للسرطان المتخصّص في علم الأمراض، حيث تفرّغت لإجراء زمالة بحثيّة ما بعد الدكتوراه في بيولوجيا السرطان والأورام الطبّيّة. وحصلت على جوائز عدّة محلّيّاً ودوليّاً ولديها الكثير من المنح البحثيّة في السعوديّة والولايات المتّحدة الأميركيّة. و لم تسمح لأيّ عائق أن يقف في وجهها، بل انخرطت في المجال الذي يستهويها وأبدعت فيه.

أمّا الفنّانة هبة سلطان فهي شابّة سعوديّة تريد أن تذكّرنا من خلال أعمالها الفنّيّة بالقضايا التي نسيناها. وتتطرّق في لوحاتها إلى كيفيّة عيش الإنسانيّة والأنوثة والسلام الداخليّ. فتنظر إلى عملها بمثابة علاج ذاتيّ وتستلهم من جمال الحياة والتعبير الاستثنائيّ الذي يمكن أن يقوم به فنّان معيّن. وتستخدم الأكريليك للحصول على الحيويّة والزيت لرسم لتفاصيل. وفي بعض الأحيان، تكون لوحاتها قديمة وفي أحيان أخرى حديثة لتعبّر بحيويّة عن نظرتها إلى الأمور. وعُرضت أعمالها في طوكيو وميامي ونيويورك، وعندما آمنت بشغفها، نجحت في تحقيقه ووصلت إلى عرض أعمالها في معرض Walton للفنون الجميلة في لندن وهو واحد من الإنجازات التي تعتزّ بها.

يختزن المجتمع السعوديّ طاقات نسائيّة هائلة، إذ كلّما اكتسبت المرأة السعوديّة مزيداً من الحقوق كلّما أبدعت. فأعطوها حقوقها وخذوا ما يدهش العالم.

اقرئي أيضاً: عندما يجتمع الشغف والشجاعة يكون النجاح ثالثهما

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث