Saeida Rouass: تذكّرنا الروايات أنّنا متشابهون كلّنا في الصميم

التصوير: Maximilian Gower
من المعروف أنّ الفنّ لغة عالميّة تربط مختلف الأشخاص حول العالم سواء من خلال تذكّر التجارب والمشاعر المتشابهة أو من خلال تسليط الضوء على القضايا المشتركة. فيساعدهم بذلك على التماثل مع هذه المسائل والتعبير عن أنفسهم بما يتعلّق بها بطريقة أو بأخرى. وفيما نسلّط الضوء على الفنّانين الموهوبين ونغطّي المعارض الفنيّة ونقيم تعاونات خاصّة مع الفنّانين، نُظهر دائماً من خلال المواضيع والتحقيقات التي نتشاركها معك كيفيّة ارتباطنا بعضنا ببعض أينما كنّا في العالم! ولكن، بالرغم من طابعه العالميّ، لا شك في أنّ الفنّ يتأثّر بهويّة الفنّان ونشأته. وفيما نبدأ عاماً جديداً، نغوص معاً في عالم فنّانات عربيّات يشكّلنَ المجتمع من حولهنّ في لندن! سنكتشف المزيد عن مسيرة Saeida Rouass التي انتهى بها المطاف بالانتقال إلى لندن بالإضافة إلى الرسائل وراء أعمالها وطريقة تفاعل المجتمع معها، والكثير من القصص الأخرى التي سنكشفها لك في ما يلي!

اقرئي أيضاً: Alya Mooro: هناك قواسم مشتركة تجمعنا أكثر من أوجه الاختلاف بيننا نحن النساء وهذا أمر أسعى إلى تصويره

وُلدت سعيدة رواس في شرق لندن لوالدين مغربيّين. ومن خلال تجربتها، يترافق ذلك مع أسئلة حول الانتماء والديار لم تستطع تجنّبها أبداً. إنّما تغيّرت طريقة تعاملها مع شعورها بأنّها غريبة في مجتمعها مع مرور الوقت. فشعرت في السابق أنّ ذلك يشكّل عقبة، لكنّها اليوم تعتبره قوّة. وهذا الشعور بأنّها غريبة هو أيضاً سبب من الأسباب التي دفعتها إلى مغادرة المملكة المتّحدة للسفر بحثاً عن مكان ربما تنتمي إليه. حيث عاشت 10 سنوات خارج البلاد، ومعظمها في الشرق الأوسط، لكن أيضاً في آسيا. وفيما اقتربت من سن الأربعين عاشت نقطة تحوّل في مسيرتها الإبداعية عندما أدركت أنّها لطالما رغبت في كتابة القصص وسردها، لكنّها لم تمنح أبداً هذه الرغبة طاقتها الكافية. كانت تعيش في قنتب وهي قرية صيد خارج مسقط، في عمان، والتزمت بكتابة قصّة أثناء تواجدها في ذلك المكان الهادئ لمعرفة ما إذا كانت تستطيع الكتابة فقط. وعلمت أنّ أحداثها ستدور في القاهرة حيث عاشت عام 2010 فشعرت أنّ هذه المدينة قد أعطتها الكثير. وبعد ثلاثة أيّام فقط، انتهت من كتابة الرواية القصيرة Eighteen Days of Spring in Winter، التي تدور أحداثها في القاهرة خلال الربيع العربي، وسرعان ما وجدت ناشراً لها. وقد حرّرتها تلك التجربة من مخاوفها بشأن الكتابة وتمكّنت من رؤيتها على حقيقتها: إرث من ماضٍ لم يعد يُعرّف عنها! دعينا نكتشف عالم الكاتبة والناشطة معاً!
يوميّات سعيدة متنوّعة جداً إذ أنّها تعمل على مجموعة من المشاريع الإبداعيّة وغير الإبداعيّة. وتخبرنا: "أحاول قضاء بعض الوقت في العمل على مشروع إبداعيّ كلّ يوم. وقد يكون ذلك عبارة عن بعض الأبحاث حول موضوع معيّن، أو القراءة أو المشي على طول طريق ريفيّ لأخلق لنفسي مساحة للتفكير من خلال شخصيّة أو قصّة، أو كتابة الملاحظات أو النثر." هي أيضاً عضو في مجلس أمناء مركز الحسنية للمرأة المغربيّة في لندن وتدعم العمل الذي تقوم به الجمعيّة الخيريّة مع النساء المغربيّات والعربيّات اللواتي يسعينَ للحصول على الدعم بسبب العنف المنزلي. إنّ العمل الذي تقوم به سعيدة مع الحسنية مهمّ جداً بالنسبة إليها لأنّه يدعم النساء العربيّات اللواتي يعانين من الكثير من الصعوبات في المملكة المتّحدة. كما أنّها من أكبر المعجبين بمؤسسة Education for All الخيريّة في المغرب التي تبني بيوتاً للفتيات في المناطق النائية من جبال الأطلس. وتؤكّد قائلة: "الأميّة تقلّل من الإحساس بالذات والقيمة بها والثقة والقوّة لدى المرأة، وتتّخذ المؤسّسة نهجاً عملياً لإزالة هذه الحواجز ليصبح التعليم متاحاً للفتيات الصغيرات في المغرب."

تجربة حقيقيّة من خلال عالم مختلق
تعتبر الكاتبة أنّ عملها يدور حول سرد القصص في الأساس. فتخبرنا قائلة: "يدور عملي حول بناء عالم خيالي وأشخاص يعيشون ويتنقّلون فيه. وتهدف الكتابة إلى دعوة القرّاء إلى هذا العالم والطلب منهم أن يبقوا هناك لبعض الوقت." وبالنسبة إليها، الكتابة الخيالية هي منح الآخرين تجربة حقيقيّة من خلال عالم مختلق. وهي تعمل حالياً على الرواية الثانية من ثلاث أجزاء تدور أحداثها في مدينة فاس في المغرب عام 1912. وقد سلّطت الضوء على الآتي: ""ثلاثية فاروق العلمي" هي فعلاً جزء مهمّ من عملي الإبداعي. إذ تروي قصّة رجل يكافح من أجل بناء مستقبل لبلاده في فترة تهدّد المصالح الخارجية فيها ذاك المستقبل. إنّها تتناول موضوع الانتماء من بعض النواحي." لقد غيّرت كتابة هذه الثلاثية سعيدة كثيراً إذ إنّها زادت فهمها لبلدها الأم المغرب ولتاريخه وصراعاته وروحه الشرسة في نهاية المطاف.
تأمل سعيدة في إثراء العالم من خلال القصص التي ترويها وإضافة شيء يجعل الناس يفكّرون في العالم من حولهم وفي وجهات نظرهم. فتخبرنا: "ليس سرد القصص دولياً فحسب، بل هو عالمياً أيضاً. إنّه يربط الناس بالتجارب والمعاني والعوالم والشخصيات التي قد لا يصادفونها أبداً في حياتهم العاديّة. وأظنّ أنّ هذا سيساعدنا في رؤية قواسمنا المشتركة. فتستطيع الروايات أن تأتي بتلك التجارب المشتركة من أماكن بعيدة مباشرةً إلى حياة الناس وتذكّرنا بأنّنا متشابهون كلّنا في الصميم".

افعلي ما يمليه عليك إبداعك
لكنّ المؤلّفة والمتحدّثة على منصّة TedX تظنّ بأنّ التحيزات في عالم النشر في المملكة المتّحدة لا تزال موجودة وتحدّد ما يتمّ نشره وما لا يجوز نشره كما تشير إلى نقص التنوّع في صناعة النشر في المملكة المتّحدة واستبعاد الكتّاب من أصحاب البشرة الداكنة. وقد لمست شخصياً هذا الاستبعاد فقد قال لها أحد المحترفين في النشر أنّها إذا أرادت أن تكون "كاتبة ناجحة" فعليها أن تكتب روايات يرغب الجمهور السائد في قراءتها. وتخبرنا: "هذا الشعور بأنّك غريبة هو الذي يتبعك في جميع أنحاء حياتك ولكن بالنسبة إليّ، فإن فعل أي شيء بخلاف ما يمليه عليّ إبداعي سيكون بمثابة إساءة لتراثي ولذاتي، وإذا عنى ذلك ألّا أتّبع الاتجاه السائد، فأنا أقبل به."

في الختام، طلبنا من سعيدة أن تشاركنا رسالة ملهمة في مطلع هذا العام الجديد عن النجاح استناداً إلى مشوارها الخاصّ وتقول: "أودّ أن أقول لأي شخص شاب يتمتّع برغبة إبداعية أنّ لديك واجب تجاه نفسك لتغذية هذه الرغبة. وعند مواجهة عقبات حتميّة، لا بدّ من أن نتذكّر أنّ الإبداع يثري حياتنا في المقام الأوّل قبل أن يثري الآخرين. يجب السماح لنفسك باستكشاف الجزء الذي يريد التّحدث إلى العالم في داخلك. لذا، افعل ذلك لنفسك أوّلاً واستمع لتلك الرغبة بداخلك بدلاً من قمعها. فيتعلق الأمر بإيجاد طرق لتغذية إبداعك حتى ينمو. وهناك حتماً طريقة للتغلّب على العقبات، ما عليك إلّا إيجادها. والعام 2022 هو الوقت المناسب للبدء بهذا النهج، وفي الواقع ما من وقت أفضل من الوقت الحالي."

اقرئي أيضاً: Muslim Sisterhood أو الاحتفاء بالحبّ والتنوّع والإبداع

العلامات: Saeida Rouass

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث