Nour Hage: العيش كامرأة في هذا العالم هو بحدّ ذاته تصريح سياسيّ واجتماعيّ

التصوير: Maximilian Gower
من المعروف أنّ الفنّ لغة عالميّة تربط مختلف الأشخاص حول العالم سواء من خلال تذكّر التجارب والمشاعر المتشابهة أو من خلال تسليط الضوء على القضايا المشتركة. فيساعدهم بذلك على التماثل مع هذه المسائل والتعبير عن أنفسهم بما يتعلّق بها بطريقة أو بأخرى. وفيما نسلّط الضوء على الفنّانين الموهوبين ونغطّي المعارض الفنيّة ونقيم تعاونات خاصّة مع الفنّانين، نُظهر دائماً من خلال المواضيع والتحقيقات التي نتشاركها معك كيفيّة ارتباطنا بعضنا ببعض أينما كنّا في العالم! ولكن، بالرغم من طابعه العالميّ، لا شك في أنّ الفنّ يتأثّر بهويّة الفنّان ونشأته. وفيما نبدأ عاماً جديداً، نغوص معاً في عالم فنّانات عربيّات يشكّلنَ المجتمع من حولهنّ في لندن! سنكتشف المزيد عن مسيرة Nour Hage التي انتهى بها المطاف بالانتقال إلى لندن بالإضافة إلى الرسائل وراء أعمالها وطريقة تفاعل المجتمع معها، والكثير من القصص الأخرى التي سنكشفها لك في ما يلي!

اقرئي أيضاً: Alya Mooro: هناك قواسم مشتركة تجمعنا أكثر من أوجه الاختلاف بيننا نحن النساء وهذا أمر أسعى إلى تصويره

وُلدت نور الحاج في بيروت ونشأت ما بين العاصمة اللبنانيّة والرياض. وعندما كانت في الثامنة عشر من عمرها، كافحت بشدّة للدراسة في Parsons في باريس. ثمّ بدأت مشوارها المهنيّ في العاصمة الفرنسيّة قبل العودة إلى بيروت ثمّ الانتقال في نهاية المطاف إلى لندن مع زوجها عام 2016. وقد اعتبرت تلك الخطوة بداية جديدة تماماً وتحدّياً كبيراً لها. وأدركت أنّها بحاجة إلى تحدّي نفسها أكثر من أي وقت مضى، وقد عاد ذلك بالفائدة عليها. دعينا نكتشف معاً عالم هذه الفنّانة والمصمّمة المميّزة!

بهدف الانغماس أكثر في عالم نور، طلبنا منها أن تشاركنا روتينها اليوميّ، فتجيبنا قائلة: "أبدأ يومي بالقهوة، وأتعلّم القليل من اللغة النرويجية عبر تطبيق هاتفيّ، ثمّ أستقلّ الحافلة للذهاب إلى الاستوديو الجديد الخاصّ بي في Angel، شمال لندن. وعادةً ما أتفقّد رسائل البريد الإلكترونيّ التي تصلني من المتاحف أو المؤسّسات أو الأشخاص الذين يريدون التعاون معي." وتضيف قائلة: "أنا أرسم كلّ يوم. وأفعل ذلك على جهاز iPad حالياً. من هنا تنطلق كلّ أفكاري، ثم أنقلها إلى جهاز Macbook لأعمل عليها أكثر. وهناك أيضاً العالم الملموس من حولي في الاستوديو حيث يحيط بي الكثير من الأقمشة والمنسوجات والكتب والصور الأرشيفية. كلّها أغراض تسمح لي بأن أدخل إلى عالمي كلّ يوم". بعد مغادرة الاستوديو، تحاول نور عدم التحدّث كثيراً عن العمل. فمن المهمّ جدّاً بالنسبة إليها أن تختبر أشياء أخرى بعد انتهاء يوم العمل.

انتقال الهويّة عبر الأجيال
يدور عمل نور حول التحقّق من التواريخ والثقافات في الشرق الأوسط، مع التركيز على نقل الهويّة عبر الأجيال. وتشرح لنا قائلة: "يجد ذلك طريقه إلى عملي في التصميم كما على النسيج وفي الفنّ الرقميّ. أنا أستفيد حالياً من منحة في متحف Victoria & Albert في لندن الذي يمنحني مساحة لدراسة هذه المواضيع بعمق أكبر ممّا كنت قادرة على فعله من قبل من خلال الوصول إلى المجموعات والقيّمين فيه." تميل نور في عملها إلى الانتقال من مشروع إلى آخر من الجانب التاريخيّ إلى الاجتماعيّ ثمّ الشخصيّ بسهولة كبيرة. فتقول لنا: "إنّه انعكاس للحياة الحقيقيّة. نحن لا نفكّر دائماً في الأمور الكبيرة، فتكون حياتنا أحياناً هادئة ويكون لدينا أحياناً هدف أكبر. أنا لا أفرض أي شيء على عملي، بل أعمل كلّ يوم بيومه فقط". تؤمن نور بأنّ العيش كامرأة في هذا العالم هو بحدّ ذاته تصريح سياسيّ واجتماعيّ. كما تسلّط الضوء على النساء القويّات في فنّها، من الشخصيّات التاريخيّة وصولاً إلى جدّتها. وتخبرنا المصمّمة أيضاً: "أنا أشجّع النساء على عدم الخوف والانضمام إلى مساحات جديدة، مثل مساحة NFT الفنيّة التي انضممت إليها مؤخراً. تعرّفت إليها من خلال كتابات إحدى النساء، وأردت أن أساهم بنفسي من خلال دعوة الأخريات. أظنّ أنّ هذه الأعمال الصغيرة لا تقلّ أهميّة عن التغييرات الرئيسة في التشريعات والتغيير على المستوى المؤسّسي. كلّ ذلك ضروريّ لإحداث التغيير."

عالم فنيّ منفتح وتعاونيّ
تؤكّد المصمّمة أنّ تقدير الفنّ يتّخذ طابعاً عالميّاً. وهي مثلاً تستوحي من الكثير من الأعمال الصادرة من غرب أفريقيا مثلاً. وقد أخبرتنا قائلة: "في الواقع، لا توجد حدود فعليّة. ولا سيّما مع الطريقة التي تتمّ بها الأمور في يومنا هذا. أظنّ أنّ عالم الفنّ أصبح أكثر انفتاحاً وتعاوناً ممّا كان عليه من قبل وآمل أن أساهم في تعزيز ذلك أكثر."

في الختام، طلبنا من نور في مطلع العام الجديد مشاركتنا رسالة للقارئات اللّواتي يبحثنَ عن مسيرة ناجحة. فبدأت بتسليط الضوء على مسارها الخاصّ قائلة: "لم يكن الطريق الذي أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم مستقيماً طبعاً، لكن لا بدّ من المثابرة. وفي يوم من الأيّام يأتي شيء ويكسر الظلام. فلا شيء يحدث بمعجزة. وحتى في ظلّ التّحديات، واصلت تقديم الأعمال. حتّى عندما لم يرغب أحد في رؤية المجموعات، واصلتُ تصميمها وأعددتُ نموذجاً أولياً منها وصوّرتها. إذ لا نجد أيّ مخرج إلّا من خلال العمل." واختتمت قائلة: "الأهمّ من ذلك كلّه هو ألّا تخافي من تجربة أمور مختلفة. عندما كنت طفلة، كان حلمي الوحيد في الحياة أن أصبح مصمّمة أزياء ومؤسّسة علامتي التجارية الخاصّة. ثمّ حقّقتُ ذلك وسارت الأمور على ما يرام لفترة من الوقت. ومع انتشار الوباء تأثّر عملي كثيراً وشعرت بالضياع، إلى أن قرّرتُ أنه لا بأس بالتخلّي عن حلم الطفولة واختيار شيء مختلف لنفسي، شيء مختلط أكثر. وعندئذٍ سمحت لنفسي بالتعمّق أكثر في عملي الفنيّ. ومنذ أن فعلت ذلك، انفتحت الأمور أمامي وبات لديّ الآن حلم جديد. وأظنّ أنّ تلك الطفلة في داخلي كانت لتفتخر بي."

اقرئي أيضاً: Muslim Sisterhood أو الاحتفاء بالحبّ والتنوّع والإبداع

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث