Neel Jassani: "هذه قصّة عن القوّة والقدرة على المضي قدماً على الرغم من فقدان الحمل الذي يلوح في الأفق"

التصوير: Maximilian Gower

هي فنّانة عراقيّة شابة تقيم في دبي، ويمكن تصنيف أسلوب Neel Jassani في الرسم ضمن فئة الرسم البديهي أو الحركة التعبيريّة التجريديّة إنّما المصطلحيْن لا يعكسان تماماً أسلوبها. فهي تعتقد أنّ المصطلح لم يتمّ تعريفه بعد، لكنّها تعتبره ينضوي ضمن مدرسة ال Fauvism، المشتقة من الكلمة الفرنسيّة Fauves التي تعني الوحوش المفترسة، والتي استخدمها فنّانو هذه الحركة للإشارة إلى أنفسهم. وتحبّ الفنّانة الشابة هذ النهج لأنّها تلمّح إلى مشاعر الجوع والفضول في إبداعاتها. كذلك، فإنّ الموضوعات التي تتناولها تعتبر وثائقيّة لأنّ معظم أعمالها عبارة عن سير ذاتيّة. حيث أنّها تجمع التفاصيل من العالم الحقيقي وتستخدمها كأساس لكون سرياليّ قابع في لوحاتها! فلنكتشف سويّةً القصة وراء اللوحة التي أعدّتها خصيصاً لهذا العدد!

عدسة من الاحتمالات والتناغم

عندما سألناها عن سبب شغفها بالفن، أخبرتنا Neel Jassani أنّ:"الفنّان لا يجسّد أمراً حدث له، لا بل روحاً متنامية ورغبةً سارت في عروقه ما قبل التاريخ". ثم تفسّر: "ثمة صوت هامس تزايد من جيل إلى جيل ليصبح أكثر إلحاحاً، ريثما أبصرت النور وولد هو في داخلي. وأعتقد أنّ هذه الطريقة التي أرى بها العالم، حيث أنّني أبصر كلّ شيء من خلال هذه العدسة. وهي عدسة من الاحتمالات والتناغم. وهذا المنظور الذي يساعدني على التأقلم والتغلّب على الألم والغضب، واختبار أحاسيس الحبّ والمشاعر الإنسانيّة المتنوّعة. لذا فإنّه أكثر من مجرّد منفذ، وإنّما أسلوب حياة". هذا وتؤكّد الشابة الموهوبة أنّ عقلها سائر دوماً في التقاط اللحظات لإعادة إنشائها. لكن أيّ نوع من اللحظات بالضبط؟ تجيب: ”إنّها لحظات أمثال الطريقة التي ينظر إليك بها شخص ما عندما يعتقد أنّك لا تنظرين، وسواعد والدتك بينما تقطّع البصل وتسرد لك أخبار الحي الأسبوعيّة، وأيضاً عيون الناس، وملمس الخشب والمخلوقات التي تعيش في داخله، والوجوه العابسة، والابتسامات... إنّ اللحظات كثيرة جداً".

إنّها تكمل مسارها وتنمو وتولد من جديد

ما المفهوم المتعلّق بالحمل الذي وثّقته الفنانة الكويتيّة في هذا العمل الفني؟ توضح لنا: "القطعة عبارة عن نسيج طويل مثل بساط الحائط، يوثّق تجربة الأمومة بطريقة كان ليوافق عليها المصريون القدماء. وقد عمدت إلى فعل هذا لتمسي قطعة تاريخيّة، كما لو أنّ المرأة تصعد إلى قمة إحدى التلال وتطلق صرخة عظيمة، وهذا ما حصل هنا بالفعل، واللوحة خير دليل على ذلك". وتؤكد الفنّانة العراقيّة أنّ هذه قطعة صاخبة بالتأكيد لأنّها تحتوي على عنصر لا يموت. وعن هذا الأمر، تقول لنا: "هذه قصة لن تُنسى أو تُدفن، فالشخصيّة الأنثويّة عنيدة وتنظر إلى الأمام. أي إنّها تكمل مسارها وتنمو وتولد من جديد. وجهها يشبه الطيور، تماماً مثل طائر الفينيق بالتحديد، ونرى ثقل الدنيا كلّه تحتها بيد أنّها مثابرة. هذه قصة عن القوة والقدرة على المضي قدماً على الرغم من فقدان الحمل الذي يلوح في الأفق". كيف ساعدها اختيار الأشكال والألوان في ترجمة رؤيتها؟ تشرح لنا بهذه الكلمات: "يوجد لونان في هذا العمل الفني، الأسود المحدّد والطاغي، واللمسة البارزة والوحيدة بالأحمر. ويجسّد هذا اللون اختياراً تكتيكيّاً وعنصر مفاجأة في اللوحة، إذ إنّه يشير إلى لحظة حزن ويرمز إلى جرح. وقد تبدو اللمسة الحمراء صغيرة نسبيّاً، غير أنّها صرخة معركة مسموعة بالتأكيد. وتمتد الخطوط في شبكة مترابطة تقريباً، تمثل ماضينا وقراراتنا التي تصقل شخصيّتنا وتعزّز قوتنا وامتداد أجسامنا. نحن الأشجار الجبّارة والوحوش الجائعة والآلهة الجميلة".

حمل ثقيل على أكتافنا

قضت رؤية Jassani Neel في أن تسرد بصورة ملائمة، قصة نادراً ما نسمعها. حيث أرادت أن تكون صوتاً يعبّر عن مصاعب الأمومة والأوقات العصيبة التي تأتي معها بكلّ أشكالها. ولكنّ الأهم من ذلك أنّها رمت إلى ترسيخ إحدى لحظات سيرتها الذاتيّة. وفي هذا الصدد تقول: "بالنسبة إليّ، تمثّل قصة الخسارة، وإمكانيّة الأمومة واختيار أن تكوني أماً جزءًا من هذا العمل. فلا أحد يتحدّث حقاً عن ذلك، حيث تقع على عاتق المرأة مسؤوليّة استمراريّة البشريّة، ونحمل هذا الحمل الثقيل على أكتافنا. لكن ماذا لو ألقيت المسؤوليّة نفسها عليك في وقت مبكر جداً، متى يقرّرون فوراً أنّنا مستعدّات لها؟ على سبيل المثال، شاهدت امرأة قريبة منّي كادت أن تصبح أماً، إنّما ما زلت أرى الحياة الموازية التي كان يمكن أن تعيشها اليوم، لو أصبحت كذلك بالفعل. وتختتم كلامها بالآتي: "لقد شاهدت الألم الذي تحمّلته ومثابرتها الملهمة بالرغم من كلّ الصعاب، لذا فإنّ هذه القطعة مخصّصة لها، تماماً مثل صفحات الإهداء الأولى في الروايات".

اقرئي أيضاً: Soraya Abu Naba'a: "يسلط العمل الضوء على الشخصيّة باعتبارها مهد الحياة والتغيير والتحوّل المستمر"

العلامات: Neel Jassani

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث