Nadine Kaadan: يستحقّ كلّ الأولاد أن يروا أنفسهم في القصص التي يقرؤونها

التصوير: Maximilian Gower

من المعروف أنّ الفنّ لغة عالميّة تربط مختلف الأشخاص حول العالم سواء من خلال تذكّر التجارب والمشاعر المتشابهة أو من خلال تسليط الضوء على القضايا المشتركة. فيساعدهم بذلك على التماثل مع هذه المسائل والتعبير عن أنفسهم بما يتعلّق بها بطريقة أو بأخرى. وفيما نسلّط الضوء على الفنّانين الموهوبين ونغطّي المعارض الفنيّة ونقيم تعاونات خاصّة مع الفنّانين، نُظهر دائماً من خلال المواضيع والتحقيقات التي نتشاركها معك كيفيّة ارتباطنا بعضنا ببعض أينما كنّا في العالم! ولكن، بالرغم من طابعه العالميّ، لا شك في أنّ الفنّ يتأثّر بهويّة الفنّان ونشأته. وفيما نبدأ عاماً جديداً، نغوص معاً في عالم فنّانات عربيّات يشكّلنَ المجتمع من حولهنّ في لندن! سنكتشف المزيد عن مسيرة Nadine Kaadan التي انتهى بها المطاف بالانتقال إلى لندن بالإضافة إلى الرسائل وراء أعمالها وطريقة تفاعل المجتمع معها، والكثير من القصص الأخرى التي سنكشفها لك في ما يلي!

اقرئي أيضاً: Saeida Rouass: تذكّرنا الروايات أنّنا متشابهون كلّنا في الصميم

عاشت نادين كعدان في سوريا طوال حياتها تقريباً وعملت مع عدد من الناشرين العرب كونها مؤلّفة ورسّامة كتب أطفال. انتقلت إلى لندن عام 2012 بعد اندلاع الحرب في بلادها. أمّا نقطة التحوّل الأكبر في حياتها المهنيّة فكانت عندما نشرت كتابها الأول باللغة الإنجليزية The Jasmine Sneeze. فهي لم تظنّ يوماً أنّها قد تكتب باللغة الإنجليزية وتدخل صناعة كتب الأطفال البريطانيّة التي تعتبر واحدة من أكثر الصناعات التنافسيّة وغير المتنوّعة في المملكة المتّحدة. فاعتقدت أنّه من المستحيل أن تتمكّن من سرد قصصها السوريّة هناك. رافقينا لنكتشف معاً عالم المؤلّفة والرسّامة الحائزة على جوائز!

بالنسبة إلى نادين، إنّ حياة المؤلّفين والرسّامين تتألّف من فصلين. وتشرح لنا: "الفصل الأوّل هو تأليف الكتاب الذي يتطلّب تواجد المؤلّف في الاستوديو كلّ يوم ليعمل عن كثب مع المحرّر إلى أن يصبح الكتاب جاهزاً. وعندما يُنشر الكتاب، يبدأ الفصل الثاني." وتتابع: "تختلف الأيّام كثيراً عندها عمّا كانت عليه في الاستوديو إذ أسافر عبر المملكة المتّحدة لقراءة قصصي في الكثير من المهرجانات والمدارس. الفصلان جميلان ولا ينسيان، وأنا أستمتع بعملي الإبداعي في الاستوديو ثمّ بلقائي الأطفال وسماع ردود أفعالهم تجاه الكتاب."
وفي خضّم مسيرتها ما زال هناك الكثير من الصور النمطية التي تواجهها نادين في يومنا هذا. إذ تقول لنا: "تُسأل المرأة العربيّة دائماً عمّا إذا كانت متمكّنة ومستقلّة أو لا. هي بحاجة دائماً إلى إثبات نفسها، أمّا قصصها فتنشأ دائماً عن الصور النمطية السلبية التي يعرضها الإعلام.". تجد الكاتبة هذه المغالطة في ما يتعلّق بالمرأة العربية في وسائل الإعلام الغربيّة حزينة فعلاً، وتحاول تحدّي ذلك ببساطة من خلال الاستمرار في العمل الذي تقوم به، "من خلال سرد قصص من منطقتنا وبأصواتنا، بعيداً عن أي أجندة منحازة".

ذكريات الطفولة في سوريا
تدور قصص نادين حول ذكرياتها وطفولتها في سوريا بشكل أساسي. وتقول: "نشأت من دون كتب تمثّل ثقافتنا وقرّرت تغيير ذلك من خلال عملي. فيستحقّ كلّ الأولاد أن يروا أنفسهم في القصص التي يقرؤونها." وتضيف قائلة: "أكتب أيضاً عن تجاربي الشخصيّة - Tomorrow هي قصّة عن حياة طفل صغير في سوريا خلال الحرب. لقد كتبتها عندما كنت في دمشق خلال السنة الأولى من الحرب. وتعكس القصّة والرسومات أفكاري ومشاعري خلال تلك الفترة الصعبة". أخبرتنا أيضاً بأنّها كانت محظوظة إذ تمّت دعوتها إلى الكثير من المهرجانات الأدبية المشهورة مثل مهرجان إدنبرة للكتاب ومهرجان لندن للأدب. إنّها الطريقة المفضّلة لديها لمشاركة أعمالها إذ تحصل على فرصة لقراءة كتبها لجمهور رائع ومقابلة العائلات والأطفال والاستماع إلى ردود فعلهم على أعمالها.
وفيما سألنا نادين عمّا إذا كان هناك أي قضيّة تودّ الدفاع عنها، تؤكّد لنا أنّ تعليم الفتيات هو شغف كبير بالنسبة إليها "لأنّ الكثير منهنّ في سوريا يجبرنَ على ترك المدرسة والزواج في سنّ مبكرة. ويشكّل الزواج المبكر واقعاً محزناً يعانيه مجتمعنا، فهو يؤثّر على الفتيات الصغيرات من خلفيّات اجتماعية واقتصادية مختلفة ولا يقتصر فقط على اللواتي في مخيّمات اللاجئين." كما هناك قضيّة أخرى تدعمها وهي تغيير النظام الحالي وظروف العمل للأمّهات العاملات لتكون أكثر فائدة ومرونة للوالدين.

زيادة التنوعّ في أدب الأطفال
كيف يمكن أن يؤثّر عمل نادين على المجتمع الذي تنتمي إليه اليوم؟ تجيبنا قائلة: "أنا سعيدة لأنني أؤلّف قصصاً مثل The Jasmine Sneeze، حيث يستطيع الأطفال السوريّون وأطفال الشرق الأوسط بشكل عام أن يروا أنفسهم ممثّلين في هذه القصّة فيما يحصلون أيضاً على الفرصة لتذكّر تراثهم الثقافي العريق. كما أنّني فخورة جدّاً لأنّني جزء من التنوّع المتزايد في مجال أدب الأطفال في المملكة المتّحدة الذي ازداد من 7٪ عام 2017 إلى 15٪ عام 2020 وفقاً لتقرير Reflecting Realities. عندما بدأ الإغلاق التام في المملكة المتّحدة عام 2020، أرسل لها الكثير من الأهالي هناك رسائل عبر البريد الإلكتروني ليخبروها بأنّ أطفالهم يشعرون بالراحة بفضل كتابها Tomorrow الذي يتحدث عن الحرب في سوريا وعن طفل لا يستطيع الخروج من منزله من أجل اللعب أو الذهاب إلى المدرسة لأنّ الوضع ليس آمناً. فأخبرتنا قائلة: "يظهر ذلك أنّنا جميعنا عرضة للضعف، والفنّ هو أفضل طريقة لربطنا بغض النظر عن مدى اختلاف الظروف."
في الختام، طلبنا من نادين مشاركتنا رسالة ملهمة عن النجاح في مطلع هذا العام الجديد استناداً إلى مشوارها الخاصّ. فقالت: "المرونة وعدم التأثّر بالانتقادات والمثابرة، كلّها مفاتيح النجاح لا سيّما في الصناعة الإبداعيّة حيث نواجه الكثير من الرفض". واختتمت قائلة: "تعلّمت شيئاً خلال مسيرتي ووجدت أيضاً أنّه من المهمّ جدّاً تذكّره وهو الاستمتاع بالرحلة بغض النظر عن الصعوبات التي تنتظرنا. لذا استمرّي في المحاولة ولا تتخلّي أبداً عن شغفك."

اقرئي أيضاً: Alya Mooro: هناك قواسم مشتركة تجمعنا أكثر من أوجه الاختلاف بيننا نحن النساء وهذا أمر أسعى إلى تصويره

العلامات: Nadine Kaadan

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث