Marriam Mossalli: الوقت أثمن ما أملك، غير أنّني أحرص على استغلاله بحكمة!

التصوير: Cody Ryan
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh

"لديّ الكثير لأقوم به، إلّا أنّه ليس لديّ الوقت الكافي لإتمامه.... الأربع وعشرون ساعة لا تكفيني..." كم مرّة نُردّد هذه العبارة أونسمعها ممّن حولنا؟ يُقال إنّ الوقت كالمال، غير أنّنا نرى أنّه أهمّ من المال. بل هو المورد الأغلى! فإذا ضاع المال يُمكن استرجاعه، أمّا كلّ دقيقة تَمضي فلا تعود ولا يمكن استبدالها بأيّ شي. لكلٍّ منّا مفهومها للوقت وطريقتها الأنسب في استغلاله بحسب انشغالاتها اليوميّة. إلاّ أنّ العبرة تكمُن في التنظيم، فمعيار نجاح الفرد يكمُن في استثمار وقته بالطريقة الفضلى. ولأنّنا نثق بنسائنا السعوديّات الرائدات وبما أنّ نجاحهنّ هو دليل على جدارتهنّ في استخدام الوقت، قمنا بإمضاء يوم كامل مريم مصلي سيّدة الأعمال ومؤسِّسة شركة Niche Arabia للاستشارات في مجال الرفاهيّة للتعرّف على مفهومها للوقت، وكيفيّة تطوّره مع ازدياد مسؤوليّاتها العائليّة والعمليّة. فانضمّي إلينا في ما يلي لتكتشفي المزيد عن هذه السيّدة المتميّزة في مجالها ولتطّلعي على كيفيّة استغلالها للوقت.

من مهنتها كصحفيّة في مجال الموضة، إلى مكانتها كسيّدة أعمال ووصولاً إلى دورها كمؤسِّسة شركة Niche Arabia للاستشارات في مجال الرفاهيّة وكذلك كمدوّنة Shoes and Drama، دائماً ما حرصت مريم مصلي في خلال عملها على ملء الجوانب الناقصة في المحتوى في مجالات مختلفة. حتّى أنّها خصّصت حياتها المهنيّة بأكملها لملء كلّ الفراغات الموجودة في مجالات تخصّصها على مدى السنوات القليلة الماضية. واليوم، في ظلّ التغيّيرات والإصلاحات الاجتماعيّة الكثيرة التي تشهدها المملكة العربيّة السعوديّة، ها إنّها تواصل مهمّتها وتملأ فراغاً جديداً! وبعد أن أمضينا يوماً كاملاً مع هذه المرأة السعوديّة المذهلة أثناء عملها مع فريقها من السيّدات على مهرجان MDL Beast الموسيقيّ في الرياض، أخبرتنا كيف تتمكّن من الاستفادة من وقتها بأقصى قدر ممكن. تابعينا إذاً في هذه المقابلة لاكتشاف كلّ ما عليكِ معرفته حول هذه المرأة القدوة وعن مفهومها للوقت وخططها المستقبليّة!

أخبرتنا ذات مرّة أنّ مهنتك تدور برمّتها حول ملء الفراغ، أيّ فراغ تسعين إلى ملئه اليوم؟

أعتقد أنّ سدّ الثغرات في أيّ سوق يُعتبر بالفعل نهج ريادة أعمال. واليوم، تمثّل الأجيال الشابّة جوهر السعوديّة، بحيث تسعى المملكة إلى تلبية احتياجاتهم وتأمين كلّ ما يروق لهم، لا سيّما في مجال الترفيه أو الموسيقى. كذلك، ترمي إلى توفير منصّة لهم ليستعرضوا مواهبهم. ولهذا السبب، تحوّلت شركة Niche Arabia من خلال المشاريع التي نأخذها على عاتقنا أكثر نحو المجالات التي تهمّ الأجيال الشابّة.

عملت في الشهر الماضي مع فريقك على مهرجان MDL Beast الموسيقيّ في الرياض. ماذا يمكنكِ أن تخبرينا عن هذه التجربة وكيف تشعرين اليوم مع كلّ هذه التغييرات والإصلاحات الاجتماعيّة التي تحدث في المملكة العربيّة السعوديّة؟

في الحقيقة أشعر بالتعب، إذ لم أنَم منذ أيّام والأمر ينطبق على فريقي أيضاً! غير أنّنا متحمّسون جدّاً ويُشرّفنا أن نكون قادرين على العمل إلى جانب الكثير من السعوديّين المتحمّسين لتحقيق هذا الحدث. والواقع أنّ هذه الفعاليّة تطلّبت مجهوداً جماعيّاً استثنائيّاً من نخبة من المواهب السعوديّة التي تعاضدت، فأنشأت هذا المهرجان الموسيقيّ الأضخم في العالم! وبصفتي سيّدة سعوديّة تعيش في المملكة، إنّه لأمر رائع أن أشهد هذه التغييرات بأمّ العين إلى جانب غيري من المواطنات السعوديّات. فهذه ليست بلَفتات رمزيّة من حكومتنا، وكذلك ليست بروباغندا؛ إنّما هي تحوّلات نابعة من قلب السعوديّة بحقّ. ومن المذهل أنّ هذه المواهب التي تصعد إلى الأضواء اليوم تتضافر وتحارب الصور النمطيّة السلبيّة التي عكستها وسائل الإعلام من حول العالم على مرّ السنين.

ماذا يمكنكِ أن تخبرينا حول فريقكِ من السيّدات السعوديّات اللّواتي عملنَ معك على هذا المهرجان بكافّة جوانبه؟

#NicheGirls فريق من النساء الملتزمات والمنضبطات اللّواتي يتحلَّينَ بالطموح والشغف. هؤلاء السيّدات يُمثّلن جوهر Niche Arabia. فبفضل التزامهنَّ الثابت بمعاييرنا، وصلت شركتنا إلى ما هي عليه اليوم. وتفصيلاً، كان لدينا فريق يعمل على قسم البيع بالتجزئة الذي استعرض علامات streetwearالسعوديّة، وفريق آخر يتعامل مع المؤثّرات المحليّيات والإقليميّيات، وكذلك فريق يتعامل مع الشخصيّات المهمّة. لذا، بالفعل تواجدت أسرة Niche في كلّ مكان دعماً للشركات الزميلة، التي قدّمت لنا الدعم بدورها وبالقدر نفسه.

منذ سنوات وأنت تُسهمين بتغيير مشهد سوق الموضة في دول الخليج العربيّ. أيّ حقبة من عالم الأزياء تستلهيمن منها أكثر من غيرها؟

أُحبُّ زمن الأربعينات كثيراً. ولو تسنّى لي أن أولد من جديد، سأختار أن أكون باريسيّة وأن أعيش في فترة ولادة القصّة الجديدة على يد Christian Dior. فأكثر ما أحببته في فكرته التي لا سابق لها، أنّه غيّر طريقة ارتداء النساء للملابس بصورة جذريّة. كذلك، قدّمت Coco Chanel في فترة الحرب القميص الرياضيّ للنساء وسمحت لهنَّ بارتداء القطع المريحة ذات الطابع "الذكوريّ" في ذاك الوقت. لكلّ هذه الأسباب، أعتقد أنّ الأربعينات كانت فعلاً فترة محوريّة في عالم الأزياء.

أخبرتنا سابقاً أنّ المملكة العربيّة السعوديّة تحتاج إلى الاستثمار في بنى الموضة التحتيّة بأكملها لتصبح عاصمة للأزياء. فهل تعتقدين اليوم مع كلّ التطور الحاصل فيها، أنّنا على وشك تحقيق هذا الأمر؟

إنّنا نقترب من تلك المرحلة حتماً. فمنذ شهرين، استقدمت شركة Niche Arabia عارضات من المملكة المتّحدة من أجل عرض أقامته Burberry. وفي الشهر الماضي، كرّرنا السيناريو نفسه مع Dior واستقدمنا العارضات من فرنسا. والحقيقة أنّ عملية حصولنا على تأشيرات الدخول في اليوم نفسه ساعدتنا بشكل ملحوظ. لذا، كلّما زاد الانفتاح السعوديّ، أصبحت أزياؤنا عالميّة.

نراكِ تسلّطين الضوء على نساء المملكة العربيّة السعوديّة وتظهرين صورتهم الباطنيّة التي تتخطّى العباءة إلى العالم أجمع! أنت تفعلين ما تحبّين وتقومين بذلك بكلّ صدق. فكيف تستثمرين وقتك بحكمة بين حياتكِ المهنيّة والعائليّة؟

لم أكن أدرك مهارة النساء في القيام بمهام متعدّدة في آنٍ معاً حتّى أنجبتُ ابني. ولربّما أظنّ أنّني قلّلت من قدرتنا على تقسيم المهام ومعالجتها بطريقة قد تترك معظم الرجال في حالة من الفوضى المطلقة! إنّما أشعر بالامتنان لأنّي أحظى بدعم كبير من زوجي ولديّ فريق مذهل لا أستطيع فعل أيّ شيء بدونه.

يحصل الكثير في حياتك اليوم، في حين تملكين جدولاً مزدحماً في حياتكِ وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعيّ. فكيف تنجحين في تنظيم وقتك وتحديد أولويّاتكِ في ما يخصّ ما عليك القيام به؟

أرتّب مهامي بحسب الأولويّة وأقوم أيضاً بالتفويض على بعض المهام؛ إلّا أنّني أعترف أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ تحلّ في المرتبة الأخيرة. وأعلم أنّ هذا الأمر يبدو غريباً اليوم، بينما يحمّل الأشخاص 100 منشور في اليوم ولا يفارقون هواتفهم قطّ. وبصراحة، أنا على استعداد للتخلّي عن وسائل التواصل الاجتماعيّ، لكن المؤسف أنّني بحاجة إليها لأبقى سيّدة أعمال ناجحة. فما لم يُنشَر في عصرنا هذا، سيبدو كما لو أنّه لم يحدث! لكن أجل، لديّ علاقة حبّ وكراهيّة مع وسائل التواصل الاجتماعيّ، لأنّني أعتقد أنّها زعزعت ثقة الناس في أنفسهم وبالتالي جعلتهم يائسين وغير صادقين. ودائماً ما يتفاجأ الأشخاص الذين يُقابلونني للمرّة الأولى بأنّني في الحقيقة تماماً كما أظهر على حساباتي الاجتماعيّة، وغالباً ما يخبرونني كم أبدو بسيطة، وأعتقد أنّهم يشيرون إلى قلّة المكياج على وجهي وأزيائي المتواضعة. فهم يتفاجأون بكوني أنقل حياتي على طبيعتها من دون وضعها في إطار فيلتر. غير أنّني لستُ بحاجة إلى التباهي؛ لا بل أفضّل أن أدَع أعمالي تتحدّث عنّي.

كيف ترين الوقت؟ وكيف تبدّل منظورك إليه على مدى مسيرتك المهنيّة المتنوّعة وبعد ولادة ابنك؟

الوقت أثمن ما أملك، ولطالما رغبت في القيام بكلّ شيء. غير أنّني بتُّ أفهم الآن أنّ الوقت ليس بالأمر اللامحدود، إنّما لديّ عدد محدّد من الساعات لأكون شخصيّة منتجة، أو لأخصّص قسماً منها لإبني، لذا أحرص على استغلاله بحكمة.

إذا سنحت لكِ الفرصة لتخبري نفسك المراهقة بأمر لم تدركيه حينذاك، بمَ تخبرينها؟

لا تضعي المكياج إطلاقاً، بل تباهي ببشرتك غير المثاليّة طالما تستطيعين فعل ذلك. استمتعتي بشبابك، إذ مهما كان جرّاح التجميل خاصّتك بارعاً، لا يمكن للبوتوكس أن يكون بديلاً للشباب الحقيقيّ.

ما النصيحة التي ستُسدينها إلى ابنكِ سعود بعد أن يكبر عن الوقت؟

سأقول له: لا تعتبر الوقت أمراً مسلَّماً به وحاول استغلال كلّ لحظة. سواء أسعيت إلى إنجاز الكثير أو اخترت أن تتوقّف عند التفاصيل الصغيرة والاستمتاع بها، تأكّد دائماً من الاستفادة الكاملة من وقتك.

إذا كانت لديك الفرصة للعودة في الزمن والتعرّف إلى شخصيّة غيّرت التاريخ. من ستكون وماذا ستقولين لها؟

أختار قَطعاً جان دارك أو كليوباترا. إذ كنت مهووسة بهاتين المرأتين منذ أن كنت في الصفّ الرابع، حتّى أنّني أعددت تقارير عنهما. إلّا أنّني غير متأكدة ممّا أودّ أن أقوله لهما، لكن لربّما قد أشكرهما على كونهما مصدر إلهام لي فيما كنت في المدرسة الابتدائيّة.

نعيش اليوم في سباق مع الوقت، خصوصاً عندما نتمتّع بطموحات كبيرة. فما هي خططك المستقبليّة، وما الأطر الزمنيّة التي حدّدتها لها وكيف تتطلّعين إلى تحقيقها؟

أعتقد أنّ تحديد الأهداف أمر غاية في الأهميّة. فذات مرّة، حدّثتني واحدة من سيّدات الأعمال السعوديّات المحنّكات عن أهميّة هذا الأمر، في حين أنّنا نميل كسيّدات أعمال إلى الانغماس في الانشغالات ونبدأ بإهمال حياتنا الشخصيّة. فعلى سبيل المثال، أتذكر أنّني قرّرتُ أن أتزوّج في سنّ الثلاثين، ثمّ فعلت ذلك بالفعل. كذلك، قلتُ أنّني سأنجب طفلاً قبل عمر الخامسة والثلاثين وفعلت ذلك. ولو لم أقُم بتحديد هذا النوع من الأهداف الشخصيّة والمهنيّة، أعتقد أنّني كنت سأميل إلى اتّجاه واحد بدون الآخر. إنّما بهذه الطريقة، أرى أنّ حياتي أكثر توازناً. أمّا الآن، فهد في المستقبليّ هو تسليم Niche Arabia إلى فريقي القدير من النساء الرصينات بعد أن قمتُ بتوجيههنَّ وبالاتّجاه أكثر نحو الأعمال الخيريّة والاستشارات. والحقيقة أنّني لطالما رغبتُ في العمل في وكالة الأنباء السعوديّة والمساعدة في تعزيز الروايات السعوديّة الأصيلة ومحاربة الصور النمطيّة السائدة.

أخبرتنا ذات مرة أنّ النساء السعوديّات كنَّ يكسرنَ الحواجز حتّى قبل أن تغطّي وسائل الإعلام هذا الواقع. إذا سنحت لكِ الفرصة للسفر عبر الزمن إلى العام 2030، ما الأمر الوحيد الذي ترغبين في رؤيته بصورة مختلفة في حياة المرأة السعوديّة؟

آمل أنّه بحلول ذلك الوقت لن نُعاني الاستخفاف بنا وأن نكون قد أثبتنا عن القدر نفسه من الكفاءة والقوّة بالمقارنة مع الرجال، لا بل تجاوزناه! لذا، آمل أن نتوقّف عن رؤية الناس على أنّهم "إناث" أو"ذكور" وأن نراهم على قدم المساواة. لكنّني أعتقد أنّ الوقت سيأتي، وبالسرعة التي تحدُث بها الأمور في السعوديّة، قد يتحقّق ذلك قبل العام 2030.

اقرئي أيضاً: Halah AlHamrani: للوقت دور هامّ في حياة المرء، خاصّة إذا ما يتوق للنجاح والتميّز

العلامات: Marriam Mossalli

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث