Kamelia BIN Zaal: كلّ ما نزرعه نحصده لاحقاً.

التصوير: Maximilian Gower 
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh 
التنسيق: Sarah Rasheed 

فيما كان والدها يطوّر أفكاراً لما يُعرف اليوم باسم البراري Al Barari في دبي، زُرعت في الوقت عينه بذرة في عقل Kamelia Bin Zaal. بذرة جعلتها تتّخذ القرار بالانتقال من العمل في حكومة دبي إلى تأسيس مهنتها الخاصّة في تنسيق المناظر الطبيعيّة في العام 2006. إذ يبدو أنّ تصميم الحدائق كان بمثابة شغفاً مخفيّاً لدى
 Kamelia. فذهبت إلى لندن للتخصّص في هذا المجال، ثم عادت إلى دبي للمساعدة في إنشاء إحدى أجمل المساحات الطبيعيّة وإضفاء بُعد جديد على المساحات الخارجيّة. فقضينا يوماً معها لنكتشف كيف تجمع ما بين عالم النباتات والإبداع. لذا، انضمّي إلينا في هذه المقابلة للتعرّف أكثر على المشاريع الرائعة التي تعمل عليها Bin Zaal وأفكارها التي تدافع من خلالها عن المناظر الطبيعيّة المستدامة والنباتات الأصليّة!

كيف تطوّر مشهد المناظر الطبيعيّة في الإمارات في السنوات العشرة الماضية، وكيف ترينه في السنوات العشرة القادمة؟
نضج تصميم المناظر الطبيعيّة لدينا مع نضوج بلدنا. فالإماراتيّون مثقّفون ومتعلّمون جيّداً ويسافرون كثيراً، وقد نمت توقّعاتنا نتيجةً لذلك. ومع تدفّق الشركات الدوليّة في مجال المناظر الطبيعيّة، أرادت شركات الهندسة المعماريّة والاستشارات وإدارة المشاريع كلّها أن تصبح جزءاً من هذا النموّ. الأمر الذي أدّى إلى تطوير المناظر الطبيعيّة ذات الشهرة العالميّة. غير أنّ الأهمّ بالنسبة إليّ يبقى متمثّلاً في تنمية المواهب المحليّة. إذ ثمّة مناظر طبيعيّة مزروعة محليّاً أجدها على قدم المساواة مع بقيّة العالم من حيث التصاميم والروح. ومن الرائع أن نرى الكثير من الشركات الموهوبة تخرج من الإمارات وتسخّر مواهبها على الصعيد العالميّ الآن. وهذا يعني أيضاً أنّ مبادئ التصميم لدينا تتساوى ومبادئ العالم من حيث المناظر الطبيعيّة وتتصدّرها من حيث الاستدامة.

هلّا أخبرتنا المزيد عن هذا القرار الذي غيّر حياتك؟ فما الذي مكّنك من اتّخاذه وكيف تشعرين حياله اليوم؟
كنت محظوظة جدّاً لأنّني اكتسبت الخبرة إثر عملي في الحكومة، ولوجودي في دبي في الوقت الذي كانت فيه هذه المدينة تترك بصمتها بقوّة على المستوى العالميّ. والحقيقة أنّني كنت فخورة جدّاً ولا أزال بكوني أشكّل جزءاً من تلك البصمة. ومع ذلك، أهملت حينها جانباً كبيراً من نفسي، ألا وهو الجانب الإبداعيّ. إذ أعتقد أنّ النجاح يتطلّب من كلّ منّا أن يكون صادقاً في جميع جوانبه وقدراته. وفي الوقت الذي اتّخذت فيه قراري بتغيير مهنتي، وجدت نفسي في وضع صعب وعرفت أنّ الأمور يجب أن تتغيّر بالنسبة إليّ للمضي قدماً. وفي تلك الفترة، طوّر والدي أفكاراً لما يعرف الآن باسم Al Barari وكان من المحتمل أن تشكّل كليّة البستنة جزءاً من مشروعه. ويبدو أنّه زرع بذرة في ذهني، في حين قرّرت في يوم من الأيّام البدء بالرسم في دفتر الفنّّ الخاصّ بي، الأمر الذي لم أفعله لسنوات، وفجأةً خطرت لي فكرة تنسيق الحدائق. ولا أستطيع وصف تلك اللحظة سوى أنّها كانت بمثابة صحوة. لذا، في غضون شهر واحد أصبحت في لندن أدرس ذلك التخصّص بالضبط. وبالفعل، كان أحد أفضل القرارات التي اتّخذتها في حياتي.

تُعدّ المناظر الطبيعيّة المستدامة من الأمور التي تدافعين عنها، لا سيّما وأنّ المياه مورد نادر في الإمارات العربيّة المتّحدة. فهلّا شرحت لنا فوائد استخدام النباتات الأصليّة، التي تعتبر من المفضّلة لديك، في المناظر الطبيعيّة؟
بصرف النظر عن أنّ النباتات الأصليّة جميلة وتنتمي إلى مناظرنا الطبيعيّة، تُعدّ أيضاً نباتات صحراويّة ويضمن استخدامها انخفاضاً كبيراً في استهلاك المياه. إنّما لا بدّ من أن يجرى إعادة تعليم وتغيير في الإدراك للسير في ذلك الاتجاه. والجميل أنّ النباتات الصحراويّة ليست كلّها شوكيّة، فعوضاً عن أنّها تناسب بيئتنا الطبيعيّة، يمكن استخدامها أيضاً لتمنحنا منظراً طبيعيّاً أخضر. وأظنّ أنّ مشروع
KOA Canvas خير دليل على ذلك، في حين استخدمت 80 ٪ من النباتات الأصليّة فيه.

الفستان والسوار العريض من Valentino 
الأقراط من Aurate 

ما المشاريع المستدامة التي تعملين عليها حاليّاً وماذا عن تصميم أحلامك لحديقة إسلاميّة عامّة عصريّة؟
إنّنا على وشك توسيع المناظر الطبيعيّة لـKOA Canvas، المشروع التجاريّ الذي أعمل عليه، بحيث أتّبع موضوع الزراعة الأصليّة نفسه. واستخدمت أيضاً نباتات أصليّة في ملعب البراري الجديد الذي اكتمل تقريباً، كأداة لتوعية الناس حول النباتات الأصليّة. وكذلك في مشروع آخر، بدأت في البحث عن النباتات الطبيّة في الإمارات العربيّة المتّحدة، وأتطلّع إلى معرفة المزيد وتطوير حلمي أكثر بعد.

تُعتبر العناية بالحديقة فعل حبّ يتطلّب المعرفة لوضع الأمور في نصابها الصحيح. لذا، ما نصيحتك للنساء اللواتي يرغبنَ في الاهتمام بحدائقهنَّ بأنفسهنَّ إنّما لا يملكنَ المعرفة الصحيحة؟ وهل هي حقاً مهمّة معقّدة؟
ليست المهمّة بالمعقّدة إلّا أنّ الحدائق، مثل أيّ شيء آخر، مناطة بالوقت والاهتمام الذي نوليه لها. فعلى المرأة أن تقضي الوقت في البحث عن نباتاتها، وكلّما فهمت المزيد عنها، استطاعت الاعتناء بها بشكل أفضل. فالحديقة مثل أيّ كائن حيّ آخر يعيش ويتنفس فضلاً عن أنّها في تغيّر مستمرّ، لذا عليك أن تفهمي بيئة حديقتك وتربتها وأشعّة الشمس أو الظلّ فيها، وما إذا تتعرّض للرياح أيضاً. ثمّ عليك أن تفهمي ماهيّة كلّ نبتة وشجرة، لأنّه لكلّ منها طابع واحتياجات مختلفة. بعد فهم هذه الأمور، يمكنك أن تنجحي.

يتطلّب عملك الكثير من الإبداع. فكيف تغذّين إبداعك ومن أين تستقين الإلهام؟
أغذّي إبداعي عبر الكثير من القنوات المختلفة، إنّما يبقى السفر مصدر إلهامي الرئيس لأنّه يسمح لي باختبار ثقافات وفنون وهندسات معماريّة وأطعمة وأشخاص ومناظر طبيعيّة جديدة. فضلاً عن أنّه يأخذني بعيداً عن ضغوطاتي اليوميّة ممّا يسمح لإبداعي بالتدفّق أكثر. وبما أنّ انتعاش الروح ينعش إبداعنا أيضاً، فإنّ الموسيقى مصدر إلهام كبير لي أيضاً.

تحتوي دولة الإمارات العربيّة المتّحدة على سابع أكبر مصدر طبيعيّ للنفط في العالم وتحتلّ المرتبة السابعة عشرة من حيث أكبر مصدر غاز طبيعيّ، إلّا أنّها تعاني استغلال هذه الموارد الطبيعيّة. فبصفتك منسّقة مناظر طبيعيّة، ما هي الحلول البديلة الأفضل التي من شأنها أن تعالج هذه المشكلة؟
المسألة غاية في السهولة، إذ علينا فعل العكس وتسخير مواردنا الطبيعيّة بدون استغلالها. وذلك من خلال استخدام طاقة المياه المتدفّقة وتسخير الرياح وأشعّة الشمس. بمعنى آخر، يجب أن نستغلّ الطاقة المتجدّدة التي لا تؤثّر في بيئتنا.

الأزياء كلّها من Carolina Herrera

ما عواقب نقص الوعي في ما يخضّ القضايا البيئيّة في منطقة الخليج؟
يمكن أن يكون تأثير هذا النقص كبيراً، إنّما لا ينطبق الأمر على الشرق الأوسط فحسب، لا بل إنّها قضيّة عالميّة. وشخصيّاً، أرى أنّنا كبشر نشعر بأنّنا مؤهلّون ومتفوّقون، ولدينا الحقّ في استخدام العالم لمصلحتنا الخاصّة، لكن العالم يردّ علينا بدوره. فالطبيعة الأمّ دائماً ما تجد طريقة لتحقيق التوازن. ومع ذلك، قد تكون تلك المسألة في خطر إذا لم نستمع إليها. وإن تمكّن كلّ فرد منّا أن يحدث تغييراً واحداً فحسب في حياته لحماية بيئته، قد نملك كبشر فرصة أكبر للبقاء. إذ يتعلّق الأمر بالعيش في توازن مع الطبيعة وهذا أمر فهمه أسلافنا، وفهمه سمو الشيخ زايد سلطان آل نهيان، إنّه جزء من ديننا.

كيف يمكننا جعل الأجيال الشابّة أكثر اهتـــمـــامـــاً بالتنـــمية المستدامة؟ وهـل توافقين على جعل البستنة جزءاً من المناهج الوطنيّة؟
علينا أن نجعل جيل الشباب يفهم الدمار الذي سبّبناه نحن الجيل الأكبر لبيئتنا الطبيعيّة. فنتائج أفعالنا هذه باتت تظهر الآن ولسوء الحظّ يتطلّب تصحيحها أن نعمل جميعاً، هذا إذا لم يكن قد فات الأوان. في حين خاطرنا بمستقبلهم وبمستقبل الأجيال القادمة.
إلّا أنّه يمكننا تغيير هذا الواقع وأعتقد أنّه باستطاعتنا تصحيحه حتّى، إنّما من خلال إعطاء الجيل الأصغر الأدوات المناسبة والتعليم الصحيح فحسب. إذ يتعلّق الأمر بتعليمهم كيفيّة العيش في توازن مع العالم. وإذا عدنا بذاكرتنا إلى الوراء، نسترجع الكثير من الأمثلة للثقافات عبر الزمان التي حقّقت ذلك، ولم تأخذ أكثر من المطلوب. لذلك، إذا استطعنا أن نجمع معرفتنا في العلم مع معرفة الثقافات القديمة والتاريخيّة التي تعايشت مع الطبيعة، فيمكننا تحقيق الكثير لحماية العالم وكلّ ما فيه.

كيف يلمسك شعار "ازرعي مستقبلك"؟
كلّ ما نزرعه، نحصده لاحقاً. وتنطبق هذه الحقيقة على كلّ ما في الحياة، سواء كانت حديقتنا النباتيّة أو حياتنا الشخصيّة.

ما الرسالة البيئيّة التي تودّين مشاركتها مع السيّدات الإماراتيّات؟
علّمنَ أطفالكنَّ ما علّمنا إيّاه سمو الشيخ زايد، وذلك أنّه علينا حماية بيئتنا والاعتناء بها، ليتسنّى لنا الاعتناء بكنَّ.  

اقرئي أيضاً: حوّلي منزلك إلى ملاذ للإيجابيّة

العلامات: Kamelia BIN Zaal

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث