Halima Alnaqbi: الطريق لأيّ أمر عظيم يحتاج إلى مثابرتك فقد تكون لحظة الاستسلام هي الأخيرة التي تفصلك عن الوصول لطموحاتك

أثبتت المرأة عبر العصور قدرتها على التفوّق في المجالات العلميّة كافّة... وليست العالمة ماري كوري إلّا خير مثال على النجاح الذي يمكن أن تحقّقه المرأة عبر مثابرتها وجهدها. إلّا أنّنا لا نزال بحاجة إلى تحطيم الكثير من الصور النمطيّة والعقبات لمساعدة الباحثات حول العالم للوصول إلى مستوى أعلى في حياتهنّ المهنيّة. حيث أنّ التّحديات والحواجز كثيرة وتختلف بحسب التخصّصات والبلدان والمجتمعات فيمكن أن تكون مثلاً على صعيد نقص التمويل أو على صعيد حدّ المرأة في إطار يمنعها من تطوير مسيرتها. وبالرغم من أنّ النساء في المهن العلميّة حول العالم يشكّلن ما يزيد قليلاً عن 33% من الباحثين وفقاً لتقرير اليونسكو للعلوم المنشور في يونيو 2021، إلّا أنّ انخفاض عدد الباحثات في المستويات الأعلى للبحوث بحسب البلدان والتخصّصات يبقى واقعاً إلى حين تغييره! ولكي تكون مختلف مجالات العلم من العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) وغيرها شاملة نحن بحاجة إلى تعاون بين الرجال والنساء حيث أنّ التّحديات التي يواجهها العلم بحاجة لجهود مشتركة من الجنسين. فلا غنى عن تحليل فكر المرأة والنظرة الجديدة أو المختلفة التي يمكن أن تطرحها. بالإضافة إلى ذلك تلعب المرأة الكثير من الأدوار الاجتماعيّة المحوريّة ومشاركتها تلك ستجعلها تترك أثراً أكبر في مجتمعها. 

اقرئي أيضاً: Honourable Lujaina Mohsin Darwish: لا تدعي خوفك من المجهول يردعك

وفيما احتفى "لوريال-اليونسكو من أجل المرأة في العلم" هذا العام بإنجازات 14 عالمة عربيّة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 5 منهنّ من دول مجلس التعاون الخليجي، سنتعرّف في ما يلي إليهنّ عن قرب ونكتشف مواضيع أبحاثهنّ ودورها في تطوير مجتمعاتهنّ! محطّتنا الآن مع Halima Alnaqbi:

حليمة النقبي باحثة من الإمارات العربيّة المتّحدة، متخصّصة في مجال الهندسة الطبيّة الحيويّة وبالتحديد بعلم الجينوم والوراثة المناعي لدى الإنسان. وهو فرع من علم البحوث الطبيّة يبحث في العلاقة بين جهاز المناعة والجينات الوراثيّة وقابليّة التعرض للأمراض المناعية والمعدية. تخرّجت من جامعة بيتسبرغ في الولايات المتّحدة بشهادة الماجستير ثم التحقت ببرنامج الدكتوراه في الهندسة في جامعة خليفة بالإضافة الى كونها مدرّسة مساعدة فيها. وقد نالت الجائزة تقديراً لجهودها وبحثها الحاليّ، لنتعرّف إليها وعلى أبحاثها عن قرب! 

هلاّ شاركتنا المزيد عن بحوثك ونتائجها المرجوّة؟ 
يساهم مشروعي في حلّ التّحديات التي تواجه التقنيّة الحالية للمطابقة النسيجيّة بين المتبرّعين ومرضى زراعة الأعضاء من الأصول العربيّة من أجل تقليل الآثار الجانبيّة للزرع وتحسين نوعيّة الحياة ودعم خفض تكلفة الرعاية الصحيّة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. وبينما تتوجّه مراكز العالم حاليًّا للطبّ الشخصي المبني على علم دقيق بالمورثات الجينيّة المرتبطة بالأمراض لتفاديها أو لمعالجتها قبل حدوثها، ستوفّر البيانات الناتجة عن هذا البحث، مورداً جينومياً قيّماً في ما يتعلّق في تحديد عوامل القابليّة لأمراض المناعة الذاتية والأمراض المعدية لدى العرب وذلك من خلال توسيع مجموعة بيانات الجينوم لتعكس بدقّة المجموعات العرقيّة في المنطقة وإنشاء مرجع رسمي لـما يسمّى مُعَقَّدُ التَّوافُقِ النَّسيجِيِّ الكَبير. فعلى سبيل المثال اكتشفنا علامات جينيّة خاصّة بسكان دولة الإمارات تسبّب أمراضاً معيّنة موجودة في هذا الجزء من الجينوم مثل مرض السكري المناعي.

ما السبب وراء اختيارك القيام بهذا البحث وما هي برأيك أهميّة أن تجاري أبحاث العلماء حاجات المجتمع ومتطلّباته؟ 
بسبب نقص بيانات الجينوم العربي، تواجه الرعاية الصحيّة في الدول العربية تحديّات فريدة تؤثّر على قدرة الرعاية الصحيّة في المنطقة على ترجمة نتائج البحوث من الدراسات الجينيّة الجزيئيّة إلى تطبيقات إكلينيكيّة، خاصّة بالنسبة للفحوصات المهمّة مثل مطابقة التوافق النسيجي لتحديد قابليّة المريض لتلقّي أيّ عضو من متبرّع. ويهدف بحثي إلى تقليل هذه الفجوة وتوفير إطار عمل لاختيار المتبرّعين أثناء زراعة الأعضاء ونخاع العظام. ومن المهمّ أن تجاري الأبحاث العلميّة حاجات المجتمع ومتطلّباته. فكانت أبحاث الدكتوراه الخاصّة بي هي فرصتي لتوجيه مهاراتي لحلّ التّحديات التي أثّرت على مجتمعي والعالم.

ما هي التّحديات التي مررت بها في خلال مسيرتك العلميّة وكيف تغلّبت عليها؟ 
لقد مررت بتحديّات عدّة وأبرزها كانت الساعات الطويلة التي قضيتها في المختبر لإيجاد الحلّ لتجربتي التي كانت تفشل كلّ مرة لمدّة سنة كاملة. كان لذلك تأثير سلبي على نفسيّتي وكنت كثيرة التشكيك في قدراتي وعلى وشك الاستسلام. لكنّني استطعت تخطّي هذه العقبة من خلال الاستعانة بمساعدة فريق الباحثين ذوي الخبرة في مركز التقنيات الحيويّة في جامعة خليفة للتوصّل إلى حلّ. عندها أيقنت أنّنا كباحثين سنفشل كثيراً، ومع ذلك يجب أن يكون لدينا الدافع لئلا نتوقّف عن المحاولة فقد تكون لحظة الاستسلام هي الأخيرة التي تفصلك عن الوصول لطموحاتك، فالطريق لأيّ أمر عظيم يحتاج منك المثابرة.

ما هو شعورك بعد هذا التكريم وما الرسالة التي توجّهينها لكلّ الفتيات الإماراتيّات بمناسبة يوم المرأة العالمي؟
أشعر بفخر كبير، فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، كرّمت جائزة لوريال-اليونيسكو النساء العالمات في جميع أنحاء العالم وكان لي الشرف أن أكون من ضمن هذه النخبة من العالمات الصاعدات لسنة 2021. أنا على يقين من أنّ الطالبات الإماراتيّات يقدرنّ العلم ويؤمنَّ بإمكانيّاته، حيث إنّ عدد التحاق النساء بالتعليم العالي في الإمارات العربيّة المتّحدة هي الأعلى في العالم في مجالات العلوم والطبّ والهندسة. ومع ذلك، وعلى الرغم من كلّ المبادرات المشجّعة من الحكومة، فإنّ الكثير من هذه المواهب لا تنضمّ إلى القوى العاملة، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الاعتقاد الخاطئ بأنّ العمل في مجال العلوم معقّد. قد لا يكون مسار الحياة المهنيّة في هذا المجال سهلاً، فمن الضروري أن يكون حبّنا للتحدّي هو دافعنا لعدم التوقّف أبداً ويجب أن تكون لدينا مهارة المرونة في التعامل مع العوائق.

اقرئي أيضاً: Nour Hage: العيش كامرأة في هذا العالم هو بحدّ ذاته تصريح سياسيّ واجتماعيّ

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث