H.H Sheikha Hoor Al Qasimi: الفنّ قادرٌ على تنشيط المحادثات، ما يعزّز فهمنا لكيفيّة المضي قدماً

Photography by SEBASTIAN BÖETTCHER

هي شغوفة بالفنّ وقيّمة على المعارض الفنيّة وفنّانة أيضاً! إنّها سموّ الشيخة حور القاسمي رئيسة ومديرة مؤسسة الشارقة للفنون الحائزة على شهادة بكالورويس فنون جميلة من مدرسة سليد للفنون الجميلة في لندن، فضلاً عن دبلوم في الرسم من الأكاديميّة الملكية للفنون، وكذلك ماجستير في تنسيق الفنّ المعاصر من الكليّة الملكيّة للفنون في لندن أيضاً. أنشأت الشيخة حور مؤسّسة الشارقة للفنون SAF في العام 2009، لتكون بمثابة محفّز للفنون في مدينة الشارقة سواء داخل الإمارات العربيّة المتحدة أو على الصعيدين الإقليمي والدولي. ومنذ ذلك التاريخ، عمدت الفنّانة الشغوفة بالتجربة والابتكار في الفنّ، إلى توسيع نطاق مؤسّستها لتشمل المعارض الدوليّة والفنّانين البارزين والقيّمين على المعارض الفنّيّة والفنّانين الناشئين والبرامج التعليميّة وبرامج أخرى متنوّعة أيضاً، لتحوّل الشارقة بذلك إلى عاصمة فنّيّة عالميّة. وفي ما يلي، نتحدّث عن مسيرتها الناجحة وتأثيرات وباء كورونا على عالم الفنّ وعن مواضيع أخرى ذات صلة.  

كيف بدأت مسيرتك في عالم الفنّ؟

بدأت العمل في بينالي الشارقة في العام 2002 حيث تمّ تعييني في منصب الإدارة أيضاً. في ذلك الحين كنت أصغر عضو في فريق العمل. وحصل ذلك بعد عودتي من رحلة إلى كاسل في ألمانيا، حيث حضرت نسخة العام 2002 من الحدث الفنّي الضخم الذي يُقام هناك كلّ خمس سنوات تحت اسم "دوكومنتا". وذلك العام، حصل هذا المعرض بإشراف من Okwui Enwezor، وترك الحدث تأثيراً كبيراً عليّ في تلك السنوات التكوينيّة، إذ جعلني أتساءل عن الطرق المعتمدة لتقديم البينالي التقليدي وألهمني على تغيير اتجاه بينالي الشارقة. لذا في العام 2009، أنشأت مؤسسة الشارقة للفنون كوسيلة لتوسيع برامج البينالي وتقديم معارض وبرامج تعلّم تستمرّ على مدار العام ولا تقتصر دورتها على سنتين فحسب.‎
ومنذ ذلك الحين، نمت المؤسسة لتضم برنامجاً شاملاً من المعارض والفعاليات والمحادثات والعروض وعروض الأفلام والبرامج وأنشطة التعلّم التي تجمع بين الفنانين المعاصرين والقيّمين والمنتجين الثقافيين والمجتمع بهدف المشاركة في الفنون والتفاعل معها. كذلك، تعتبر المؤسّسة أيضاً محفزاً للإنتاج الفني، بحيث أنّنا ندعم ونعزّز أعمال الفنّانين المحليّين والإقليميّين والدوليّين من جميع التخصّصات الثقافيّة عن طريق المنح والإقامات والبرامج المختلفة.

ما الأدوار التي يجب أن تلعبها المنظّمات الفنّيّة أمثال مؤسسة الشارقة للفنون في عالم اليوم المليء بالتوتر؟ كيف ترين قدرة الفنّ على الشفاء الجماعي؟

للفنّ القدرة على الجمع بين المجتمعات في حوار وتبادل هادف. إذ من شأنه أن يؤثّر على الطريقة التي نرى بها العالم من حولنا، وذلك لأنّه يقدّم لنا حسابات بديلة حول كيفيّة مساهمة المجتمع ككلّ وكذلك المجتمعات الفرديّة بإنشاء عالم أكثر استدامة وحيويّة. وفي الإطار نفسه، يتمتّع الفنّ بالقدرة على تنشيط المحادثات الصعبة والمهمّة، ممّا يعزّز فهمنا لكيفيّة المضي قدماً.
وشخصيّاً، أعتقد أنّ دور المؤسسات والمنظّمات أمثالنا يقضي بجعل الفنّ متاحاً للجماهير والمجتمعات. ونحن منذ التأسيس في العام 2009، تمثّلت مهمّتنا بجلب الإنتاج الثقافي إلى مجتمعنا المحلي والمنطقة المحيطة به وتقديم البرامج المصاحبة له التي تساعد على هذا التبادل الهادف الذي أشرت إليه سابقاً.

كيف أثر وباء كورونا على المعارض والفعاليات الفنيّة والإنتاج الثقافي؟ هل تعتقدين أنّه أثّر على قدرة الفنّانين على الإنتاج والإبداع؟

لا شك في أنّ الأزمة الصحيّة الحالية قد أثّرت على القطاع الثقافي، ممّا أدّى إلى تأخير المعارض والفعاليات والإقامات والتفويضات وما إلى ذلك. وتماماً مثلما أثّر الفيروس على المحترفين في معظم المجالات، ترك أثراً كبيراً أيضاً على طريقة عمل الفنّانين، ومن المؤكد أنّه زاد من صعوبة إنتاج الأعمال والحفاظ على حياة مستدامة أيضاً. فمع إغلاق المؤسسات أبوابها وتأجيل الأحداث الفنّيّة، لم يتمكّن الفنّانون والمهنيّون الفنّيّون من الاجتماع بالطريقة المعتادة سابقاً.

ما هي برأيك الإستراتيجيات اللازمة للفنّانين والقيّمين للتّصدي للتّحديات الدوليّة الحاليّة؟

أظنّ أنّ الاستجابة الأفضل من جهة القيّمين والمتخصّصين في الفنّ والمنظّمات الفنّيّة والمؤسّسات الثقافيّة تتمثّل في إيجاد طرق لمواصلة تمويل أعمال الفنّانين ودعمها. ففي مؤسستنا مثلاً، قمنا بتعميم فرص مهمّة للفنّانين تقدّمها المنظّمات الفنّيّة والمؤسسات الثقافيّة الأخرى من خلال دليل افتراضي يتمّ تحديثه بشكل منتظم. كذلك بدأنا أيضاً برنامجاً تعليميّاً جديداً عنوانه Forsa School يزوّد الفنّانين المقيمين في الإمارات العربيّة المتحدة بالمهارات العمليّة والمعرفة المهنيّة اللازمة للإبحار في صناعة الفنّ في هذه الأوقات المضطربة. وفي هذا السياق أيضاً، وسّعنا آفاق مهرجان الأفلام السنوي الخاصّ بنا، ألا وهو "منصة الشارقة للأفلام" ليشمل في عامه الثالث برنامجاً احترافيّاً لصانعي الأفلام الشباب الذي سيدرّبهم من حيث كتابة السيناريو والتخطيط الاستراتيجي ما قبل الإنتاج للمشاريع الحاليّة والمستقبليّة. ومن المهمّ بالنسبة إلينا أن نجد أساليب لتقوية البنية التأسيسيّة لمشهد الفنون من أجل جعله أكثر ديمومة للفنّانين والمنتجين الثقافيّين في ظل الأزمة الحاليّة والمستقبليّة.

Photography by SEBASTIAN BÖETTCHER

كيف أثر الوباء على طريقة تواصلنا مع بعضنا البعض؟ وكيف أثر على طريقة استهلاكنا للفنّ؟

منذ أن بدأ الوباء، شهدنا ارتفاعاً في عدد المؤسسات والمنظّمات الفنّيّة والثقافيّة حول العالم التي تبثّ معارضها وبرامجها عبر الإنترنت. وبطبيعة الحال، هذا أمر مفهوم جدّاً، إلّا أنّه يعني أنّ الجمهور يتفاعل مع العمل من خلال شاشة أو جهاز رقمي فحسب، ممّا قد يحدّ من تأثير المشاريع الفنيّة.

وفي إطار مؤسسة الشارقة للفنون قرّرنا الاستمرار في خططنا لهذا العام بدون نقل جميع برامجنا إلى الإنترنت. لذلك، أجرينا تعديلات على معارضنا وبرامجنا لتلائم الظروف الحاليّة، ومثلما ذكرت سابقاً، فقد صببنا تركيزنا أكثر على دعم الفنّانين والممارسين الثقافيّين من خلال توفير الموارد التي يمكن أن تفيدهم في خلال هذه الأوقات الصعبة لهم عبر الإنترنت.

ولدت مؤسسة الشارقة للفنون في العام 2009 ونجحت في تحويل الشارقة إلى عاصمة فنّيّة عالميّة. هل لكِ أن تخبرينا المزيد عن كيفيّة قيام مؤسّسة الشارقة للفنون بتقريب الفنّ المعاصر من الجمهور المحلي؟

في مؤسسة الشارقة للفنون، نولي أهميّة كبيرة لجعل معارضنا وفعاليّاتنا الأخرى في متناول مجموعة واسعة من الجماهير. إذ يرافق برنامج عام واسع النطاق ومجاني كلّ معرض من معارضنا، ممّا يتيح للناس من جميع الأعمار والقدرات المشاركة فيه. ومن خلال ورش العمل المتنوّعة وسائر الأنشطة، يمكن لجماهيرنا مواصلة التفكير في مواضيع معارضنا بطريقة ممتعة ويمكنهم الوصول إليها خارج مساحات المعرض.
كذلك، بات كلّ من البينالي المستمر منذ 27 عاماً وحتّى الآن، واجتماعنا السنوي في مارس، من العناصر المهمة في التقويم الفنّي العالمي. حيث يجذب هذان الحدثان جمهوراً كبيراً إلى الشارقة، ويستعرضان أعمال الكثير من الفنّانين المحليّين والإقليميّين والعالميّين وينشئ منتدى لإقامة روابط جديدة بين الفنّانين والممارسين الفنيّين.
وهذا العام، تقدّم منصّة الشارقة للأفلام أكثر من 60 فيلماً من جميع أنحاء العالم على شاشات كبيرة في الشارقة وعبر الإنترنت. هذا ونحتفل أيضاً بإعادة افتتاح مبنى الطبق الطائر الأيقوني الذي يعدّ جزءاً من الذاكرة الجماعيّة في الشارقة منذ إنشائه في منتصف السبعينات. إلى جانب باقة من البرامج العامّة أمثال ورش العمل المناسبة للعائلات وعروض الأفلام، فضلاً عن عرض ضخم للفنانين Lindsay Seers وKeith Sargent. فالآن، أصبح مبنى الطبق الطائر موطناً لأوّل مكتبة فنيّة مفتوحة في الإمارات، حيث تتوفر منشورات المؤسّسة وكتب الفنّانين ومواد القراءة الأخرى المناسبة للقرّاء الفضوليّين وعشّاق الفنّ والباحثين. بالإضافة إلى كلّ ذلك، تأتي معارضنا الحالية بأعمال الفنّانين المشهورين إلى الشارقة، من بينهم Zarina Bhimji وTarek Atoui وAïda Muluneh في عروض فرديّة تركّز على التصوير الفوتوغرافي والأفلام والصوت والبنى. كما سيتمّ عرض النسخة الثامنة من معرضنا السنوي للتصوير الفوتوغرافي Vantage Point Sharjah الذي يستعرض صوراً لأكثر من 30 مصوّراً من جميع أنحاء العالم. كما طرحنا عدداً من الإصدارات المهمّة هذا العام، بما في ذلك دراسة عن الفنّان الإماراتي الرائد الراحل حسن شريف. 

اقرئي أيضاً: Dina El Mofty: الحقيقة أنّ النجاح والإخفاق ليسا سوى أوهاماً، فما يهمّ في الحقيقة هو سرعة تطوّرنا

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث