أنا كما أنا جميلة

الإدارة‭ ‬الفنيّة: ‭‬Farah Kreidieh‬‬

"أنا كما أنا جميلة". هيّا انظري في المرآة وردّدي معنا هذه العبارة. نعم هذا ما يجب أن تفعليه في كلّ صباح قبل أن تنغمسي في روتينكِ اليوميّ.
صحيح أنّ معايير الجمال الداخليّ، الذي يشكّل عاملاً مهمّاً جدّاً للمرأة، ثابتة في أنحاء العالم، إلّا أنّ كلّ حضارة لها تعريفها الخاصّ للجمال الخارجيّ، فتختلف بذلك معاييره حول العالم. إذ لدى كلّ حضارة مقاييس جماليّة معيّنة على المرأة التمتّع بها لتُصنّف بأنّها "جميلة". وقد تتمثّل بكون المرأة ناعمة ورقيقة الملامح، نحيفة أم ممتلئة، ذات بشرة فاتحة أو داكنة، شعر طويل ومنسدل، عيون واسعة أو ملوّنة مع رموش طويلة. وقد تختلف هذه المعايير بين حضارة وأخرى إلاّ أنّ مفهومها واحد، فهي تُخضع جميع النساء للمواصفات عينها وتجعل بذلك كلّ شخص مختلف "غير جميل". ومن المؤكّد أنّ هذه المعايير تطوّرت وتبدّلت عبر العصور، إلاّ أنّ الثابت هو اعتقادنا بأنّ كلّ امرأة عليها الإيمان بجمالها الخاصّ بغض النظر عن أيّ قواعد يفرضها عليها المجتمع. لذلك وانطلاقاً من إيماننا بمجتمع يحتفي بالتعدديّة بدلاً من التركيز على معايير جماليّة واحدة، خصّصنا تحقيق Inspirational Women لهذا العدد لإلقاء الضوء على نساء كAbeer Sinder تحدّينَ القواعد الجماليّة التقليديّة وأبرزنَ جمالهنّ الخاصّ. فتلهمن بذلك ملايين النساء حول العالم من خلال قوّة عزمهنَّ وإرادتهنَّ!

تُعدّ Abeer "مدوِّنة الجمال الداكنة البشرة" الأولى في المملكة العربيّة السعوديّة ولديها مئات الآلاف من المشتركين والمتابعين. حين كانت في سنّ المراهقة الحسّاسة، شعرت بأنّها مختلفة قليلاً ودائماً ما سمعت "تعليقات" حول درجة دُكن بشرتها التي لم يتمتّع بها أيّ من أصدقائها الآخرين، وأخرى مفادها أنّها كانت لتبدو أفضل بكثير ببشرة أكثر بياضاً. أمّا اليوم، فهي متزوّجة من رجل بريطانيّ وتعيش في سنغافورة، واختلافهما الثقافيّ الكبير هذا لا يؤثر بشكل مباشر في حياتهم، لا بل تساعدهما التحدّيات على إبقاء عقليّتهما منفتحة وتوسيع آفاق تفكيرهما. وبالعودة إلى Abeer، فيبدأ يومها بالاستيقاظ مبكراً، للتخطيط لمقاطع الفيديو ومحتواها، ثم تصوّر هذه الفيديوهات وتحرّرها لتُلهم من خلالها آلاف النساء حول العالم.
معايير المجتمع مقابل الإيمان بالذات
لطالما رأت Abeer نفسها جميلةً في طفولتها ولم تشعر قطّ بأنّها فتاة قبيحة، غير أنّها عاشت تلك المرحلة التي شعرت فيها بالوعي الذاتيّ حول دُكن بشرتها الذي لفت المجتمع نظرها حوله. إلّا أنّها تمكّنت بعد ذلك من التّخلص من هذا الشعور بعد مشاهدة مقطع فيديو على YouTube عن عارضة رائعة الجمال ذات بشرة داكنة، تتحدّث عن تعرضّها للتنمّر بسبب لون بشرتها. وفي ذلك الوقت، أثّر فيها هذا الفيديو بحقّ. وعن هذا الموضوع، أخبرتنا بالتالي: "في ذلك اليوم، نظرتُ إلى المرآة ورأيت الكثير من الجمال في بشرتي الداكنة وكان ذلك اليوم الذي تغيّرت فيه حياتي، فمنذ ذلك الحين بتّ أتسلّح بالثقة."
وصحيح أنّ Abeer لم تتعرّض للتنمّرأثناء نشأتها، لكنّها تعتبر أنّها عاشت هذا الأمر ذهنيّاً بحكم أنّها سمعت تعليقات على لون بشرتها من الجميع، ممّا جعلها تدرك اختلافها هذا. وفي هذا السّياق، تقول إنّ الناس يعتبرون التنمّر أمراً مفروغاً منه لا سيّما بصورته الإلكترونيّة، غير أنّه أمر بالغ الأهمّية والتأثير. وتشارك Abeer الرسالة الآتية مع جميع متصفّحي الإنترنت: "فكّروا قبل أن تكتبوا، فبكلماتكم يمكنكم التأثير في حياة شخص ما".

التنوّع في تمثيلات الجمال
تقولAbeer إنّ "الجمال يتمثّل في كلّ سمة، من سلوك المرء إلى ثقته وإلى أمور أخرى كثيرة". من هنا، تحاول Abeer عبر منصّتها أن توضّح لكلّ فتاة أنّه لا يجدر بها أن تكون نسخة عن أيّ شخص آخر ليعتبرها المجتمع جميلة، لا بل يمكنها أن تكون نفسها وتتحلّى بنوع فريد من الجمال. وفي الإطار عينه، نعود بالزمن إلى وقت إطلاق منصّتها، حين شعرت مدوّنتنا بأنّ أصولها جزء من هويّتها، ولهذا السبب رأت أنّه من المهمّ جدّاً لها أن تلقي الضوء على هذا النوع من الجمال أي الداكن اللون، نظراً إلى غضّ الطرف عن تصويره على وسائل التواصل الاجتماعيّ في الشرق الأوسط. ولهذا السبب تماماً، أرادت تمثيل الفتيات الداكنات البشرة. فحين تواجه Abeer الصور النمطيّة المتجذّرة في عقول الناس والتي تتفاعل سلباً مع مختلف أنواع "العيوب"، يأتي ردّ جميلَتنا عن طريق محاولة تعليم هؤلاء أنّ العيوب جميلة جداً في الواقع، وتقول: "ثمّة أنواع كثيرة من الجمال، غير أنّ رصدَه مرتبط بنظرة المرء إليها. فالنمش جميل والبهاق جميل والصلع جميل..."
وعند سؤالها عمّا قد تغيّره بنفسها إذا ما سنحت لها الفرصة، أجابتنا أنّه ما من شيء قد تغيّره بنفسها، لأنّ كلّ ما فعلته وتستمر بفعله يجعلها المرأة التي هي عليها اليوم. وبصفتها امرأة سعوديّة، تعتقد Abeer أنّ التغيير ضروريّ في عالم الجمال اليوم وتقول: "أشعر بأنّنا نحتاج إلى المزيد من التنوّع في مجالنا، لا سيّما في الشرق الأوسط على وجه الخصوص. إذ اعتدنا رؤية النوع عينه من الجمال لفترة طويلة، وأثّر ذلك كثيراً في الطريقة التي يرى بها الناس الجمال ويحدّدون معاييره. وبتنويع الجمال على أغلفة المجلّات والتلفزيون والإعلام، نغيّر المجتمع وتصبح كلّ فتاة قادرة أن ترى نفسها مصوّرة في وسائل الإعلام. وبرأيي أنّ هذه التمثيلات الغنيّة مهمّة جداً".

انظري إلى المرآة
عندما تنظر إلى المرآة ، تفتخرAbeer بنفسها لتحدّثها بصراحة وبذل قصارى جهدها لتثقيف الناس وحثّهم على الاحتفاء باختلافاتهم شتّى وتقديرأنواع الجمال كافّة، فتقول: "يسرّني أنّ صوتي قد وصل إلى الكثير من الفتيات اليافعات اللواتي يعانينَ مع أنفسهنَّ ويشعرنَ بعدم الأمان ويسعدني جدّاً أنّني لعبت دوراً في مساعدتهنَّ على فهم جمالهنَّ". وتضيف أيضاً لجميع الفتيات السعوديّات اللّواتي يتطلّعنَ إليها: "كوني نفسكِ، امتلكي أحلاماً كبيرة، اعملي بكدّ، فأنت جميلة جداً تماماً كما أنت" .

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث