كلّ ما تحتاجين إلى معرفته عن جمع القطع الفنيّة في العام 2022!

الفنّ بجميع أشكاله التعبيريّة، سواء كان الرسم أو النحت أو الرقص أو الموسيقى أو الشعر أو الهندسة أو الأفلام، هو جزء أساسي من إنسانيّـنا، حيث يفرّقنا بوجه خاصّ عن باقي المخلوقات. فيعبّر عن أفكارنا ويترجم تصوّراتنا كما يلعب دوراً في الحوار الثقافيّ في ما بيننا. ويترجم الفنّ أيضاً أحاسيسنا وينقلها على مرّ القرون كما يشفي العقل والروح. بالإضافة إلى ذلك يوثّق الواقع ويعكس القضايا الأساسيّة في كلّ عصر.

وبما أنّ الفنّانين المبدعين يبحثون دائماً عن طرق جديدة للتعبير عن أنفسهم، يتطوّر الفنّ بلا حدود. فيحدث التحوّل من شكل فنيّ إلى آخر مع فنانّين يقومون بالتجربة عبر وسائط ومساحات متنوّعة. وصحيح أنّ الفنّ الرقميّ موجود منذ عقود، إلّا أنّ تشكيل المجتمع الرقمي هو المستوى الجديد الذي وصل إليه. ونرى ذلك بالفعل مع ازدهار سوق الرموز غير القابلة للاستبدال أو NFT في جميع أنحاء العالم بالإضافة أيضاً إلى دخول الفنانّين عالم الـMetaverse.

اقرئي أيضاً: العمل الفنّيّ الأوّل على سطح القمر... إليك التفاصيل

ومن ناحية أخرى، لطالما كانت التجارة في الفنّ موجودة. سواء من خلال المزادات العلنيّة أو المعارض أو مباشرةً مع الفنّانين، وازدادت أعداد عشّاق الفنّ وهواة جمع القطع الفنيّة على مرّ السنين. وخلال السنوات القليلة الماضية، أصبح الفنّ الوجه الجديد للرفاهية وجمع القطع الفنيّة الفاخرة والاستثمار فيها محطّ اهتمام المزادات ووسائل الإعلام. أمّا اليوم فها إنّ الصور الفنّيّة غير الملموسة التي ابتكرها الفنّانون والتي ليست قطعاً ماديّة تُباع مقابل ملايين الدولارات!

وفي خضمّ هذه الثورة الفنيّة والتكنولوجيّة، تتطلّع الكثير من النساء اليوم إلى الاستثمار وشراء القطع الفنّيّة. سنجيب في ما يلي على أسئلة متعدّدة قد تراودهنّ مثل كيف يختلف الشراء والاستثمار والجمع في الفنّ اليوم عمّا كان عليه سابقاً؟ وكيف تزداد قيمة العمل الفنيّ؟ وكيف تجري عمليّة اختيار القطع؟ وسنتطرّق حتماً إلى موضوع الاستثمار في الرموز غير القابلة للاستبدال. فإذا كنت من هواة جمع القطع الفنّيّة، تابعينا في ما يلي!

​Michel Ceuterick: العائد الحقيقيّ الذي يجب أن ننتظره من الاستثمار في الفنّ هو المتعة التي نحصل عليها من امتلاك قطعة تثير التساؤل والاندهاش مراراً وتكراراً والعيش معها 

جذبه الفنّ وسحره منذ الطفولة المبكرة، وفيما هو الأصغر بين أربعة إخوة، كان Michel Ceuterick الأكثر اطّلاعاً على تطلّعات والديه المتزايدة لجمع القطع الفنيّّة. وبعد حصوله على شهادة الماجستير في تاريخ الفنّ من جامعة Leuven في بلجيكا، انضمّ إلى مزادات Sotheby’s في لندن طوال عشر سنوات كخبير متخصّص في لوحات القرن التاسع عشر. وهكذا أصبح مستشاراً للمجموعات الخاصّة والمؤسّسيّة. وفي ما يلي يخبرنا عن كلّ ما نحتاج إلى معرفته حول جمع القطع الفنيّة في العام 2022!

​الفنّ هو مرآة سحريّة لعصره
تطال موجة التحوّل الرقميّ عالم الفنّ بشكل مضاعف وفقاً لـ Michel Ceuterick، فيؤكّد: " إنّ قيود السفر الأولى التي انتشرت في جميع أنحاء العالم خلال العامين الماضيين فرضت على المتاحف ودور المزادات والأوبرا والفنّانين تطوير الوصول الرقميّ إلى عروضهم الماديّة. والعاصفة المثاليّة التي علق فيها التمثيل التقليديّ للفنّ قد خلقت الفرصة لظهور الرموز غير القابلة للاستبدال في السوق".

وبالفعل، فإنّ سوق الرموز غير القابلة للاستبدال يزدهر في جميع أنحاء العالم. ويمكن الآن بيع الصور الفنيّة التي ابتكرها فنّانون والتي ليست قطعاً فعليّة وماديّة مقابل الملايين. فما رأي المستشار في هذه الظاهرة؟ يقول لنا: "لطالما تمّ مدح الفنّ لتجسيده المسائل الرئيسة وقدرته على تشكيل مرآة سحريّة لعصره. والفنّانون مبدعون ويبحثون دائماً عن طرق جديدة للتعبير عن أنفسهم. ويمكن أن نشبّه ذلك بالبحث عن نقطة بيع فريدة، ولكن ليكون الفنّان ناجحاً، سواء على الصعيد الفنيّ أو التجاريّ، يجب أن يثبت أنّه فريد. ويحظى الفنّانون الأوائل الذين يعبرون إلى المنطقة الجديدة بفرصة الوصول إلى النجوميّة. وفي عالمنا الحاليّ السريع، قد يحدث ذلك بين ليلة وضحاها..." ثمّ يضيف قائلاً:" شهد القرن العشرين عدداً من الأشكال الجديدة للفنّ منها الحركة البنائيّة والتكعيبيّة والتعبيريّة والدادائيّة والرسم الحركيّ وفنّ الأداء والفنّ المفاهيميّ وحركة الـArte Povera والتقليليّة وغيرها، وفي كلّ من أشكال الفنّ تلك، تُباع أعمال الفنّانين البارزين أيضاً مقابل الملايين. وغالباً ما يكون الفنّ المفاهيميّ غير ماديّ، ويمكن أن يكون الـArte Povera مجرّد قمامة أو حتى ما يُسمّى بـMerda d’Artista. وتأثير الصدمة الناجم عن "ابتكار" أشكال فنيّة سهلة ظاهريّاً تُباع بأسعار مبهمة، هو جزء من زيادة الوعي العام وبالتالي قابليّة التسويق."

​دخول عالم الميتافيرس
ما هي نصيحة المستشار للفنّانين الذين يدخلون عالم الميتافيرس؟ يشاركنا التالي: "مع زيادة الاتّصال العالمي، فإنّ تشكيل المجتمع الرقميّ هو المستوى التالي، ويظهر ذلك بالفعل كما في The Sandbox Metaverse التي تعرض أرضاً افتراضيّة للبيع. قد تثبت مثل هذه المخطّطات، وبالرغم من أنّها تبدو ماكرة، أنّها مناجم ذهب، طالما تنضمّين إليها في وقت مبكر. ومن الأمثلة على هذا المخطّط الهرميّ هناك الـBitcoin، التي يبدو أنّها على وشك أن تصبح عملة سائدة وبالتالي موثوقة. وسيرغب الأشخاص الذين يشترون الأراضي الافتراضيّة في بناء منازل افتراضيّة أيضاً وإقامة حفلات افتراضيّة فيها. وهكذا قد يظهر خطّ جديد تماماً من الأعمال يشمل المصمّمين والفنّانين الذين يبتكرون أعمالاً فنّيّة مخصّصة لكن افتراضيّة، والأزياء التي ترتديها صور الآفاتار، وغيرها. وقد يبدو هذا الأمر، الذي يوشك فعلاً على الحدوث، صادماً، لكن مع وجود المال للإستثمار، تبدو الفكرة جيّدة للبعض، وربما حتّى للكثيرين".

كيف يمكن لهذا النوع من الفنّ أن يؤدّي دوره في توثيق الواقع ومعالجة العقول والمساهمة في تعزيز الحوار الثقافيّ في جميع أنحاء هذا العالم الجديد؟ يؤكّد Ceuterick أنّ واقعنا يصبح أكثر رقميّة يوماً بعد يوم، سواء أعجبنا ذلك أم لا. ويخبرنا المستشار قائلاً: "أصبحت ثقافتنا أكثر عالميّة، ممّا يشمل خطر فقدان الهويّة الوطنيّة أو الإقليميّة، تماماً كما تتراجع الطبيعة في التنوّع." ويضيف مسلّطاً الضوء على ما يلي: "من المحتمل أن ينبئ الفنّ الرقميّ بتصوير مختلف للواقع لدى جزء كبير من العالم. فلديه القدرة على جذب عدد متزايد من الأفراد المنتشرين في جميع أنحاء العالم، والذين سيدخلون في نوع من التبادل الثقافيّ. أمّا قدرة هذا النوع من الواقع الخارق على شفاء العقول فتعتمد على وجهة النظر. إذ يتيح الواقع الرقميّ للفرد أن يعيش أحلامه الأكثر جرأة من خلال الآفاتار ومشاركتها مع أشخاص يتشاركون معه التفكير نفسه."

​جمع القطع الفنّيّة في العام 2022
أيّ نوع من أنواع الفنّ هو الأكثر رواجاً اليوم؟ وكيف يمكن لهذا الطلب المرتفع أن يزيد من قيمة العمل الفنيّ؟ يجيبنا المستشار قائلاً: "أصبح البائعون بالمزاد اليوم أكثر انتقائيّة في القطع التي تُعرض، ممّا أدّى إلى تراجع عددها. وهذا يفرض عليهم البحث المستمرّ عن مواضيع وأسواق جديدة. وتشكّل الرموز غير القابلة للاستبدال تجربة أخرى من تلك المحاولات لكن على ما يبدو، وبشكل غير متوقّع، أنّها تحقّق نجاحاً كبيراً منذ البداية." ثمّ يضيف: "إنّ تحيّز دور المزادات الدوليّة في السنوات الأخيرة نحو الفنّ رفيع المستوى الذي يطبّقون من أجله تقنيات تسويق خاصّة بما فيها الضمانات قد أدّى إلى إنشاء دائرة داخليّة من الفنّانين الذين يسجّلون أرقاماً قياسيّة الواحد تلو الآخر. كما أنّ الضجّة الإعلاميّة تؤجّج الطلب الذي بدوره يغذّيه المالكون المستعدّون لبيع عمل فنّي رفيع المستوى كانوا قد اشتروه قبل عامين فقط. ومن دون الضمانات، ما كانت هذه الحلقة المفرغة لتحدث".

واليوم فيما تتطلّع الكثير من النساء إلى الاستثمار في القطع الفنيّة وشرائها، طلبنا من Ceuterick أن يشرح لنا كيف تجري العمليّة ويعطينا بعض النصائح حول كيفيّة اختيار القطع. ويشدّد: "العائد الحقيقيّ الذي يجب أن ننتظره من الاستثمار في الفنّ هو المتعة التي نحصل عليها من امتلاك قطعة تثير التساؤل والاندهاش مراراً وتكراراً والعيش معها"، ويضيف مسلّطاً الضوء على التالي: "تجنّبي التسرّع في شراء القطعة، إلّا إذا كنت على دراية جيّدة بتفاصيلها. فعندما تجذب قطعة ما انتباهك، أعطي نفسك المجال لمعرفة المزيد عنها، حتّى إن عنى ذلك أنّك قد تفقدين الفرصة لشرائها. حاولي دائماً أن تعرفي كلّ ما يعرفه البائع عن القطعة التي ستشترينها، إلّا إذا كان لديك ثقة كاملة به. كوني حذرة في التحقّق من المصدر وتوثيقه كما يجب، لأنّ ذلك قد يؤثّر على إعادة بيع القطعة. كذلك، فكّري في خيارات إعادة البيع أيضاً، إذ تفرض دور المزادات عمولات هائلة وبخاصّة للمشترين. ويعمل التجّار أيضاً على هوامش كبيرة أي أنّ جزءاً كبيراً من ربحك يتبخّر، إلّا إذا استطعتِ العثور على مشترٍ نهائيّ بنفسك."

كيف تختلف إذاً أسعار القطع الفنيّة وكيف نعرف ما إذا كان السعر الذي سندفعه جيّداً؟ بمعنى آخر، كيف يمكن حساب نسبة السعر وفقاً للجودة؟ يجيبنا قائلاً: "بما أنّ الأذواق تتغيّر مع الوقت، يجب البحث عن الفنّ الذي يُعدّ مثالاً جيّداً عن نوعه. هذا مهمّ في حال تدهور السوق، فعندئذٍ لن يتحمّل مثل هذه الأوضاع إلّا الأفضل. ابحثي عن القطع المتشابهة لمقارنتها وحاولي فهم الأمور التي تؤثّر على تحديد السعر: الفنّان والشكل والسنة والوسيلة والحالة والموضوع. فكلّها عوامل قد يكون لها تأثير كبير وأحياناً بمعدّل
1:10 ". وينصحنا بالتالي: "فكّري مرّتين قبل شراء ما هو رائج اليوم، فقد يكون السوق تغيّر عندما تصبحين مستعدّة للبيع".

​الاستثمار في الرموز غير القابلة للاستبدال
كيف يمكن للسيّدة أن ترصد القطع التي سيتطوّر سعرها وجودتها مع الوقت؟ وهل يوصي الاستشاري بالاستثمار في الرموز غير القابلة للاستبدال؟ يجيبنا قائلاً: "حتّى مؤخراً، كان ثمّة تمييز واضح بين الأسواق الأوليّة والثانويّة: احتاج الفنّانون المعاصرون إلى صالات عرض لتقديم أعمالهم وإنشاء سوق (أوّليّ) من خلال برنامج للعروض والمنشورات التي تشمل معارض في المتاحف والبيع للمجموعات البارزة. وغالباً ما كان تحديد السعر ومعدّل النجاح غامضاً إذ يحتفظ المعرض بالحقّ في الكشف عن المعلومات الحسّاسة. وعندما ينجح الفنّان، الأمر الذي يستغرق سنوات من التخطيط الدقيق من قبل المتحف، يمكن أن يبدأ المزاد أيضاً بالتعامل مع مثل هذا الفنّان في السوق الثانوية، وإنشاء سجلّ عام للتسعير بطريقة فعّالة وتعزيز الثقة في عمل الفنّان واستقرار أسعاره. ويغامر تجّار المزادات أكثر فأكثر بحثاً عن أسواق جديدة في السوق الأوليّة لإيجاد فنّانين شباب غير معروفين نسبيّاً ويوصلونهم بين ليلة وضحاها إلى النجوميّة". ثمّ يضيف قائلاً: "هذا تطوّر خطير إذ أنّ أساس الزيادة المفاجئة في القيمة لم يعد يستند إلى سنوات من العمل والتخطيط وراء كواليس صالات العرض. ولتصعيب الأمور أكثر، تمّ الإعلان عن منصّات الرموز غير القابلة للاستبدال الجديدة لتحرير الفنّانين الذين بات بإمكانهم الآن عرض أعمالهم بشكل مباشر وللجمهور كلّه في جميع أنحاء العالم من دون وسطاء وبالحدّ الأدنى من أسعار عمولة، وهذا يشكّل تحدّياً هائلاً للمزادات والمعارض! وقد يكون هذا حلماً يتحقّق لولا التضليل الذي يحوم حوله دائماً. فقد يخلق هذا الحدّ الأدنى من العمولات فرصاً لتزوير سجلّات البيع وبالتالي زيادة ثقة المشترين من دون أساس حقيقيّ". 
ويختتم بهذه العبارات: "الحيطة الواجبة هي الإجابة، هل هناك بالتالي فرصة لإنشاء أساس أوسع وتخصيص أهميّة لعمل فنّاني رموز غير قابلة للاستبدال أكثر من مجرد البيع عبر الإنترنت؟"

​Deep Blues, 2021، لريان تابت في مركز Walker للفنون – تصوير رنين بخاري​​​​​​​
Raneen Bukhari: اشتروا العمل الذي يؤثّر فيكم والذي يجعلكم تشعرون بحالة جيّدة أو سيئة أو بالحزن أو الغضب، أيّ الذي سيشعل شيئاً في داخلكم كلّما نظرتم إليه

نشأت رنين بخاري في عائلة تقدّر الفنّ. فنما لديها شغف لعالم الفنّ منذ طفولتها وأصبحت مطوّرة أعمال رائدة في هذا المجال. سنكتشف معاً في ما يلي رأي الشابّة السعوديّة الرائدة حول التحوّل الرقمي للمشهد الفنيّ وجمع الأعمال الفنّيّة والاستثمار فيها في العام 2022!
"الفنّ الرقميّ موجود منذ عقود. وتشكّل الرموز غير القابلة للاستبدال التي تدخل مجال الفنّ الرقميّ منصّة جديدة لهذا الفنّ. فيحدث التحوّل في تجربة الفنّانين وسائل ومساحات مختلفة"، بهذه الكلمات وصفت لنا رنين بخاري هذا التحوّل في المشهد الفنيّ.
وهي تظنّ أنّ المعارض الفنّيّة التي تمّ تنظيمها في المنطقة منذ فترة الوباء قد أحدثت تغييرات كثيرة مثل التركيز أكثر على التعليم الفنيّ وبرامج إقامة الفنّانين وإمكانيّات المنح لمشاريع مختلفة.

​Seeping, Rotting, Resting, Weeping 2021، مركز Walker للفنون - تصوير رنين بخاري

المكان الذي يقصده الناس عندما يحتاجون إلى العلاج
وبينما يزدهر سوق الرموز غير القابلة للاستبدال في جميع أنحاء العالم، تظنّ بخاري أنّه مثل أيّ وسيلة فنيّة أخرى يمكن أن يستغلّها الناس لتحقيق مكاسب رأسماليّة شخصيّة، كما يمكن أن تكون طريقة جميلة للفنّانين للاستمرار والازدهار من دون الحاجة إلى معرض. وتؤكّد لنا الرائدة السعوديّة أنّ الفنّ بالنسبة إليها سيكون دائماً المكان الذي يقصده الناس عندما يحتاجون إلى العلاج، كما رأينا أثناء فترة الوباء.

وسألنا بخاري كيف يختلف شراء الأعمال الفنيّة والاستثمار فيها وجمعها اليوم عمّا كان عليه من قبل. فتشرح لنا قائلة: "لطالما اهتمّت الطبقة العليا في المجتمع في جمع الأعمال الفنّيّة والاستثمار فيها، لكن نادراً ما كان التركيز على الفنّانين المحليّين أو الإقليميين. والأمر المختلف اليوم هو أنّ الناس بدأوا يثقون في أنّ هؤلاء فضلاً عن المشهد الفنيّ بشكل عام يستحقّون أن يتمّ الاستثمار في أعمالهم". ثمّ تضيف قائلة: "أذكر قبل بضع سنوات خلال محاضرة في معرض أبوظبي الفنيّ، كانوا يتحدّثون عن جمع الأعمال الفنيّة وسُئل أحدهم كيف يمكنهم الوثوق في الاستثمار في فنّان محليّ أيّ خليجيّ. ولا أظنّ أنّ أحداً يسأل هذا النوع من الأسئلة اليوم!".

​رنين بخاري خلفTree of Guardians, 2014 لمنال الضويان في بينالي الدرعية – تصوير قمر أحمد 

إظهار ما تعنيه أعمال معيّنة للشخص
كيف تشرح بخاري عمليّة الاستثمار في الفنّ وما هي النصائح التي تعطينها حول كيفيّة اختيار القطع الفنّيّة؟ تجيبنا على الشكل الآتي: "أقول دائماً للناس أن يشتروا الأعمال التي يحبّونها. اشتروا العمل الذي يؤثّر فيكم والذي يجعلكم تشعرون بحالة جيّدة أو سيئة أو بالحزن أو الغضب. اشتروا العمل الذي سيشعل شيئاً في داخلكم كلّما نظرتم إليه. اشتروا أعمال الفنّانين الذين تحبّونهم والذين تريدون رؤيتهم يزدهرون، بينما لا يزالوا على قيد الحياة". كما تضيف قائلة: "أكره محاولة دفع الناس لجمع عمل قد يقدّرونه. فأحبّ أن أظهر للشخص المعنى الكامن وراء أعمال معيّنة وأن أخبره عن الفنّان فأساعده على الوقوع في حبّ ما يختبره".
كيف تختلف أسعار الأعمال الفنيّة وكيف يمكن أن نعرف ما إذا كان السعر الذي سندفعه مناسباً؟ فخبرنا قائلة: "تشترين طبعاً ما هو ضمن ميزانيّتك. فإذا وضعت جانباً ما كنت لتنفقينه على غرضٍ ما، سواء كانت قطعة فاخرة أو للمنزل، وقرّرت استثماره في عمل فنيّ بتوقيع فنّان محليّ، فإنّ معظم المدن في المنطقة تقيم معارض فنّيّة أو مساحات تتماشى مع ميزانيّتك. قد لا تجدين عملاً يجذبك من المرّة الأولى، ولكن مع البحث لفترة كافية ستتمكّنين من إيجاد قطعة تحبّينها إلى الأبد. إنّها تجربة مُرضية جدّاً. وقد جمعتُ شخصيّاً الأعمال الفنّيّة من أماكن متعدّدة بدءاً بالباعة في أسواق الشوارع إلى معارض الكتب والمعارض الصغيرة والكبيرة أيضاً. ببساطة اشتري القطع التي تودّين رؤيتها في مساحتك الخاصّة".

هل تنصح بالاستثمار في الرموز غير القابلة للاستبدال؟ تؤكّد لنا بخاري قائلة: "إنّها مخاطرة ومغامرة، لكن يمكن التخفيف من وطأة هذه المخاطرة من خلال البحث وعدم التسرّع. سواء في عالم الفنّ الماديّ أو عالم الرموز غير القابلة للاستبدال، إذا قرّرت الشراء لإعادة البيع أو كاستثمار تتوقّعين عائداً عليه، فيجب القيام بالبحوث وطرح كلّ الأسئلة المتعلّقة بالموضوع والتدقيق في التفاصيل. أو إذا أردت تسهيل الأمر فيمكنك أن تدفعي لأحد الخبراء ليشتري لك قطعة فنّيّة".

تقدير الفنّ منذ سنّ مبكرة
في الختام، سألنا رنين بخاري عن أهميّة التعرّف على الفنّ في سنّ مبكرة وكيف يمكن للمرأة أن تزرع هذا الشغف بالفنّ في أطفالها؟ فتؤكّد قائلة: "يمكن لتقدير الفنّ منذ سنّ مبكرة أن يساعد الناس على تطوير المهارات اللازمة لاستخراج المعنى من الأعمال الفنّيّة وهكذا تزداد التجربة وضوحاً. فإنّ القدرة على رؤية عمل فنيّ وتفسيره بطريقتك الخاصّة هي رحلة جميلة وتعزّز تجربتك لدى زيارة المعارض والمتاحف". وتختتم قائلة: "يجب أن يصطحب الأهل أطفالهم إلى المساحات الفنّيّة ويسمحوا لهم بطرح الأسئلة، على أمل أن يجدوا من يرشدهم ويجيبهم. أعرف مثلاً أنّ مؤسّسة بينالي الدرعية تقدّم برنامج أطفال رائع كما تحرص الكثير من المساحات في أنحاء المنطقة على تقديم تجربة عاطفيّة وتعليميّة للزوّار من كلّ الفئات العمريّة." 

اقرئي أيضاً: Psychomachia والتأمّل الذاتي من خلال الفنّ