
ثمة مدن تلتصق بها الروحُ، ولا تكاد تغادرها أبداً. تخال نفسك وكأنك قد عشت فيها من قبل على وجه من الوجوه، أو سكنتْ وجدانك قبل أن تلقاك بأحضانها. فأنت فيها من أهلها، ومن بعض معالمها، أو ذكرياتك التي تستحضرها، حتى وإن لم تصنعها نفسُك. كلُ بلدِ وطنُ أهلهِ، إلا بعض المدائن، فهي، كالحبيبات، وطنُ عشاقها، وإن تباينت الألسن، وتعددت الأعراق... هذه هي فيينا الجميلة...
المدينة المثلى للعيش
يقطن فيينا زهاء 1.7 مليون نسمة، وهي عاشر أكبر مدينة من حيث عدد السكان في الاتحاد الأوروبي. معظم سكان فيينا يتكلمون الألمانية. ولقد اختيرت فيينا للمرة الثانية وفقاً لتقرير مؤسسة "ميرسر" كأفضل مدينة في العالم من حيث مستويات جودة المعيشة، وذلك في العام 2009- 2010.
حدائق غناء على مد النظر
تشكل المتنزهات والحدائق والغابات ما نسبته 50 % من المساحة الإجمالية لفيينا. أما أكبر المتنزهات في المدينة وأكثرها شهرة، فهو متنزه براتر الأشبه بسنترال بارك في نيويورك. يمتاز هذا المتنزه بضخامته ويقع في مركز المدينة، وتحديداً في المنطقة الثانية، حيث يتألف من جزأين اثنين، الأول يحتوي على حدائق وطرقات لممارسة رياضة المشي، والثاني عبارة عن متنزه ترفيهي خاص بأفراد العائلة. ويحتوي هذا الأخير على أفعوانيات ودولاب “فيريس” الهوائي العملاق، الذي يتيح مشاهدة المدينة بأسرها عبر إطلالات مذهلة من علو قد يصل إلى 200 قدم.
منطقة الـ"رِنغ بوليفارد"
في نهاية القرن التاسع عشر تم تحويل شارع الــ"رينغ" الدائري من سور للمدينة إلى مبانٍ ضخمة تعد بلا ريب تحفاً فنية معمارية، كمبنى الأوبرا ومتحف تاريخ الفن. وإذ يضم شارع الـ"رنغ" اليوم الكثير من المعالم المهمة كالبرلمان، مبنى البلدية، المتحف الوطني وجامعة فيينا، فقد أضحى الوجهة المفضلة لدى الكثير من مرتادي هذه المدينة الساحرة.
وسط المدينة القديم
هو مركز فيينا الحيوي، وتشتمل هذه المنطقة على كثير من مباني المدينة التاريخية والمعالم الحضارية. كما تضم أماكن خاصة بالتسوق تزهو بطرازها الرفيع. وتقف في قلب المدينة القديمة كاثدرائية "القديس ستيفان" التي تمثل إعجازاً معمارياً وفنياً فريداً. وهناك أيضاً يقع قصر "هوفبيرغ"، الذي يتكون من مبانٍ حديثة وهياكل تنتمي إلى العصور الوسطى. يغص القصر بغرف ملكية، إلى جانب مكتبة إمبراطورية ومتاحف متعددة ومدرسة خاصة بركوب الجياد الإسبانية.
القصر الملكي
ظل القصر الملكي، والذي يعرف بـ Imperial Palace/Hofburg، مقراً لحكام مملكة "الهابسبورغ" لأكثر من 700 سنة. كان القصر، قبل إقامة عائلة "الهابسبورغ" فيه حتى العام 1918، قلعة تعود إلى القرن الثالث عشر. وإبان استيلاء "الهابسبورغ" على الحكم وتوسيع أرجاء إمبراطوريتهم، تم تحويل القلعة إلى مقر بهي لا ينفك يلفت الأنظار إليه في كل وقت وحين. حالياً، "الهوفبورغ" هو المقر الرسمي الخاص برئيس الجمهورية، ومركز مؤتمرات. ويعد مقراً لعدد لا يحصى من المجموعات الفنية.
مدرسة الفروسية الإمبراطورية
مدرسة الفروسية الإمبراطورية Riding school هي المؤسسة الوحيدة في العالم، ومقرها العاصمة النمساوية فيينا، التي حافظت على فن الفروسية الأصيل منذ عصر النهضة Spanische Hofreitschule وحتى يومنا هذا، وما زالت ترعاه بعناية بالغة. عروض قل نظيرها تقدمها أحصنة "الليبتزانر"، وهي تتراقص على أنغام الموسيقى.
دار الأوبرا
دار الأوبرا Staatsoper في فيينا هي واحدة من أهم دور الأوبرا في العالم، لما تقدمه من عروض تخطف الأبصار وتسلب العقول. تتغير عروض المسرح يومياً، إذ يقدم المسرح العريق ما يربو على 50 عرض أوبرا، وما يفوق 20 عمل باليه على مدار 285 يوماً من السنة، مما يضع دار أوبرا فيينا في مقدمة عروض الأوبرا العالمية.
حي المتاحف
يضم حي المتاحف Museums Quartier أعمالاً وتحفاً تؤرخ للفن الحديث والمعاصر. وهو فوق ذلك يصنف ضمن أكبر عشر مساحات ثقافية في العالم. تختلط في هذا الحي المباني التي تحاكي الطراز الباروكي مع فن العمارة الحديثة، مشكلةً بذلك صورة فنية فريدة.
قصر بيلفيدير
يضم قصر "بيلفيدير" Belvedere Palast اللوحة الأسطورية المسماة "القبلة" للرسام "غوستاف كليمت"، هذا فضلاً عن أعمال فنية كبيرة لـكل من "شيلي" و"كوكوشكا". وإذ بني القصر ليكون بمثابة مقر صيفي خاص بالأمير "يوجين" من سافوي، فقد كان حينذاك قابعاً خارج بوابات المدينة. تتألفُ هذه التحفة المعمارية الباروكية من قصرين اثنين هما قصر "بيلفيدير" العلوي و"بيلفيدير" السفلي، وهما يزخران اليوم بطيف واسع من مختلف الفنون النمساوية بدءاً من العصور الوسطى وحتى يومنا هذا.