ارادتك للحياة ستقودك الى الشفاء مع ايناس جرّاح

بالرغم من العوارض الجانبية التي رافقت فترة علاجها من سرطان الثدي وخسارتها لشعرها بأكمله، صمّمت إيناس جرّاح على مزاولة عملها كمضيفة طيران ومهنتها كمعالجة نفسيّة! كان ذلك بمثابة تحدٍ لذاتها... بين شغفها للسفر والرياضة وعلم النفس، أثبتت لنفسها وللمجتمع بأنّ لا شيء يعيق إرادة الحياة! وفي ما يلي تشاركنا قصتها الملهمة!

"لم أكن أعلم،

لم أكن أعلم أنّ رحلة القلق والألم النفسي ستتحوّل مع مرور الوقت إلى قوّة وأمل، قوّة لمواجهة التغيرات التي طرأت على حياتي، وأمل بأنّ هناك دائماً فرص جديدة بالإنتظار. لم أكن أعلم بأن لديّ جعبة من الاستعدادات النفسية التي لمستها تدريجياً بعد مصابي بالمرض، وأنا أؤمن بأنّ الجميع لديهم هذه الجعبة وبأننا كلنا أقوياء كلٌّ على طريقته.

لم أتوقع أن أسمع تلك الكلمة المرعبة التي أصبحت واقعي الجديد، ولكنني أدركت بعدها أنّ هذا ليس نهاية المطاف، بل بداية معركة جديدة. من تخريب ما كان جميلاً إلى تجميل ما أصبح مخرباً، كانت رحلتي مع سرطان الثدي. بضع عمليات جراحية وعشرات الجلسات العلاجية وعدد كبير من الفحوصات والتحاليل الطبية رافقتني منذ أكثر من سنة. ومع انتهاء العام الحالي سوف أقرع جرس الأمل مرة أخرى، معلنةً انتصاري على المرض وعلى الخوف الذي يرافقه.

مررتُ بأيامٍ صعبة لا شك في ذلك، كان الخوف من المستقبل المجهول وفقدان الذات يلاحقني. لكن وسط كل الألم كان هناك صوت داخلي يصرخ: أنا أريد الحياة، أنا سأحارب. ‏كنت أعلم أنّني أواجه تحدياً كبيراً، ولكن الإيمان وإرادة الحياة كانا أقوى من كل خوف أو شك. بدأت العلاج بثقة وتحدّ، وكان كل يوم مع العلاج الكيميائي يبدو وكأنه إختبار جديد لقوتي الجسدية والنفسية.

‏تساقط شعري فشعرت بأنني أفقد جزءًا من هويتي، لكنني كنت أنظر إلى المرآة مذكرةً نفسي بأنّ هذه ليست سوى مرحلة مؤقتة، فالقوة الحقيقية لا تتعلق بالمظهر، بل بما في داخلي. بالرغم من العوارض الجانبية التي رافقتني خلال فترة العلاج، إضافةً إلى خسارتي لشعري بأكمله كنت مصممةً على مزاولة عملي كمضيفة طيران ومهنتي كمعالجة نفسية وكأنه تحدٍ لذاتي بأنني لازلت أستطيع العطاء مثبتةً لنفسي وللمجتمع بأن لا شيء قد يعيق إرادة الحياة. في كل جلسة علاج كنت أتصور الحياة التي أريدها بعد الشفاء ومنها إكمال خوض مغامرات سفري إلى بلاد جديدة، كنت أرى نفسي هناك فأستعيد عزمي. وأهم ما كان يمدني بالقوة هو دعاء أمي وأبي لي والدعم من العائلة، والأصدقاء كما الزملاء. حتى قصص الناجين من السرطان كانت تلهمني، فقد كانوا دليلًا حيًا على أن الأمل ممكن وأن الانتصار على المرض ليس مستحيلاً. ‏رحلتي مع المرض كانت صعبة لكنها أظهرت لي مدى قوتي النفسية وقدرتي على التحمّل. فالحياة مليئة بالتحديات لكننا بالإيمان والأمل قادرون على تجاوزها، فالإيمان يمنح الإنسان شعوراً بالسكينة وبأن الله معه، كما يعلمه الصبر على تحمّل مشاق العلاج الطويلة وآلام المرض، بحيث يشعر الإنسان بأنّه ليس وحيداً فالله يبعث الأمل والتفاؤل وهو قادر على كل شيء. القوة ليست في عدم الشعور بالخوف، بل في مواجهته، وهذا ما تعلّمته أيضاً خلال رحلتي. كان الخوف طبيعياً، لكنني كنت أختار في كلّ يوم أن أكون أقوى منه، كما تعلمت أن أكون ممتنة للّه أكثر على كل النعم وأهمها نعمة الصحة والشفاء. بعد تجربتي هذه أيقنت بأنّ الحياة ليست مضمونة، وأنّ كل لحظة تستحق أن نعيشها بإمتنان، وبدأت أقدر الأمور الصغيرة في الحياة. والأهمّ من ذلك، تعلمت أن الأمل هو أعظم سلاح في مواجهة أي تحدي. أكتب هذه الكلمات اليوم لأقول لكل من يمرّ بهذه التجربة: لا تستسلم، أنت أقوى مما تتصور، فإرادتك للحياة ستقودك إلى الشفاء. في كل لحظة ضعف تذكّر أن هذه ليست النهاية، آمن بنفسك فأنت تستحق الحياة."

إقرئي أيضاً: الحياة صعبة لكنّها تجهل مدى قوّتكِ!

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث