معالجات بالأعشاب يسخرن معرفتهن الموروثة عن أجدادهن في النباتات لصالح مجتمعاتهن

لطالما‭ ‬استخدمت‭ ‬النباتات‭ ‬كعناصر‭ ‬قويّة‭ ‬لمعالجة‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬التاريخ‭. ‬وقد‭ ‬تمّ‭ ‬استخدام‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬نبتة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الخشخاش‭ ‬والماندريك،‭ ‬باستخدام‭ ‬وصفات‭ ‬وُجدت‭ ‬على‭ ‬ألواح‭ ‬الطين‭ ‬السومرية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النهرين‭ ‬القديمة‭. ‬وأصبح‭ ‬استخدام‭ ‬العلاج‭ ‬بالأعشاب‭ ‬شائعاً‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬وقد‭ ‬شاركتني‭ ‬بعض‭ ‬المعالجات‭ ‬بالأعشاب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬معرفتهنّ‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬أجدادهنّ‭ ‬في‭ ‬النباتات‭ ‬لصالح‭ ‬مجتمعاتهنّ‭...‬

 

Beatrice Chatel

معالجة بالأعشاب، تعمل في إنتاج النباتات العطريّة والطبيّة.
Borde Basse, France

كمهندسة وطبيبة في الفيزياء التجريبيّة وباحثة رائدة في المركز الوطنيّ الفرنسيّ للبحث العلميّ، تدرك Béatrice
Chatel حالة عالمنا. ولكن بصفتها معالجة بالأعشاب، تشعر بالعالم وتتّصل به من خلال معرفة أقدم بكثير من أيّ علم. من خلال إنتاجها الخاص Les Herbes d'Aure، هي تمزج بين الطريقتين التحليليّة والعاطفيّة، والعلميّة والثقافيّة، لتكشف في النهاية عن الطريق نحو معالجة الفجوة بين الإنسان والطبيعة.

ولأسباب صحيّة، قرّرت Béatrice أن تلجأ إلى الطبيعة، فدرست علم النباتات الطبيّة في جامعة ليون ومنذ العام 2017 هي تزرع النباتات الطبية وتستخدمها في شاي الأعشاب والنباتات ومستحضرات الجمال الطبيعيّة. واليوم، يدير شخصان مزرعتها، ويساعدهما آخرون على مدار العام. هم يزرعون أكثر من 35 نوعاً ويقطفون حوالى العشرين من النباتات في البريّة.

"لقد انتقلتُ من العمل المخبريّ في غرف لا يصلها ضوء النهار إلى أسلوب حياة يستمع إلى دورة الطبيعة. وبالنسبة إليّ، إزالة الأعشاب الضارّة أو قطفها هو شكل من أشكال التأمّل في التعايش مع النباتات والحياة البريّة التي تحيط بي. أنا أزرع النباتات والشتلات الخاصّة بي وتسعدني دائماً رؤية الحياة تنبعث من البذرة وتتابع تطوّر النبات حتّى الحصاد..."

وتستطيع النباتات الطبيّة أن تؤدّي دوراً مهماً في الوقاية من الأمراض، إلّا أن زيادة التوعية والمعرفة عنها يجب أن تتجاوز الأساليب التقليديّة. "أنا آتي من خلفية في الأعمال البحثيّة التجريبيّة وأجد أن هذا العمل الذي يرافق النباتات من البداية وثمّ التحوّل في ما بعد، عمليّ جداً وتثقيفيّ أكثر، لاكتساب الكثير من المعرفة التقليديّة للنباتات واستخداماتها. وتشكّل الكثير من الكتب التي كتبها أخصائيو علم النبات العِرقيّ أو الصيادلة أو الأطباء مرجعاً لي، لكن هناك أيضاً مقالات علميّة تسمح لنا باكتساب معرفة أفضل بالتطبيقات. كما أنّني أستفيد من الاجتماعات الكثيرة التي يعقدها اتّحاد المعالجين بالأعشاب الفلّاحين، لمقارنة معرفتنا وتحسينها."

وقد تكون الهدية الأكثر ديمومة للنهضة العشبيّة هي الجيل الجديد من المعالجين بالأعشاب من جميع الأعراق والمذاهب الذين سيجدون طرقاً لجعل العلاج بالأعشاب في متناول الجميع. "المنتجات التي أبتكرها متنوّعة جداً (لديّ أكثر من 150 مرجعاً). وقد طوّرت تركيبات مختلفة من شاي الأعشاب من أجل صحة الجهاز الهضميّ والجهاز التنفسيّ والدورة الدمويّة... وهي تتكوّن كلّها من نباتات مختلفة استخدمتها لخصائصها المتعدّدة، ولكن أيضاً لمذاقها. كما أنّنا نقوم بتقطير بعض النباتات في أوعية نحاسيّة لصنع ماء الزهر. وفي القرن التاسع عشر، تمّ إضافة أكثر من 200 نوع ماء زهر في دستور الأدوية. واليوم أصبح ماء الزهر أو الـHydrolate في طيّ النسيان، على الرغم من أنّه يتميّز بالكثير من الفوائد ويمكن أن يستخدمه الكبار والصغار على حدٍّ سواء. فمن كيلوغرام نباتات يمكن إنتاج لتر من الماء."

وتضع التقاليد والقصص العلاج بالأعشاب في إطار انتقائيّ، لكنّ النساء هنّ من يحافظنَ على هذه الممارسة المتوارثة من الأجداد. وبفضل اهتمام جاراتهنّ وقريباتهنّ ومعرفتهنّ، تبادلت النساء الثقافة والبذور والقصص حول الحفاظ على صحّة مجتمعاتهنّ. "من المدهش أن نرى النساء يشاركنَ في تقليد العلاج بالأعشاب، وأنهنّ من تمتعنّ بالمعرفة والدراية. وتوصي Béatrice النساء بالكثير من النباتات للاعتماد عليها من أجل صحتهنّ ورفاهيتهنّ، بما فيها "الحزنبل أو الأخيلية ذات الألف ورقة والمعروفة منذ العصور القديمة، إذ يقال أنّ آخيل من الميثولوجيا الإغريقية استخدمها لعلاج جنوده أثناء المعركة، فهي تساهم في صحة الأوعية الدموية وتعزّز استرخاء العضلات. وهي تنتمي إلى نبات المرأة مثل المريمية أو عباءة السيدة أو التوت، ومن المعروف أنها تخفّف آلام الدورة الشهريّة. أمّا الزعرور أحادي المدقة من فصيلة الزعرور فيشتهر بخصائصه التي تنظّم القلب وتعزّز معدّل الأوكسجين وتخفّف التوتر العاطفيّ. كما أنّه من النباتات التي تساعد على النوم."

 

Harriet Coleman

طبيبة أعشاب وأخصائية علاج الأيورفيدا

North Cornwall, United Kingdom

نشأت Harriet Coleman في جنوب المملكة المتّحدة حيث كانت تحيط بها الشجيرات التي شكّلت علاجات طبيعيّة كثيرة. كانت والدتها تجمع النباتات وتصنع العلاجات الطبيعيّة لها ولإخوتها. وكان العلاج المفضل لديها هو الأدوية العشبيّة النقية التي يمكن استخدامها لعلاج جميع الأمراض والمشاكل. "لقد نشأت بعيداً عن تأثير والدتي، فكنت أعمل وأسافر كثيراً في المدينة حيث تعرّضت لمشاكل صحيّة في نهاية المطاف بسبب الإرهاق والتعب الشديد والحساسية، وتمّ تشخيصي بمرض الاضطرابات الهضميّة، وكان ذلك بمثابة حافز لي لأعود إلى الديار وأعيد التواصل مع ما أعرفه وألجأ مجدّداً إلى قوّة الطبّ بالأعشاب". وبعد تلك الفترة المؤثّرة في حياتها حيث دُفعت Harriet للعودة إلى مكان نشأتها واضطرت إلى مغادرة المدينة، شكّلت عودتها إلى الطبيعة دافعاً لها لتعلّم الطريقة القديمة للتعامل مع الأرض والطبّ الطبيعيّ بالأعشاب، وقد ساهم نجاحها في في تمهيد الطريق لمساعدة الآخرين في رحلتهم الصحيّة. "تحوّلت مهنتي كطبيبة أعشاب تحوّلاً كبيراً تماماً مثل الفصول، بدءاً من معاناتي من المشاكل الصحيّة ثمّ العودة إلى ما أعرفه ثمّ إفادة الآخرين. دوري كطبيبة أعشاب هو وصف العلاج للناس وتثقيفهم وجعل أولئك الذين يتلقون الدعوة للعمل في طبّ الأعشاب يغوصون في المجال".

إنّ بناء علاقة مع النباتات والأعشاب الطبيّة الكثيرة قبل استخدامها في الوصفات وتحويلها إلى علاجات يُعتبر أمراً ضروريّاً لأي شخص يمارس هذه الحرفة، وليست Harriet بعيدة عن هذا المجال، فتقول: "يذكّرني قضاء الوقت في زرع الأعشاب وجمعها من حديقتي الخاصّة والعمل بانسجام مع محيطنا الطبيعي والمحليّ أنّ ما من فاصل بيننا وبين الأرض. هذا يوجّهني إلى الجذور الذي نأتي منها، وتخلق هذه العلاقة لديّ شعوراً حيّاً بالوجود والانسجام والمواءمة في داخلي ومع كلّ ما يحيط بي". ومن أجل تحسين علاقتها بالنباتات، أمضت Harriet سنوات كثيرة في دراسة تطبيقات طبّ الأعشاب، "لقد علِمت منذ البداية، أنّ طبيب الأعشاب هو في رحلة تعلّم مستمرّة في الطبيعة، لذلك أقضي الكثير من وقتي في التعلّم من الأبحاث الحديثة والتعمّق في المعرفة القديمة. وتؤكّد الأساليب المتقدّمة اليوم الإرث الذي تركه أسلافنا. وأعتقد أنّ طبّ الشعوب الأصليّة التقليديّ هو المستقبل، ولدى المعالجين بالأعشاب الكثير لتعلّمه من أصحاب الحكمة في العالم، فأنا أتعمّق حالياً في طبّ الأسلاف وكيف أنّ العمل مع النباتات المرتبطة بتركيبتنا الجينيّة يؤدّي إلى استجابة الجسم بشكل إيجابيّ لهذا التآزر."

وهناك الكثير من التقاليد العشبية التي تتميّز بتاريخها وتقاليدها وتركيباتها العشبية الخاصّة، وتدمج Harriet من ناحيتها الكثير من الأعشاب في خلطاتها، "العشب الذي أستخدمه كثيراً لنفسي وللآخرين هو الورد لأنّه متعدّد الاستخدامات، فأحصد الورود وأجفّفها، وأستمتع دائماً بنقع البتلات في الماء الساخن لصنع الشاي منها. فيساعد شاي الورد على استقرار وظيفة الهرمونات وإنتاجها، ويحسّن صحّة القلب والدورة الدموية بالإضافة إلى الخصائص المضادّة للأكسدة التي تحمي خلايانا وتقوّيها. وفي أيّام الصيف الحارّة، لا شيء يضاهي شاي الورد المثلّج مع بعض العسل المحلّي، فهو علاج بسيط لتهدئة الجسم، أمّا مذاقه فرائع أيضاً".

​Arvolyn Hill

معالجة بالأعشاب ومديرة حديقة نيويورك النباتيّة

New York, USA

Photos by Naima Green

نشأت Arvolyn في بلدة ريفيّة صغيرة اسمها كينت. اكتشفت اهتمامها بالأعشاب والطبيعة بعد سنوات. ولمعرفة المزيد عن النباتات وتأثيراتها على الجسم، التحقت بكلّية علوم النبات بعد تخرّجها من الجامعة مع شهادة في الكتابة والدراسات الأفريقيّة. "بدأ اهتمامي في هذا المجال بعد وفاة الكثير من أفراد عائلتي بسبب التأثير البيئي للمنطقة التي نشأوا فيها. وعلّمتني مدرسة العلاج بالأعشاب أنّ للنباتات الكثير من الخصائص العلاجيّة التي يمكنها مساعدة الجسم والعقل. وبعد أن أنهيت البرنامج، تعلّقت بهذا المجال وبدأت في صنع علاجات عشبيّة بنباتاتي التي كنت أزرعها. كما أنّني خلال تلك الفترة أصبحت شغوفة بالتعليم في الهواء الطلق وتعليم الأطفال عن النباتات". وبعد انتقالها إلى مدينة نيويورك، حصلت على وظيفة في حديقة نيويورك النباتيّة حيث لا تزال تعمل في إدارة البرمجة للأطفال في حديقة Everett Children's Adventure Garden. وقد حسّن عملها في الحدائق حياتها من نواحٍ مختلفة. "أنا محظوظة لأنّني جزء من مجتمعات حدائق كثيرة وكلّ منها يعلّمني الكثير عن نفسي. فهذه مؤسّسة عامّة تضمّ نباتات من جميع أنحاء العالم وقد تعلّمت الكثير عن علم النبات والعلوم وعلم البيئة كوني جزءاً من هذه المؤسّسة. كما أنّني أيضاً جزء من حديقة مجتمعيّة في الحيّ الذي أعيش فيه في هارلم. ولديّ قطعة أرض صغيرة فيها حيث أزرع الأعشاب التي أستخدمها لصنع الأدوية العشبيّة والخضروات التي أتناولها في أشهر الصيف."

وليصبح المرء معالجاً بالأعشاب، يجب أن يكون على دراية جيّدة بهذا المجال، "أحرص على أن أكون دائماً في عقليّة المتعلّم، وأحبّ كتب الأعشاب القديمة، وتعلّمت مؤخراً أنّ زهور Rose of Sharon صالحة للأكل ويمكن استخدامها لصنع مشروب ليمون مناسب لفصل الصيف."

تتمتّع Arvolyn أيضاً بشغف مشاركة المعرفة حول النباتات فتكرّس جهودها لتعليم النساء في مجتمعها، "أقيم ورش عمل ودروساً حول العلاج بالأعشاب، فأنا أحبّ مشاركة ما أعرفه عن النباتات، وفي العام 2021 خصّصت 5 ٪ من عائدات متجري الإلكترونيّ لحملات تمويل جماعي ومؤسّسات غير ربحيّة مختلفة تدعم أصحاب البشرة السمراء والسكان الأصليّين".

أمّا أوّل نبتة اكتشفتها Arvolyn، فكانت الحزنبل وهي منذئذٍ واحدة من النباتات المفضّلة لديها لاستخداماتها الطبيّة المتعدّدة، "استخدم الأمريكيّون الأصليون نبتة الحزنبل تقليديّاً لتخفيف الألم والتهابات الأسنان وأوجاع الرأس والأذن، كما أنّها تُستخدم لتخفيف الحمى وتعزيز أنماط النوم الصحيّة، وتمّ استخدام سيقان الحزنبل في الطبّ الصيني كأداة للتنبّؤات خلال عهد أسرة I-Ching. كما أنّها إحدى الأعشاب المفضّلة لديّ لتخفيف أوجاع الدورة الشهرية وتشنّجاتها".

 

إقرأي أيضاً: تعرفي على منهج أكثر شموليّة للصحّة مع Eugenia Diaz

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث