
بين تناغم عميق وسيمفونية خالدة: Cartier تستلهم من الفن الاسلامي في متحف اللوفر ابوظبي
- 24.11.2023
- إعداد: سينتيا سكّر

في رحلة فنّية عابرة للحضارة ومجسّدة للفخامة، وبرعاية معالي محمد خليفة المبارك، رئيس متحف اللّوفر أبوظبي، وبالشّراكة مع متحف الفنون الزّخرفيّة ومتحف اللّوفر والمؤسّسة الفرنسيّة للمتاحف، وبدعم من دار كارتييه، يكشف لوفر أبو ظبي الستار عن معرض فريد ومتميّز بعنوان "كارتييه، اﻟﻔنّ اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻣﻧﺎﺑﻊ اﻟﺣداﺛﺔ"، حيث يستضيف اندماجًا رائعًا بين إلهام الفن الإسلامي وتصاميم الحداثة لتأثير فنّي يمتد لأكثر من قرن، حيث تندمج التقاليد مع الابتكار، وتروي كل لمسة إبداع ألف حكاية فنّية خالدة.
اقرئي أيضاً: Panthère de Cartier رمز أيقوني افتخرت به الدار على مرّ السنين
وبين طيّات الفنّ القديم وتجلّيات الحداثة، يكشف هذا المعرض عن تأثير الفنّ الإسلامي العريق المتفّرد في هندسته وتصاميمه الأخّاذة التي ألهمت كارتييه لخلق إبداعات فريدة مستوحاة من هذه الحقبة الفاتنة الاستثنائية منذ بداية القرن العشرين وحتى يومنا هذا.
وقد شهدت بدايات القرن العشرين إقامة معارض كبيرة حول الفنّ الإسلامي، وتزايد انتشار اللّوحات والمخطوطات الفارسيّة والهنديّة والإسلاميّة في باريس. وكان لويس كارتييه، حفيد مؤسس دار كارتييه، مهتمًّا بالفنون الباريسيّة ونجح في الغوص في أعماق تلك التّقاليد الفنّية في خلال رحلته. فاستلهمت الدّار من إرث الفنون والهندسة المعماريّة الإسلاميّة لتبدع في انتاج وخلق تصاميم كان ولا يزال صداها فريدًا وطابعها خالدًا.
يضمّ هذا المعرض أكثر من 400 قطعة فنّية فريدة من متاحف مختلفة، تحكي كلّ قطعة منها حكاية حضارة خالدة وتأخذنا الى عمق مصدر الهام كارتييه التي أبدعت في أسلوبها الفريد وتصاميمها الخاصة على مدى عقود من الزّمن.
ولا تقتصر الرّوائع المعروضة في لوفر أبوظبي على قطع المجوهرات فحسب، إنّما تضمّ مجموعة من روائع الفنّ الإسلاميّ واللّوحات والكتب والصّور الفوتوغرافيّة والوثائق الأرشيفيّة ومصادر إلهام التّصاميم المعروضة، ما يتيح للنّاظر بالسّفر عبر الزّمن لمتابعة مراحل خلق القطعة وتصميمها وتنفيذها كاملة. ويعدّ هذا المعرض بمثابة إعادة تفسير للمعرض الذي أُقيم لأوّل مرّة في عام 2022 في متحف الفنون الزّخرفيّة ومتحف دالاس للفنون بدعم من كارتييه.في هذا السّياق الفنّي الرّاقي، تتداخل التّفاصيل الفنّية الإسلاميّة التّقليديّة مع التّصاميم الحديثة، مخلّفة تناغمًا جديدًا يروي قصّة الفن
والإبداع عبر العصور. ومن لوحات تحكي قصصًا ملهمة إلى مجوهرات تتلألأ بتفرّد التصميم، يأخذنا المعرض في رحلة مدهشة للتّأمل في تأثير الفنّ الإسلاميّ العظيم. ويُظهر تنوّع القطع الفنّية - بين فسيفساء مذهلة ونحت فنّي يلامس الرّوح وقطع مجوهرات خلّابة - الغنى والتّعدّدية التي جسّدها الفنّ الإسلامي عبر العصور والتي ألهمت كارتييه لإنتاج سلسلة من الأعمال والقطع الفنّية التي تحمل بين خيوطها نقوشًا تعبق بأسرار وروعة الفنّ الإسلامي العريق.
وفي لقاء مع بيير رينيرو، مدير الصّورة والأسلوب والتّراث في دار كارتييه، والذي يُعدّ المشرف على إرث كارتييه، للحديث عن دار كارتييه وتطوّرها عبر العصور، صرّح قائلًا: "أعتقد أنّ السّبب هو رؤيا المؤسّسين، وهنا أقصد رؤيا مؤسس أسلوب كارتييه، أي شخصيّة لويس كارتييه، هذا الإنسان الذي أراد إعطاء كارتييه بصمة خالدة تبقى من بعده، وذلك بعد غوصه في الحضارات، وبعد رحلته الطويلة ما بين أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، تلك الفترة الصّعبة التي جمعت الحداثة والتّقليديّة سويًّا، ما ألهم لويس كارتييه لخلق مفهوم فنّي جديد يجمع بين الجمال والحضارة والحداثة، ويصبّ في خدمة ومصلحة كارتييه، ويجذب ويجسّد مفهوم الجمال المعقّد في تلك الحقبة".
اقرئي أيضاً: معرض "كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة" ينتظرك في متحف اللوفر أبوظبي
وفي حديث آخر عن سبب حضور كارتييه القويّ وفعاليّتها، أجاب: "لا يعود سبب حضور كارتييه القويّ منذ تأسيسها وحتى الآن إلى تخصّصها في صناعة وصياغة المجوهرات والمواد الثّمينة فحسب، إنّما لفكرة مشاركة حياة النّاس والحضارات والجمال. نحن نصنع قطعة لعرضها وإبراز جماليّتها، لارتدائها ولصدى الحكايات وراء صنعها، للقصة خلفها وللحضارة المُستلهمة منها، فتصبح وكأنها جزء من مالكها، هي باختصار جزء من حياة الناس".
أمّا فيما يتعلّق بتوقّعات بيير رينيرو من معرض لوفر أبوظبي، أضاف قائلًا: " في الحقيقة توقّعاتي عالية جدًّا، وهي تتعدّى في الحقيقة عدد الزائرين أو الحضور. فكما نعلم، هناك العديد من النّاس تسافر الى أبوظبي، ولديهم الفرصة لزيارة المتحف. بالإضافة الى ما سبق، يُعدّ محتوى المعرض في غاية الأهميّة، فالغاية الأولى والأساسيّة منه هو عرض أهمية الفنّ الإسلامي وإلهامه لدار كارتييه، وأعتقد أنّ فكرة عرض مكوّنات الفنّ الإسلامي في تجسيد الحداثة الغربيّة من الأفكار الملهمة جدًا لجذب النّاس لرؤية تحف مذهلة غربيّة الصّنع من إلهام فنّي إسلامي رائع وخلّاق".
وفي سؤاله عن سبب اهتمام دار كارتييه في تسليط الضّوء على الفنّ الإسلامي، أجاب: "إذا أردنا الحديث بالأخص عن الفنّ الإسلامي، في حين أنّ دار كارتييه استلهمت من العديد من الحضارات والثّقافات كالصينيّة والهنديّة والفارسيّة وغيرها، لكنّ الحضارة الإسلاميّة لها طابع مميّز فيما يتعلّق بالأشكال الهندسيّة المجرّدة التي ألهمت دار كارتييه، إضافة الى الهيكليّة والبنية الفريدة والمميّزة عن باقي الحضارات. واستلهمت دار كارتييه من الفنّ الإسلامي ليس فقط من النّاحية الفنّية الجماليّة، إنّما من الهيكليّة الهندسيّة الإسلاميّة وجسّدتها في قطعها الفريدة كالمثلّثات والمسدّسات وغيرها من الأشكال الرائعة والفريدة التي تختلف تمامًا عن باقي الأشكال الهندسيّة في الحضارات الأخرى، وهنا أتت بصمة كارتييه في تجسيدها".
يعكس معرض اللّوفر أبوظبي جوهر التألّق والتّنوع وتلاقي الحضارات، حيث يرسم جوًّا فنّيًا يتداخل فيه الفنّ الإسلامي وتصاميم الحداثة بتناغم ساحر. ويُضفي بروعة ألوانه المتنوّعة وإضاءته الفاخرة جوًّا فريدًا أشبه بتجربة مرئيّة استثنائيّة.
وتتفرّد الأعمال الفنيّة المعروضة بتفاصيلها الدّقيقة والمذهلة، حيث تأخذنا في سفر عبر الزمن ما بين تاريخ الفنّ الإسلامي وتطوّر التصاميم الحديثة. ويتميز جو المعرض بالهدوء والتّأمل، مما يسمح للزّوار بالتمعّن العميق في الأعمال الفنّية والإبداع القديم وحداثة التّصميم.
ويُظهر الجو العام للمعرض تناغمًا فريدًا بين الأصالة والحداثة، حيث يتجسّد في الأثر الفنيّ والجمال الذي يحيط بالزّوار. ويمزج المعرض بين الهدوء والإلهام، مما يخلق أجواءً مثيرة للاكتشاف والتّأمل.
أمّا تحف ومجوهرات كارتييه القديمة المستلهمة من الفنّ الإسلامي، فتتألّق كلوحة فنيّة تروي قصة أناقة لا تُنسى. وتلخّص هذه القطع الفنيّة الزّمن الحضاريّ القديم، حاملة بين خيوطها نقوشاً فنّية تعبق بأسرار الفنّ الإسلامي.
تتقاطع الخطوط والأشكال الهندسيّة في هذه الأعمال الفنّية بفرادة مطلقة، مشكلّةً تماثيل حيّة تحاكي الرّوح الجماليّة للزّمن الذّهبي. وتتراقص التّفاصيل الدّقيقة في كل قطعة كأنغام موسيقيّة، وتنساب الأحجار الكريمة كنجوم لامعة في سماء الإبداع.
من الأقراط المرصعة بأعرق الأحجار الكريمة، إلى القلادات الفاخرة التي تحمل بين طياتها أحجارًا نفيسة وغيرها من القطع الفريدة، تعكس هذه المجوهرات الفاخرة روعة الحضارة الإسلاميّة بلمسة كارتييه المعاصرة. إنّها تحفة فنيّة تتحدّث بلغة الجمال الأزليّة وتأسر الأبصار بسحرها الخالد.
اقرئي أيضا: نعرفك على كتاب Cartier: The Impossible Collection من Assouline
وفي هذا السّياق المثالي، يتيح المعرض للزّائرين تجربة تواصل عميق بين التّقاليد الفنيّة والإبداع الحديث، حيث يشكل الإسهام المستمر للفنّ الإسلامي مصدر إلهام للفنّانين والمصمّمين المعاصرين. ويتجلّى الجمال والتّعقيد في هذا التّفاعل المتدفّق الذي يبرز قوّة الفن كجسر ثقافيّ يجمع بين حضارات الشّرق والغرب.
ويترك المعرض بصمة فنيّة تروي قصة لا تُنسى عن روابط الفنّ بين الماضي والحاضر. ويعزّز هذا اللّقاء التّفاعل الثّقافي المتبادل ويسهم في إثراء الالتقاء بين التّقاليد والحضارات من جهة، والتّطور والحداثة في ساحة الفنّ العالمي من جهة ثانية.

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (1).jpg

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (2).jpg

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (3).jpg

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (4).jpg

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (5).jpg

© Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi (6).jpg
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (1).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (2).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (3).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (4).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (5).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (6).JPG
©Department of Culture and Tourism – Abu Dhabi. Photo: Ismail Noor - Seeing Things (7).JPG