تعزيز سبل التعاون لدعم برنامج "الفرصة الثانية للتعليم"

نظمّت هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد النسائي مؤخّراً طاولة مستديرة للتعريف ببرنامج "الفرصة الثانية للتعليم " SCE في منطقتنا والدعوة لشراكات أكبر لدعم هذا البرنامج وتسريع الفرص التعليمية ومسارات التمكين للمرأة. عقدت هذه الجلسة في الاتحاد النسائي العام في أبوظبي وقد حضرها ممثلون عن القطاع الخاص والحكومة ووكالات الأمم المتّحدة والمنظّمات غير الربحيّة، لحشد دعم أكبر والمساعدة في توسيع نطاق هذا البرنامج الجغرافي. وقد قدّمت لهم الجلسة فهمًا شاملاً لتأثير برنامج SCE وفعاليته في معالجة الفوارق التعليمية للنساء المهمشات. حيث يهدف هذا البرنامج إلى توفير فرصة ثانية للنساء والفتيات اللواتي واجهن في السابق صعوبات في التعليم، ومساعدتهنّ على اكتساب المهارات وتطوير أنفسهنّ والعمل وتوليد الدخل والنجاح. ويتمّ تنفيذ هذه المبادرة العالميّة الرائدة في ستة دول هي المكسيك وتشيلي وأستراليا والأردن والكاميرون والهند.

وقد سألنا سعادة نورة السويدي، الأمينة العامة للاتحاد النسائي العام على هامش هذا المؤتمر كيف تلتقي رؤية الاتحاد النسائي العام وبرنامج الفرصة الثانية في التعليم. فأكّدت سعادتها: "يعمل الاتحاد النسائي العام منذ تأسيسه عام 1975، برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية "أمّ الإمارات"، على قيادة ملف دعم وتمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق توجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ليمثل المظلة التي تدعم جهود الحركات والجمعيات النسائية في دولة الامارات العربية المتحدة وتوجهها بما يكفل خدمة المرأة الإماراتية في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وبناء مهاراتها وقدراتها ومنحها فرصة أرحب للمساهمة في مسيرة التنمية المستدامة في كافة المجالات الحيوية بدولة الإمارات. ولم تغب المرأة في شتى بقاع الأرض عن اهتمام ورعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حيث قدمت سموها لكثير من الاسهامات النيرة لتمكين المرأة في جميع المجالات والقطاعات في سبيل عيش حياة سعيدة وآمنة، ومن هنا توحدت رؤيتنا مع رؤية هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الأمر الذي بدوره ساهم في تعزيز سبل التعاون في العديد من المبادرات والبرامج داخل دولة الإمارات وخارجها. أمّا الدكتورة موزة الشحي، مديرة مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، فأشارت من جهتها إلى أنّ "برنامج الفرصة الثانية للتعليم هو شهادة على قوّة التعاون" وأعربت عن امتنانها للهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الربحية وممثلي القطاع الاجتماعي من دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الذين انضمّوا إلى هذا الحدث لمساعدتهم في مهمّم وهي تعزيز حصول النساء والفتيات على التعليم على مستوى العالم، آملةً أن تسفر مناقشات الجلسة عن شراكات جديدة وقويّة لتمكين توسيع البرنامج في المستقبل.

وفي ما يلي حوارنا مع Anna Parini، مديرة برنامج "الفرصة الثانية للتعليم"، هيئة الأمم المتحدة للمرأة التي تطلعنا من خلاله على تفاصيل عديدة تتعلّق بهذا البرنامج وبقصص نجاح سيّدات استفدن منه.

1. بدأ برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" في العمل منذ العام 2018، هلّا تشاركينا أبرز النتائج التي حقّقها حتى الآن؟

من حيث النتائج، وصل البرنامج إلى أكثر من 110 ألف امرأة وأسرهنّ، ممّا أثّر إيجاباً على حياة حوالى 500 ألف شخص. نحن فخورون بهذه النتائج، حيث أن المشاركات في البرنامج هنّ نساء لم تتسنّ لهنّ فرصة التعليم بسبب آثار الأزمات الإنسانية أو الفقر أو الزواج المبكر أو الحمل أو التقاليد الثقافية القديمة. فقد منحهنّ البرنامج فرصة ثانية في الحياة من خلال نهج تحويليّ للمفاهيم الجنسانيّة يهدف إلى تحقيق تأثير طويل الأمد وفتح مسارات التمكين وتوليد الدخل. وكان أحد أبرز الجوانب الذي تجدر الإشارة إليها هو تجربة هذا البرنامج مع مجموعة واسعة من النساء في سياقات مختلفة واللواتي يحتجنَ جميعاً إلى فرصة ثانية. فنحن نعمل مع نساء يواجهنَ تقاليد اجتماعيّة تمييزيّة وضارّة، على أساس العرق أو الطبقة الاجتماعية أو الدين أو الأصل أو حالة الهجرة و/أو الإعاقة، في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط والمرتفع. وبالرغم من هذا التنوّع الكبير في الخلفيّات والسياقات، تمكّنا من جمع الشركاء الذين ينفّذون البرنامج في مختلف البلدان والسياقات لتبادل الدروس وإيجاد خبرات مشتركة. وقد شكّلت هذه القواسم المشتركة النموذج الذي نعتمده، ولدينا الآن مجموعة من الميزات الخاصّة والمعرفة التي يمكن أن توجّهنا في توسيع نطاق هذا البرنامج ليشمل مزيداً من المواقع حول العالم حيث تحتاج النساء إلى فرصة ثانية.

إقرئي أيضاً: واقع تمثيلات المرأة والرجل في الإعلانات التلفزيونيّة في الخليج العربي

2. ما هي البلدان التي تهدفون إلى توسيع نطاق هذا البرنامج إليها إلى جانب أستراليا والكاميرون وتشيلي والهند والأردن والمكسيك؟

هناك طلب من الكثير من البلدان الأخرى، بما فيها بنغلاديش والسلفادور وميانمار وتيمور الشرقية وأوغندا وجزر المحيط الهادئ. وينطبق نموذج برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" المطبّق في أستراليا أيضاً على البلدان ذات الدخل المرتفع التي تضم مجموعات مهمشة مثل اللاجئين والمهاجرين والسكان الأصليين. ويهمّنا أيضاً التوسّع في بلدان جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خارج الأردن، ونرحّب بالشراكات الجديدة من أجل تحقيق هذه الغاية.

3. ما هي التحديّات المختلفة التي واجهتموها في كلٍّ من البلدان حيث تمّ تنفيذ هذا البرنامج؟

أحد أبرز التحديّات التي نواجهها في جميع البلدان هو دعم النساء لتعزيز ثقتهنّ في أنّ حياتهنّ يمكن أن تتغيّر. هؤلاء هنّ النساء المهمّشات اللواتي اضطررنَ إلى ترك المدرسة في سنّ صغيرة بسبب العوائق الخارجيّة والتقاليد التمييزيّة. ففي الكاميرون مثلاً، تواجه الكثيرات صعوبة في القراءة أو الكتابة. ويحتجنَ إلى التشجيع ليؤمنّ بأنّ حياتهنّ يمكن أن تتغيّر، كما وللدّعم الخاصّ من خلال التوجيه، بالإضافة إلى الاستفادة من شبكات نظيراتهنّ لمساعدتهنّ على إكمال البرنامج. وقد واجهنا تحديّات خاصّة في المناطق المتضرّرة من النزاعات في الكاميرون. وتتواجد الكثير من الأماكن التي يعمل فيها البرنامج في مواقع نائية مع فرص عمل قليلة، ممّا دفعنا إلى التركيز على ريادة الأعمال. لكن تواجه النساء في هذه المناطق صعوبة في للاستثمار في مشاريع تجاريّة خاصّة بهن نظراً لعدم توفّر رأس المال. وبالتالي فإنّ التدريب وحده لا يكفي – لذا يقدّم البرنامج لكلّ خريجة مجموعة أدوات لبدء العمل على مشروعها الخاصّ وكسب دخل بمجرّد ترك البرنامج. تعيش بعض النساء بعيداً عن المراكز التي يعمل فيها البرنامج، كما هو الحال أيضاً في الهند وأستراليا، لذا شكّلت المراكز المتنقّلة بمثابة طريقة مهمّة أخرى للتكيّف. كما يمكن أن تعاني المناطق الريفية النائية من نقص الاتصال بالإنترنت - وكانت الشراكات مع القطاع الخاص في مجال الاتّصالات مهمّة جدًا في الكاميرون ومناطق أخرى في إنشاء إمكانية الوصول إلى الإنترنت وتوفير الأجهزة اللازمة للنساء لتعلم المهارات الرقمية.

ومن بين التحديات البارزة الأخرى التي واجهناها في بداية البرنامج، الافتقار إلى محتوى التعلّم عبر الإنترنت المناسب للمشاركات في البرنامج. فاستهدف التعلّم الإلكتروني المتوفّر إما الأشخاص ذوي الخلفية التعليمية القوية أو من الأسر ذات الدخل المرتفع. لذا كنا بحاجة إلى إنشاء محتوى تعليم إلكتروني مناسب للمشاركات في برنامجنا، وقد فعلنا ذلك بالتعاون مع شركائنا المحليّين. وبالتالي، مهما كان التحدي، فقد وجد شركاؤنا المنفّذون الرائعون حلولاً مبتكرة وفعّالة.

4. يستند البرنامج إلى 4 ركائز مختلفة، ما هي الأصعب من بينها؟

يشكّل تغيير الأعراف الاجتماعية الضارّة تحدياً كبيراً لأنّ الأفكار والممارسات التي تعيق تقدّم المرأة متجذّرة في المجتمع ولا تتغيّر بسرعة أو بسهولة. فتنتشر الفكرة بأنّ مكان المرأة هو المنزل وأن دور الرجل يتمثّل في التعلّم وكسب الدخل. لذا فإن حملات التوعية التي تشرح الفوائد التي يجنيها الرجال والمجتمع بأكمله من تعليم المرأة هي غاية في الأهمية. تستغرق العادات والأعراف الاجتماعية وقتاً للتغيير، فيما تشهد المجتمعات المحليّة والشيوخ والقادة التقليديّون فوائد تعليم المرأة وتمكينها.

إقرئي أيضاً: معاً للقضاء على الصور النمطيّة الضارّة في الإعلان والإعلام!

5. هل هناك قصّة نجاح لسيدة معيّنة كانت جزءاً من البرنامج وترغبين في مشاركتها معنا؟

ياسمين – مشاركة في البرنامج من الهند

تعيش ياسمين في ولاية راجاستان في الهند. تزوّجت في سنّ مبكرة واضطرت إلى ترك المدرسة لرعاية أسرتها. وبعد 20 عاماً، عادت مجدداً إلى التعليم في برنامج "الفرصة الثانية للتعليم". فرحت كثيراً عندما تمّ تسجيلها وقد نجحت في الصف العاشر ثم الصف الثاني عشر. وحصلت بعد ذلك على وظيفة كمعلّمة حيث قامت بتعليم النساء في القرى حول التمييز وحقوقهنّ. لقد ألهمتهنّ بقصّتها الخاصة للانضمام إلى البرنامج والسعي للحصول على فرصتهنّ الثانية. كما تعلّمت المهارات الرقميّة وكيفية استخدام الكمبيوتر، وهي تدير اليوم مركزاً رقمياً. وتقول: "لو لم أعُد إلى التعليم، لبقيت في المنزل ولم أحقق أيّ شيء... اليوم، في عمر الـ45 عاماً، أركب دراجة نارية. وفي البداية، كان الناس يسخرون منّي، لكنّهم الآن يحترمونني. فهم يرونني الآن كامرأة مستقلّة ومتمكّنة بفضل تعليمي. لقد غيّر انضمامي إلى برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" حياتي."

فيرونيكا – إحدى المشاركات في البرنامج من المكسيك

عندما انتسبت فيرونيكا إلى البرنامج، كانت تشعر بالإحباط وتعاني من وضعها الاقتصادي وصحّتها العقليّة. سمعت عن البرنامج، وشعرت أنّ هذه هي الفرصة الثانية التي كانت تنتظرها. وعندما انضمّت إليه، عادت واكتشفت نقاط قوتها للنهوض من جديد. أكملت فيرونيكا تعليمها الابتدائي فقط وتزوّجت وأنجبت أطفالاً في سن مبكرة جداً، وكانت ربّة منزل. لكن عندما توفّي زوجها، اضطرت فجأة إلى إعالة نفسها وأطفالها مالياً. ولم تكن لديها خبرة في إدارة أموالها الخاصّة. لذا وبهدف كسب المال قرّرت أن تفتح متجراً لبيع الملابس وشرائها. ومن خلال برنامج "الفرصة الثانية للتعليم"، تواصلت مع ذاتها من جديد، وأطلقت على نفسها اسم "فيرونيكا الحالمة" و"فيرونيكا رائدة الأعمال". تشجّعت ووجدت دافعاً للمضي قدماً بفضل المدرّبات وزملائها في الصف اللواتي ساعدنها على استعادة ثقتها بنفسها. وبالنسبة إليها، أهمّ الجوانب في البرنامج هي التدريب والأنشطة المتعلقة بالتنمية الشخصية والتعليم الماليّ. فمن خلال دورة التثقيف المالي مثلاً، أدركت أنها تنفق أكثر ممّا تكسب وتعلّمت كيفية تحديد الأهداف المالية وإدارة أموالها بكفاءة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، وجدت أن التدريب على استخدام تطبيق Canva ووسائل التواصل الاجتماعي كان مفيداً جداً لعملها الخاصّ. وهي الآن تقوم بتصميم الصور لصفحتها على Facebook وتروّج لمتجرها بطريقة مناسبة أكثر.

وفي وقت فراغها، لدى فيرونيكا مشروعها الإذاعيّ المجتمعيّ الذي تتحدّث فيه عن ما تهتمّ به وتروّج لمتجرها ولمهاراتها كخيّاطة. كما أنّها ترغب في أن تصبح مرشدة في برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" لإلهام النساء الأخريات. كما أنّها تودّ أن تقول لجميع النساء إنه "لم يفت الأوان أبداً للتعلّم، وستكون هناك دائماً فرص جديدة ويجب ألا تدعي أحداً يقطع جناحيك. استمرّي في الحلم واقبلي بالفرص التعليمية الجديدة، حتى لو كان الوضع الاقتصادي مزعزعاً أو عبء العمل المنزلي كبيراً جداً."

6. كيف يمكن للمنظّمات والجهات الحكوميّة في منطقتنا المساعدة في دعم هذا البرنامج؟

يخطّط فريق هيئة الأمم المتّحدة للمرأة الآن للمرحلة الثانية من برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" الذي يشكّل فرصة لنا لتعزيز أثره في البلدان الستة الحالية ولتوسيع النطاق الجغرافي لهذا البرنامج المذهل. كما وندعو جميع أصحاب المصلحة للتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المرحلة الثانية من البرنامج. فيمكن للمنظمات التي تتمتّع بأهداف مشتركة معها والتي تسعى إلى توفير المهارات الحياتيّة التحويليّة والتدريب التقنيّ للنساء، استكشاف العمل مع برنامج "الفرصة الثانية للتعليم". نحن نبحث الآن عن شركاء في البرنامج للمساهمة في التمويل والتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لمساعدتنا على توسيع نطاق برنامجنا الحالي وامتداده الجغرافي. وفي جهودنا لزيادة نشاطنا، نسعى لاتباع نهج تشاركيّ مع أصحاب المصلحة، ونضمن أن نعمل تماشياً مع أولويات التنمية الوطنية ومع مراعاة أولويات الجهات المانحة أيضاً. فنتطلع إلى الشراكات التي يمكننا من خلالها تمكين المرأة لاختيار مسارها الخاص في الحياة، وندعوك لتصبحي بطلة نموذج برنامج "الفرصة الثانية للتعليم" في بلدك ومنطقتك. معاً يمكننا أن نحدث فرقاً كبيراً للنساء والفتيات ونضمن حصولهنّ على فرصة ثانية للتعليم.

إقرئي أيضاً: تحدّي الحواجز الغير مرئيّة التي تحول دون المساواة في مكان العمل

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث