التصوير: Kevin Larreguy
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh
تخصّصت في الفنون الجميلة قبل دراسة الموضة، واليوم هي لست مصمّمة أزياء فحسب، إنّما تهوى فنّ النحت والشعر أيضاً! لطالما شكّلت الثقافة جزءاً كبيراً من هويّة هنيدة صيرفي، فحبّها لاستكشاف الوجود ومعرفة كلّ الحضارات أغنى هويّتها كفنّانة ومصمّمة أزياء ونمّى لديها تقبّل واحترام الثقافات المختلفة حولها من لغة وتراث وسلوك وفنون. فباتت تصماميها ذات الجذور العربيّة السعوديّة، التي تحاكي المرأه المتمتّعة بالذوق الرفيع، تتمتّع بهويّة عالميّة. انضمّي لنا في التحقيق التالي لتتعرّفي عن كثب على هذه المصمّمة السعوديّة الرائدة وعلى الاستراتيجيّة التي ستعتمدها علامتها بعد جائحة كورونا، وعلى تصميم منزلها الباريسي وتميّزه عن منازلها الأخرى التي يتّسم كلّ واحد منها بتصميم يحاكي المساحة الخارجيّة للبلد الموجود فيه.
كيف ساعدك شغفك بالفنّ على تجاوز الأزمة الأخيرة التي عصفت بالبشريّة؟
الفنّ مساحه للتعبير عن ذات الإنسان، ففي هذه الفترة الصعبة كنت أتنفّس الألوان والأقمشة والتصاميم، فيمرّ الوقت ببهجة ورضا.
كيف تعبّرين عن شغفك بتقاليد وثقافة وطنك في تصاميمك؟ وكيف تحاكي هذه التصاميم المرأة السعوديّة؟
السعوديّه بمختلف مناطقها غنيّة بالجمال. واختلاف وتنوّع أزيائها التراثية يجعل مخيّلتي غنيّة بالابتكارالذي يظهر في تصاميمي بلمسة عصرية تحاكي المرأه ذات الهوية العالميّة. والمرأة السعوديّة تشتهربرقيّها وذوقها الرفيع في اختيارما يناسب تفكيرها وتقاسيم جسمها لتبرز في أجمل إطلالتها ولذلك ترتدي تصماميم HONAYDA.
ما القاعدة الوحيدة المتعلّقة بهويّة علامتك التجاريّة التي دائماً ما تأخذينها في الاعتبار عند تقديم منتجات وتصاميم جديدة؟
ميزة كلّ مجموعة من تصاميم HONAYDA هي الأزرار العربية التي تشكّل إرثاً من ثقافتي وملحقاً كلاسيكيّاً موجوداً في كلّ مجموعة جديدة أقدّمها. والأزرار مستوحاة من العملة السعوديّة التي قمت بإعادة تصميمها وإدراجها في علامتي بطرق جديدة تتماشى مع العصر الحالي.
ما القصّة وراء استلهامك من الشخصيّات النسائيّة المؤثّرة عبر التاريخ واتّخاذك إيّاها كنقطة انطلاق في إبداعك؟
هلاّ أخبرتنا المزيد عن ذلك؟
هذه قصة هويّة علامة هنيدة بعينها. لطالما كان وسيظلّ تمكين المرأة هدف و مصدر إلهام تصاميمي. فكلّ موسم مستلهم من قصّة امرأة أثّرت إستثنائيّاً في التاريخ، سواء كانت امرأة من التاريخ الماضي أو العصري. وقد خطرت لي فكرة سرد هذه الحكايات حين شعرت أنّ بعض السيّدات غير مطّلعات على دورهنّ في التاريخ، ولا يعلمن ما هي إمكانيّاتهنّ الحقيقيّة. بدأ تقديري للمرأة مع إعجابي بمثالي الأعلى: والدتي. فهي أمّ لعائلة كبيرة وزوجة محبّة وفنّانة وتهتمّ بالمجتمع والأعمال الخيريّة أيضاً. فأحسست أنّه يجب أن أسلّط الضوء على قدرات المرأة وأقوّيها وأثقّفها. حضارات كثيرة تستخفّ بقدرات المرأة، فكان هدفي أن أستعمل صوتي كمصمّمة عالميّة لتثقيف تلك النساء و القول لهنّ أنّهنّ بإمكانهنّ أن يكنّ كلّ ما يطمحن إليه من دون قيود. كذلك، أسعى الآن إلى تمكين المصمّمات الشابّات و الخرّيجات لتحقيق أحلامهنّ في عالم الأزياء.
تعصف بعالم تصميم الأزياء اليوم الكثير من التحديّات الجديدة إثر أزمة COVID-19. هلاّ أطلعتنا على قراءتك الخاصّة لها والسبل الأفضل لمواجهتها؟ وما هو تصوّرك لمستقبل عالم الموضة بعد هذه الأزمة؟
للأزمه تأثير اقتصاديّ ضخم له تداعيات ستستمرّ لسنين عدّة. وقد غيّرت هذه الأزمة وجه العالم بما فيه قطاع الأزياء، ويتمثّل بعض هذه التغييرات السلبيّة بفقدان الكثير من العاملين في القطاع وظائفهم. ولكن من إيجابيّاتها، أنّها دفعت الكثير من دور الأزياء إلى تطوير الممارسات المستدامة والإكثار من المنتجات الصديقة للبيئة. ولقد أعلنت في بداية الأزمة أنّني سأتّخذ خطوات سبّاقة لأؤثّر إيجابيّاً في ظلّ ما يحدث. وذلك من خلال مبادرة إنسانيّة، أجمع فيها الإبداع والفنّ بالعطاء والخير، أطلقت عليها اسم Sketch & Give وعمدت أن أؤرِخ الحدث مع قطاع الأزياء في السعوديّة بتأمين 11,180 كسوة للعائلات غير المقتدرة. إنّ العودة إلى عجلة الحياة ستكون بحذر لكنّ الإنسان محارب بطبعه ولا يحبّ الاستسلام لأي ظرف قاهر. وقد علّمتنا هذه التجربة أن نكون جاهزين للأحداث المفاجأة. الحياة تستسمرّ لكنّنا نعيش كلّ يوم بيومه و خاصةً في مجال الأزياء. فقبل اكتشاف لقاح وإثبات فعاليّته، أعتقد أنّ معظم القطاعات و ليس قطاع الأزياء فحسب ستلجأ إلى التحويل الرقميّ لتكون قادرة على الإستمرار.
كم عدد المجموعات التي كنت تطلقينها على مدى مواسم الموضة خلال السنة؟ وكيف ستؤثّر التغييرات الحاليّة على إنتاجها؟
تقدّم HONAYDA مجموعتين كلّ عام تتبعان مواسم الموضة الرسميّة، بحيث كنّا نبتعد منذ البداية عن موجة الأزياء السريعة، متحفّظين على سياسات التخفيضات لأنّها تشوّه صورة العلامة وقيمتها. وفي ضوء الأحداث الأخيرة، ستظلّ HONAYDA تلتزم بإنتاج مجموعتين رئيسيّتين سنويّاً، إنّما سننشئ مجموعات أصغر، بطريقة تساهم في الحدّ من الهدر وإعادة استخدام القماش الموجود. كما يجري تطوير مشروع المسؤوليّة الاجتماعيّة في الشركة مع المؤسسات الخيّرية، الذي يشمل النساء المطلّقات لاستثمار وقتهنّ في إنتاج تصاميم مستدامة.
ما دروس الحياة الثلاثة الرئيسة التي تشاركينها مع الشابّات السعوديّات بناءً على تجربتك الشخصيّة من موقعك كمحاضرة ضيفة في جامعات رائدة ضمن حلقات دراسيّة عن الموضة؟
إنّ الحياة مجموعة دروس فيها المواقف السعيدة والحزينة. ولا قيمة لها إن لم يكن هناك ما نسعى للوصول إليه. لذلك نصيحتي الدائمه للشابّات الموهوبات هي أن يضعن الهدف أمام أعينهنّ ولا ينظرن إلى الوراء أبداً إلّا للتعلّم من تجاربهنّ السابقة. وأن يفعلن ما هو جميل ولا ينتظرن وقتاً محدّداً لبداية انطلاقهنّ بعلامتهنّ التجاريّة بل يندفعن نحوها. فلن تأتي الفرصة المناسبة بل سيصنعنَها بأنفسهنّ ويشاركنَ علمهنّ مع الآخرين حتّى تكون الإستفادة للجميع وتكون النهضة بقطاع الأزياء في المملكة لها وقع أكبروصدى أجمل وأسرع.
هل فكّرت يوماً في تصميم إكسسوارات الديكور المنزليّ؟
تصميم إكسسوارات الديكور المنزلي هي من المشاريع التي دائماً ما حلمت وخطّطت لها فعلامتي في المستقبل هي علامة متكاملة وليست للأزياء فحسب.
في الآونة الأخيرة أصبحت حياتنا كلّها محصورة في المنزل. فلم يعُد مكاناً للراحة بعد يوم طويل إنّما أصبح مكاناً للعمل ومدرسة وباحة لعب ونادي رياضي... هلاّ أخبرتنا عن خبرتك خلال هذه الفترة؟ هل تغيّرت نظرتك للمنزل؟ وهل قمت بأيّة تغييرات في التصميم لتلبية الحاجات المستجّدة؟
إنّ ما يجعل للمنزل مكانة وأهميّة هي الذكريات التي نصنعها داخل جدرانه فلا تغادرنا أبداً ... اهتمامي بخلق ذكريات جميلة يجعلني دائماً أهتمّ بتفاصيل تصميمه من الداخل والخارج ليحاكي روح من يسكنه. ومع التغيّرات الأخيرة في أسلوب حياتنا المعيشيّة بسبب الجائحة لم أشعر إلاّ بالرضا حتى لو تحوّل المنزل من مكان للنوم إلى خليّة تجمع كلّ أركان الحياة "فيا أهلا وسهلا" ! حتّى أنّني لم أغيّرأي شيء في منزلي لكنّني أخيراً أصبح عندي الوقت لكي أرتّب وأقلّل من محتوياته.
كيف تصفين ديكور منزلك؟ وما هي سمات شخصيّتك التي يعبّر عنها؟
إنّه منزلٌ باريسيّ تمّيزه بعض الرسومات القديمة والخشب القديم في الأرض والمزخرف على الحائط بحيث تعطيه الفخامة والرقيّ الفرنسي. أمّا سمات شخصيّتي التي يعبّر عنها فهي الدمج بين الديكور الكلاسيكيّ والعصريّ.
هل لديك أيّ لون أو نمط ديكور مفضّل؟ وهل ثمّة قطعة فنيّة معيّنة تكمّل ديكور منزلك؟
أحبّ أن يكون المنزل متكاملاً ويحمل في طيّاته قصّة حكايتنا مع المكان. يهمّني أيضاً أن يتماشى الديكورمع موقع المنزل، بحيث يملك طابع البلد الموجود فيه. منزلي في باريس مثل ما ترونه في الصور كلاسيكي ودافئ. أمّا منزلي في نيو يورك فهو يشبه نمط المدينة الصاخبة بتصميمه العصري. وبيتي في شرم الشيخ ينقل روح الصيف والبحر. أمّا في الرياض، فكان هدفي أن أخلق روح المنتجع فيه بما أنّها مدينة جافّة. بالإضافة إلى كون كلّ منزل يتماشى مع الطبيعة الموجود فيها، أهتمّ بالضوء بشكل أساسيّ عند تصميم بيتي لأنّ النور يجلب الطاقة الإيجابيّة. وصورالعائلة دائماً ما تكون موجودة، لأنّها تجلب الدفء والارتياح. أخيراً، بما أنّني أحبّ أن أستضيف عائلتي وأصدقائي، أحرص على أن يكون المكان مريحاً ومرحّباً لاستقبال ضيوفي.
كيف يظهر الذوق والتراث السعودي في هذا المنزل الباريسي؟
مثلما سبق وأشرت أحبّ أن يتماشى كلّ منزل مع البيئة الموجود فيها، فأنا أفضّل ألاّ يكون ثمّة غرف منفصلة للسيّدات والرجال مثلاً. لكنّ المهمّ أن يكون المنزل متناسق بما أنّني أعتبر نفسي مزيجاً من ثقافات عدّة.
ما الذي يميّز ديكورمنزلك في المملكة عن هذا المنزل؟ وهل تقيّدت بقواعد مختلفة لتصميمهما؟
كلّ منزل يحتفظ بذكريات معيّنة نشأت وبقيت فيه بحسب كل بلد. ففي المملكة، إنّه منزل عائلتي الأساسيّ ويضمّ الكثير من ذكريات السفر مع أولادي وزوجي بحيث كنت دائماً أحتفظ بتذكارات رمزيّة. وكلّ منزل مختلف بذكرياته، و بما أنّ كلّ بلد له جوهره وتصاميمه المختلفة، يتميّز منزل المملكة بديكور عصريّ وأرضيّة رخاميّة ومساحات أكبر لمواكبة احتياجات العائلة الكبيرة.
هل يمكنك مشاركتنا بذكرى ذات صلة حصلت معك أثناء تصميم هذا المنزل؟
أتذكّر جيّداً عندما كان مصمّم الديكور الإيطالي الذي صمّم منزلنا، يحدّثنا لمعرفة المزيد عمّا يحبّه ويريده كلّ منّا. إحساس جميل جداً عندما يستثمر الإنسان نفسه في تصميم منزله لأنّه مصدر الراحة ورمز الحماية والعائلة.
كيف يمكن للمرأة السعوديّة برأيك أن تنجز دوراً أكثر فعاليّة لريادة المجتمع خصوصاً في ظلّ الظروف الحاليّة؟
أنا فخورة اليوم بمبادرة Sketch & Give التي أطلقتها خلال شهر رمضان المبارك والتي نتجت عن الظروف التي مرّ بها العالم وخلقت صدمة إقتصاديّة للجميع. كان الهدف وراء هذه المبادرة دعم الأسر غير الميسورة من خلال تأمين كسوات العيد وزرع الفرح والأمل في قلوب الناس.
سجّلت المبادرة نجاحاً كبيراً بدعم عدد من مشاركين مؤسسّين من جمعيّات خيريّة تهتمّ بالمرأة، وجامعات ومعاهد أزياء ومصمّمات أزياء سعوديّات ومؤثّرات وشركات التواصل والعلاقات العامّة. الأمر الذي جعلني أريد أن أطوّر هذه المبادرة لتكون فعّالة طوال السنة وليس خلال الشهر الفضيل فحسب. فتمنيّاتي للمرأة السعوديّة هي التكاتف ليكون لدينا بصمة إيجابيّة على المجتمع محليّاً وعالميّاً.
اقرئي أيضاً: At Home مع Samar Habayeb