Midnight in Cairo يستذكر أيقونات استثنائيّة

الإعداد: Amel Meghraoua

تبقى بعض الشخصيّات المميّزة مترسّخة في ذاكرتنا دائماً. وفيما نتمتم كلمات أغانيها أو نتمايل على أنغامها، يعود ذكراها إلى الحياة من جديد. ومع الإصدار الأدبيّ Midnight in Cairo: The Divas of Egypt’s Roaring 20’s اكتشفنا نساء اسثنائيّات لا يمكن نسيانهنّ. إذ يتردّد صداهنّ في وعي ثقافيّ جماعيّ. وبين حقبة الأناقة والترف التي لا مفرّ منها، هناك زمن تبعت فيه التغييرات الهيكليّة الكبيرة أخرى تدريجيّة أصغر. وفي تصويره لمغنّيات القاهرة وكفاءاتهنّ وانتصاراتهنّ على النظام الاستعماري والأبويّ، يكشف الباحث في المسرح المصريّ والثقافة العربيّة، Raphael Cormack، كيف "أكّدنَ على رغباتهنّ، وطالبنَ بحقوقهنّ وأفسحنَ المجال لأنفسهنّ". وفي تحيّة لرائدات الأعمال اللواتي برزنَ في تلك الحقبة، يقدّم عمله شيئاً ذا قيمة، بعيداً عن الطابع الشرقيّ الذي تخلّل الكثير من الأعمال في المنطقة.

اقرئي أيضاً: Honourable Lujaina Mohsin Darwish: لا تدعي خوفك من المجهول يردعك

يجمع الكتاب حياةَ سبعٍ من أبرز النساء في عالم الترفيه في مصر ويروي قصصهنّ استناداً إلى المذكّرات والمجلّات وتقارير الصحف والأرشيفات. ويقدّم Cormack وصفاً مشوّقاً لهؤلاء النساء اللواتي لعبنَ دوراً بارزاً في مواجهة الحكم البريطانيّ في العام 1919 فيما هيمنَّ على صناعة الترفيه المزدهرة في البلاد. وتضمّن الكتاب قصص نساء مثل نجمة الفودفيل روز اليوسف، التي أطلقت واحدة من أهم الصحف في القاهرة، ومطربة الملاهي الليليّة منيرة المهدية، أوّل امرأة تقود فرقة مسرحيّة مصريّة، ومنافستها الكبيرة أم كلثوم التي لا تزال تحظى بالاحترام والتقدير على كلمات أغانيها المعبّرة، وغيرهنّ من النجمات الأخريات في فترة ما بين الحربين. ويقول Cormack: "حاولت استخدام كلماتهنّ وتجاربهنّ لتكوين صورة للحياة الليليّة وعالم الترفيه في القاهرة، من منظور هؤلاء النساء الرائعات. وغالباً ما يُقال للمؤرّخين إنّه من الصعب العثور على وجهات نظر النساء، أمّا هنا، فلا يمكن تجاهلها".

واستناداً إلى ذلك، هو يروي التشويق الذي كان موجوداً خارج المسرح بقدر ما كان عليه. ومن بين مواقع السهر، كانت النساء تدير النوادي الأكثر صخباً كما أنتجنَ المسرحيّات والتسجيلات والأفلام والمجلّات. بدءاً بحيّ الأزبكية ووصولاً إلى ضفاف النيل، ثمّ إلى بيروت ويافا ودمشق وباريس وبوينس آيرس، انطلق مزيج مميّز من الأنواع الموسيقيّة التي تلبّي أذواق جمهور جديد في وقت كانت فيه مصر تمرّ بتغيير اجتماعيّ وسياسيّ كبير. فتعرّفنا إلى شخصيّات مشهورة مثل شفيقة القبطية، ملكة المسرح والرقص والغناء، التي وبدافع السخرية من الطبقة العليا المصريّة التي اعتمدت بشكل كبير على العمّال المنزليّين من الجنسيّة السودانية والنووبية، وظّفت طاقماً إيطاليّاً وألبسته أفخم البدلات. ويتذكّرها الناس أيضاً لكرمها الكبير في إنفاق المال: "فإذا لم يتمكّن أحدهم من دفع أجرها للرقص في حفلة زفافه، كانت تفعل ذلك مجاناً وتعطيهم المال لدفع تكاليف شهر عسل فاخر".

يبدو أنّ هناك نزعة أبويّة معتمدة في الطريقة المعتادة لرواية قصص النساء. وقد يكون هذا أهمّ مساهمة لكتاب Midnight in Cairo من خلال سرد حقيقة مغفلة عن المرأة في المسرح والغناء والرقص. بالإضافة إلى حقائق عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المعاصرة من منظور مختلف. إذ يكشف الكتاب النقاب عن قصّة تاريخيّة للمعاناة الجندريّة في مصر، من خلال الحياة الرائدة التي عاشتها هؤلاء النساء بالإضافة إلى بروز النجمات في تلك الفترة. فكنّ مؤدّيات ومروّجات وصاحبات فِرَق ويأتينَ من خلفيات متنوّعة ومختلفة. وبعيداً من تغذية الخيال الجماعي وسط الجمهور، من خلال مهاراتهنّ وبراعتهنّ في الأداء، أصبح عملهنّ تقدميّاً بحيث أصبح الشخصي سياسيّاً. 
ومن خلال معالجة الظروف الإبداعيّة في هذه الحقبة، نجح Cormack أيضاً في الكشف عن حقيقة الكتابة التاريخيّة بحيث يدفعنا على أخذ مثل تلك الأعمال والأداءات على محمل الجدّ باعتبارها "تاريخيّة".  

اقرئي أيضاً: هالة بدري... قصّة نجاح مستمرة وشغف متوقّد

العلامات: Midnight in Cairo

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث