Maya Hojeij: "استخدمي التعاطف غير الجندريّ للتواصل مع منطق الآخرين وعاطفتهم من أجل الحثّ على التغيير"

تتمتّع مايا حجيج بخبرة تزيد عن 20 عاماً في مجال الإعلام والاتّصالات ضمن أهمّ المؤسّسات الإعلاميّة الإقليميّة والعالميّة. وقد انضمّت في يوليو 2020 إلى "الشرق نيوز" كمذيعة أخبار اقتصاديّة. وبالإضافة إلى نجاحها في عالم الإعلام، تجري حجيج تدريباً إعلاميّاً للكثير من المتحدّثين الرسميّين البارزين في صناعات مختلفة، وتعلّم أيضاً الطلاب في مجال الإعلام والصحافة في الجامعة الأميركيّة في دبي. ولطالما ركّزت الإعلاميّة البارزة واهتمّت بتوجيه المرأة وتمكينها. رافقينا في ما يلي للغوص في مسيرتها فنكتشف رأيها حول التحيّز والقوالب النمطيّة الجندريّة وما تقترحه لمنع تأثير ذلك على مسيرة المرأة!

اقرئي أيضاً: Dr. Nadia Al Bastaki: نتمتّع نحن النساء بقوّة هائلة وقدرتنا على إحداث تغيير إيجابيّ لا تقدّر بثمن

بالنظر إلى مسيرتك المتميّزة، ما هي القيم الشخصيّة التي كانت دائماً تدفعك للمضيّ قدماً؟

لطالما أردتُ أن أكون صحفيّة وأن أتمكّن من إيصال صوتي. لكن مع الوقت، أدركت أنّه من المهمّ أكثر أن يكون لدينا تجارب مفيدة وملهمة لنحمل رسالة تمكينيّة ويكون لدينا تأثير إيجابيّ. وبصفتي مدرّسة، رأيت بالفعل تأثير النهوض بالأفراد وتمكينهم ولا سيّما الشباب الذين يتطلّعون إلى إيجاد هدفهم في الحياة. ولا يمكن تحقيق ذلك إلّا من خلال المصداقيّة الشخصيّة والروابط الحقيقيّة، وهذه ركائز كلّ قيمي.

ما هي التّحديات التي واجهتها في خلال مسيرتك وكيف تختلف عمّا تواجهه الشابّات اليوم؟

بالرغم من أنّني كنت أحاول جاهدة أن أجد فرصة عمل كمقدّمة، إنّما أصبحت مذيعة أخبار اقتصاديّة بالصدفة. فأدركتُ أنّ إتقان الاقتصاد والشؤون الماليّة أمر ضروريّ. وقد بذلتُ كلّ جهدي لأبرع في هذا المجال وبخاصّة كوني امرأة. وليس التحيّز الذي تواجهه النساء في ما يتعلّق بمعرفتهنّ في المجالات التي يهيمن عليها الرجال أمر غريب عنّا. وكوني من أوائل مراقبات الأسهم في العالم العربيّ، وضع ذلك الكثير من الضغط عليّ ، لكنّه كان أمراً مشوّقاً وحافزاً لي في الوقت نفسه. كنت عازمة على إظهار مصداقيّتي كمذيعة أخبار اقتصاديّة بالرغم من التمييز الضئيل الذي واجهته في العمل بالإضافة إلى غياب الدعم في المنزل، وفي منزلي الزوجي تحديداً.

واليوم، تواجه الشابّات التحيّز الذي واجهناه قبل 20 عاماً إنّما بنسبة أقلّ. إذ يلحق مجتمعنا العربي بالغرب تقريباً، نظراً لما يتعلّق بالموقف تجاه المرأة العاملة. لقد رأينا المزيد من النساء في المناصب القياديّة في كلّ أنحاء العالم العربي يقدّمنَ الدعم للشابّات. وقد ازداد التضامن في ما بيننا ونحن نشجّع الشباب بشكل عام لإيجاد دعوتهم وهدفهم في الحياة. أمّا السلاح الأكثر تمكيناً لشابّات اليوم فهو الحوار المفتوح حول التحيّز الجندريّ. ولا أظنّ أنّني تعرّفتُ على التحيّز لمّا عشته عندما كنتُ في العشرين من عمري، إذ نشأ جيلنا معتقداً أنّ هذه هي القاعدة المتّبعة والواقع السائد.

لطالما ركّزت وسعيتِ لإرشاد النساء وتمكينهنّ. هلّا تخبرينا أكثر عن المبادرات التي قمتِ بها وكيف يمكن أن يحثّ ذلك الآخرين في مجال الأعمال على فعل الشيء نفسه؟

أوّد أوّلاً الإشارة إلى أنّ تمكين المرأة هو سلوك يعمل كقوّة تأهيليّة، ممّا يسمح لجميع العاملين بتغيير رؤيتهم والانفتاح والتواصل بصدق من دون تحيّز. هذه هي الصفات التي طوّرت الجنس البشريّ فأصبحت فطريّة، ولهذا السبب هي تنتقل من أشخاص إلى آخرين. هذه هي طبيعتنا قبل ظهور التحيّزات الثقافيّة والمعرفيّة.

أنا أقدّم حاليّاً بودكاست بعنوان "Ahwe w Khabriyi" أو "قهوة وخبريّة" حيث أدعو نساء رائعات لمشاركة قصص نجاحهنّ وتحدّياتهنّ وأحلامهنّ. أنا أؤمن فعلاً أنّنا نستطيع أن نكون قدوة لغيرنا وما من تصوير أفضل للمرأة غير صورة النساء البارعات والمستقلّات والشغوفات. ومن خلال نشر قصصهنّ قد نمنح بعض الأمل لإحدى المستمعات، ونشجّعها على السعي وراء شغفها ورؤيتها والتحلّي بالثقة بشأن اختياراتها حتّى لدى مواجهة التّحديات والعقبات. وأودّ التأكيد أنّني أعمل بهدف تمكين المرأة لأنّه قد تمّ تجاهلنا والاستخفاف بنا لفترة طويلة. لكن هذه حتماً ليست دعوة حصريّة أو انتقائيّة. فأنا أشجّع كلّ الناس على إيجاد ما يجعلهم يشعرون بالسعادة والقيمة والرضا.

وقد عملت أيضاً كمرشدة في البرنامج الإرشاديّ Reach، وهذا التزام لمدّة سنة بين المرشدة والمتدرّبة حيث تستفيد النساء الشابّات من التوجيه المنظّم والمهنيّ. وتمّت إدارة البرنامج عبر منصّة إلكترونيّة يشرف عليها مدير محترف. كانت تجربة مفيدة جدّاً ويتفاجأ المرء ممّا يمكن تعلّمه كمرشد في برنامج منظّم، ويكتشف أنّه يتعلّم أيضاً ويتطوّر خلال هذه العمليّة.

ويشكّل دعم النساء في مراحل مختلفة من حياتهنّ المهنيّة في سوق العمل مسألة مهمّة بالنسبة إليّ من أجل زرع ثقافة داعمة ترحّب بالاختلافات ونقاط الضعف، وهذا تحدٍّ أستمتع بمواجهته كلّ يوم.

ما رأيك في تطوّر وضع المرأة في مجال الإعلام؟ وهلّا تخبرينا عن بعض الصور النمطيّة والتحيّزات الجندريّة التي قد واجهتها أو ما زلتِ تواجهينها؟

لا شكّ في أنّ وضع المرأة وخياراتها المهنيّة قد تحسّنت طبعاً، ليس فقط في مجال الإعلام والاتّصالات بل في جميع المجالات خلال الأعوام العشرين الماضية. لكن ما زال الطريق طويل بالرغم من ذلك. والعقبة الأهمّ التي يجب أن نتخطّاها هي الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا وإلى بعضنا البعض كنساء. يجب أن نتوقّف عن المساهمة في تعزيز التحيّز ونشر الآراء المسبقة عنّا. ما زال يُتوقع منّا أن نعمل بجهد أكبر ولمدّة أطول من الرجال مقابل أجر أقلّ، ونحن نحاول دائماً أن نثبت قيمتنا. ومن أكبر المخاطر التي نواجهها مع تقدّمنا في مسيرتنا المهنيّة هو الحصول على صفات مرتبطة بالقادة الناجحين إنّما تتماشى عادةً مع السلوكيّات الذكوريّة النمطيّة. وهذه فكرة خاطئة وخطيرة عن مفهوم السلطة والقيادة، حتّى بين الرجال.

ما هي برأيك أفضل طريقة لبناء مناعة ضدّ الصور النمطيّة والتحيّز الجندريّ؟

يجب أن نتوقف عن تصديق أنّها صحيحة. إذ لا تؤثّر الاختلافات الصغيرة بين الجنسين على منطقك وحكمك. يجب أيضاً تبنّي استجابة قويّة في وجه التمييز الجندريّ المتعالي والسخيف. واتّخاذ موقف قويّ لا يعني تجاهل التحيّز الجندريّ، بل التجرّؤ في المواجهة والتعامل مع الوضع على الفور وبسرعة من أجل تحديد حدودك وتأكيد موقفك.

الكلام أداة مهمّة جدّاً يمكن أن تؤثّر على سلوك المرء. ما هي التغييرات التي يجب اعتمادها في طريقة كلامنا لتجنّب الصور النمطية والتحيّزات الجندريّة؟

إنّ تعزيز الوعي بالتحيّز الجندريّ في الكلام ليس بحدّ ذاته كافياً. لقد اكتشفتُ أنّه يجب علينا أيضاً تقديم الحلول وإشراك الجميع في المناقشة. يجب أن ترفعي صوتك، ولكن ليس فقط للشكوى. أشيري إلى التحيّز والتمييز من دون الإهانة وقدّمي سيناريو أو خطّة عمل بديلة. استخدمي التعاطف غير الجندريّ للتواصل مع منطق الآخرين وعاطفتهم من أجل الحثّ على التغيير. لكن قبل كل شيء، يجب الاستماع إلى الجميع جيّداً أثناء مقاومة الرغبة في التخطيط للإجابات في رأسك قبل أن ينتهي الشخص من التعبير عن وجهة نظره أو قلقه. وفي الواقع، ستواجه النساء ردّة فعل عنيفة حتماً، سواء كانت تؤيّد الصور النمطيّة أو تتحدّاها. لكنّنا ننسى أن نذكّر الرجال بوجود القوالب النمطيّة لهم أيضاً وبأنّهم محكمون بمجموعة محدّدة من الصفات أيضاً. لكن لفعل ذلك، يجب أن نعترف أيضاً بتحيّزنا الجندريّ تجاههم؛ فتؤدّي الأمّهات والأخوات والعمّات دوراً كبيراً في الطريقة التي يرى بها الرجال أنفسهم وبتكوين رأيهم وعلاقتهم بالنساء لاحقاً. أظنّ أنّ التوقّف عن استخدام "نحن" و"هم" هو أكبر تغيير ضروري في الكلام.

ما هي الرسالة التي تودّين مشاركتها مع قارئات ماري كلير العربيّة بمناسبة اليوم العالميّ للمرأة؟

لا تخافي من كسر قوالب الصور النمطيّة التي نواجهها كنساء. ولا تتخلّي عن أحلامك وطموحاتك، فنحن لا نشكّل مجرّد جزء من المجتمع، بل جزءاً متساوياً أيضاً. اعترفي بهذا الأمر واقتنعي به من كلّ قلبك ومن دون خجل!

اقرئي أيضاً: Nayla Al Khaja: "أنت تستحقّين العناء! عملك سيتحدّث عنك حتماً وسيكون المناصر الأوّل لك"

العلامات: Maya Hojeij

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث