H.E Aisha Bin Bishr : الاستمتاع في ما نفعل جزء كبير من قصة النجاح

كلّ ما عليك معرفته لتبسطي جناحيك في عالم الأعمال والاستثمار!

وأخيراً اتّخذت القرار بالانخراط في مجال الاستثمار والأعمال. تريدين أن تنطلقي في هذه المسيرة إنّما تراودك أسئلة كثيرة... ما هي التّحديات التي يمكن أن أواجهها وكيف يمكن أن أتغلّب عليها؟ ما هي القواعد أو الإرشادات التي يجب أن أتّبعها؟ وما هي الخطوات المطلوبة؟ وهل هناك معادلة صحيحة للاستثمار؟ ما هو المجال الذي يجب أن أستثمر فيه؟ وهل من مجال محدّد من الأفضل أن أبدأ به؟ ماذا عن الاستثمار في العملات المشفّرة والبيتكوين والميتافيرس؟ وماذا عن الطرق المبتكرة التي يتّبعها الجيل الجديد؟ وكيف أتأكّد من أنّني سأتّخذ القرار الصائب؟ وبما أنّنا نحرص دائماً على الإجابة على كلّ الأسئلة التي يمكن أن تطرحيها، نخصّص التحقيق التالي لمناقشة هذه التساؤلات مع رائدات وخبيرات من مجالات مختلفة، فيشاركنَك نصائحهنّ بناءً على تجاربهنّ الملهمة! انضمّي إلينا في هذه السطور لنفيدك بكلّ الأجوبة! وحوارنا الأوّل مع سعادة الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر نائب رئيس مجلس إدارة إعمار للتطوير وخبيرة المدن الذكيّة والرقمنة.

سعادة الدكتورة بن بشر هي من القيادات الرقميّة العالميّة، إذ شغلت موقع المدير العام المؤسّس السابق لدائرة دبي الذكية في دولة الإمارات. وتعتبر سعادتها المرأة الأولى في العالم التي يتمّ تكليفها بقيادة التحوّل الرقمي لمدينة. وقد تمّ اختيارها ضمن أبرز القيادات النسائيّة في مجال الأعمال والتقنية عالميّاً! وفي ما يلي وبناءً على مسيرتها الملهمة، تشاركنا رؤيتها حول الخطوات الضروريّة لدخول عالم ريادة الأعمال والاستثمار بالإضافة إلى آرائها المتعلّقة بمختلف جوانبه!

التصوير: Maximilian Gower

بالنسبة إليّ وراء كلّ قصة نجاح شخصّية قدوة تأثّر بها الإنسان أو دعمته. وأنا منذ صغري كُنت محظوظة برفقة والدي بطي بن بشر رحمه الله السكرتير الخاصّ للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وبحكم قربه من المغفور له الشيخ زايد كجزء من حياتنا اليوميّة، كان لديّ الفرصة لأتتلمذ في مدرسة قيادة لا مثيل لها، وكُنت ولا زلت من المحظوظات اللواتي التحقنَ بفريق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وقربي من مدرسته في الإدارة والقيادة أكسبني مهارة ومبدأ"، بهذه العبارات تصف سعادة الدكتورة عائشة بنت بطي بن بشر القاعدة التي ألهمتها خلال مسيرتها المهنيّة. وتتابع: "أقول لك بكلّ ثقة أنّ ذلك هو سبب نجاحي في كلّ محطاتي، فالاهتمام في كافّة التعاملات هو مفتاح النجاح. لذا عندما وضعت الإنسان قبل التقنية, بالانسجام مع رؤية القيادة بأنسنة التقنيّة, كان الإنجاز دبي الذكية. وفي التعامل مع فرق عملي والشركاء وأيّ شخص تربطني به علاقة مهنيّة أو اجتماعيّة، وجدت قيمة الأنسنة هي مفتاح النجاح. فالناس الذين نتعامل معهم يوميّاً يشكّلون درساً يعلّمنا ويثرينا لصقل خبراتنا من جهة والاستفادة من الدروس من جهة أخرى".

نقلة نوعيّة بفعل الثورة الرقميّة

وفيما قادت التحوّل الرقمي لمدينة دبي، سألنا سعادتها إذا لاحظت تغييرات في خارطة طريق ريادة الأعمال والاستثمار، وتجيبنا: "بالتأكيد إنّ خارطة ريادة الأعمال في المنطقة والعالم تغيّرت وتطوّرت على مدار العقود الماضية، وبرأيي إنّ العاملين الرئيسيّين في هذا التطوّر هما تطوّر الأجيال والثورة الرقميّة بما فيها من تقنيات ممكنة لعالم الأعمال. في السابق كانت ريادة الأعمال تصطدم بتحدّيات وفرة التمويل والبنى التحتيّة، فكان من يرغب بالانطلاق في رحلته لإطلاق مشروع ما، إمّا ينحدر من عائلة ذات خلفية تجاريّة فتكون رحلته أسهل، أو يكون رائد أعمال يحتاج لتمويل ومكان وكوادر كبيرة لبدء محاولته. أمّا في الوقت الحالي وتحديداً على مدار السنوات العشرة السابقة، فحدثت نقلة نوعية بفعل الثورة الرقميّة بحيث أصبح المفتاح الرئيسي لنجاح ريادة الأعمال هو الأفكار القابلة للتطبيق ومرتبطة باحتياجات الناس والمؤسّسات. والأهم من ذلك، فريق نواة يتألّف غالباً من رائد أو رائدي أعمال أحدثوا نقلة نوعيّة في فكرة قائمة أو أوجدوا شيئاً لم يخطر على بال أحد. وما زاد من فرص نجاح روّاد الأعمال هو الدعم الذي أصبح متاحاً لهم من خلال برامج ومنح ومؤسّسات. وغالباً ما يأتي دعم ريادة الأعمال في الغرب من القطاع الخاصّ وميزانيّات البحث والتطوير (R&D) أو حاضنات الأعمال ومناطق مثل وادي السيليكون. أمّا في الإمارات، فطوّرنا نموذجاً فريداً من مسرّعات الأعمال وبيئة حاضنة ومحفزة لريادة الأعمال في مجالات مستقبليّة لازال العالم يفكّر بجدواها مثل البلوكتشين والعملات الرقميّة وغيرها الكثير. وفي الوقت ذاته أوجدت رؤية قيادتنا مؤسّسات حكوميّة متخصّصة في دعم ريادة الأعمال وفّرت البيئة والتدريب والدعم المالي الذي أحدث نقلة في نوعيّة المشاريع." أمّا النصيحة التي أسدتها لروّاد ورائدات الأعمال، فتمثّلت بالتالي: "الميزة التي أدعوا روّاد الأعمال للاستفادة منها هي أن ينطلقوا من شيء يحبّونه ويتقنونه وأن يختاروا بعناية شريكهم في المشروع، وأن يستفيدوا من البرامج والتدريب المتاح في مختلف المجالات عبر الإنترنت أو أرض الواقع من جهات متخصّصة ليتمكّنوا من إطلاق مشاريعهم بنجاح. أمّا الفكرة والشغف، فهما أهمّ ما في المشروع."

جاذبيّة وقابليّة تطبيق المشاريع

كذلك نسأل سعادة الدكتورة بن بشر إذا ما كانت ستبدأ مسيرتها في الاستثمار اليوم، فهل ستستثمر في التكنولوجيا أو مجال آخر؟ تجيبنا: "صحيح أنّ التقنية كانت ولازالت تستحوذ على اهتمام كبار المستثمرين والصناديق الاستثماريّة، ولكن التقنيّة مجرّد أداة ونجاح المشاريع التقنيّة يتوقّف على جاذبيّة وقابليّة تطبيق استخداماتها على حياة الناس. لذا نرى أنّ تركيز المستثمرين تطوَّر مثلاً من الاستثمار في البلوكتشين إلى تطبيقاتها الحياتيّة والمؤسّسية وهو ما أحدث نقلة نوعية في هذه الأخيرة. وتضيف عن أكثر المجالات جاذبيّة بالنسبة إليها للاستثمار فيها، فتقول: "إنّني في مرحلة من رحلتي المهنيّة انتقلت فيها للتركيز على شغفي الذي يتمثّل حاليّاً في صناعة العطور وما يرتبط فيها وأدرس جدّياً خياراتي للبدء. ولروّاد الأعمال أقول أن يتبعوا شغفهم وما يستحوذ على اهتمام الناس ليس الآن فقط بل ما ينبئنا به المستقبل الذي نرى ملامحه اليوم".أمّا عن كيفيّة معرفة السيّدات أين عليهنّ البدء وكيف، تؤكّد: "للفتيات والسيّدات تحديداً، أدعوهنّ إلى الحذر من موجات الاهتمام العابرة من المستهلك بمجالات معيّنة دون أخرى والتقليد أحياناً، وإلى اختيار مشاريع تنطلق من حاجة حقيقيّة حولهنّ مقرونة بدراسات جدوى، وسيكون نجاحهنّ أكبر إنّ كان المشروع منطلقاً من شغف وإتقان."

قواعد وخطوات ضروريّة

وفي خلال الحوار نسأل الدكتورة عن خطوات قد تنصح السيّدات باتّباعها قبل البدء بهذه المسيرة: "الخطوة الأساسيّة في النجاح في أيّ مشروع ريادي والانتقال به من مرحلة الفكرة إلى الإطلاق وثمّ النجاح هي وجود مرشد أو مستشار يرافقنا في رحلتنا. وهنا تحضرني المقولة التي تتكرّر وهي أنّ من نرافق ونصادق بشكل يوميّ يحدّدون وجهتنا ومدى نجاحنا في الحياة والعمل لأنّنا نتأثّر بهم. ولا يوجد بنظري شخص يمتلك وصفة واحدة جاهزة يجب على الجميع اتّباعها ولكن يجب أن يواظبوا على القراءة وحضور الفعاليات الافتراضيّة والفعليّة والتعرّف على الفرص التي تقدّمها حاضنات الأعمال والبرامج الخاصّة أو الحكوميّة في مجال إطلاق الأفكار. وللاستفادة من كلّ ذلك يجب ألّا تخشى رائدات الأعمال من اتّخاذ خطوة أولى مدروسة لأنّ إطالة التفكير والتردّد مقبرة المشاريع الناجحة بنظري".

خطوات مدروسة ومعلومات من جهات موثوقة

وعن آرائها حول الاستثمار في العملات المشفّرة والبيتكوين والميتافيرس؟ تشير إلى التالي: "تاريخ ريادة الأعمال أثبت أنّ الميزة والنجاح الأكبر في مجالات معيّنة كانا لصاحب الخطوة الأولى أو ما نسمّيه (First-mover advantage). ونظراً لأن مجالات مثل البيتكوين والعملات الرقميّة عموماً، والأصول الرقميّة مثل الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs والميتافيرس لا زالت في أوجّها وبداياتها، فبالتأكيد أنصح بالاستثمار فيها ولكن بناءً على خطوات مدروسة ومعلومات من جهات موثوقة، حتّى وإن رأى البعض أنّ جزءاً منها يعتبر طفرة، خاصّة أنّ عمليّات الاحتيال تصاحب المجالات الجديدة وهو أمر نتابعه في الأخبار يوميّاً.

وتختم بمشاركة دروس الحياة التالية التي تُفيد رائدات الأعمال وتؤكّد: "على السيّدات أن يؤمنَّ بذاتهنّ وقدراتهنّ ولا يتركنَ أنفسهنّ ميداناً للحكم المسبق عليهنّ من آخرين لم يحاولوا الخروج من منطقة الراحة ولو مرّة. وأن لا يتوقّفنَ عند التّحديات الاجتماعيّة أو المهنيّة التي تصادفهنّ في حياتهنّ، ويصنعنَ من كلّ نهاية رحلة بداية أكبر ومتميّزة أكثر. وأخيراً أن يحرصنَ على أن تكون المسارات التي يخترنَها في حياتهنّ ممتعة لأنّ الاستمتاع في ما نفعل جزء كبير من قصّة النجاح."

إقرئي أيضاً: هكذا نختار المسار المهنيّ الصحيح!

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث