الأيقونة والمغنّية اللبنانية صباح في لقطة من فيلم "شارع الحب" عام 1959، مرتدية فستانها الأيقوني من الدانتيل المخرّم مع كاب بطول 10 أمتار بتوقيع المصمّم المصري/اليوناني Pierre Klovas – صورة من مجموعة Joe Abi Hayla
في الذكرى العاشرة لرحيلها، نتذكّر أيقونة أسرت العالم العربي لعقود من الزمن بسحرها وأناقتها وصوتها القويّ، وقبل كلّ شيء حبها العميق لبلدها - حبّها الذي حملته بفخر لتقدّم لبنان للعالم. تبقى صباح، الشحرورة دائمة الغناء، خالدة في ذاكرتنا. تجاوز حبّها حدود وطنها ليصل إلى كلّ مكان. وقلبها الكبير كان مفتوحاً للجميع، للصغار والكبار، من كلّ الطوائف، وبمودة لا تنضب. إنها الصبوحة، الشحرورة، وشمس الشموس كما يعرفها محبّوها في العالم العربي وخارجه.
اسم صباح الحقيقي هو جانيت جرجس فغالي، وهي من مواليد قرية بدادون الخلابة عام 1927. كان مقدّراً لها أن تحقّق النجومية بصوتها الذي يصدح بالألحان الشعبية في جبال لبنان. اكتُشفت مبكراً، وأطلقت أوّل أغنية لها في الثالثة عشرة من عمرها فقط. وبعد خمس سنوات، تلقّت دعوة من آسيا داغر، منتجة أفلام لبنانية مقيمة في القاهرة، غيّرت حياتها. وكانت القاهرة، التي عُرفت آنذاك باسم "هوليوود الشرق"، مركزاً ثقافياً نابضاً بالحياة، فسرعان ما اشتهرت جانيت بعد أن لعبت دور البطولة في فيلمها الأول "القلب له واحد" عام 1945، والذي أكسبها شهرة إقليمية. أصبح اسم شخصيّتها، صباح، لقبها الذي لازمها مدى الحياة. وسرعان ما تحوّلت صباح إلى أيقونة اشتهرت بشعرها الأشقر المبهر، وهو مظهر مميّز بتوقيع مصفّف الشعر اللبناني الشهير نعيم عبود. وأصبحت ملهمة الموضة، وتعاونت مع كبار المصمّمين اللبنانيين مثل جوزيف هاروني ومدام صالحة ووليام خوري. وكانت النساء ينتظرنَ بفارغ الصبر ليكتشفنَ اختياراتها في الموضة، حيث حدّدت أزياؤها اتجاهات الموضة في جميع أنحاء العالم العربي. ولا تزال صباح أكثر النجمات العربيات اللواتي تم تصويرهنّ حتى اليوم، حيث تصدّرت أغلفة المجلّات في جميع أنحاء العالم العربي لأكثر من ستة عقود. اشتهرت بحسّها الجريء والرائد في الموضة، والذي غالباً ما كان يتخطّى الحدود. حتى أن أسلوبها الجريء أدّى إلى نهاية إحدى زيجاتها؛ ففي العام 1971، فعندما كانت متزوّجة من عضو البرلمان اللبناني جو حمود، ارتدت سروالاً قصيراً في عرض مسرحي في بعلبك، وفي الوقت الذي كان يقوم فيه حمود بحملة انتخابية نشطة لإعادة انتخابه. أصيب بالذهول وكان يخشى من رد الفعل الشعبي الذي قد يؤثّر على مسيرته السياسية. فانتهى زواجهما في نهاية المطاف بسبب هذا التصادم بين تعبيرها الجريء عن نفسها وتوقّعاته المحافظة. وكانت صباح أوّل نجمة لبنانية وعربية تطلّ بالسروال القصير على المسرح. في العام 1959، أصبحت صباح أوّل نجمة عربية تُدعى إلى مهرجان Cannes السينمائي. أخذها صوتها إلى أشهر المسارح العالمية - من مسرح Olympia في باريس في الستينات، إلى قاعة Carnegie Hall في لندن ودار أوبرا سيدني في السبعينات. من خلال أدائها، وبخاصّة ظهورها في مهرجانات بعلبك الدولية المرموقة في لبنان، دافعت عن الموسيقى اللبنانية والفولكلور والأزياء التقليدية. وكانت أوّل نجمة تعيد في عروضها إحياء الطنطور، وهو غطاء الرأس المخروطي اللبناني التقليدي الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، حيث روّجت للتراث اللبناني وللّهجة اللبنانية في جميع أنحاء العالم العربي وخارجه.
وعلى مدار مسيرتها الفنّية الاستثنائية التي امتدّت لسبعة عقود، لعبت دور البطولة في أكثر من 90 فيلماً، وسجّلت أكثر من 3000 أغنية، وأصدرت 58 ألبوماً، وقدّمت ما يقارب 20 مسرحية. توفيت صباح في 26 نوفمبر 2014، بعد ستة عشر يوماً من احتفالها بعيد ميلادها السابع والثمانين. ولا يزال إرثها مستمرّاً كأيقونة خالدة تلهم الفنّانين والموسيقيّين في جميع أنحاء العالم العربي حتى يومنا هذا.
اقرئي ايضًا : أدهم رجب يحتفل بمسيرة صباح السينمائية