نظيرة الحارثي: أرغب في ألّا يكون ثمّة تنميط للمرأة في العالم أجمع

التصوير: Firas Al Raisi

الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh

من منّا لم يسمع بهدوء سلطنة عمان وطبيعتها الخلاّبة وكرَم شعبها وإنجازات نسائها؟ منذ خمسين عاماً، عملت السلطنة على إقامة دولة عصريّة ترتكز على قيم السلام والاحترام والوحدة والحوار والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة. فتقدّمت في خلال هذه السنوات من إنجاز إلى آخر في شتّى الميادين حتّى أصبحت مثالاً يُحتَذى به لجهة المحافظة على العراقة والأصالة والقيم والتراث وفي الوقت عينه مواكبة التطوّر في المجالات التربويّة والعلميّة والاجتماعيّة والصحيّة والاقتصاديّة. ونجحت في ذلك ببناء الدولة الحديثة التي تؤمّن التنميّة على كلّ الأصعدة. ولا يخفى على أحد أنّه كان لنساء السلطنة دور أساسيّ في هذه النهضة خصوصاً في ظلّ تمكينهنَّ من قبل السلطان "قابوس بن سعيد". وبمناسبة العيد الوطني العمانيّ الذي صادف في الثامن عشر من الشهر الماضي، سلّطت ماري كلير العربيّة الضوء على عُمانيات رائدات ومن بينهنّ نظيرة الحارثي وهي المرأة العُمانية الأولى التي تتسلّق قمّة إفرست. وقد أهدَت الحارثي نفسها هذه المغامرة بمناسبة بلوغها سنّ الأربعين. وبالإضافة إلى هوايتها في تسلّق الجبال، تعمل هذه المرأة العُمانية الرائدة في القطاع العامّ بصفتها مديرة دائرة المواطنة والمنسّقة لبرنامج Global العالمي في وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان. فتعرّفي معنا في ما يلي على نظيرة الحارثي وعلى ما دفعها للقيام بتلك التجربة الفريدة وكيفيّة مواصلتها إيّاها من جبال الهمالايا وصولاً إلى قمّة إفرست والأمور التي اكتسبتها من خلالها، وكيف يُمكنها من موقعها أن تُساهم في ازدهار السلطنة.

أنت المرأة العُمانية الأولى التي تتسلّق قمّة إفرست وهي أعلى قمة جبليّة في العالم، وقد كان هذا الأمر بصفة هديّة لنفسك بمناسبة بلوغك سنّ الأربعين. فهل يمكنك مشاركتنا ماذا غيّرت فيك هذه التجربة وكيف مكّنتك؟

كان هدفي القيام بتجربة غنيّة ومختلفة جدًّا عمّا سبق وقمت به، وكان صعود قمّة إفرست هو ما أبحث عنه، لأنّني ومن خلال هذه الرحلة اكتسبت مهارات عدّة في مجال الرياضة عموماً وتسلّق الجبال على وجه الخصوص. فمثل هذه الرياضات تتطلّب الحذر والدّقة في كلّ شيء. وتعلّمت معها التأقلم مع أصعب الظروف وأكثرها خطورة والإصرار على تحقيق الحلم وعدم الاستسلام للصعوبات، إنّما الاستفادة منها في تحقيق المبتغى.

كيف قرّرت الانطلاق في هذه المغامرة؟ وهل من وصفة معيّنة يمكنك مشاركتها مع قارئاتنا لتشجيعهنَّ على متابعة شغفهنَّ أيضاً؟

قرّرت ذلك بعد لقائي بالعماني الأوّل الذي تسلّق قمة إفرست في العام 2010 لإجراء مقابلة معه حول رحلته. وقد ألهمتني قصّته بعد الاستماع إليها وشعرت بأنّ هذه هي التجربة التي كنت أبحث عنها، علماً بأنّني لم أكن قبل ذلك ممّن يستهويهم هذا النوع من الرياضات بسبب شعوري أنّها غير مناسبة للفتيات في منطقتنا العربيّة. إلاّ أنّه وبعد أن قرّرت، لم أنظر إلى أيّ تحدٍّ ممكن أن يعيقني عن تحقيق ما حلمت به. لذلك، أشجّع كلّ امرأة أن تسعى لتحقيق ذاتها بهوايتها أو من خلال عملها وأن تزيل العقبات من أمامها.

واصلت رحلتك من جبال الهيمالايا إلى مخيّمات تسلّق أخرى حتّى وصلت إلى قمّة إفرست. فهلّا تخبرينا أكثر عن تلك التجربة؟ وما أصعب جزء فيها؟

بدأت الرحلة بالوصول إلى العاصمة النيباليّة "كاتماندو"، ومنها انتقلنا بالطائرة إلى مدينة " لوكلا" التي منها بدأنا بالمشي بين القرى الجبليّة لمدّة 10 أيّام وصولاً إلى مخيّم القاعدة الرئيسي لإفرست على ارتفاع 5300م، أمّا الأغراض الخاصّة بنا فكانت تُحمَل باستخدام حيوان "الياك". وبعدها، بدأت التدرّب على بعض تقنيّات التسلّق مع الفريق ثمّ البدء في الصعود للمخيّمات الأعلى ارتفاعاً وعددها أربعة، وذلك لـتأقلم الجسم مع الارتفاعات وما يُصاحبها من نقص الأكسجين والضغط الجويّ، واستمرّ ذلك على مدى شهرين إلى أن تمّ اختيار اليوم المناسب للصعود للقمّة، والذي تحقّق في 23مايو من العام 2019.

بالإضافة لهوايتك المتعلّقة بتسلّق الجبال، أنت مديرة دائرة المواطنة والمنسّقة لبرنامج Global العالمي في وزارة التربية والتعليم، فكيف تترجم السلطنة اهتمامها بالقطاع التربويّ في الشق المتعلّق بالرياضة؟ وكيف تُساهمين على صعيد شخصي في نشر الوعي بما يخصّ ممارسة الرياضة بين الفتيات العمانيّات؟

تعمل وزارة التربية والتعليم من خلال عدد من البرامج والأنشطة على التشجيع على ممارسة الرياضة عموماً، لأنّ هذا يعدو بالفائدة في النهاية على البلد بوجود أفراد متمتّعين بالصحّة الكاملة وقادرين على العطاء والإنتاج. ولتحقيق ذلك، ثمّة منهج خاصّ للتربية الرياضيّة يتعلمّ فيه الطلبة منذ صغرهم الحركات الرياضيّة ويعتادون على ممارسة النشاط البدني. كذلك، نجد اللجنة العمانيّة للرياضة المدرسيّة التي تُعنى بالموهوبين من الطلبة في هذا المجال وتتيح لهم فرصة المشاركات المحليّة والدوليّة، وغيرها الكثير من البرامج.

بما أنّك مغامرة وتحبّين المخاطرة، ما هو التحدّي الأكبر الذي واجهته يوماً أو تستعدّين لمواجهته؟

في هذا النوع من الرياضات الخطرة، التحدي الأكبر هو مواجهة النفس والخروج من منطقة الراحة بممارسة هذا النوع من التجارب المختلفة التي تتطلّب حسن تقدير الأمور والتعرّف على قدراتنا الجسديّة وقوتنا العقليّة لنخرج بذلك من دائرة ما هو معتاد.

ما هي الصور النمطيّة المتعلّقة بالمرأة العمانيّة التي ترغبين في تغييرها؟

أرغب في ألاّ يكون ثمّة تنميط للمرأة في العالم أجمع وألاّ توجد أطر نعيشها ويُتوقّع منّا أن نكون داخلها. وصلت المرأة العمانيّة لمناصب عليا في السلطنة واستطاعت أن تحقّق إنجازات عدّة في كلّ المجالات. ويبقى أن نسمح لكلّ أحلامنا أن تتحقّق.

كيف تساهمين كامرأة عمانيّة في جعل سلطنة عمان نموذجاً رائداً على جميع المستويات؟ وماذا تتمنّين لبلدك في يومه الوطني؟

أتمنّى لوطني الغالي عمان أن يهنَّأ بالسلام الدائم وينعم بحكمة القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة السلطان قابوس.

هل يُمكنك مشاركتنا 3 أشياء تتميّز بها سلطنة عمان وتُحبّينها؟

البساطة والطّبيعة وسلطان عمان.

اقرئي أيضاً: لبنى وناديا الزكواني: تصاميمنا تحتفي بالمرأة المستقلّة والمتأصّلة بثقافتها وتراثها العماني 

العلامات: نظيرة الحارثي

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث