Chanel تنسج مجوهرات من التويد

لربما ليس من الصعب التكهّن بأنّ هذه المجموعة العبقريّة مستوحاة من أفكار Patrice Leguéreau، مدير استديو تصميم المجوهرات‎ في دار Chanel. فهو من يسير على خطى Coco Chanel ويستمدّ الإلهام منها، حتى أنّ جلّ ما يهمه أن يستكشف خفايا شخصيّتها وحياتها وأن يرسمها على شكل مجوهرات أزليّة تماماً مثل شخصيّتها. وبالعودة إلى مجموعته الأخيرة Tweed de Chanel التي تجسّد نسيج التويد على شكل قطع أشبه بتحف فنيّة، فهو يعتبرها البداية لرحلة طويلة من الإبداع، تماماً مثلما فعلت Coco في مسيرتها.

منذ العام 2019، نراك تصحبنا في رحلة استكشاف لرموز الدار والعناصر الأساسيّة في حياة Coco Chanel، هلّا أخبرتنا أيّ حقبة أسرتك ووجدتها الأقرب إلى قلبك؟

ليس بالسهل الإجابة على هكذا سؤال، إنّما يمكنني القول إنّه أسلوب Chanel وجوهرها، لا سيّما والروح المتجسّدة فيها منذ مجموعة المجوهرات الأولى التي أطلقتها في العام 1942. فنظراً إلى مدى ثراء إرث الدار، ثمة الكثير من الجوانب الجميلة والقصص المختلفة الآسرة. لذا لا يسعني إلّا أن أفيها حقّها بالقول إنّ أكثر ما يستحوذ على قلبي يتمثّل في ما تعكسه تصاميم الدار من حريّة وراحة ونقاء وبساطة. وبما أنّ كلّ ما في Chanel يلهمني منذ ولادتها وحتى اليوم، تقع المسؤوليّة على عاتقي بأن آخذ أيّ موضوع أم قصة أم رمز وصياغته بصورة مجوهرات عصريّة.

من السنابل في مجموعة 1932 إلى الأسد في مجموعة Lion ونسيج التويد حديثاً في Tweed de Chanel، هل تتّبع أيّ تسلسل زمني محدّد لتمثيل هذه الرموز على شكل مجوهرات؟

في الواقع، ثمة إيقاع زمني بالفعل إنّما ينساب بطبيعيّة تامّة. فمنذ انضمامي إلى Chanel قبل 11 سنة، أتيت محمّلاً بالكثير من الأماني، ومذّاك أحقق أفكاري عملاً تلو الآخر. وبالنسبة إليّ، من البديهيّ أن تسير الأمور بهذه الطريقة وأن تقدّم كلّ مجموعة جانباً جديداً وملفتاً لكلّ من الدار وصناعة المجوهرات وكذلك الأمر لي ولفريق التصميم.

إذاً أسعى دوماً إلى الاستحواذ على عالم جديد وإيجاد التوازن المثالي بين الناحية الآليّة والعناصر الرمزيّة والإلهام. وهدفي دوماً أن تتّسق كل مجموعة مع التالية وتتّخذ منحى مختلفاً عنها. غير أنّ جميع مجموعاتي تنطلق من حياة Coco وترتبط مباشرةً بها. وعلى سبيل المثال، صحيح أنّ Chanel Tweed de لا تعكس شخصيّة Gabrielle Chanel أم حياتها، إنّما هي من ابتكر التويد في عالم الموضة مستلهمة من الجسور في اسكتلندا، وخلف هذا النسيج تختبئ حكايات كثيرة. وعموماً ما ترمز مجموعة المجوهرات إلى عنصر قويّ مثل الأسد والقمح والحيوانات والزهور، لذا فهي مجازيّة. أمّا مجموعة التويد فتمثّل نسيجاً واتجاهاً لم يسبق له مثيل.

كم كان من الصعب أن تترجموا نسيجاً على شكل مجوهرات؟

كان تحدياً صعباً بالفعل، إنّما طوال العقود الثلاث من عملي في صناعة المجوهرات وأنا أعشق الحريّة ولا ألزم نفسي بأيّ قيود. ولهذا السبب بالتحديد اخترت العمل في التصميم والأنشطة الإبداعيّة، ممّا يعلّل أيضاً عملي لدى Chanel حيث أجد الحريّة التي لطالما أحبّتها Coco. وعلى الرغم من صعوبة نسج التويد على شكل مجوهرات، إلّا أنّني أردت أن أكون حرّاً في تصميمي وسرت في هذا الاتجاه بدون تردّد.

وأعتقد أنّ الجزء الأصعب يكمن في البداية، حينما تعيّن عليّ أن أجمع الناس من حولي، لا سيّما وصائغي المجوهرات في ورشة العمل، ثم طرح الفكرة لتحفيزهم. وبعد ذلك، يأتي الجزء التقني الذي برزت أهميّته في مجموعة التويد، إذ تحتّم علينا أن تبدو المجوهرات وكأنّها قطعة قماش حقيقيّة. لذا طلبت من صائغي المجوهرات التركيز على التقنيّات العالية والمرونة والخفّة والملمس، وكلّها عناصر لطالما أحبّتها Gabrielle Chanel. ومن جهتي، تابعت العمليّة عن كثب على مدى العامين الماضيّين وتفقّدت ورشة العمل أسبوعيّاً للحرص على السير في الاتجاه الصحيح. وبالفعل، تطلّب الأمر تعاوناً وثيقاً بين جميع الصائغين وفريق التصميم وحتى مع مصادر حصولنا على الأحجار. ففي نهاية المطاف، لا يمكن لأيّ عمل أن ينجح إلّا إذا نفّذه الجميع بروح واحدة وسار في الاتجاه عينه.

رأينا 45 قطعة في المجموعة، هل واجهتم أيّ صعوبات في الإنتاج؟ أيّ قطعة تطلّبت أكبر قدر من الوقت؟

إنّ الابتكار صعب دائماً حتى إن بدا سهلاً جداً. وفي Chanel، نحبّ أن نوسّع قدراتنا إلى الحدّ الأقصى وأن نتحدّى أنفسنا. وبالنسبة إلى القطع، فقد انتهت كلّها مؤخراً لأنّنا نحاول دائماً تحسين التفاصيل الصغيرة وصقلها بشكل أفضل. ففنّ المجوهرات مزيج من تفاصيل كثيرة، يحتاج كلّ منها أن يكون صحيحاً، وإلّا بدت القطعة كلّها بصورة سيّئة.

وغالباً ما تحتاج هكذا قطع إلى مزيد من الوقت لتغيير الأحجار، خصوصاً أنّ عناصرها كثيرة. ففضلاً عن الأحجار الملونة، ثمة الكثير من الأحجار الصغيرة أيضاً ويجب أن تكون كلّها ذات البعد نفسه وأن نصقلها بالشكل عينه لتبدو منتظمة. وإنّ هذه لمهمّة غاية في التعقيد، لأنّه ليس بالسهل العثور على المادّة نفسها وتقديم الجودة ذاتها في جميع قطع المجموعة. فالملمس والتقنيات يستحوذان على جوهر المجموعة وليس الأحجار، لهذا أردت أن أصبّ تركيزي كاملاً على التقنيّة والنسيج والمواد.

هل قصدت أيّ ورشة عمل لرؤية كيفيّة ابتكار التويد والتطريز؟

عندما التحقت بالدار قبل 11 عاماً، قابلت François Lesage في خلال أسبوعي الأول وعرّفن على غرفة الإرث حيث شرح لي عن التويد وتعقيده وجماله. وبالطبع أردت في يوم من الأيّام تجسيد التويد في المجوهرات لأنّها فكرة لم تحصل من قبل، كما أنّها تسمح بتصاميم مستقبليّة غير محدودة. لذا ليست هذه سوى البداية، وإنّني على يقين بأنّ مجوهرات التويد ستصبح فصلاً جديداً من مجوهرات Chanel وأريد حقًا الاستمرار في هذا الاتجاه. وفي الحقيقة، لديّ بالفعل بعض الأفكار والرسومات التي أضعها جانباً، وكان من الممتع لي أن أعمل على هذه المجموعة بالنهج نفسه الذي اتّبعته Gabrielle Chanel عندما أنشأت مصنعها الخاص للأقمشة.

إذاً هل بدأت برسومات أوليّة لنسيج التويد؟ أم من خلال تخيّلك للقطعة التي تريد تجسيدها؟

أردت دمج المقاربتين على حدّ سواء. فمن جهة ركّزت على التصميم البسيط ومن جهة أخرى، أردت محاكاة الملمس.

بالحديث عن الأحجار الكريمة، تسهم Chanel وغيرها من العلامات في الاستدامة. فكيف ينعكس هذا الدور في مجوهرات الدار؟

شخصيّاً، لون الأحجار وشكلها أكثر ما يعجبني فيها، وأودّ دمج أفكاري والابتكار من خلالها. لكن من المهم جداً لـChanel ولي أن نعرف من أين تأتي الحجارة، لا سيّما والسياسة التي تتبعها الجهة التي تزوّدنا بها. حتى أنّه لديّ أشخاص‎ في عمر 18 و20 عاماً يتحدثون معي بانتظام عن الاستدامة وأهميّتها. لذا احتراماً للمبادئ الاجتماعيّة وللجانب البيئيّ، دمجت الدار في سياستها عمليّة ساعدتنا على التحلّي بمسؤولية كبيرة، فضلاً عن تتبّع أربعة من الأحجار الكريمة والمعادن. إلى جانب هذا الأمر، لدينا متخصصون هنا يأتون بالأحجار إلينا، وعلى عاتقهم تقع مسؤوليّة توجيه الدار إلى الاتجاه الصحيح.

هل يلهمك أولادك؟

حتماً يلهمونني، إنّما على المستوى الاجتماعيّ وليس الإبداعيّ، فمصدر إلهامي الدائم يتمثل في حياة Coco.

كيف تطوّرت نساء Chanel منذ انضمامك قبل 11 عاماً وحتى اليوم؟ هل ثمّة أيّ تغيير في عاداتهنّ؟ وهل تعتقد أنهنّ بتنَ في سنّ أصغر؟

لم أرَ تغييراً واضحاً عندما أتيحت لي الفرصة لمقابلة النساء اللواتي يرتدين مجوهرات Chanel. إنّما في الكثير من الأحيان، أرصد جيليَن حينما أقابل زبوناتنا مع بناتهنّ. وتكمن قوّة Chanel الفعليّة في المجوهرات والأزياء التي يمكن لأيّ امرأة من أيّ جيل أن ترتديها. وبالنظر إلى التويد على سبيل المثال، من الصعب جداً تحديد تاريخه، إذ من الممكن أن يعود إلى زمن بعيد ولن يتغيّر البتّة في المستقبل. والأمر سيّان بالنسبة إلى مجوهرات الدار، فهي صالحة لكلّ الأزمان وهذه سمة مهمّة جداً.

ذكرتَ Lesage وغيره من المبدعين الذين يشهدون الجهد الذي تقوم به Chanel في ما يتعلق بالحرفيّة منذ الماضي وحتى أيّامنا. ما التحدي الأبرز من حيث حرفيّة صناعة المجوهرات اليوم؟ هل من الصعب جذب الحرفيّين الشباب إلى هذه صناعة؟

قبل بضع سنوات، لم أرَ سوى الرجال في ورشة العمل، أمّا اليوم فعادت أعداد الحرفيّات لتزداد. وهذا تغيير كبير وجيد جداً للدار، لأنّنا نريد إحضار الأنوثة وابتكار مجوهرات على يد النساء لترتديها النساء. وبالطبع نودّ أن نطوّر المزيد من المجوهرات وأن نجد ورش عمل جيّدة في عالم الأزياء. من هنا، نفهم لمَ لا تتشابه المجوهرات أم تنتج بكميّات كبيرة شأنّها شأن أيّ منتجات تجاريّة. ولهذا عندما نقوم بإعادة إنتاج القطع، يكون ذلك بعدد محدود ويتحتّم على زبوناتنا الانتظار لبضعة أشهر لتلقي قطعهم. إنّه تحدًّ صعب من جهة، لكنّ من شأن ذلك أن يأتي بقيمة وندرة كبيرة للمجوهرات.

أخبرتني أنّك امتلكت الكثير من الأفكار عندما التحقت بالدار. ما الأفكار والأمنيات التي لم تحققها مع هذه العلامة بعد؟

لديّ بحر واسع من الأفكار، لكن بعد المجموعة الأولى الأيقونيّة والكلاسيكيّة والقويّة، أودّ الغوص أكثر في حياة Gabrielle Chanel، واستعراض أشياء أكثر سريّة منها. وكذلك، أودّ الدخول بشكل أعمق في إرث الدار من حيث تصميم الأزياء. إنّما كي أتمكن من القيام بذلك، لا بدّ لي من الاستكشاف والاختبار أولاً. وعندما يحصل ذلك، سيكون الجميع على استعداد للتعمّق أكثر. إذاً صحيح أنّه بعد 10 سنوات، كان هذا العام جيداً مع مجموعة التويد، غير أنّ الوقت مناسب الآن ولديّ الكثير من القصص التي أودّ مشاركتها بعد.

العلامات: Chanel

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث