حياتها لا تقلّ أهميّة عن حياتك

الإعداد: Yara Ghauch

لطالما كانت الحيوانات وستظلّ إلى الأبد أفضل أصدقاء الإنسان. ومن المؤكّد أنّنا صادفنا جميعاً مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي توضح هذه الصلة الفريدة التي قد تنشأ بين الإنسان والحيوان، من الكلاب الأليفة إلى الأسود البريّة. ولا يقتصر الأمر على الوسائل هذه فحسب، وإنّما في منازلنا وحياتنا اليوميّة أيضاً حيث أنّنا محاطون بهذه المخلوقات التي تجعل حياتنا أكثر مرحاً. لذلك قد نسأل أنفسنا، كيف يمكن لشخص سليم العقل أن يؤذي هذه المخلوقات الجميلة؟ كيف يمكن للناس إلحاق الضرر بجوهر طبيعتنا وتحويلها إلى أعمال تجاريّة؟

إن صدّقت هذه الحقيقة أم لا، يبقى الواقع أنّ بعض الناس جعلوا من تدمير الحياة والموائل الطبيعيّة للأنواع المهددة بالانقراض أهدافهم في الحياة، وكلّ ذلك بغية تطوير صناعة بقيمة 23 مليار دولار. بينما يعتبر الاتجار غير المشروع في الحياة البرية أكبر نشاط غير قانوني بعد تهريب الممنوعات والأسلحة. وعلاوةً على ذلك، يشجّع الاتجار هذا بالأحياء البرية على الإرهاب والاتجار بالأطفال والأسلحة وكذلك التجارة غير الشرعيّة وغسيل الأموال. وإذا فكّرنا في الأمر لدقيقة واحدة، ندرك أنّه لا يعرّض الحيوانات للخطر فحسب، بل يؤثر أيضاً على حياة الإنسان على هذا الكوكب. في الواقع، لقد مرّ أكثر من عام على الإبلاغ عن فيروس COVID-19 للمرّة الأولى في الصين. وحينها، لم نكن نعلم أنّ تفشي هذا الفيروس سيطال كلّ ركن من أركان العالم في غضون بضعة أشهر تاركاً وراءه مئات الآلاف من الوفيات. وإذ ظهر كورونا لأوّل مرّة من ووهان الصينيّة وتحديداً من السوق غير الشرعيّة للحيوانات البريّة، عبر الخفافيش التي من شأنها أن تنقل الفيروس إلى البشر عن طريق آكل النمل الحرشفي أو Pangolin، وهو أحد الأنواع الأخرى المهدّدة بالانقراض والتي تُباع في سوق الحياة البرية غير الشرعيّة. ولا عجب إذاً في أنّهم بدأوا ببيع قرون وحيد القرن في هذه الأسواق كعلاج لفيروس كورونا المتفشّي الذي عشناه وما زلنا نكافحه حتّى يومنا هذا. ولكن COVID-19 هو الأحدث من بين قائمة طويلة جدّاً من الأوبئة التي ضربت العالم بسبب التجارة غير المشروعة في الحياة البريّة. إذ ثمّة أمثلة أخرى للفيروسات الناتجة عن تجارة الحيوانات البريّة واضطراب النظام البيئي والتأثير على الموائل الطبيعيّة للأنواع المهدّدة بالانقراض، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والإيبولا ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة ومرض الالتهاب الرئوى الحاد. والمؤكد أنّنا إذا واصلنا كبشر إغفالنا عن هذا الواقع، عن وعي ومعرفة بالموضوع، واستمرّينا في الإتجار غير القانونيّ بالحياة البريّة من حول العالم، فستنتهي حياتنا. حيث لا يزال من الممكن نقل أكثر من 500000 من الفيروسات غير المسكتشفة من الثدييات والطيور ما لم نحميها ونحمي أنفسنا من الاختلال غير المرغوب فيه في النظام البيئي.

لا بدّ لقصّة الرعب المأساويّة الحقيقيّة هذه أن تتوقّف! ولكي نضع حدّاً لها بالفعل، يجب أن نبدأ بالحديث عنها ونشر الوعي حولها، ولكن الأهمّ من ذلك أن نبدأ بالتصرّف وأن نفعل ذلك الآن قبل فوات الأوان. فصحيح أنّ الضرر الذي أحدثناه حتّى يومنا هذا هائل جداً وإنّما ما زال يمكننا أن نحاول السيطرة عليه.

من هنا، سنلقي الضوء على Space for Giants، وهي منظمة حفظ دوليّة تحمي المناظر الطبيعيّة الرائعة للحياة البريّة التي تحتاجها الأفيال المتبقيّة في إفريقيا للبقاء على قيد الحياة والازدهار.

ودعماً للمنظمة هذه ولعملها المذهل، التقط المصوّران David Yarrow وAdrian Steirn، صورتين حصريّتين للحياة البريّة لم يسبق عرضهما من قبل. وهدفهما جمع الأموال لهذه المنظّمة التي تساعد النظم البيئيّة الطبيعيّة المتبقيّة في أفريقيا والحياة البريّة فيها. ويعدّ Yarrow أحد روّاد التصوير الفوتوغرافي للفنون الجميلة، وأكثر أعماله تميّزاً بعنوان Life on Earth جعلت منه أحد أكثر الفنّانين شهرةً. أمّا بالنسبة إلى Steirn، فقد أخذته معرفته بالحياة البريّة حول العالم لتصوير الحياة البريّة والموائل الطبيعيّة وتوثيقها من خلال منظوره وفهمه لموضوع الحفظ. وكلاهما اتّحدا واجتمعا لإعداد قطعتين فنيّتين خاصّتين من أجل الأنواع المهدّدة بالانقراض. وهنا، تمثّل صورة Yarrow المعنونة Space for Giants أي "مساحة للعمالقة" صورة للفيل Craig الذي يعدّ من آخر الأفيال ذات الأنياب العاجيّة المتبقيّة في العالم. إذ لا يزال يوجد 30 منه على قيد الحياة في العالم فحسب. وأراد David إلقاء الضوء على الوضع الحرج لهذه المخلوقات المهيبة. أمّا صورة Steirn، فنادر العثور عليها بالفعل، إذ التقط نمراً مذهلاً يقف فوق جسم مائيّ في محميّة Singita Sabi Sands، وأطلق على صورته اسم Spotted Cat أي "القطة المنقّطة". وسيتم بيع أعمالهما الفنيّة مقابل 650 دولاراً لكلّ قطعة وستذهب 100٪ من الأرباح إلى منظمة Space for Giants كتمويل للعمل الذي يقومون به لوقف التجارة غير القانونيّة بالحياة البريّة.
وفي هذا السياق، يقول المصوّر Steirn: "نحن قادرون على قسوة رهيبة بقدر ما إنّنا قادرون على لطف عظيم. علينا أن نختار كيف سنكتب الفصل التالي. فالحياة بعد الوباء قصّة نرويها نحن ومغامرة نعيشها".

إذاً بغض النظر عن المكان الذي نأتي منه، ومهما كانت معتقداتنا أو تقاليدنا أو ظروف حياتنا، لا يجب أن يكون الإتجار بالحياة البريّة جزءاً من قرارات حياتنا. إذ تملك الحيوانات الحقّ المطلق في العيش والتنعّم بالحريّة كيفما تشاء. وإذا بدأنا في الإتجار بالأنواع المهدّدة بالانقراض أو بأيّ نوع من الحيوانات لهذا الغرض، سيختلّ التوازن الكامل للنظام البيئيّ، وتبقى التجارة غير المشروعة في الحياة البرية أمراً غير أخلاقي وخطيراً. إذ إنّها لا تهدّد حياة الحيوانات فحسب، بل تعرّض حياتنا للخطر أيضاً. وبصفتي ناشطة في حقوق الحيوانات، أحثّكم على إلقاء نظرة على هذه الصور والتفكير في عمل هذين الفنّانين من أجل هذه القضية الجميلة. 
انشري الوعي من حولك بقدر ما تستطيعين. إذ لن يتوقف الاتجار غير المشروع في الحياة البرية غداً ولكن يمكننا دائماً البدء من مكان ما.. 

اقرئي أيضاً: المجوهرات الأرقى لموسم الإحتفالات

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث