نحو المستقبل: الموضة في حلّتها الرقميّة

Courtesy of Alexandra Paras

 

الإعداد: Joe Challita

في زمنٍ بات فيه تصميم الأزياء يتم رقمياً، البكسل تلو الآخر، تتخطّى الفنّانتان الرقميّتان Becky Constantinides وAlexandra Paras حدود الإبداع والاستدامة ورواية القصص باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وفي ما يلي، نستكشف كيف أن الذكاء الاصطناعي لا يدعم الفصل التالي من الموضة فحسب، بل هو الذي يكتبه. بدءاً من عوالم الأزياء الراقية الغنيّة بالتفاصيل الحسّية، إلى السرد البصري المدفوع بالعاطفة، يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ظهور نوع جديد من المصمّمين الذين يتمتّعون بحسّ إبداعي فطري، ومهارات رقمية، وتحرّر من قيود الواقع المادي. والنتيجة هي ثورة في عالم الموضة حيث تنبع الفكرة الأولية والقصة الكامنة وراء التصميم وجوهره من نقطة انطلاق بسيطة، ثم تتطور وتزدهر بفضل الرؤية الإبداعيّة.

 

Courtesy of Becky Constantinides

 Becky Constantinides @beckyandthebots

1. كيف أثّر انتقالك من خلفية في المجوهرات الفاخرة إلى الموضة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي على الطريقة التي تتبعينها في إنشاء صور موضة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي؟

لأكثر من عقد من الزمن، قمت بتصميم وإنتاج المجوهرات لعلامتي التجارية الخاصّة. وخلال جائحة كورونا، حوّلت تركيزي الإبداعي إلى التصوير الفوتوغرافي ثم إلى الذكاء الاصطناعي. شعرت أن ظهور الذكاء الاصطناعي كان بمثابة إيجاد الحلقة المفقودة لممارستي الإبداعية. فهو يتيح لي تطبيق استكشافات التصميم نفسها على الأزياء والمنحوتات والتصاميم الداخلية والمجوهرات. لقد كان الانتقال إلى الذكاء الاصطناعي طبيعياً جداً لأنّه يستند إلى مبادئ التصميم الخاصة بالوسائط المادية والرقمية الأخرى التي عملت بها ويسمح لي بدمج تلك المبادئ.

2. العملية الإبداعية مع الذكاء الاصطناعي عبارة عن حوار. هل يمكنك توضيح كيف يشكّل هذا الحوار المتكرّر النتيجة النهائية لتصاميمك؟

يعتقد الكثير من الناس أن الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي يقتصر على إدخال نصّ وينتهي العمل ببساطة. قد يكون هذا صحيحاً لغير المبدعين، لكن بالنسبة إلى العمل التجاري، أو مجموعة متماسكة من الأعمال، فهو حوار طويل. أبدأ بالتعليمات وأرى ما ينتج عن ذلك. ثم أبدأ في تشكيل النتيجة - أضبط التركيب، وأقوم بتبديل المواد، وتغيير الخامات. قد أعرض عليه صورة قماش وأقول "أريد ما يشبه هذا". أعرضها على تطبيقات مختلفة لأرى كيف يفسّر كل منها ما أطلبه. ولا تأتي الصورة النهائية أبداً من تعليمات واحدة فقط، بل تُبنى من خلال هذا التغيير المستمرّ والطويل والمكثّف والكثير من التعديل باستخدام Photoshop.

Courtesy of Becky Constantinides

3. كيف تحصلين أو تبتكرين الأنسجة التي تدمجينها في قطع الأزياء التي تصنعينها بالذكاء الاصطناعي؟

أحبّ الأنسجة. كان أحد أول اهتماماتي بالذكاء الاصطناعي هو ابتكار أنسجة قد لا تكون ممكنة في الحياة الواقعية – كالترتر والبريق والخرز وأحجار الراين التي توضع ضمن طبقات وتتحرك على قماش انسيابي. أحبّ كل ما هو لامع وبرّاق وبفضل الذكاء الاصطناعي يمكنني استكشاف هذه الأفكار بدون التأثير البيئي للبلاستيك. لا تزال الطاقة التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي أقلّ بكثير من تصنيع الأقمشة الاصطناعية.

4. هل استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الموضة يضرّ بما نعتبره إبداعاً "حقيقياً" برأيك، أم ترين أنّه أداة تعزّز الرؤية الفنّية - وربما تعيد تعريف معنى الإبداع اليوم؟

تصاميم الذكاء الاصطناعي عبارة عن رسومات أولية - وليست قطع ملابس جاهزة. إنها مفاهيم تُطبّق عليها مواد لتظهر كيف سيبدو التصميم في العالم المادي. عند العمل مع الذكاء الاصطناعي، تصبح قدرتنا على تخيّل الاحتمالات المختلفة ميزة هائلة. يمكنني تجربة 100 محاولة للفكرة الواحدة باستخدام أقمشة أو خامات مختلفة، وأرى كيف ستبدو بالفعل، بدون قص قطعة قماش واحدة. لقد جعلني العمل مع الذكاء الاصطناعي أكثر إبداعاً.

Courtesy of Becky Constantinides

5. كيف تتصورين تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل تصميم الأزياء، وخاصة في ما يتعلق بسهولة التوفّر والاستدامة؟

عندما نتحدث عن تطوير منتجات واقعية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقلّل من البصمة الكربونية لعملية التصميم من خلال السماح للمصمّمين بتكرار واختبار المفاهيم رقمياً بسرعة بدون الحاجة إلى موارد مادية أو نماذج أولية. كما أنّه يسمح للمصمّمين والمشترين بتصوّر التصاميم بوضوح قبل الإنتاج، ممّا يفتح مجال أوسع للمنتجات المصنّعة حسب الطلب والتي تقلّل من الإنتاج الزائد والمخزون غير المباع.

Courtesy of Alexandra Paras

Alexandra Paras @alxndraai

1. أخبرينا عن عمليتك الإبداعية عند بدء مشروع جديد بالذكاء الاصطناعي، وكيف توازنين بين العفوية والهدف الاستراتيجي؟

تبدأ عمليتي الإبداعية بمفهوم قوي أو إحساس قوي أريد نقله، وغالباً ما تكون مستوحاة من سرد القصص أو الموضة أو الرمزية البصرية. ومن هناك، أستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة تشاركية، ممّا يتيح مجالاً للتجريب والنتائج غير المتوقعة. وبينما يكون لديّ دائماً اتجاه واضح، إلّا أنني أترك العفوية تشكل التفاصيل، مما يؤدي غالباً إلى نتائج أكثر واقعية ومفاجئة. إنه مزيج من التخطيط والحدس الإبداعي الذي يوجّه الرؤية والفضول.

2. يخشى الكثيرون من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إضعاف الأصالة. كيف تتأكّدين من أن عملك يحافظ على بصمتك الشخصية في عصر يمكن فيه للأدوات أن تستنسخ أي شيء تقريباً؟

أعتقد أن الأصالة تنبع من المبدع وليس من الأداة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بأشياء معينة، لكنه لا يستطيع تكرار المنظور أو العاطفة أو التجربة الحياتية، وهنا تكمن البصمة الشخصية. أنا أضيف إلى عملي مواضيع متكررة وعناصر سرد بصري تعكس هويتي وتأثيراتي الثقافية. إن الخيارات التي أتخذها، وما أصنعه، وكيف أوجّه الذكاء الاصطناعي، وكيف أصقل الناتج النهائي، هي التي تبرز بصمتي الإبداعية.

Courtesy of Alexandra Paras

3.  هل استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الموضة يضرّ بما نعتبره إبداعاً "حقيقياً" برأيك، أم ترين أنّه أداة تعزز الرؤية الفنّية - وربما تعيد تعريف معنى الإبداع اليوم؟

أرى الذكاء الاصطناعي كأداة تعزّز الإبداع وتطوّره. فهو يدفع الموضة إلى ما وراء الحدود المادية، ممّا يسمح للمصمّمين بتجربة الشكل والملمس والمفهوم بطرق جديدة. لا يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ العملية الإبداعية، بل يسرّعها ويوسّعها. إنه يعيد تعريف ما يمكن أن يبدو عليه الإبداع في العصر الرقمي.

4. كيف ترين دور الذكاء الاصطناعي في عالم الموضة في المستقبل؟

سيصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من صناعة الموضة، بدءاً من التصميم الرقمي والنماذج الأولية إلى تجربة القياس الافتراضية وصالات العرض الغامرة. فهو يتيح ممارسات أكثر استدامة وتجارب إبداعية أسرع. كما أرى أيضاً أن الموضة تستخدم الذكاء الاصطناعي لإضفاء الطابع الشخصي على التجارب وتخطّي الحدود في كلّ من المساحات المادية والرقمية. إنه المستقبل الذي يندمج فيه الابتكار والأناقة بالفعل.

Courtesy of Alexandra Paras

5. إذا كان بإمكانك التعاون مع أي شخصية تاريخية - فنّان أو مخترع أو مفكّر – وتعريفها على الذكاء الاصطناعي، فمن سيكون ولماذا؟ وماذا تودّين أن تبتكرا معاً؟

التعاون مع Homer سيكون حلماً، فقد شكّل سرده للقصص الأدب الغربي. وباستخدام الذكاء الاصطناعي، أود أن أعيد تصوّر قصيدة Odyssey الملحمية كعالم تفاعلي غامر بالكامل حيث يمكن للمستخدمين القيام برحلة إلى جانب Odysseus واختيار مسارات سردية مختلفة، واستكشاف العوالم الأسطورية من خلال صور وأصوات مولّدة. ومن شأن ذلك أن ينقل الملاحم اليونانية القديمة إلى المستقبل، ممّا يسمح للأجيال الجديدة بتجربتها بطرق شخصية وحيوية. وكوني يونانية، ستكون طريقة جميلة لتكريم جذوري مع تجاوز الحدود الإبداعية.

اقرئي ايضاً: القطع الأيقونية في تاريخ الموضة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث