لمحة عن أبرز ما جاء في أسبوع الموضة في ميلانو لموسم ربيع وصيف 2025

اعداد: Ivan Allegranti

تميّزت هذه النسخة من أسبوع الموضة في ميلانو بأجواء أكثر هدوءاً مقارنة بالمواسم السابقة. وقد كان لغياب Giorgio Armani الذي اعتاد أن يختتم فعالية أسبوع الموضة تأثير ملحوظ. فقد كان يضفي عادةً طابعاً متميزاً يرتقي بأسبوع الموضة بأكمله، ممّا جذب الصحافيين والمشترين والمشاهير العالميين إلى المدينة. أمّا هذا العام، فقد اختار Armani أن يغيب عن أسبوع الموضة في ميلانو ليعرض في نيويورك في 17 أكتوبر، تزامناً مع افتتاح متجره الرئيس الجديد في Madison Avenue الذي يضم متجر Armani ومساحة مخصّصة لArmani Casa.

ومع ذلك، لم يكن Armani غائباً تماماً عن ميلانو. فقد أعاد افتتاح متجر Emporio Armani الضخم في Via Manzoni، وهو عبارة عن بناء جريء من الإسمنت والزجاج مجاور لفندق Grand Hotel et de Milan التاريخي، حيث أقام الملحّن Giuseppe Verdi ثمّ توفّي. أُغلق هذا المتجر الذي تم افتتاحه في البداية عام 2000 لأكثر من عام من أجل أعمال التجديد وهو يُعتبر أكثر من مجرّد مساحة للبيع بالتجزئة؛ فهو مركز ديناميكي للأزياء والإكسسوارات والأفكار، حيث يقدّم تصاميم Emporio Armani و Armani/Dolci و Armani/Libri. ويعكس طابعه الحيويّ روح المدينة فيما يظهر تأثير Armani الدائم على مشهد الموضة في ميلانو.

كما قدم Armani أيضاً مجموعة Emporio Armani لربيع وصيف 2025، المستوحاة من صورة فوتوغرافية التقطها Tom Munro عام 2000 تظهر فيها امرأة ترتدي ربطة عنق. وقد أعاد ابتكار هذه الإطلالة ضمن عناصر تصاميم مرحة حيث تم ارتداء ربطات العنق على شكل عصابات رأس أو دمجت في القمصان . وتُعد ألوان التصاميم الغنية والقصات المبتكرة وفساتين السهرة التي تحتفي بالأسلوب الحسّي في المجموعة تجسيداً لنهج Armani المتطوّر في عالم الموضة، حيث تُظهر قدرته على إعادة تفسير الزخارف الكلاسيكية في سياق معاصر.

مع تقدم الأسبوع، بدت ميلانو أكثر هدوءاً، بخاصة بحلول يوم السبت، حيث افتقر جدول يوم الأحد إلى العلامات التجارية العالمية الكبرى، ممّا قلّل من الزخم العام. إلّا أنّ مجموعات ربيع وصيف 2025 قد حملت معها لمسة من التفاؤل. فقد أبدع المصمّمون في ابتكاراتهم، إذ استكشف Roberto Cavalli ألوان البحر النابضة بالحياة، واستوحى Gianvito Rossi تصاميمه من فراشات الأمازون. أمّا Tom Ford فجسّد أسلوب حقبة السبعينات، بينما احتفى Santoni بساحل Marche. في حين ركّزت علامة Loro Piana على الأناقة البسيطة. وأخيراً، من ناحية العروض، قدّمت دار Casadei مجموعتها الجريئة والأنثوية (التي تميّزت بتصاميم عرائس رائعة) في صالة عرضها الجديدة في Via Bigli.

افتتحت Fendi أسبوع الموضة في ميلانو باحتفال مذهل بالذكرى المئوية لتأسيسها، حيث كشفت عن مجموعة ربيع وصيف 2025 التي تحيي حقبة العشرينات من القرن الماضي، حقبة مؤسّسَيها Edoardo Fendi و Adele Casagrande. استمدّ المدير الإبداعي Kim Jones إلهامه من حداثة هذه الفترة الأيقونية التي تميّزت بالثورات الفنّية والكلاسيكيات الأدبية. فأعادت المجموعة ابتكار سحر عشرينات القرن الماضي بفساتين فاخرة مستوحاة من أزياء الشابّات المتحرّرات من تلك الحقبة والسترات الأنيقة والملابس الخارجية الرائعة المصنوعة من مواد مثل الحرير والشيرلينغ التي تُظهر براعة Fendi الحرفية التي تشتهر بها. وقد احتفت الإكسسوارات، بما فيها حقيبة Mamma Baguette الكبيرة، بإرث Adele Fendi، ومزجت بين الحنين إلى الماضي والأناقة المعاصرة. وقد تضمّن العرض مقطوعة موسيقية خاصّة تم ابتكارها بالتعاون مع Max Richter، ممّا عزّز الأجواء بمزيج رومانسي من الموسيقى الحديثة والأنغام الكلاسيكية. وقد دُمج صوت Anna Fendi و Silvia Venturini Fendi في الموسيقى حيث تتحدّثان عن مؤسّسة الدار، Adele، ممّا أضاف لمسة شخصيّة للاحتفال بتراث الدار الغنيّ. وقد لفتنا بشكل خاص هذا الاقتباس من Anna: "لطالما قالت والدتنا: "أنتنّ مثل اليد. أنتنّ خمس بنات، مثل الأصابع الخمسة التي تختلف عن بعضها البعض إنّما تكمّل بعضها البعض أيضاً."

ومن ناحيتها، ابتعدت مجموعة Prada لربيع وصيف 2025 التي تحمل توقيع كلّ من Miuccia Prada و Raf Simons، بجرأة عن اتجاهات "الفخامة الهادئة"، محتضنة الفوضى الإبداعية. فاحتفت المجموعة التي مزجت بين الجماليات المستوحاة من أسلوب الـCowboy والعناصر الرياضية والتصاميم الأرشيفية، بالتميّز والتفرّد، مماّ يعكس عشوائية الحياة وأهمية الحرية الإبداعية.

وبالنسبة إلى مجموعة Gucci، فقد تصوّر Sabato De Sarno امرأة عالمية وعصرية محاطة بمعاطف كبيرة الحجم وبدلات وأحذية مزدانة بحلية لجام الحصان الأيقونية. تألّقت هذه المجموعة بالتفاؤل، حيث تميّزت بالترتر والزخارف المعقّدة. وكان من أبرز ما جاء في هذه المجموعة إعادة تصوّر Gucci Bamboo كمجوهرات وحقائب بارزة من قبل فنّانين يابانيين، تكريماً لإرث الدار في اليابان.

أمّا في عرض Versace الذي أقيم في Castello Sforzesco المذهلة في ميلانو، أتيحت لنا في ماري كلير العربية فرصة حصرية لإجراء حوار مع بلقيس فتحي التي تتذكر بداية ”علاقتها الخاصة جداً مع العلامة“ في العام 2022، عندما حصلت على فستان مذهل مخصّص لها من الدار لترتديه في إحدى الفعاليات المهمّة. أمّا بالنسبة إلى العرض نفسه، فقد وازنت المجموعة بين الجاذبية الجريئة والتفاؤل الناعم. فكانت التصاميم جذّابة جداً، لكن أضافت ألوان الباستيل والتصاميم المحبوكة المعقدة والتباينات النابضة بالحياة بين الخطوط والأنماط المتموجة متعددة الألوان بعض النعومة من جهة أخرى. فقد زادت هذه العناصر المزيد من التماسك والبنية إلى المجموعة ككلّ، ومزجت بين التألق والرقي.

انتقالاً إلى مجموعة Bally لربيع وصيف 2025 تحت إدارة Simone Bellotti الإبداعية التي شكّلت ابتعاداً جريئاً عن عروض العلامة التجارية المعتادة. فقد ابتكر Bellotti أسلوباً فريداً من نوعه مزج بين النعومة والبنية المحددة، وجمع بين الزخارف الزهرية والأحجام المبالغ فيها والتصاميم الهندسية. وقد احتفى هذا التفاعل الجريء بالتفاعل بين الجمال الطبيعي والرقي الحضري، متجاوزاً حدود التصميم التقليدي مع الحفاظ على حرفية العلامة التجارية.

أمّا Maximilian Davis فقد نقل الجمهور خلال عرض Salvatore Ferragamo إلى عالم الباليه الساحر. فتألّقت عارضات الأزياء بأحذية تذكرنا بأحذية الباليه الناعمة التي تحاكي إرث أول حذاء رقص من Ferragamo من ثلاثينات القرن الماضي. وتميّزت الملابس المصمّمة بقصّات رفيعة وانسيابية وأضفت الإكسسوارات كبيرة الحجم مزيداً من الدراما، ممّا عزّز أسلوب العلامة المميّز. وقد احتفت المجموعة بفن الحركة، وجمعت بين الموضة الراقية وأناقة الرقص.

كما عاد Stefano Gabbana و Domenico Dolce من ناحيتهما إلى جذورهما في ابتكار أزياء نسائية جميلة، مع مجموعة مخصّصة لـ Madonnaالتي حضرت العرض. وقد تضمّنت الموسيقى الخلفية أغاني نجمة البوب الشهيرة، ممّا أضفى لمسة مميزة على أجواء العرض حيث تألّقت العارضات بشعر مستعار أشقر يذكّرنا بأغنية Like a Virgin، مع تصاميم مبالغ فيها وجذّابة جداً. كما أضافت طبعات الأزهار والحقائب الصغيرة مزيداً من الرونق، ليتوّج العرض بنجاح باهر لدار Dolce & Gabbana.

وأخيراً، استوحى Mathieu Blazy، مصمّم Bottega Veneta، من الطفولة فخلق بيئة عرض ساحرة مع مقاعد على شكل حيوانات. تألّقت عارضات الأزياء بإطلالات مصمّمة بإتقان بأشكال غير متماثلة، بينما أبرزت الفساتين المجعّدة والجلود المشغولة بإبداع تنوّع تصاميم العلامة. وكانت القطعة البارزة هي حقيبة كمان جلدية منسوجة تجسّد روح المجموعة المرحة.

اقرئي ايضًا:علامات عالمية انفردت كل واحدة بخطٍ مختلف ضمن أسبوع الموضة في باريس

اختُتم أسبوع الموضة في ميلانو ببهجة ومرح جديدين في مجموعات الأزياء ممّا أثار التساؤل: هل يمكن أن تكون الموضة هي العلاج المضاد للألم والمعاناة التي نعيشها اليوم؟ الوقت وحده كفيل بإجابة هذا السؤال.

وقد برزت علامتان تجاريتان بشكل خاصّ لمشاريعهما الإبداعية ذات التأثير الاجتماعي، وهما THEMOIRÈ و Cavia. فتعاونتTHEMOIRÈ ، وهي علامة تجارية إيطالية لحقائب اليد أسّستها Francesca Monaco و Salar Bicheranloo، مع مجتمع Gulu في أوغندا لمجموعتها لموسم ربيع وصيف 2025، بعنوان Together أو ”معاً“. وقد وفّرت هذه الشراكة العمل للمجتمع والدعم للعائلات. وعرضت مجموعة حقائب اليد المصنوعة من مواد معاد تدويرها مثل البلاستيك وألياف الموز، ألواناً نابضة بالحياة وحرفية أوغندية عالية.

أمّا علامة Cavia، التي أطلقتها Martina Boero بعد الجائحة، فتشتهر بحرفية هائلة متجذرة في التقنيات الإيطالية التقليدية، وهي غالباً ما تتعاون مع مشاغل صغيرة. وقد استوحت مجموعة ربيع وصيف 2025 من تصاميم المائدة القديمة، حيث أعادت استخدام مفارش مائدة قديمة في فساتين السهرة والملابس الخارجية. ولا يؤكد هذا النهج الإبداعي على الاستدامة فحسب، بل يحتفي أيضاً بجمال الحرفية.

وهكذا كان أسبوع الموضة في ميلانو لموسم ربيع وصيف 2025 بمثابة تذكير قوي بالقدرة التحويلية للموضة، حيث قدّم الأمل والإبداع والاحتفال بالحياة وسط الأوقات الصعبة.

اقرئي ايضًا: لمحة عن اليوم الرابع من أسبوع الموضة في باريس