حصريّاً: مؤسّس مجلس الأزياء العربي يمنح المصمّمين منصة مجانيّة لتسويق أعمالهم

بالنسبة إلى فريق ماري كلير العربيّة، فإنّ المصمّمين يبنون مستقبلاً أكثر قيمة لصناعة الأزياء ويشكلّون جزءًا أساسيّاً من اقتصادنا. وبما أنّهم أكثر عرضة للأزمات، لا سيّما في أوقات كهذه، نرى جهودهم مهدّدة وعائلات موظّفيهم معرّضة للخطر. في المقابلة التالية، أجرينا حديثاً حصريّاً مع جايكوب أبريانJacob Abrian ، مؤسس مجلس الأزياء العربي، المجلس غير الربحي الأكبر في العالم، وكشف لنا رئيسه التنفيذيّ عن كلّ ما نودّ معرفته حول تقديمه منصة تسويق مجانيّة للمصمّمين ليعرضوا أعمالهم على المشترين العالميّين، إلى جانب نصائح يستطيع المصمّمون الاستفادة منها، فضلاً عن جميع التغييرات التي يمرّ بها المجلس وسط وباء كورونا.

ما التغييرات التي مرّ بها مجلس الأزياء العربي في ظلّ فيروس كورونا وكيف تتعاملون معها؟

في ظلّ تفشّي الفيروس والتحدّيات التي يواجهها العالم بأكمله، أظهر مجتمع الأزياء عن هشاشة كبيرة. وبالتالي فإنّ التغيير الأول لمجلس الأزياء العربي يقضي بإعادة التفكير في نموذج الأعمال بأكمله وفي كفاءة سلسلة القيمة. أمّا الخطوة الأولى فتتمثّل في التغلّب على المقاطعة التي طرأت على مواسم الموضة ودورات الشراء، ممّا تسبّب في اضطراب هيكل جميع الشركات، خصوصاً تلك الصغيرة والمتوسطة وأدّى إلى اختلال توقعّات إيراداتها. وبينما لا تواجه جميع الشركات هذا التحدّي على حدّ سواء، ستتأثرّ جميعها على المدى القصير والطويل أيضاً. ومن المحتمل ألّا يؤثر الإغلاق بصورة مباشرة على إبداع المصمّمين في إعداد مجموعة كاملة، غير أنّه سيصعّب مهمة إحياء المجموعة بينما تأخذ جميع المصانع تدابير السلامة والوقاية التي وضعتها السلطات.

ويبقى التغيير الأكبر نتيجةً للإحباط الذي يعيشه المصمّمون وتجار التجزئة. حيث أنّ عزيمة المصمّمين إلى انخفاض بسبب تخوّفهم من المستقبل. كذلك، يركّز تجار التجزئة من جهتهم على إدارة الأزمات لضمان استمرار وجود الشركات بعد هذا الوباء. إذ انخفض حجم تجارة التجزئة بنسبة 80٪ عالميّاً وتبعه خفض الرواتب، وإرسال الموظفين إلى منازلهم حتى إشعار آخر. ولا شك في أنّ الأزمة ستنتهي، لكن يجب أن نتعلّم الدرس ونستخدمه كدافع لزيادة استثمارنا في نماذج الأعمال الذكيّة، بهدف التحوّل إلى الرقميّة في وقت قصير. والواقع أنّنا قمنا بقياس الأضرار وتوقّعنا حدوث هبوط قصير المدى في صناعتنا، ممّا سمح لنا بالوصول إلى قرار مواجهة انقطاع الأعمال. ولم يتوقّف فريقنا وشركاؤنا عن إقامة ورش العمل للعثور على بدائل للصيغة التقليديّة التي استخدمناها جميعاً قبل أيام قليلة.

ما النصائح والتعليمات التي قد تسديها للمصمّمين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمواجهة هذا الوضع الصعب والحد من خسائرهم الماليّة والاستعداد للمستقبل؟

إنّنا نحث مصمّمينا على الحفاظ على تركيزهم وإيمانهم بأنّهم لا يمرّون بهذه الأزمة بمفردهم، وأن لا أحد يملك حصانة ضدها، وسنخرج منها جميعاً معاً. كذلك، على المصمّمين الاستفادة من هذا الوقت لإعادة التفكّير في ما كان يناسبهم وما لا يناسبهم كي يتخلّوا عنه، وعليهم أيضاً التحدث إلى الجهات الموردة لمواردهم ولشركائهم حتى يتحلّوا بالمرونة في شروط الدفع وينفقوا رأسمالهم على الضروريّات فحسب. وفي الوقت نفسه، عليهم استغلال وقت إغلاق الشركات هذا للعثور على الهويّة الفريدة التي ستجعلهم مختلفين عن الآخرين، وإعادة تقييم خطّة عملهم ووضعهم في السوق والاستعداد للأشهر التالية من خلال تجهيز مجموعاتهم ووضع إستراتيجيّة جديدة لتعويض الوقت الضائع. كذلك، نحن جاهزون دائماً للإجابة على أسئلتهم وتوجيههم نحو أفضل الممارسات ومعالجة مخاوفهم، حتى أثناء العمل عن بعد. ولتبديد كلّ هذه المخاوف، افتتحنا قناة تجاريّة على الواتساب تعمل كمركز مكالمات طارئة للتواصل معهم.

كيف يساعد مجلس الأزياء العربي المصممين الناشئين أو غيرهم من المصمّمين المرموقين في خلال هذه الأزمة وما الرسالة التي تودّون إرسالها لهم؟

في الواقع، تمكّنا من عقد صفقة عالميّة مع الشركات متعددة الجنسيّات في مجال التكنولوجيا واللوجستيّات والتسويق الرقميّ، ممّا سيسمح لجميع المصمّمين العرب والإقليميّين بالاستفادة من منصة مجانيّة لتسويق أعمالهم للمشترين العالميّين والوصول إلى الجمهور والزبائن الهدف. كذلك، عيّنا لجنة للتأكد من أن تصبح المنصّة جاهزة بمجرد انتهاء الإغلاق. أمّا عن رسالتنا للمصمّمين، فلا يسعنا اليوم إلّا أن نؤكّد لهم أنّ الأزمات لطالما مثّلت دروساً نتعلّمها من أجل مستقبل أفضل. ومن هنا، نحثّهم على الاستمرار في وضع الاستراتيجيّات، ونذكّرهم أنّه يمكنهم دائماً مشاركة أفكارهم وتخوّفاتهم معنا. ولا يزال الاهتمام بالجودة لا الكميّة أهمّ معيار عليهم اتّباعه، لأنّ عالم الموضة سيعيد بناء نفسه قريباً وسيضع معايير جديدة.

ما الإجراءات والقرارات التي يتّخذها مجلس الأزياء العربي لضمان مستقبل أفضل لصناعة الأزياء؟

إننّا نتبع رؤيتنا التي تقضي ببناء اقتصاد عربيّ قائم على الإبداع ونعتبرها خارطة طريق لمواصلة تحقيق معايير جديدة، وبالتالي فإنّنا ملتزمون بمواصلة تزويد مصمّمينا بمنصّات عالميّة للترويج لأعمالهم في السوق الإقليميّة والدوليّة. وهذه المرّة، ستشهد منصتنا تحديثات في التقنيّات الذكيّة التي تضمن حصانة قويّة تجاه الأزمات المستقبليّة المحتملة. فضلاً عن ذلك، وبالتعاون مع نظرائنا في مختلف المناطق، إنّنا نتّخذ الإجراءات والخطوات الصحيحة للتشجيع على الوصول إلى صناعة أكثر استدامة تحفّز العلامات التجاريّة والمستهلكين على إيلاء الكثير من الاهتمام وبذل الكثير من الجهد نحو صناعة أزياء أكثر استدامة بالكامل.

على المستوى الشخصيّ، كيف تأثّر دورك في مجلس الأزياء العربي وكيف تتأقلم مع كلّ التغييرات التي تحدث من حولك؟

من المؤكّد أن كلّ ما يحصل من حولي الآن، تجربة أختبرها للمرّة الأولى في حياتي؛ إنّني أشهد معاناة البشريّة من جهة وأرى الأعمال تتعثّر في جميع أنحاء العالم من جهة أخرى، وهذا أمر محبط جداً بالنسبة إليّ. إنّما نبقى نحن قادة السفن الذين عليهم أن يجدوا الاتجاه الصحيح للإبحار. وشخصيّاً، إنّني أحافظ على المشاعر الإيجابيّة فحسب وأخطّط للأشهر المقبلة وأؤمن أنّ غداً سيكون أفضل. ومع ذلك، أعترف أنّ هذا الوباء نداء صحوة لنا جميعاً وسيعلّمنا درساً على المستوى الشخصيّ والتجاريّ.

إن أردت أن تكتب رسالة تفاؤل لمستقبل صناعة الأزياء والعالم، فماذا سيكون مضمونها؟

بصراحة، أمضيت الأيام الأخيرة في البحث وأدهشني مدى تأثير وسائل الإعلام والكلام على حياتنا وحتى على الاقتصاد العالميّ بأكمله. وصعقت لمدى هشاشة الناس عندما يخشون أن يطالهم أيّ أمر. كذلك، أدركت أنّ فيروس Covid-19 ليس التهديد الوحيد الذي نواجهه، لا بل ثمة الكثير من الفيروسات النائمة التي ظلّت حية فينا لسنوات ولا زلنا نتجاهلها عمداً. لذا لربما أطلب في رسالة الأمل التي أوجّهها للعالم أن يتصّرف الناس تجاه ما يعرضّنا لأن نصبح ضحايا تاليين، إنّما أيضاً العمل على الأمور التي من شأنها أن تؤثر على الآخرين وعلى أجيال المستقبل. بحيث صُدمت عندما علمت أنّه ثمة أكثر من 5000 حالة وفاة بسبب الجوع يوميّاً، في حين أنّ إجمالي الوفيات من Covid-19 بعيد كلّ البعد عن ذلك الرقم. ومن جانب آخر، إنّ إزالة الغابات والاحترار العالميّ جريمة نسهم فيها جميعاً وتتسبّب في وفيّات سنويّة لملايين الناس. ناهيك عن أسلوب حياتنا والإرهاق الذي يقتل الملايين كلّ عام. إذاً ستقضي رسالتي المليئة بالأمل في حثّ الناس على بناء أسلوب حياة مسؤول تجاه أنفسنا والآخرين وكوكب الأرض، وعدم الاعتقاد بأنّ الفيروسات تشكّل الخطر الوحيد الذي يجب أن نواجهه لأنّ سلوكيّاتنا وأنماط حياتنا الحاليّة هي بالفعل أخطر الأمراض.

أتمنّى بعد كلّ هذه الفوضى أن نتّحد جميعاً ونستنبط استراتيجيّات تسهم في إيجاد الحلول للقضايا العالميّة الأخرى التي يمكن حلّها بسهولة، وأتمنى أن تسهم كلّ السلطات العالميّة في فرض لوائح صارمة لصناعة أكثر استدامة وتحديد الحد الأدنى للضرائب بغية المساهمة في القضاء على التوزيع غير المتكافئ للثروة في دول العالم الثالث.

ختاماً، أتمنّى أن نبقى جميعنا سليمين ومستنيرين.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث