القطع الأيقونية في تاريخ الموضة

Dior Haute Couture winter ‘08/’09, courtesy of ALAMY

 

الإعداد: Joe Challita

لطالما كانت الموضة أداة مؤثّرة في تشكيل الهوية والمنظور، ولا سيما الشكل البشري. على مرّ التاريخ، استخدم المصمّمون الأقمشة والقصّات والتصاميم لتحديد الجسد الأنثوي في قطع أيقونية ثورية. من أناقة المشدّات المقيّدة إلى جاذبيّة الفساتين ذات الفتحات، لم تحدّد بعض قطع الأزياء الأيقونية حقبات زمنيّة فحسب، بل تحدّت أيضاً المعايير المجتمعية واحتفت بالأنوثة بأشكالها المتعدّدة.

بينما نحتفي بالنظرة الإيجابية للجسد والتعبير عن الذات في هذه الحقبة الجديدة، فإننا نحيي القطع الأيقونية التي شكّلت أجسادنا عبر التاريخ. لا تزال هذه القطع الأساسية محوريّة في عالم الموضة الفاخرة، حيث تعيد أهمّ دور الازياء العالميّة ابتكارها وتقديمها باستمرار. وفي ما يلي، نلقي نظرة على التصاميم التي كانت ولا تزال تنحت أجساد النساء وتشكّلها، ونسلّط الضوء على تطوّرها من رموز للتقييد إلى رموز للقوّة والتعبير عن الذات.

The Corset

Dolce & Gabbana SS25

يعود تاريخ المشدّ إلى القرن السادس عشر عندما اعتُبر من الضروريات بالنسبة إلى الأرستقراطيين؛ حيث صُمّم لنحت الخصر على شكل ساعة رملية مشدودة. إلّا أنّ استخدام المشدّ لم يكن فقط لتحديد القوام بل استُخدم أيضاً للتمكين. فكان في الأصل من علامات الأناقة، وارتداه الرجال والنساء على حدّ سواء لتحسين الشكل والقوام. وبحلول العصر الفيكتوري، تطوّر المشدّ ليصبح عملاً فنّياً مصنوعاً من الحرير والدانتيل الجميل بتفاصيل معقّدة لإبراز الخصر الضيّق الشهير. ومع مرور الوقت، أصبح المشدّ رمزاً للتقييد - الجسدي والمجتمعي على حدّ سواء - قبل أن يصبح رمزاً لتمكين المرأة بأشكال مختلفة.

في العام 1947، أحدث Christian Dior ثورة في الموضة في فترة ما بعد الحرب مع مجموعته New Look التي يبرز فيها التصميم الدراماتيكي الذي يتميّز بخصر مشدود وتنّورة ضخمة تبرز المنحنيات الطبيعية لشكل المرأة. ترمز هذه المجموعة، التي ظهرت فيها لأول مرة سترة Bar مع تنّورة طويلة، إلى العودة إلى التألّق والأنوثة بعد سنوات من التقشّف في زمن الحرب. ويستمرّ إرث Dior في تصميم الأزياء الضيّقة على الخصر حتى اليوم، مع Maria Grazia Chiuri التي تقدّم ترجمات عصريّة لتصميم New Look. كما تجسّد دار

Valentino أيضاً هذه الجمالية النحتية من خلال التصاميم جميلة ذات الخصر المشدود والتنانير الطويلة التي تنضح بالأناقة الكلاسيكية. أمّا Balenciaga، وتحت إدراة

Cristóbal Balenciaga نفسه الفنّية، فقدّمت تصاميم ذات قصّات محدّدة تتلاعب بالأحجام، وتعيد تعريف دور الأزياء في تحديد ملامح الجسد.

The Bodycon Dress

Azzedine Alaia Dress, courtesy of ALAMY

ابتكر Azzedine Alaïa فستان Bodycon الذي يأخذ شكل الجسم في الثمانينات، وقد أبدع المصمّم في استخدام الأقمشة المطّاطية والخياطة الدقيقة التي تحتفي بشكل الجسد الأنثوي الطبيعي بدلاً من إعادة تشكيله. شهدت هذه الحقبة تحولاً من الأزياء المقيّدة إلى القطع التي تحتضن المنحنيات، ممّا سمح للنساء بالتحكّم بمظهرهنّ.

ومنذ ذلك الحين، أعادت العلامات التجارية الفاخرة مثل Balmain تعريف التصاميم الضيّقة مع الفساتين القصيرة ذات القوام المحدّد التي تتميز بأكتاف بارزة وخصر منحوت. كما تعتمد علامة Versace بتصاميمها التي تتميّز بشعار Medusa القصّات التي تعانق الجسم وتبرز جماله حيث تجمع بين الجاذبية والقوّة في فساتين ضيّقة وبارزة.

Cut-out Dresses

Paco Rabanne metal disc dress 1968, courtesy of ALAMY

 

إذا كانت فترة التسعينات تدور حول إبراز المنحنيات، فقد أصبحت فترة الألفية وما بعدها تدور حول الكشف الاستراتيجي عن بعض المناطق في الجسم. فتُعتب الفساتين ذات الفتحات، التي تكشف عن القليل من الجلد مع الحفاظ على طابع الغموض، سمة مميزة للمصمّمين الذين يتطلّعون إلى الاحتفاء بالجسم من خلال الحذف بدلاً من الإضافة. وقد بدأ هذا الاتجاه في الواقع في فترة الستينات مع ظهور موضة "عصر الفضاء" التي قادها مصمّمون مثل Pierre Cardin وAndré Courrèges و

Paco Rabanne الذين ابتكروا تصاميم أنيقة بقصّات استراتيجية وأشكال هندسية باستخدام مواد غير تقليدية، مع أحذية من الفينيل وقفّازات وخوذات ونظّارات بلاستيكية وكبيرة الحجم.

وقد أتقنت دار Versace هذا الفنّ من خلال الشقوق والفتحات الجريئة حيث رأيناها على Elizabeth Hurley في فستانها الشهير المزوّد بدبابيس عام 1994، والذي أصبح ظاهرة ثقافية فورية. أما Gucci، وخاصّة في عهد Tom Ford، فقد قدّمت تصاميم بفتحات ذات طابع حسّي، بينما تواصل علامتا

Valentino و Balenciaga استخدام الفتحات بشكل مبتكر في تصميم الأزياء، ممّا يضمن أن يبقى شكل جسم المرأة هو النقطة المحورية في التصميم.

The Power Jacket

Saint Laurent SS25

لا يمكن لأي نقاش حول الموضة التي تُبرز وتُشكّل الجسم أن يكتمل من دون الإشارة إلى دور السترة المُفصّلة. من سترات Mugler الضيّقة عند الخصر إلى تصاميم Balenciaga ذات الطابع الهندسيّ الحادّ، لطالما ارتبطت السترات ذات التصميم المحدّد بالإطلالات التي توحي بالقوّة والثقة.

اعتُبرت سترة Le Smoking التي قدّمها Yves Saint Laurent في العام 1966 لحظة محورية في عالم الموضة النسائية، حيث منحت النساء إمكانية الحصول على التصميم المصقول والأنيق الذي يميّز الملابس الرجالية مع الحفاظ على الطابع الأنثوي الواضح. واليوم، تواصل علامات تجارية مثل Hermès وDior تقديم سترات مفصّلة تحتفي بالقوّة من خلال الشكل.

وفي حين أن الموضة كانت تفرض معايير مثالية للجسم عبر التاريخ، فإنّ الدور الرائدة اليوم تعيد تعريف القوام من خلال الراحة والابتكار والشمولية. وسواء من خلال سترات Balenciaga ذات القصّات المحدّدة أو تصاميم Versace ذات الفتحات الجذّابة أو ابتكارات Dior ذات الخصر الضيّق، تواصل العلامات التجارية الفاخرة تطوير الحوار حول البنية والجمال والتعبير عن الذات. وفي عصر يحتفي بالفردية، فإن الرسالة واضحة: لم تعد المرأة مقيّدة بالموضة، بل هي التي تصنعها. 

 

 

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث